إدلب من «خفض التصعيد» إلى الحل السياسي بمساراته المعقّدة...

تاريخ الإضافة الثلاثاء 17 تشرين الأول 2017 - 7:39 ص    التعليقات 0

        

إدلب من «خفض التصعيد» إلى الحل السياسي بمساراته المعقّدة...

الحياة....عادل يازجي .. * كاتب سوري..

الوضع العام في سورية، في ضوء تعميم خفض التصعيد وبتوافق عربي إقليمي دولي، يُفترض أنه يحث الخُطى باتجاه الحل السياسي، فقد جنح الجميع في الداخل والخارج إلى وقف الاقتتال، بعضهم على مضض كالنظام، وبعض آخر يناور لأجندات خاصة به كتركيا وإيران حليفتي روسيا في خفض التصعيد. ومعركة إدلب التي تخوضها تركيا بالجيش الحر استكمالاً لاتفاقيات آستانة، هي تدخّل مباشر في المنطقة المتنازع عليها بامتداداتها في الشمالين السوري والعراقي، وهو تدخّل يفترض أنه ضد جبهة تحرير الشام (النصرة)، ما لم تعتدل على الطريقة الإخوانية التركية ولو للتمويه. ومعركة التخفيض هذه ستكون مفصلية في تقرير مصير مناطق الشمال السوري بأطيافه العربية والكردية والتركية والآشورية والشيشاتية و(جبهة النصرة)، وهي المنطقة الأردوغانية الآمنة، بموافقة دولية ومباركة أميركية، لا ينغّص صفوها إلا احتمال المواجهة بين الجيش الحر (السوري التركي) ووحدات حماية الشعب، وقوات سورية الديموقراطية الكردية المدعومة من التحالف الدولي، وبالتالي ستغيّر المواجهة، إذا وقعت، كثيراً في خطوط الخرائط المتأهبة للظهور. في المقابل، انتظمت صفوف المعارضة في ركب التفاوض الآستاني (البديل مبدئياً من مؤتمر جنيف إلى أجل لم يُحسم موعده بعد)، لكن موسكو تتريث في طرح الحل السياسي، ليس لعدم قدرتها، بل ربما لعدم اطمئنانها إلى ما تصنعه بيدها، أو لرغبة حليفتيها إيران وتركيا في انتظار توطُّد الحلول الديموغرافية، وربما تحتفظ بورقة الحل لغايات إقليمية أخرى، لكن الضغط الدولي مستمر لوضع الحل السياسي قيد التداول؟.... مصطلح الحل السياسي لم يُتّفق على مضمونه بعد، وموسكو تحيله على اتفاقيات آستانة كحلّ براغماتي لاستيعاب التقسيمات الجارية على الأرض وإقامة الإدارات الذاتية فيها ووضع آلية تنفيذية للعلاقة بينها وبين الإدارة المركزية، هذا التعديل ليس مجرد رتوش لنظام يعتبر نفسه مكتملاً لا نقص فيه، بل هو خَدْشٌ قد تدخل «الجراثيم» منه، لا سيما إذا لامسته مخرجات الخط التشاوري الدستوري؟ من الواضح أن النظام ومعظم حلفائه ليسوا في عجلة من أمرهم للقضاء على «داعش» و «النصرة»، لا حبّاً بهما ولا كرهاً لهما، بل تلكّؤاً وترقّباً لما يمكن أن تقدّمه موسكو إرضاءً لأصدقائها العرب غير السوريين في تفاصيل الحل الذي تعمل عليه، وضبط الشطحات التي تترقّبها المعارضة لتبني عليها، بينما يلوّح النظام بجزرة إعمار سورية لحلفائه وأصدقائه المقربين. في المقابل، يبدو أن صبر المعارضة لا ينفد، فقد سلّمت أمرها ميدانياً لموسكو وسياسياً للصمت الأميركي المربك والمرتبك والمعرقل للحل السياسي المتأهب للتداول، ما جعل المعارضة بلا بوصلة أمام طوفان البوصلات عليها من كل حدب وصوب، لكن الداخل السوري