إقتراح أوروبي: سلاح "حزب الله" في مستودعات الجيش

تاريخ الإضافة الجمعة 25 حزيران 2010 - 6:51 ص    عدد الزيارات 562    التعليقات 0

        

من حقيبة "النهار" الديبلوماسية
إقتراح أوروبي: سلاح "حزب الله" في مستودعات الجيش
التجربة السورية السلمية تحمي لبنان من الحرب الخاطئة

"إقترح مسؤول أوروبي معني بالملف اللبناني في إتصالات مع جهات عربية بارزة صيغة واقعية وملائمة لتحديد مصير سلاح "حزب الله" تؤدي الى تجاوز الإنقسام العميق وتمنع إقحام لبنان ضد إرادة سلطته الشرعية والغالبية العظمى من أبنائه في حرب مدمرة جديدة مع إسرائيل وبحيث تكون هذه الصيغة في صلب الإستراتيجية الدفاعية التي تسعى هيئة الحوار الوطني في رعاية الرئيس ميشال سليمان الى التفاهم عليها ولم تتمكن من إنجاز مهمتها بعد عشر جلسات عقدتها حتى الآن. وأوضح المسؤول الأوروبي أن الصيغة المقترحة تتضمن العناصر الآتية:
أولاً - وضع إستراتيجية دفاعية للبنان يتطلب أساساً معالجة مشكلة تمسك "حزب الله" بسلاحه وبقرار الحرب بمعزل عن سلطة الدولة. والحل الملائم يقضي بوضع أسلحة "حزب الله" في مستودعات ومنشآت ومواقع خاضعة لإشراف الجيش اللبناني وبحيث تكون رسمياً في تصرف قيادة الجيش، من أجل توحيد القدرات التسلحية اللبنانية وتعزيزها ومنع فريق من اللبنانيين من إستخدام هذا السلاح في الداخل أو من إقحام البلد في حرب جديدة مدمرة مع إسرائيل تتناقض مع مصالحه وتكون في خدمة أهداف إقليمية. والإقتراح ليس هدفه نزع سلاح "حزب الله" بل الإفادة منه لبنانيا. وخلال سنوات الهيمنة السورية على لبنان لم يكن "حزب الله" يستخدم سلاحه كما يريد ومتى يريد بل كان سلاحه خاضعاً لسلطة النظام الأمني اللبناني - السوري المشترك. ولم يتحرر "حزب الله" من إشراف الدولة على سلاحه إلا بعد الإنسحاب السوري من لبنان في نيسان 2005.
ثانياً - تشكيل لجنة تنسيق عسكرية - أمنية مشتركة من ممثلين للجيش و"حزب الله" تكون خاضعة لإشراف قيادة الجيش والسلطة اللبنانية العليا، وتتركز مهمتها على مواجهة حرب جديدة مع إسرائيل وليس تفجير حرب جديدة، فيتم بذلك الحفاظ على الدور الأساسي للمؤسسة العسكرية المكلفة الدفاع عن لبنان والإفادة من الإمكانات التسلحية للحزب.
ثالثاً - التوصل الى تفاهمات في هيئة الحوار الوطني بين مختلف الأفرقاء اللبنانيين تقضي رسمياً بحصر قرار الحرب والسلم في أيدي السلطة الشرعية وحدها وتقضي كذلك بإيجاد ضوابط عملية محددة لحظر إستخدام السلاح من جانب أي طرف في الصراع السياسي الداخلي".
هذا ما كشفته لنا مصادر ديبلوماسية أوروبية وثيقة الإطلاع في باريس. وأوضحت أن النقاش في شأن إيجاد إستراتيجية دفاعية مهم وضروري، خصوصاً انه ياتي في وقت يواجه لبنان جدياً، إستناداً الى معلومات المسؤولين الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين، خطر نشوب حرب جديدة بينه وبين إسرائيل يمكن أن تنفجر لأي سبب لكنها ستكون أساساً مرتبطة بالصراع الكبير بين إيران المدعومة من سوريا و"حزب الله" و"حماس"، والدول الكبرى نتيجة إصرار النظام الإيراني على مواصلة مساعيه ونشاطاته لإنتاج السلاح النووي ولتغيير موازين القوى في الشرق الأوسط لمصلحته. ولذلك فإن مصلحة لبنان الحيوية تقضي، وفقاً لهذه المصادر، بالتوصل الى إنجاز إستراتيجية دفاعية في أقرب وقت ممكن تضبط إستخدام سلاح "حزب الله" تحت سلطة الدولة وتحدد آلية عملية للإفادة منه وتستند الى الحقائق والوقائع الأساسية الآتية وتأخذها في الحسبان:
أولاً - لبنان ليس بلداً خاضعاً بكامله أو بأجزاء كبيرة منه للإحتلال الإسرائيلي كي تحدد إستراتيجية التعامل مع إسرائيل حركة مقاومة يمثلها "حزب الله"، بل إنه دولة مستقلة ذات سيادة تحظى بدعم دولي وعربي واسعين ولا تزال منطقة صغيرة منه خاضعة للإحتلال. وما يضعف لبنان ويهدده هو أن تكون له إستراتيجيتان للتعامل مع إسرائيل، الأولى تتمسك بها الدولة وتدعمها الغالبية العظمى من اللبنانيين وهي إستراتيجية دفاعية تعطي الأولوية للخيار الديبلوماسي والسياسي لإستعادة قطعة الأرض الصغيرة الباقية تحت الإحتلال بعد تحرير سائر الأراضي عام 2000 وتعتمد على دعم الكثير من الدول البارزة والمؤثرة لحماية البلد من الأخطار الإسرائيلية المحتملة، والإستراتيجية الثانية يتمسك بها "حزب الله" وحلفاؤه وهي ذات طابع هجومي إذ أن الحزب يؤمن بخيار المقاومة المسلحة وحده في التعامل مع الدولة العبرية بقطع النظر عن الثمن الباهظ الذي يدفعه اللبنانيون.

