مشروع عون و"حزب الله": الحرب للبنان والسلم لسوريا اقتراح عربي: استفتاء لبناني حول الاستراتيجية الدفاعية

تاريخ الإضافة الخميس 27 تشرين الثاني 2008 - 7:39 ص    عدد الزيارات 899    التعليقات 0

        

 بقلم عبد الكريم أبو النصر     

"اقترح مسؤول عربي كبير خلال اتصالات اجراها مع جهات دولية العمل على اقناع القيادات اللبنانية باجراء استفتاء شعبي عام باشراف الامم المتحدة او مراقبين دوليين محايدين يقرر فيه الشعب اللبناني بحرية تامة مضمون وجوهر الاستراتيجية الدفاعية الجديدة التي يريد اعتمادها في التعاطي مع اسرائيل. واعترف المسؤول العربي بانه اصيب مع مسؤولين عرب آخرين بالدهشة لدى اطلاعهم على تصور العماد ميشال عون للاستراتيجية الدفاعية المدعوم من "حزب الله" والداعي الى تحويل لبنان مجتمعا مقاوما من خلال تشكيل قوى مقاومة في كل الاراضي اللبنانية مما يتطلب توزيع السلاح على مختلف المناطق لمواجهة اسرائيل. واكد المسؤول العربي في اتصالاته الدولية هذه انه انطلاقا من مشروع عون و"حزب الله" ومن رفض الغالبية النيابية له فمن الضروري اجراء استفتاء شعبي في اشراف دولي ملائم يتناول السؤال الآتي:
هل يؤيد الشعب اللبناني اقتراح توزيع السلاح على المواطنين في مختلف المناطق لمواجهة اسرائيل، ام انه يريد الاعتماد على الدولة والجيش والقوى الامنية وعلى علاقات لبنان الدولية والعربية الواسعة لاستعادة ما تبقى من الاراضي اللبنانية المحتلة ولتأمين الحماية من اي تهديدات اسرائيلية محتملة؟".
هذا ما كشفته لنا مصادر ديبلوماسية اوروبية دقيقة الاطلاع في باريس، اوضحت ان ثمة تفاهما دوليا – عربيا غير معلن على ان اي استراتيجية دفاعية جديدة للبنان يجب ان تقوم على الركائز الاساسية الآتية:
اولا، يجب ان تكون هذه الاستراتيجية الدفاعية في حجم الخطر الاسرائيلي الذي يهدد لبنان، فلبنان ليس خاضعا للاحتلال الاسرائيلي لكي يتم اعلان التعبئة الشعبية العامة ضد اسرائيل، بل ان ثمة قطعة ارض صغيرة هي منطقة شبعا لا تزال محتلة مع جزء من قرية الغجر ويمكن استعادتها بالوسائل الديبلوماسية.
ثانيا، يجب ان تكون الاستراتيجية الدفاعية منسجمة تماما مع قرارات مجلس الامن ذات الصلة ومن ضمنها القرار 1701 لكي يلقى لبنان دعما دوليا واسعا لمواقفه ومطالبه المشروعة.
ثالثا، يجب ان تكون الاستراتيجية الدفاعية منسجمة تماما مع التوجهات العامة في المنطقة. والواقع ان كل الدول العربية، بما فيها سوريا تريد تسوية نزاعاتها مع اسرائيل عبر الوسائل الديبلوماسية والسلمية وليس عبر المقاومة المسلحة او عبر الحرب. وليس ممكنا او طبيعيا ان يكون لبنان دولة المواجهة الوحيدة في المنطقة.
رابعا، يجب ان تكون الاستراتيجية الدفاعية منسجمة ومتلائمة تماما مع تطلعات اللبنانيين وطموحاتهم وآمالهم. فهل يريد اللبنانيون فعلا اسقاط دور الدولة والجيش والتخلي عن الدعم الدولي والعربي الواسع لبلدهم من اجل اعتماد استراتيجية المقاومة الشعبية والمواجهة الشاملة مع اسرائيل، مما يحول لبنان بأسره هدفا للهجمات الاسرائيلية في الوقت الذي يدور النزاع حول مسائل يمكن حلها بالوسائل الديبلوماسية؟

