الحوار الأميركي - السوري يصطدم بالمحكمة و"حزب الله"

تاريخ الإضافة الجمعة 8 تشرين الأول 2010 - 7:24 ص    عدد الزيارات 502    التعليقات 0

        

من حقيبة "النهار" الديبلوماسية
الحوار الأميركي - السوري يصطدم بالمحكمة و"حزب الله"
مطلب واشنطن: إنهاء دور لبنان ساحة مواجهة

"ترفض إدارة الرئيس باراك أوباما التضحية بالمحكمة الخاصة بلبنان أو التضحية بإستقلال هذا البلد وسيادته من أجل تحسين علاقاتها مع سوريا، بل انها اغتنمت اللقاءين اللذين عقدهما المبعوث الخاص الى الشرق الأوسط جورج ميتشل والرئيس بشار الأسد ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والوزير وليد المعلم للتأكيد أن الإدارة الأميركية تتمسك بلبنان المستقل وبالمحكمة وترفض أي إقتراح سوري لوقف عملها ولمنع صدور القرار الظني ولإستبدال المحكمة بلجنة تحقيق لبنانية للنظر في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وفي جرائم أخرى مرتبطة بها. وترى إدارة أوباما أن المحكمة ليست مسؤولة عن زعزعة الإستقرار في لبنان بل أن سوريا هي التي ستتحمل هذه المسؤولية إذا ما أقدم حلفاؤها على تفجير الأوضاع في البلد رداً على القرار الظني الذي سيصدره المدعي العام الدولي دانيال بلمار. وأوضحت الإدارة الأميركية للسوريين انها تتمسك بثلاثة مطالب لدعم أي عملية تفاوضية سورية - إسرائيلية جديدة هي: أولاً - ضرورة أن يتعاون الطرفان المعنيان لتذليل العقبات المهمة التي تواجه المفاوضات، ثانياً - أن يتم إنهاء دور لبنان ساحة مواجهة مفتوحة بقرار إقليمي مع إسرائيل، ثالثاً - أن تمهد هذه المفاوضات لإشراك لبنان في عملية السلام التي يجب أن تشمل وضع حد لنشاطات "حزب الله" عسكرياً بحيث تتولى الدولة اللبنانية وحدها المهمات الأمنية والدفاعية لحماية اللبنانيين وصون إستقلال البلد وسيادته وسلامته الإقليمية ضمن حدوده الدولية المعترف بها".
هذا ما أدلت به الينا مصادر ديبلوماسية غربية في باريس وثيقة الإطلاع على الإتصالات الأميركية - السورية - اللبنانية وعلى جهود إدارة أوباما لحل النزاع العربي - الإسرائيلي سلميا. وقالت إن الإدارة الأميركية تريد أن يتزامن إنطلاق أي مفاوضات سورية - إسرائيلية مع وقف الحرب غير المباشرة التي يخوضها نظام الأسد ضد إسرائيل عبر "حزب الله" و"حماس"، وترى أن النظام السوري يجب أن يظهر إستعداده الجدي لتحقيق السلام ليس فقط من خلال الموافقة على التفاوض مع الإسرائيليين لإستعادة الجولان المحتل وتسوية القضايا العالقة، بل أيضاً من خلال إتخاذه ثلاث خطوات محددة هي الآتية:
أولاً - وقف إرسال الأسلحة والصواريخ والمعدات الحربية المختلفة الى "حزب الله" وإستخدام نفوذه الكبير لدى الحزب لمنعه من تفجير حرب جديدة ضد إسرائيل إنطلاقاً من لبنان لأي سبب من الأسباب.
ثانياً - تشجيع "حماس" والتنظيمات الفلسطينية المتشددة المرتبطة بدمشق على الإنتقال من مرحلة المواجهة المسلحة مع إسرائيل الى مرحلة التفاوض السلمي معها أو على الأقل الى مرحلة تأييد حل النزاع سلمياً معها ومساندة جهود الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتحقيق هذا الهدف. وستدعم إدارة أوباما أي مصالحة فلسطينية - فلسطينية تساعد على حل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي سلمياً أو من طريق المفاوضات.
وفي هذا المجال قال لنا ديبلوماسي أميركي مطلع "إن المسؤولين الأميركيين حرصوا منذ إنطلاق الحوار مع نظام الأسد في عهد إدارة أوباما حتى اليوم على أن تكون قضية العلاقة التسلحية بين سوريا و"حزب الله" موضوعاً أساسياً للبحث والنقاش مع المسؤولين السوريين الكبار بمن فيهم الرئيس السوري نفسه. وركز الجانب الأميركي باستمرار على أن الدعم العسكري السوري المتواصل لـ"حزب الله" يشكل تهديداً خطراً ليس فقط للأمن والإستقرار والسلم الأهلي في لبنان بل أيضاً للأمن والإستقرار في المنطقة. وحذر المسؤولون الأميركيون الجانب السوري من أن أي حرب لبنانية - إسرائيلية جديدة ستشمل هذه المرة سوريا نظراً الى دعمها العسكري لـ"حزب الله". ولم يتم التوصل حتى الآن بين الجانبين الأميركي والسوري الى أي إتفاق عن هذه القضية المهمة". وأضاف الديبلوماسي الأميركي: "إن قضية تسليح "حزب الله" ستظل تشكل عقبة مهمة أمام تحسين العلاقات بين واشنطن ودمشق ما لم تتم معالجتها".