 

التجربة السورية السلمية

ثانياً - حماية لبنان تتحقق فعلاً بتبنيه إستراتيجية دفاعية متكاملة لا هجومية تتلاءم مع حجمه وإمكاناته الحقيقية ومصالحه الوطنية المشروعة وتأخذ في الاعتبار أن سوريا التي تملك قدرات عسكرية ضخمة تتكون من مئات الطائرات الحربية وآلاف الدبابات والمدرعات والصواريخ ومن جيش كبير تعتمد منذ العام 1974 إستراتيجية دفاعية في التعامل مع إسرائيل، ذلك أن النظام السوري يتبنى الخيار الديبلوماسي التفاوضي وحده لمحاولة إستعادة الجولان المحتل ويرفض تبني الخيار العسكري أو خيار المقاومة المسلحة حفاظاً على بلده. وهذا الواقع الأساسي يتجاهله كلياً حلفاء دمشق اللبنانيون.
ثالثاً - الحقيقة الثالثة هي أن "حزب الله" قادر بسلاحه وصواريخه على مهاجمة إسرائيل وإلحاق الأضرار بها، لكنه ليس قادراً على حماية لبنان من العمليات الحربية الإسرائيلية أو على منع الإسرائيليين من إلحاق الخسائر والأضرار الفادحة بهذا البلد كما جرى خلال حرب صيف 2006 التي أحدثت دماراً هائلاً واسع النطاق في الجنوب كما في مناطق أخرى وأدت الى مقتل 1200 مواطن وجرح خمسة آلاف آخرين وأسفرت عن أضرار مادية تقدر بالمليارات من غير أن يتمكن الحزب من تحرير أي قطعة أرض لبنانية محتلة أو من إطلاق أي أسير.
رابعاً - الحقيقة الرابعة هي أن لدى اللبنانيين في غالبيتهم العظمى مخاوف مشروعة من سلاح "حزب الله" الذي استخدم مرتين خلال السنوات الأربع الماضية بطريقة تهدد المصالح اللبنانية الحيوية. المرة الأولى في صيف 2006 حين إتخذ "حزب الله" قرار المواجهة بالصواريخ مع إسرائيل من دون التفاهم والتنسيق سلفاً مع الدولة والسلطة الشرعية بل بالتنسيق مع المسؤولين السوريين والإيرانيين. وإذا كانت حرب 2006 شكلت إنتصاراً معنوياً لـ"حزب الله" فإنها شكلت كارثة حقيقية للبنان واللبنانيين. والمرة الثانية في أيار 2008 حين هاجم "حزب الله" بسلاحه مع بعض حلفائه مناطق في بيروت والجبل رداً على قرارات غير ملائمة له إتخذتها الحكومة، مما شكل تهديداً خطراً للسلم الأهلي وكاد أن يفجر حرباً أهلية لولا حكمة وشجاعة عدد من القيادات اللبنانية وتدخل عربي عاجل قادته السعودية ومصر.
خامساً - المقاومة المسلحة ليست هدفاً في حد ذاته بل إنها إحدى الوسائل وليست الوسيلة الوحيدة لإستعادة الأرض المحتلة والحقوق المغتصبة. والمقاومة الوطنية الصحيحة يجب أن تتكيف مع واقع البلد الذي تتحرك فيه ومع ظروفه الداخلية ومع تطلعات شعبه ومع محيطه الإقليمي، وأن يكون دورها في حجم الخطر الذي يواجهه البلد. فلبنان ليس قادراً على أن يخوض معركة إزالة إسرائيل أو معركة حاسمة كبرى مع الدولة العبرية، فيما ترفض سائر الدول العربية وعلى رأسها سوريا التي تملك إمكانات حربية أضخم بكثير من إمكانات لبنان و"حزب الله" ، القيام بهذه المهمة. كما ان دور المقاومة يجب أن يبدأ "في حال عجز الجيش اللبناني عن القيام بواجبه أو تراجع تحت ضغط العدو" كما أكد الرئيس ميشال سليمان في تصريحات صحافية أخيرة له.
ووفقاً لما قاله لنا ديبلوماسي أوروبي مطلع، "ان الإستراتيجية الدفاعية يجب أن تشكل درعاً واقية تحمي لبنان من التهديدات الداخلية والخارجية المحتملة وأن تساهم في تعزيز أمنه وإستقراره ووحدته ومناعته وأن تمنع إقحامه في معارك ليست معاركه يخوضها الآخرون مع حلفائهم على أرضه ويدفع ثمنها اللبنانيون".

