المساءلة أساس النجاح / بقلم بان كي – مون (•)

تاريخ الإضافة الثلاثاء 22 حزيران 2010 - 5:48 ص    عدد الزيارات 572    التعليقات 0

        


 

المساءلة أساس النجاح / بقلم بان كي – مون (•)

يجتمع هذا الأسبوع في كندا قادة البلدان ذات الاقتصادات الأكبر في العالم. وكثير من الأسئلة التي ستطرح على طاولة مؤتمر القمة ستكون انعكاسا للانشغالات التي تؤرق الأسر في كل مكان.
فهل تغرِق الاضطرابات التي تشهدها منطقة الاورو العالم في هوة عميقة من الكساد؟ وهل يستطيع انتعاش الأسواق الناشئة أن يعوض الانزلاق الذي تعرفه الأسواق الأخرى؟
وهل نحن في صدد الخروج أخيرا، مثل الناجين من إعصار، كي نقف على حجم الأضرار التي أصابت جيراننا وعلى حاجاتهم؟ أم هل نحن واقفون في عين العاصفة؟
إن الجواب عن جميع هذه التساؤلات، إنما يتوقف علينا نحن في الحقيقة، وعلى كيفية تدبيرنا للاقتصاد العالمي في المرحلة المقبلة.
ومن دواعي التفاؤل أن هناك اعترافا متزايدا لدى القادة بالحاجة إلى المزيد من المساءلة.
فعلينا اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نكون مسؤولين أمام الفئات الأكثر ضعفا.
وعلة ذلك واضحة من الناحية الأخلاقية. ففي جميع الأحوال، من دفع أغلى ثمن هم من لا يد لهم في انهيار الاقتصاد العالمي، دفعوه بفقدان الوظائف وارتفاع تكاليف المعيشة وتفاقم التوترات في المجتمع حيث الأسر تصارع لسد نفقاتها.
غير أن المنطق الاقتصادي نفسه يذهب في الاتجاه ذاته. فانتعاش الاقتصاد العالمي رهن اليوم أكثر من أي وقت مضى بتحقيق النمو في البلدان النامية. والذين تضرروا أكثر من غيرهم هم أيضا أفضل أمل لتحريك عجلة الازدهار في المستقبل.
وعلى رغم ما بُذل من جهود كبيرة لتحفيز الاقتصاد في بلدان كثيرة، تشير الدلائل إلى أن هذه الجهود لم تكن دائما تذهب بعيدا لتلبية الحاجات العاجلة لأشد الفئات فقرا وضعفا.
وإننا وإن كنا نلاحظ أكبر قدر من الحيوية في الاقتصادات الناشئة، ففيها نرى أيضا أكبر قدر من المعاناة. والنتيجة أن أعدادا كبيرة من الناس تركت على الهامش.
ففي المناطق النامية، وجد العاملون أنفسهم مضطرين إلى مزاولة وظائف غير قارة. وتضخمت صفوف العاطلين عن العمل على الصعيد العالمي بما عدده 34 مليون شخص، ودخل عدد آخر من النساء والرجال - 215 مليون شخص - في عداد العاملين الفقراء. وللمرة الأولى في التاريخ، صار أكثر من مليار شخص يعانون الجوع في جميع أنحاء العالم.
ولن يكون الانتعاش انتعاشا إذا بقي خبرا يسمع الناس عنه في الصحف. بل لا بد أن يراه العاملون من النساء والرجال في حياتهم وأسباب معيشتهم.
وبعبارة بسيطة، إن الانتعاش الحقيقي هو الذي تظهر آثاره على الاقتصاد المعيشي على أرض الواقع.
ونحن إذ ننظر إلى المستقبل، ترى ما الذي تعنيه المساءلة للناس من الناحية العملية؟
أولا، يجب أن نُساءل عن توفير فرص عمل جيدة. فأزمة الوظائف العالمية تبطئ الانتعاش والتقدم نحو الحد من الفقر في البلدان النامية. ولقد حان الوقت للتركيز على التنمية البشرية والعمل اللائق، وخصوصا الاستثمار في الوظائف الخضراء وفق ما تقتضيه الفطرة السليمة. وبكل بساطة، لا يمكن استدامة الانتعاش الاقتصادي ما لم تنتعش سوق العمل.
ثانيا، يجب أن نتحمل مسؤوليتنا إزاء الفئات الأكثر تضررا من الأزمة، ولا سيما منها النساء. فالنساء في جميع أنحاء العالم هن اللحمة التي تحفظ للأسر والمجتمعات تماسكها. ولذلك فمن أنجع الاستثمارات التي يمكننا القيام بها الاستثمار في صحة الأم والطفل. وفي وسع اجتماع القادة في كندا أن يدعم جهودنا المبذولة على الصعيد العالمي لاعتماد خطة عمل عالمية في شأن صحة المرأة والطفل وتزويدها الموارد.
ثالثا، يجب أن نُساءل عن وعودنا. فقد تعهدت الاقتصادات العالمية الكبرى مضاعفة المعونة الإنمائية المقدمة لأفريقيا وتعزيز التقدم المحرز في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية بحلول سنة 2015. حيث إن زيادة الموارد من شأنها أن تغير مصائر أشخاص ومجتمعات بأكملها.
وإننا ندرك ما الذي ينبغي عمله: الاستثمار في الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، والوفاء بالالتزامات التي قطعت العام الماضي لضمان الأمن الغذائي ومساعدة صغار المزارعين على زيادة الإنتاجية والوصول إلى الأسواق من خلال دعم الخطط الوطنية، والحرص على حصول جميع الأطفال على التعليم الابتدائي.
لقد زرت في الآونة الأخيرة مشروع قرية الألفية في ملاوي، ورأيت بأم عيني كيف تستطيع الاستثمارات المحددة الأهداف والمتكاملة في مجالات الصحة والتعليم والتكنولوجيا أن تحفز نموا لا تخطئه العين. فقبل ثلاث سنوات فقط، كان عدد كبير من الناس يعيشون في القرية على حافة المجاعة. أما اليوم، فهم يبيعون ما فاض عن حاجتهم من الحبوب في أسواق المنطقة برمتها.
إن الاستثمارات الذكية توفر وظائف العمل والفرص التي تنتشر منافعها في الآفاق.
ولا يجوز اتخاذ الارتياب في الوضع الاقتصادي ذريعة لإبطاء وتيرة هذه الجهود. بل إن ذلك مدعاة للتعجيل فيها.
وفي زمن سمته التقشف، يجب أن نتحلى بالحكمة في استخدام مواردنا القليلة. وليست المساءلة عملا خيريا. بل تتبوأ موقع المركز من أي خطة انتعاش منسقة على الصعيد العالمي.
والتركيز على حاجات الفئات الأكثر ضعفا من شأنه أن يحفز النمو الاقتصادي في الوقت الحاضر، ويرسي الأسس لعيش أكثر استدامة ورخاء في المستقبل.
وفي سياق اقتصادنا العالمي المترابط، يتبين أن تحمل المسؤولية على الصعيد العالمي، هو أيضا طريقة ذكية لتحمل المسؤولية في أوطاننا.

بان كي – مون
 

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,472,886

عدد الزوار: 7,030,093

المتواجدون الآن: 66