 

حقائق المفاوضات السورية - الإسرائيلية

ويتفق الديبلوماسيون الفرنسيون والأميركيون والعرب المعنيون بالأمر على القول إن إدارة أوباما تريد فعلاً ضم سوريا ولبنان الى عملية السلام وفي الوقت الملائم، لكنها تتعامل بحذر شديد مع هذه المسألة وتمتنع عن تحديد موعد معين لإنطلاق المفاوضات السورية - الإسرائيلية نتيجة وجود عقبات مهمة تمنع الشروع فيها.
وما يساعد على فهم أهمية وطبيعة التعقيدات التي تواجه أي مفاوضات محتملة بين دمشق وتل أبيب هو الإطلاع على المضمون الحقيقي للمفاوضات السورية - الإسرائيلية غير المباشرة التي أجريت عبر الوسيط التركي عام 2008، وهي الأخيرة بين هذين البلدين، والتي كشف فيها الأسد مطالبه المحددة والدقيقة لإنهاء النزاع مع إسرائيل ولإستعادة الجولان المحتل. وقد حصلنا من مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس، تملك ملفاً متكاملاً عن هذه المفاوضات، على معلومات خاصة إستقتها هذه المصادر من المسؤولين الأتراك والسوريين والإسرائيليين المعنيين بالأمر توضح الحقائق والوقائع الأساسية الآتية المتعلقة بهذه المفاوضات:
أولاً - بدأت المفاوضات بمبادرة من رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك إيهود أولمرت الذي إتصل في شباط 2007، وبعد أشهر قليلة من إنتهاء الحرب على لبنان، برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وطلب منه الإضطلاع بوساطة مع الأسد لإحياء المفاوضات السورية - الإسرائيلية. وأبدى أردوغان إهتماماً بالإقتراح واطلع الأسد عليه فأكد له الرئيس السوري إستعداده لإحياء المفاوضات مع إسرائيل شرط أن تجري في المرحلة الأولى بصورة غير مباشرة وعبر الوسيط التركي وأن تكون على مستوى الخبراء. وإنطلقت المفاوضات على هذا الأساس وجرت كلها عام 2008 في رعاية تركية.
ثانياً - تناولت الجولة الأولى تحديد آلية التفاوض غير المباشر بين الوفدين السوري والإسرائيلي عبر الوسطاء الأتراك، وتخللتها أيضاً دراسة ومناقشة لما تحقق وأنجز سابقاً في المفاوضات السورية - الإسرائيلية التي جرت في رعاية أميركية وخصوصاً في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، وذلك من أجل الإفادة من التقدم الذي أحرزته هذه المفاوضات.
ثالثاً - في الجولة الثانية إطلع الوفدان السوري والإسرائيلي تفصيلاً على وثائق ومحاضر المفاوضات السورية - الإسرائيلية التي جرت منذ عهد رئيس الحكومة الإسرائيلية الراحل إسحق رابين حتى نهاية ولاية كلينتون مطلع 2001، ومنها "وديعة رابين" الشهيرة ووثيقة مهمة تم التفاهم عليها بين رئيسي الأركان السوري والإسرائيلي عام 1995 في حضور وفد أميركي رسمي وتتناول الترتيبات الأمنية والعسكرية المحتملة في حال توقيع إتفاق سلام بين البلدين. وفي هذه الجولة إستند الوفد السوري الى "وديعة رابين" لمطالبة الوفد الإسرائيلي بالإلتزام رسمياً للإنسحاب الى حدود 4 حزيران 1967 واستعادة الجولان كاملاً شرطاً لتوقيع إتفاق سلام بين البلدين. وحدد الوفد السوري على الخريطة ثلاث نقاط حدودية لتكريس الإنسحاب الإسرائيلي الى خط 4 حزيران 1967.
رابعاً - في الجولة الثالثة حدد الوفد السوري ثلاث نقاط حدودية أخرى على الخريطة لتكريس الإنسحاب الإسرائيلي الى خط الرابع من حزيران 1967، وجرى نقاش مفصل بين الوفدين السوري والإسرائيلي، عبر الوسيط التركي، تناول قضايا إقليمية أبرزها علاقات نظام الأسد مع إيران و"حزب الله" وحماس وقضايا ثنائية وأبرزها مسألة إقامة علاقات طبيعية في حال إنجاز السلام بين البلدين.