الحرب للبنان والسلم لسوريا

وضمن هذا الاطار كشفت لنا المصادر الديبلوماسية الاوروبية المطلعة ان جهات رسمية عربية ودولية معنية بمصير لبنان طرحت خلال مشاورات أجرتها اخيرا عشرة تساؤلات واضحة وصريحة تحدد جوهر واساس هذه القضية المهمة والمعقدة. وهي ترى ان "من الضروري والمفيد ان تجري في ضوء هذه التساؤلات او استنادا اليها، مناقشات صريحة مع "حزب الله" سواء خلال جلسات مؤتمر الحوار الوطني، او على الصعيد العلني، لان القضية تهم جميع اللبنانيين".
وهذه التساؤلات هي الآتية:
1 – ان "حزب الله" هو، رسميا، جزء من الدولة لانه يشارك مع حلفائه في الحكومة، ولان حليفه الاساسي نبيه بري يرئس مجلس النواب. فهل يحق للحزب، او لأي تنظيم آخر، ان يكون في وقت واحد داخل الدولة وخارجها، فيأخذ من الدولة ما يريده ويلائمه ثم يحتفظ لنفسه وفي معزل عن هذه الدولة بأخطر قرارين هما التمسك بالسلاح والتصرف به كما يريد في معزل عن الجيش، وقرار تفجير الحرب مع اسرائيل من دون التشاور مسبقا مع السلطة الشرعية؟ هذان القراران يهددان السلم الاهلي والوحدة الوطنية في حال تم استخدام السلاح في الداخل ضد افرقاء لبنانيين كما حدث في الفترة الاخيرة، ويعرّضان لبنان لأضرار وخسائر هائلة في حال انفجرت مواجهة جديدة مع اسرائيل لاي سبب من الاسباب.
2 – لماذا يريد "حزب الله" ان يفرض على لبنان وحده دون سائر الدول العربية، اعتماد استراتيجية المقاومة المسلحة والمواجهة المستمرة مع اسرائيل لتسوية المشاكل العالقة معها بدلا من اعتماد الاستراتيجية التي تلائمه وتتمثل بالتمسك باتفاق الهدنة وتطبيق القرار 1701 والتركيز على حماية ارضه من اي تهديدات اسرائيلية، والدفاع عن مصالحه وحقوقه بالوسائل والامكانات التي تحددها الدولة، وخصوصا ان اللبنانيين حرروا عام 2000، بفضل المقاومة ودعمهم الواسع لها، ارضهم ولم تبق تحت الاحتلال سوى قطعة ارض صغيرة يمكن استعادتها بالوسائل الديبلوماسية؟
وعلى اساس اي منطق يريد "حزب الله" ان يبقى لبنان في حال مواجهة مستمرة مع اسرائيل في الوقت الذي ترفض سوريا منذ 1974، اعتماد المواجهة المسلحة لاستعادة الجولان بل تفضل اعتماد الخيار الديبلوماسي التفاوضي وهي التي تملك مئات الطائرات الحربية وآلاف الدبابات والمدرعات والصواريخ وجيشا قتاليا كبيرا، وفي وقت تخلى العالم العربي كله عن استراتيجية الحرب واعتمد استراتيجية التفاوض السلمي مع اسرائيل؟
