إغراق إيران في الشرق وصفة لنفاذ المجهود

تاريخ الإضافة الجمعة 6 آب 2010 - 10:08 ص    عدد الزيارات 564    التعليقات 0

        

إغراق إيران في الشرق وصفة لنفاذ المجهود

 


 

غازي دحمان

يشكل التهديد الإيراني بالتوغل في باكستان ، لملاحقة المتمردين البلوش، مرحلة نوعية في الصراع القائم بين طهران وواشنطن ،وتؤكد طرق التعامل الأمريكية ،والسلوك المتبع في الفترة الأخيرة تجاه إيران ، على تفعيل خيار جيواستراتيجي ينطلق من التركيز على نقاط الضعف الإستراتيجية في الجغرافية والمجتمع الإيراني، وخاصة في المناطق التي يمكن وصفها بالخواصر الرخوة في البيئة الإيرانية.
جغرافياً تشكل الهضبة الإيرانية موقعاً مهماً في الجيوبولتيك العالمي، ذلك من خلال إطلالتها على منطقة الخليج العربي، وتوسطها للقلب الأوراسي، ومن الناحية الجيواستراتيجية تعتبر المضايق التي تسيطر عليها إيران حيوية بالنسبة لاستراتيجيات القوى العظمى كممر للطاقة، ولموقعها بين الخليج والمحيط الهندي.
وتبدو حدود إيران من الشمال الغربي محمية بشكل محكم بواسطة جبال زاغروس التي تشكل حاجزاً طوبوغرافياً ضخماً، أما حدودها الغربية مع العراق فهي عبارة عن مستنقعات تتشكل من تجمع نهري دجلة والفرات، وتشكل هذه الطبيعة التضاريسية حاجزاً ضد أي قوى من الغرب تسعى إلى الانتقال على طول السهل الساحلي لإيران على الخليج.
ويتكون وسط إيران من هضبتين صحراويتين غير مأهولتين، صحراء كافر تمتد من مدينة قم في الشمال الغربي إلى الحدود الأفغانية، وصحراء لوط تمتد جنوباً إلى بلوشستان، وقد كان لهذا المعطى الجغرافي أثره المهم في عملية التوزيع السكاني في إيران، حيث تبدو المناطق المجاورة لأفغانستان وباكستان قليلة السكان.
غير أن إيران، وبالرغم مما تنطوي عليه من خلل في بنيتها الاجتماعية والسياسية، ظهرت في السنوات الأخيرة قوى ذات تأثير مهم في السياسات الإقليمية، وخاصة في شقها الشرق أوسطي، وقد استندت في ذلك إلى جملة من المعطيات الجيواستراتيجية المهمة:
1ـ الاستفادة من الموقع الاستراتيجي في المقايضة وإدارة لعبة الصراع، وذلك عبر إشراف الجيوبولتيك الإيراني على ممرات مائية مهمة تمتد من مضيق هرمز إلى بحر قزوين ما يمكنها من التأثير على حركة الملاحة النفطية في مياه الخليج.
2ـ امتلاك إيران في الخليج مقومات المناورة السياسية الكفيلة بإرجاع الجهات المعادية (على افتراض أنها الولايات المتحدة الأمريكية) عن اللجوء إلى استخدام الخيار العسكري، فوجود إيران بين خطين متوازيين، السياسة والجغرافية في منطقة يسودها عدم الاستقرار يضاعف خياراتها السياسية وطريقة التعامل مع الضغوطات الخارجية.
3ـ قدرة إيران على التأثير في المجال الشرق أوسطي عبر تبنيها للأقليات الشيعية في المنطقة، وإدراكها مدى الحساسية التي تثيرها هذه القضية في الإطار السياسي والاجتماعي للكيانات المستهدفة في المنطقة.
في المقابل ظهرت إيران في الفترة ذاتها قوى ضعيفة ومتعاونة في المجال الأسيوي، وخاصة مع القوى نفسها التي تعاديها في الشرق الأوسط،!، ولهذا الأمر معطياته الحاكمة أيضاً:
1ـ وجود تجمعات سنية كبيرة في شمال شرق وجنوب شرق، وأي قوى تريد تهديد إيران سوف تستخدم هذه المجموعات لخلق حلفاء في إيران لتقويض سلطة الحكومة المركزية.
2ـ صعوبة السيطرة على الجبال إلى شرق صحراء كافر وصحراء لوط، من مشهد إلى زهدان إلى ساحل مكران، وبالتالي صعوبة حماية الحدود الشرقية مع أفغانستان وباكستان.
3ـ وبدون حدود أمنة، ستكون إيران عرضة لقوى أجنبية من شأنها التلاعب في الديناميات الداخلية وزعزعة الاستقرار عبر استغلال الفتحات الناتجة عن ذلك.
ولا شك أن إدراك إيران لنقاط ضعفها على الجبهة الأسيوية يدفعها إلى تقديم تنازلات وإغراءات عديدة، عكس حالتها على الجبهة الشرق أوسطية، كما أن إشغال إيران في جانبها الأسيوي يبدو أمراً سهلاً، في حين أن إيران قادرة على إشغال العالم في الشرق الأوسط.
ولعل المراقب للسلوك الأمريكي في الفترة السابقة تجاه إيران يلاحظ وجود ملامح لخيار إشغال إيران في برها الأسيوي، والتأثير تالياً على فعاليتها الشرق أوسطية، فقد كشف الصحفي سيمون هيرش أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وإدارة الرئيس السابق جورج بوش دعمتا البلوش والأقليات لزعزعة الاستقرار في إيران.
وكان رالف بيترز الضابط الأمريكي، وفي مقالته الشهيرة (حدود الدم) التي نشرها في المجلة العسكرية المتخصصة (أرمد فورسز جورنال) قد رسم حدود جديدة لإيران يقتطع منها ما يسميه بدولة (بلوشستان الحرة).
وفي السياق ذاته نشرت مجلة (Foreign policy) في عدد سابق ، مقالاً لروبرت كابلان بعنوان (انتقام الجغرافية)، حيث يشير كابلان للإشكالات العرقية في إيران عبر التأكيد على أن العولمة الجارية التي جذرت الجغرافية أفضت إلى خلق عالم صدامي يتشكل من مناطق صغيرة متناثرة تقوم فيها هويات محلية عرقية ودينية لا يمكن أن تفسر إلا بثوابت الجغرافية وحقائقها المحددة.
لاشك أن صورة المشهد الإيراني بمعطياته الجغرافية والديمغرافية، حاضرة بقوى في الذهنية الإستراتيجية الأمريكية، في ظل لعبة الصراع التي تتم إدارتها مع نظام الجمهورية الإسلامية، وعلى ضوء ما ستذهب إليه الخيارات الأمريكية تجاه كلا من باكستان وأفغانستان، اللتان تشكل أطرافهما مع الحواف الإيرانية دائرة تتميز في الفقر الثرواتي والإستراتيجي، وتربة صالحة لقيام دول (معازل) بلوشستان، بشتونستان، هزرستان، وبهذا يتم حماية القلب البنجابي الباكستاني النووي والمتحضر، عن تفاعلات التكوينات الماقبل حداثية، كما يصار إلى عزل تلك الجزر عن قلب أوراسيا حيث حقول النفط والغاز، والأهم من ذلك يصار إلى تشذيب القلب الفارسي وتحويله إلى رابط فاعل بين آسيا والخليج العربي عبر البر الممتد من بحر قزوين إلى الخليج العربي.

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,770,327

عدد الزوار: 6,914,132

المتواجدون الآن: 122