 

"وديعة الأسد" وتشدد نتنياهو

خامساً - في الجولة الرابعة فشل الوفدان في إحراز أي تقدم ملموس، ذلك إن الوفد الإسرائيلي رفض تقديم رد رسمي واضح على طلب الإنسحاب الى حدود 4 حزيران 1967. كما رفض الوفد السوري بدوره أن يحدد الموقف الذي سيتخذه في تعامله مع إيران و"حزب الله" و"حماس" في حال توقيع إتفاق سلام سوري - إسرائيلي.
سادساً - في أيلول 2008 حدث تطور مهم، إذ بعث الأسد من طريق أردوغان برسالة خطية الى أولمرت تتضمن ست نقاط تحدد مطالب سوريا، وشدد على ضرورة حصوله على رد إسرائيلي خطي عليها. وأطلق المسؤولون الأتراك على هذه الوثيقة اسم "وديعة الأسد" وقالوا لأولمرت إن الرئيس السوري مستعد للإنتقال الى مرحلة التفاوض المباشر مع إسرائيل بعد تلقيه الرد الإسرائيلي المقبول لديه على هذه الوثيقة وبعد مجيء إدارة أميركية جديدة "مقتنعة" بضرورة تحقيق السلام بين البلدين والمساعدة على ذلك. والمسألة المهمة أن هذه الوثيقة السورية تتضمن مطالبة الحكومة الإسرائيلية بأن تلتزم خطياً ورسمياً ليس فقط تطبيق مبدأ "الأرض في مقابل السلام" بل أيضاً بشكل محدد أن تلتزم الإنسحاب الكامل من الجولان الى خط 4 حزيران 1967 وليس الى خط آخر. وتتضمن الوثيقة السورية أيضاً المطالبة بتحديد ست نقاط على خط الحدود بين سوريا وإسرائيل لتأكيد الإنسحاب الإسرائيلي من الجولان الى خط 4 حزيران 1967 وهذه النقاط تحدد مواقع الحدود السورية - الإسرائيلية عند بحيرة طبرية ونهر الأردن وفي الشمال بطريقة تؤمن حصول السوريين على وجود لهم في الجزء الشمالي الشرقي من بحيرة طبرية مما يمنحهم حق المشاطأة ويسمح لهم تالياً بموجب القانون الدولي، بتقاسم مياه البحيرة مع الإسرائيليين.
سابعاً - في تشرين الثاني 2008 بعث أولمرت برسالة الى الأسد بواسطة أردوغان رفض فيها الإلتزام رسمياً للإنسحاب الى خط 4 حزيران 1967، كما إمتنع عن الموافقة على النقاط الحدودية الست، لكنه في المقابل طالب الرئيس السوري بأن يحدد خطياً ورسمياً تصوره لطبيعة ونوع العلاقات التي ستقوم بين سوريا وإيران و"حزب الله" و"حماس" في حال التوصل الى إتفاق سلام بين البلدين. كذلك طرح أولمرت في هذه الرسالة أسئلة على الأسد تتعلق بموقفه من المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية وبالأمن الإقليمي في حال إنجاز السلام. وأكد أولمرت في رسالته هذه انه يرفض تقديم أي تعهد خطي يتعلق بالإنسحاب من الجولان قبل أن يحصل من القيادة السورية على