 

دعم دولي للإستراتيجية الدفاعية

وفي هذا السياق ذكرت مصادر ديبلوماسية أوروبية وعربية مطلعة أن الدول العربية والأجنبية الداعمة للبنان المستقل وعلى رأسها أميركا وفرنسا والسعودية ومصر تؤيد تأييداً كاملاً جهود الرئيس ميشال سليمان للتوصل عبر هيئة الحوار الوطني الى إستراتيجية دفاعية موحدة وذلك للأسباب الأساسية الآتية:
 أولاً - تبني الإستراتيجية الدفاعية قرار سيادي شرعي يعكس إصرار الحكم اللبناني مدعوماً من الغالبية العظمى من اللبنانيين على مواصلة معركة تثبيت وتكريس الإستقلال من خلال تفاهم مختلف الأفرقاء على صيغة مشتركة لحماية البلد والدفاع عنه، مما يحقق مصالح أبنائه الحيوية المشروعة، عوض إبقاء البلد في حال مواجهة مستمرة وتحويله دولة المقاومة المسلحة وجرّه من حرب الى أخرى.
ثانياً - تبني الإستراتيجية الدفاعية عمل توحيدي يعزز السلم الأهلي والوحدة الوطنية لأن الغالبية الكبرى من اللبنانيين ترفض إحتفاظ فريق واحد هو "حزب الله" بسلاحه وبقرار الحرب بمعزل عن الدولة والسلطة الشرعية. وكما قال لنا الديبلوماسي الأوروبي المطلع: "إذا كان "حزب الله" حريصاً فعلاً على أن يكون سلاحه في خدمة لبنان ومن أجل الدفاع عنه وعن مصالح أبنائه وليس في خدمة مصالح الحزب الذاتية ومصالح حلفائه الإقليميين، فيجب أن يضع هذا السلاح تحت سلطة الجيش الوطني وأن يتخلى عن قرار الحرب للدولة. و"حزب الله" شريك في السلطة، لكن المشاركة في الحكم تكون جزئية وناقصة إذا إحتفظ الحزب بسلاحه وبقرار الحرب وتصرف على أساس انه يعرف وحده مصلحة البلد وانه يحدد وحده ومع حلفائه وضد إرادة الدولة والغالبية العظمى من اللبنانيين إستراتيجية التعامل مع إسرائيل، ولو أدى ذلك الى حرب مدمرة مع الإسرائيليين تلحق أضراراً هائلة بأبناء هذا البلد من غير أن تحقق لهم مكاسب كما جرى خلال حرب 2006".
ثالثاً - العمل على تبني الإستراتيجية الدفاعية ليس ناتجاً من تفاهم لبناني - سوري مسبق بل انه قرار لبناني وحق مشروع للبنانيين ويعكس رفض ضم هذا البلد الى التحالف السوري - الإيراني والمشاركة في تنفيذ خططه الإقليمية التي ترفضها الغالبية العظمى من الدول العربية إذ ترى فيها مصدر تهديد لمصالحها وللأمن والإستقرار في المنطقة. ومصلحة لبنان الحيوية تقضي بأن يكون جزءاً من المجموعة العربية وليس أن يكون طرفاً في معركة إيران مع الدول الكبرى بل مع المجتمع الدولي.
