بعد استقالة الحريري، ماذا تخبّئ المرحلة المقبلة في لبنان؟...

تاريخ الإضافة الخميس 9 تشرين الثاني 2017 - 7:03 ص    التعليقات 0

        

بعد استقالة الحريري، ماذا تخبّئ المرحلة المقبلة في لبنان؟...

المونيتور...بقلم .....Joe Macaron

.Joe Macaron is a policy analyst at the Arab Center Washington DC

بإختصار: قدّم سعد الحريري، من السعودية، استقالته من رئاسة وزراء لبنان، ما جعل المراقبين يتساءلون عن الأسباب ويتكهّنون حول مستقبل البلاد.

بالنسبة إلى أولئك الذين تجذبهم نظريات المؤامرة العربية بجوانبها المظلمة، كان يوم الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر محطة لا تنتسى. ففي غضون ساعات معدودة، شكّلت العاصمة السعودية، الرياض، نقطة التقاء لثلاثة تطورات مهمة. كان التطور الأول إعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالته. أما التطور الثاني فتمثّل في حملة التوقيفات التي شنّها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والتي طالت خصومه في الأسرة الحاكمة. والثالث هو سقوط صاروخ بالستي بعيد المدى في العاصمة السعودية مصدره الحوثيون في اليمن. لم تحمل مشاريع السفر في روزنامة الحريري أو آراؤه السياسية في الفترة الأخيرة، أي مؤشّر عن نيّة وشيكة لديه بتقديم استقالته؛ ما فتح الباب على مصراعَيه أمام التكهنات بأنه إما نجا من محاولة اغتيال في بيروت وإما يخضع للإقامة الجبرية في الرياض. وفي تاريخه ما يُظهر تعرّضه للضغوط السعودية. ففي العام 2009-2010، عندما تسلّم الحريري رئاسة الوزراء للمرة الأولى، اشتكى للمسؤولين الأميركيين من ممارسة السعودية ضغوطاً عليه من أجل عقد مصالحة مع النظام السوري. عندما بدأ التقارب السعودي-السوري يتداعى، أُخرِج الحريري من السلطة في كانون الثاني/يناير 2011، بعد دقائق من التقاطه صورة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في المكتب البيضاوي. ومؤخراً، تعرّض الحريري للضغوط من المسؤولين السعوديين كي يمتنع عن إقامة علاقات مع النظام السوري أو عن الرضوخ للنفوذ الإيراني.

هناك ثلاثة تفسيرات معقولة لاستقالة الحريري في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر.

التفسير المعقول الأول مرتبط بالانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في لبنان في أيار/مايو المقبل. في حين وافقت الحكومة على مضض على قانون انتخابي جديد، ثمة خلافات إجرائية حول آلية تطبيقه. في الأسابيع الأخيرة، لم تتمكّن السعودية من حشد القادة اللبنانيين انتخابياً ضد "حزب الله". ويُعتقَد أن حظوظ الحريري بالفوز بفارق لائق، ضئيلة بسبب نضوب موارده المالية والنظرة التي تعتبر أنه يسعى إلى استرضاء "حزب الله". في حين أن مصير الانتخابات بات الآن في مهب الريح، ربما يحاول الحريري بثّ الحماسة لدى قاعدته الشعبية، تماماً كما فعل والده رفيق الحريري، عندما كان حياً يُرزَق.

التفسير المعقول الثاني متعلق بمكانة الحريري في الدائرة المحيطة بولي العهد السعودي. منذ وفاة الملك عبدالله في العام 2015، تراجعت استثمارات رئيس الوزراء اللبناني في السعودية بصورة تدريجية. من خلال الإقدام على الاستقالة، ربما يوجّه الحريري، الذي قاوم طوال أشهر الضغوط السعودية للتحرك ضد "حزب الله"، رسالة واضحة يعلن فيها ولاءه لولي العهد. إذا كان الحريري قد نجا من حملة التوقيفات الأخيرة التي طالت رجال أعمال سعوديين كباراً، فربما يعني ذلك أن رصيده السياسي ارتفع في الرياض، وأنه قد يحظى بفرصة كي ينقذ وأخيراً شركته "سعودي أوجيه".