ينذر باحتمال الاكتفاء بخفض التصعيد إذا فتحت مناطقه صدرها لاستيعاب التشكيل الديموغرافي، وبالتالي يصبح الجو العام العربي والإقليمي مؤهلاً لإنضاج طبخة الحل المتعثرة في موسكو. أمراء فصائل الحرب في الميدان طلّقوا القتال ولكن ليس طلاقاً بالثلاثة بائناً، فهم يتوجسون من عرقلة النظام وإيران وتركيا للحل السياسي، ومن الاستفتاء في كردستان العراق إذ لا يرونه مجرد نزوة سياسية بارزانية، بل درءاً لخطر وحدات حماية الشعب الكردية وقوات سورية الديموقراطية المدعومة من التحالف الدولي ومن الدول والقوى المجاورة لها، باستثناء أربيل وأنقرة. لذلك قد يتحول الاستفتاء إلى أبغض الحلال عند أردوغان ويقبله بتوافق جغرافي تحت الطاولة مع بارزاني، حول المناطق المختلف عليها بينهما في الشمالين العراقي والسوري. ولن تفرط تركيا بما تشكله كردستان (الدولة أو الإقليم) من حائط صد ثقافي سياسي ميداني في وجه حزب العمال الكردستاني العدو الرئيس لتركيا وبارزاني، والأخ الشقيق لقوات سورية الديموقراطية التي تتقدم في كل الاتجاهات ولا تبالي بتهديدات أردوغان النارية. لغة عتاولة الدفاع عن انفصال كردستان تخلّلتها نغمة التعددية السياسية والثقافية وشعارات مدنية وديموقراطية، لإبعاد شبهة العصبية القومية عنه، وحملت بعض العبارات تأكيداً لا تلميحاً إلى حماية الإقليم لكل الأقليات الهاربة من المد الطائفي المحيط به من جميع الجهات، ما يشكل إضافة هامة للذرائع المستخدمة في الدفاع عن النفس أمام المجتمع الدولي، في زمن يسير بعكس هذا الاتجاه حتى في الدول التي ترسخت التعددية فيها منذ عشرات السنين. كلما اقتربت أطراف الصراع السورية وغير السورية من الواقعية في النظر إلى الحل السياسي، يبشرنا المبعوث الدولي بجولة مفاوضات جديدة في جنيف ويكرر نصائحه للمعارضة بتوحيد وفدها المفاوض وكأنه العقبة الوحيدة في وجه الحل السياسي، ولا يخفى على مجلس الأمن ومبعوثه دي ميستورا أن مؤتمر جنيف لا يقدم ولا يؤخر سواء توحّدت المعارضة أم تشتتت أكثر. أما استفتاء كردستان فليس أمراً عرضياً في توقيته وليس الملا مسعود بارزاني من يخطئ قراءة المشهد الإقليمي والدولي وردود الأفعال الصادق منها أو الكاذب، ولن يكون عرضياً تجاه الأزمة السورية، فقد يدفع باتجاه الحل وقد يعرقل، ويُشك في أن تكون قمتَي «بوتين- أردوغان» و «أردوغان- روحاني» صادقتين في مواجهة تقسيم سورية، لأن الوقائع تشير إلى عكس ذلك، والأحداث فوق الأرض تؤكد ضرورة مواصلة العمل في فلسفة الانتقال السياسي الذي تتعهد موسكو ترويض النظام للقبول به، مقابل الترويض العربي والإقليمي للمعارضة، وترويض الطرفين على البراغماتية وإهمال سلاّت التفاوض فوق رفوف جنيف. معركة إدلب لم تبح حتى الآن بكل أسرارها في المشهد السوري، لذلك يُستبعد من الحلف الثلاثي الروسي الإيراني التركي إطلاق عملية الحل السياسي ما لم تصل المستجدات إلى خواتيمها.

 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,716,548

عدد الزوار: 6,910,048

المتواجدون الآن: 90