رابعاً - تبني الإستراتيجية الدفاعية سيعكس حرص اللبنانيين على تعزيز دور الدولة ومؤسساتها الشرعية وعلى رفضهم إبقاء بلدهم ساحة مواجهة مفتوحة بل دولة المواجهة العربية الوحيدة مع إسرائيل، بينما تمتنع سوريا وإيران عن خوض المواجهة المباشرة مع إسرائيل وتكتفيان بتشجيع بل بدفع حلفائهما اللبنانيين والفلسطينيين الى القيام بهذه المهمة خارج الأراضي السورية والإيرانية. ومن الضروري التأكيد أن البيان الوزاري للحكومة الحالية لم يمنح المقاومة حق الإحتفاظ بقرار الحرب وإستخدام السلاح كما تريد ومتى تريد بل انه نص صراحة في بنده الثالث على الآتي: "تشدد الحكومة على وحدة الدولة وسلطتها ومرجعيتها الحصرية في كل القضايا المتصلة بالسياسة العامة للبلاد، بما يضمن الحفاظ على لبنان وحمايته وصون سيادته الوطنية. ويكون هذا المبدأ ناظماً لتوجهاتها وقراراتها والتزاماتها". ولاحظ الديبلوماسي الأوروبي المطلع ان "البيان الوزاري واضح تماماً إذ انه يجعل الدولة هي المسؤولة وحدها عن القرارات المصيرية وأبرزها بالطبع قرار الحرب والتعامل مع إسرائيل وأخطارها".
خامساً - تبني الإستراتيجية الدفاعية ينسجم مع ما نصت عليه قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وخصوصاً القرار 1701 وهو ما يعزز الحماية الدولية لهذا البلد من أي إعتداءات إسرائيلية عليه تأتي خارج إطار الرد على هجمات تتعرض لها إسرائيل إنطلاقاً من الأراضي اللبنانية.
ولخص مسؤول عربي بارز الوضع بقوله: "هيئة الحوار الوطني ستمنح الشرعية لإستراتيجية دفاعية تضعها وتحدد مضمونها وتشرف على تنفيذها الدولة اللبنانية، كما هو الحال في سائر دول العالم، وهي لن تمنح الشرعية لـ"حزب الله" كي يحتفظ بسلاحه وبقرار الحرب. وإذا ما فشلت هيئة الحوار الوطني في صياغة إستراتيجية دفاعية موحدة للبنان يكون أساسها وضع سلاح "حزب الله" تحت سلطة الدولة وفي خدمتها، وأصر الحزب على أن يفرض موقفه على اللبنانيين عموماً، فإن هذا الحزب سيتحمل حينذاك مع من يدعمه نتائج موقفه هذا وإنعكاساته وعواقبه، سواء على الصعيد الداخلي أو على صعيد التعامل مع الخطر الإسرائيلي ومع الواقع الإقليمي والدولي".
 

بقلم عبد الكريم أبو النصر     

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,790,663

عدد الزوار: 6,915,145

المتواجدون الآن: 102