أما التفسير المعقول الثالث فيتمحور حول المنافسة السعودية-الإيرانية. تجدر الإشارة إلى أنه مع ظهور "الدولة الإسلامية" كقوة أساسية عام 2014، بادرت الرياض إلى مهادنة طهران في بيروت، وانسحبت من العراق. والآن فيما ترمي الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" أوزارها، انتهزت الرياض الفرصة لإعادة تأكيد نفوذها في العراق والتراجع عن المهادنة السياسية مع إيران في لبنان. ربما تهدف الخطوة السعودية إلى تحدّي الوضع القائم لـ"حزب الله" عبر الضغط على إيران في لبنان في مقابل تسوية ما في أماكن أخرى، لا سيما في سوريا. غير أن ممارسة الضغوط بطريقة خارجة عن المألوف، بحسب ما أظهرته استقالة الحريري، مؤشرٌ عن أن الرياض قد لا تكون مستعدة بعد لمواجهة مفتوحة مع طهران.

السؤال الأساسي المطروح الآن هو الآتي: ماذا سيجري بعد استقالة الحريري؟ التكهنات بأن أبواب جهنم ستُفتَح على مصراعَيها مبالَغٌ فيها؛ هذه ليست الأزمة السياسية الأولى ولن تكون الأخيرة في لبنان. هناك بعض الأمور التي يجب رصدها والتي قد تحمل مؤشرات عما تخّبئه المرحلة المقبلة. النقطة الأولى هي إذا كان التنسيق الأمني بين "تيار المستقبل" بزعامة الحريري و"حزب الله" سيستمر عن طريق الأجهزة الرسمية الموالية لهما. أما النقطة الثانية فتتعلق بما إذا كان "حزب الله" المدعوم من إيران سيضغط من أجل تكليف رئيس جديد للوزراء لتوجيه رسالة مفادها بأنه يمكن حكم لبنان من دون الرياض. والنقطة الثالثة هي إذا كانت الولايات المتحدة ستنضم إلى الحملة السعودية في لبنان.

هناك ثلاثة سيناريوهات أساسية محتملة في الأسابيع والأشهر المقبلة.

السيناريو الأول هو تطبيع الفراغ الذي خلّفته استقالة الحريري، ما قد يترتّب عنه على الأرجح حكومة تصريف أعمال مشلولة، وتمديداً جديداً لولاية المجلس النيابي. نتيجةً لذلك، تصبح الأزمة اللبنانية معلّقة من دون مزيد من التصعيد، وتوضَع على قائمة الانتظار الأميركية، شأنها في ذلك شأن اليمن وأزمة مجلس التعاون الخليجي، مع تقدُّم مسألة ردع إيران إلى صدارة الأولويات الأميركية.

السيناريو الثاني هو رفع التحدّي في وجه الرياض واختيار رئيس وزراء صِدامي، ما قد يتيح للحريري قيادة المعارضة ضد الحكومة الجديدة.

أما السيناريو الثالث والأكثر فاعلية فيقضي بتشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية، تترأسها شخصية سنّية محايدة تحظى بموافقة الحريري، ويكون الغرض الوحيد منها تنظيم الانتخابات النيابية. من شأن ذلك أن يتيح للحريري خوض المنافسة بحرّية كمرشح مناهض لـ"حزب الله" من دون أن تُكبّله قيود الحكم.

ليس واضحاً بالضبط ما هو الموقف الذي ستتخذه الولايات المتحدة من كل ما يجري؛ في هذا الإطار، قال مسؤول أميركي لموقع "المونيتور" إن التوقعات في واشنطن تشير باتجاه حدوث "عملية سياسية منظَّمة" في لبنان.

إن كان هناك من فائدة في الاستقالة، فهي أنه يجب أن تلفت الانتباه إلى أخطاء "حزب الله" في حساباته عن الحريري، من خلال قيام الحزب باحتضان الحريري في العلن، ووصفه بأنه ضعيف، والتلميح إلى أن هناك تباعداً بينه وبين الرياض. يحمل الإبقاء على المغامرة المثيرة للجدل التي يخوضها الحزب المدعوم من إيران في الحرب السورية، مخاطر إقليمية جمة، ومن غير المفترض أن يشكّل تطبيع العلاقات بين بيروت ودمشق أولوية ملحّة قبيل الانتخابات التشريعية. يجب الإقرار أيضاً بأن العودة السعودية إلى السياسة اللبنانية، بعد غياب طويل، قد تكون محدودة جداً، ومتأخّرة جداً، وبأن امتلاك سياسة للتعاطي مع الشأن اللبناني قد لا يكون كافياً للتصدّي لإيران إذا لم تكن هناك سياسة للتعاطي مع الملف السوري، وبأن المصالح المشتركة التي تربط بين أعضاء الأوليغارشية اللبنانية هي في العادة أقوى من أي ضغوط خارجية.

 

 

 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,166,240

عدد الزوار: 6,937,810

المتواجدون الآن: 114