3 – لماذا يريد "حزب الله" ان ينفرد لبنان وحده بالبقاء، في حال مواجهة مسلحة مستمرة مع اسرائيل قد تتحول في اي وقت حربا مدمرة، في الوقت الذي يعلم الحزب، وإن لم يعترف بذلك صراحة، ان سلاحه ليس قادرا اطلاقا على حماية لبنان واللبنانيين من الهجمات الاسرائيلية او على ردع اسرائيل عن مهاجمة لبنان، كما شهدنا خلال حرب صيف 2006، التي الحقت دمارا هائلا بمناطق عدة وخلفت خسائر بشرية ومادية كبيرة؟
4 – اذا كان "حزب الله" يؤمن فعلا وجديا بأن المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد للتعاطي مع اسرائيل واخطارها، فلماذا يريد تطبيق اقتناعه هذا على لبنان ذي الامكانات العسكرية المحدودة، على رغم من وجود سلاح الحزب، ويرفض مطالبة حليفه النظام السوري باعتماد المقاومة المسلحة والشعبية لاستعادة الجولان ومعالجة المشاكل العالقة مع اسرائيل بدلا من الاعتماد على المفاوضات السلمية وذلك منذ اكثر من 34 عاما؟
ام ان تمسك "حزب الله" بمنطق المقاومة المسلحة، هو للتغطية عن اهداف اخرى يريد الحزب تحقيقها عبر سلاحه؟
5 – لماذا يتبنى "حزب الله" وجهة النظر السورية في ما يتعلق بمصير منطقة مزارع شبعا والقائمة على اساس رفض تكريس لبنانيتها خطيا ورسميا قبل استعادة الجولان؟ ولماذا يرفض الحزب تبني وجهة النظر اللبنانية، لانه حزب لبناني في النهاية، التي تدعو الى تكريس لبنانية شبعا في اسرع وقت من اجل استعادتها بالوسائل الديبلوماسية وبمساعدة الامم المتحدة وفرنسا ودول اخرى، بدلا من ابقاء هذه المنطقة تحت الاحتلال فترة زمنية اخرى؟ ولماذا يجب ان ينتظر اللبنانيون ان يستعيد السوريون الجولان لكي يستعيدوا هم شبعا؟ اليس الهدف من ابقاء قضية شبعا عالقة اعطاء ذريعة للحزب لكي يحتفظ بسلاحه؟
6 – لماذا يتصرف "حزب الله" كأنه يعمل ضد مصلحة وطنه، اذ انه يعتمد ازدواجية المعايير في التعاطي مع قضية الحرب والسلم، فيطلب من لبنان ان يقدم تضحيات حقيقية ويتعرض للدمار والخراب من خلال محاولة استعادة شبعا ومعالجة المشاكل العالقة مع اسرائيل عبر المقاومة المسلحة، بينما يقبل ان تعتمد سوريا القوية عسكريا الخيار الديبلوماسي مع اسرائيل من اجل تسوية المشاكل العالقة معها واستعادة الجولان، مع العلم ان منطقة الجولان تشكل موقعا استراتيجيا مهما ومصدرا كبيرا للمياه، وفيها اراض زراعية شاسعة وخصبة وتزيد مساحتها  على 1300 كيلومتر مربع، بينما تقل مساحة منطقة شبعا عن 30 كيلومترا مربعا وليست فيها مميزات الجولان وتمكن استعادتها بالوسائل الديبلوماسية بسهولة اكبر من استعادة الارض السورية المحتلة خصوصا اذا ما وافق نظام الاسد على تكريس لبنانيتها خطيا ورسميا؟

