الدهس والطعن... «صواريخ» الذئاب المنفردة في أوروبا

تاريخ الإضافة الثلاثاء 22 آب 2017 - 8:04 ص    عدد الزيارات 261    التعليقات 0

        

الدهس والطعن... «صواريخ» الذئاب المنفردة في أوروبا..

الحياة..منير أديب ..

كشفت عمليات الدهس والطعن التي ضربت أوروبا خلال الثلاثة عشر شهراً الماضية طبيعة السلاح الذي تملكه التنظيمات المتطرفة وتسخِّره في ضرب خصومها على امتداد القارة العجوز. عمليتا الدهس في برشلونة وكامبريلس الإسبانيتين في 17 آب (أغسطس) الجاري حصدتا 14 قتيلاً، وخلَّفتا 130 جريحاً، في تأكيد أن سلاح القتل لا يكلف مجرد استئجار سيارة أو شاحنة لتنفيذ العملية. والأمر نفسه ينطبق على سلاح الطعن الذي يسهل الحصول عليه، بعيداً من تتبع أجهزة الأمن. أوروبا على درجة كبيرة من الاستعداد الأمني الذي يسمح لها بالوقوف أمام أي نشاط إرهابي، ولكن يصعب تفكيك خلايا قد تكون غير مكتملة النشاط. فمنفذو عمليات الدهس والطعن لم يسعوا للحصول على مواد أوليّة للتفجير، وبالتالي لم يتحركوا لتصنيعها تمهيداً للاستخدام، وهنا يصعب تتبُّع الخطوات التي يتم تعقبهم من خلالها. فسلاح الدهس والطعن، وقد يكون الأول أكثر تأثيراً، بمثابة صواريخ موجهة من الذئاب المنفردة التي آمنت بأفكار التنظيم من بُعد، بالتالي تحركت وفق أهدافه وخططه وتكليفاته. نجحت هذه الذئاب في إرهاب خصومها من خلال الأسلحة المتواضعة التي مثلت صواريخ شديدة التأثير (الدهس والطعن) فاقت أثر المتفجرات بينما هي أكثر أماناً في التنفيذ واحتمالات نجاحها تفوق سواها بكثير.

الضربات الأميركية لـ «داعش» من خلال التحالف الدولي، كانت في 8 آب (أغسطس) 2014 أي بعد شهور من إعلان تنظيم «داعش» سيطرته على مدينة الموصل وإعلان إمارته المتهالكة في تموز (يوليو) من العام نفسه. إلا أن التحالف الدولي المكون من عشرات الدول والمالك أكثر الأسلحة تطوراً فشل في مواجهة التنظيم وذيوله التي تنفذ عمليات «نوعية» على مساحة أوروبا بأكملها، وبخيال سبق خيال أجهزة الأمن التي انحصر دورها في مواجهة خطر التنظيم عبر الطائرات والصواريخ التي تقصف في شكل عشوائي.

والخطورة بعد تحرير مدينة الموصل، وتحرير أكثر من 50 في المئة من مدينة الرقة وبدء العمليات في تلعفر، ليست في تنفيذ عمليات مسلحة في أكثر من عاصمة أوروبية، وإنما في نوعية العمليات التي يقوم «داعش» بتنفيذها واختياره الهدف بعناية، وهذا مكمن الخطر وفيصل الحكم على التنظيم وقوته.

من خلال القراءة المتأنية لعملية الدهس في برشلونة نكتشف قوة التنظيم داخل أوروبا على رغم قوة أجهزة الأمن هناك والتي رفعت درجات الاستعداد حتى المرحلة الرابعة في غالبية العواصم الأوروبية، وهي تسبق مرحلة الاستعداد القصوى مباشرة. اختار التنظيم مدينة برشلونة التي تمثل مقصداً سياحياً خصوصاً في شهر آب (أغسطس) من كل عام، فقتل وأصاب أشخاصاً ينتمون إلى 34 جنسية. وعندما ندقق في التفاصيل، نجد أن المنفذ في العشرينات وليست له خبرة سابقة في العمل الإرهابي. العملية في برشلونة كانت متوقعة، ويتوقع ما هو أكثر منها خطورة في مدن أوروبية أخرى، بعد ضرب رأس التنظيم الذي يحرك بقية جسده في العواصم العربية بهدفين، أحدهما للرد على سقوط دولته في الموصل وقرب ذلك في الرقة، والثاني انتقامي للرد على التحالف الدولي الذي يستهدفه. ولعل تبنّي «داعش» عمليّتَي الدهس الأخيرتين من خلال وكالة «أعماق»، الناطقة باسمه، يدل على ذلك، إذ جاء فيه: «إن جنود الخلافة استجابوا دعوات الانتقام من التحالف الدولي». وهذا يتطلب مهمتين لأوروبا والمجتمع الدولي للقضاء على الإرهاب، الأولى تتمثل في التنسيق الأمني والمعلوماتي، والثانية دعم الدول في المنطقة العربية التي ترفع لواء مواجهة الإرهاب والاستفادة من تجاربها ورؤيتها مع الضغط على الدول التي تمول الإرهاب وتدعمه. فلا تعقل مواجهة الإرهاب مِن دون مواجهة مَن يمولونه عبر دول في المحيط الإقليمي والدولي، لمصلحة سياسية.

الاختبار الأصعب أمام المجتمع الدولي ليس في تحرير الأرض التي يُسيطر عليها التنظيم وإن كان ذلك أمراً مهماً، فالمواجهة العسكرية والأمنية أمر ميسور وسهل، الأصعب مواجهة ذئاب التنظيم التي انتشرت على رقعة أكبر من مساحة الأرض، وهم غير مرئيين، وغالباً ما يكونون في العشرينات من العمر (ليست لهم ملفات أمنية) فلا يوجد ما يحذر مِن خطرهم حتى تقوم أجهزة الأمن بتعقّبهم أو القبض عليهم أو تفكيك خلاياهم.

* كاتب مصري

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,095,642

عدد الزوار: 6,752,453

المتواجدون الآن: 93