تعهدين أساسيين: الأول أن تتعهد القيادة السورية ضمان حاجات إسرائيل ومتطلباتها الأمنية والمائية، مما يعني خصوصاً أن اولمرت يصر على إحتفاظ إسرائيل بالسيادة الكاملة على بحيرة طبرية وإحتفاظها كذلك بشريط حدودي يبلغ عمقه 400 متر على الأقل حول البحيرة للسماح للإسرائيليين بالتحرك بحرية في هذه المنطقة بعد تحقيق السلام. والتعهد الثاني هو أن تلتزم القيادة السورية خطياً وسلفاً التخلي عن أي تعاون مع إيران يشكل تهديداً لإسرائيل أو عملاً معادياً لها ووقف كل أنواع الدعم ﻟ "حزب الله" و"حماس" وغيرهما من التنظيمات المسلحة المعادية للإسرائيليين، وذلك في إطار توقيع معاهدة سلام سورية - إسرائيلية. لكن الأسد رفض تقديم هذين التعهدين لأولمرت وتمسك بموقفه الأساسي المحدد في رسالته الى رئيس الحكومة الإسرائيلية.
ثامناً - في كانون الأول 2008 وقبل أيام قليلة من نشوب حرب غزة أبلغ أولمرت الأسد بواسطة أردوغان أنه مستعد لأن يناقش مع السوريين موضوع الإنسحاب الى خط 4 حزيران 1967 والنقاط الحدودية الست في إطار بحث في مسألة العلاقات المستقبلية بين سوريا وإيران و"حزب الله" و"حماس". لكن الأسد رد على أولمرت قائلا: "ما نريده ليس الدخول في مناقشات حول قضية الحدود بل الحصول على تعهد إسرائيلي خطي ورسمي للإنسحاب الى خط 4 حزيران 1967 وفقاً للنقاط الست التي حددناها على الخريطة شرطاً لبدء المفاوضات المباشرة الجدية بين البلدين". ورفض أولمرت هذا الطلب السوري فتوقفت المفاوضات غير المباشرة قبل نشوب حرب غزة وليس بسبب هذه الحرب.
ولخص ديبلوماسي أوروبي بارز الموقف اليوم بين سوريا وإسرائيل بقوله: "بشار الأسد يريد سلاماً مع إسرائيل مضموناً سلفاً ومن دون مجازفة يؤمن له إنتصاراً سياسياً وديبلوماسياً من خلال إستعادة أرضه المحتلة كاملة، ولذلك لا يزال متمسكاً بكل المطالب التي قدمها الى أولمرت وهو ليس راغباً في التنازل عن أي منها. أما رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فهو أكثر تشدداً في التعامل مع سوريا من رؤساء الحكومات السابقين إسحق رابين وشمعون بيريس وأيهود باراك وأولمرت وأقل إستعداداً منهم للتعامل بمرونة مع نظام الأسد. وفي ضوء هذا الواقع المعقد من الصعب جداً توقع حصول إختراق أو تقدم على المسار السوري - الإسرائيلي".
 

بقلم عبد الكريم أبو النصر     

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,755,954

عدد الزوار: 6,913,144

المتواجدون الآن: 114