"حزب الله" والتضحية بمصالح اللبنانيين

7 – بات معروفا لدى الدول المعنية بمصير لبنان ان "حزب الله" سيقصف اسرائيل بالصواريخ والقذائف في حال تعرضت ايران لهجوم اسرائيلي او اميركي يستهدف منشآتها النووية. فلماذا يريد الحزب ان يكون لبنان طرفا وشريكا في معركة ايران مع الدول الكبرى، وخصوصا ان هذه المعركة ناتجة من سعي النظام الايراني الجدي، وفقا لاقتناع الكثير من دول العالم، الى انتاج السلاح النووي وامتلاكه؟
واذا كان "حزب الله" يجد نفسه ملزما الوقوف الى جانب ايران لانها تمده بالسلاح وبالدعم المالي الكبير، فلماذا يجب ان يدفع لبنان الصغير ثمن هذه العلاقة، اذ ان الحرب في حال نشوبها ستشمل كل الاراضي اللبنانية، وليس منطقة محددة تابعة للحزب؟
8 – لماذا يرفض "حزب الله" فعلا ان يعتمد لبنان على الدعم الدولي والعربي الكبير له من اجل تسوية مشاكله العالقة مع اسرائيل واستعادة ارضه وحقوقه بالوسائل السلمية ومن دون التفاوض مع الدولة العبرية، في الوقت الذي يبدو واضحا ان هذه هي مصلحة دولة صغيرة محدودة القدرات والامكانات الحربية؟ ولماذا يتصرف "حزب الله" كأنه يريد التضحية بمصالح لبنان واللبنانيين من اجل خوض حرب استنزاف مع اسرائيل وتحويل هذا البلد ساحة مواجهة مفتوحة مع الدولة العبرية وكذلك مع اميركا ودول اخرى بهدف محاولة تعزيز مواقع سوريا وايران التفاوضية وتقويتها، وبقطع النظر عن الثمن الباهظ الذي سيدفعه اللبنانيون نتيجة ذلك؟
9 – أليس من حق اللبنانيين ان يشعروا بالقلق الشديد من "حزب الله" نتيجة مواقفه واعماله وممارساته هذه، وان يبدو لهم ان الحزب يريد الاحتفاظ بسلاحه وبقرار الحرب ليس من اجل حماية لبنان، لان تجربة حرب 2006 اثبتت عدم قدرته على ذلك، بل من اجل استخدام هذا السلاح لمحاولة تعزيز موقعه ومواقع حلفائه في الداخل، ولمساعدة السوريين والايرانيين على تنفيذ اهدافهم في لبنان والمنطقة؟
أليس من حق اللبنانيين ان يطالبوا "حزب الله" بالتخلي عن مواقفه وسياساته هذه والاندماج في الدولة ومؤسساتها لتحقيق مصالح لبنان واللبنانيين؟
10 – لماذا يتصرف "حزب الله" كأنه هو وحده على حق على رغم اعتماده استراتيجية تخدم مصالحه الداخلية وطموحاته الاقليمية ومصالح السوريين والايرانيين اكثر مما تخدم مصالح اللبنانيين الحقيقية؟ ولماذا يتهم "حزب الله" القيادات اللبنانية التي ترفض وتعارض توجهاته هذه بانها مخطئة وغير وطنية في الوقت الذي تعمل هذه القيادات على تعزيز الدولة ومؤسساتها، وعلى تحقيق الامن والاستقرار، وترفض جر البلد الى معارك اكبر منه يدفع ثمنها ابناؤه وتستغلها جهات اقليمية لتحقيق اهدافها ومخططاتها؟
واكد ديبلوماسي اوروبي مطلع "ان المصلحة الوطنية تقضي باجراء نقاش صريح مع "حزب الله" في ضوء هذه التساؤلات العربية والدولية. ولن تصبح الدولة اللبنانية قوية من تلقاء ذاتها بل نتيجة تضافر جهود كل الافرقاء فيها وبعد التخلي عن كل السياسات والتوجهات التي تهدد السلم الاهلي والوحدة الوطنية وتضع البلد امام خيار واحد فقط هو خيار المواجهة المستمرة مع اسرائيل ومع دول اخرى. ففي النهاية لن يسلم "حزب الله" سلاحه الى خصومه السياسيين بل سيضعه في تصرف الدولة، وسيتخلى عن قرار الحرب للسلطة الشرعية. ومثل هذا التوجه يساعد على قيام الدولة القوية. اما اصرار "حزب الله" على التمسك بكل مواقفه وتوجهاته هذه فانه يشكل تهديدا كبيرا للدولة وللبنان. وهذا الواقع يلقي مسؤولية هائلة على الحزب"..

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة..

 الإثنين 15 نيسان 2024 - 9:21 م

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة.. https://www.crisisgroup.org/ar/middle… تتمة »

عدد الزيارات: 153,524,005

عدد الزوار: 6,898,747

المتواجدون الآن: 100