الحرب الإقليمية "حتمية" ما لم تتراجع إيران.. وأوباما لن يزور اسرائيل مع زعماء عرب

تاريخ الإضافة الثلاثاء 27 نيسان 2010 - 2:41 م    عدد الزيارات 528    التعليقات 0

        

من حقيبة "النهار" الديبلوماسية
الحرب الإقليمية "حتمية" ما لم تتراجع إيران.. وأوباما لن يزور اسرائيل مع زعماء عرب

بقلم عبد الكريم أبو النصر

"تلقت جهات عربية وأوروبية رسمية معلومات مثيرة للقلق عن مضمون المشاورات بين الرئيس باراك أوباما وعدد من رؤساء الدول والزعماء البارزين خلال انعقاد "قمة الأمن النووي" في واشنطن في وقت سابق من هذا الشهر وفي مرحلة مابعد هذه القمة، والتي أظهرت وجود مخاوف أميركية - دولية حقيقية من اندلاع حرب اقليمية في الشرق الأوسط في مستقبل قريب وهي حرب مرتبطة أساساً بالمشروع النووي الايراني، وقد بدأ عدد من الأطراف المعنيين بها في شكل أو  آخر الاستعداد لها بصورة غير معلنة"... هذا ما أفادت به مصادر ديبلوماسية أوروبية في باريس وثيقة الاطلاع على الملف النووي الايراني. وأوضحت أن هذه المعلومات المثيرة للقلق تتضمن المعطيات والمسائل الأساسية الآتية:
أولاً: تكوّن لدى عدد من الزعماء الغربيين اقتناع قوي تم الافصاح عنه خلال هذه المشاورات الأميركية - الدولية بأن المواجهة العسكرية مع ايران ستكون "حتمية" اذا لم تتراجع القيادة الايرانية ولم توقف نشاطاتها ومساعيها لانتاج السلاح النووي التي تشمل توسيع نطاق عمليات تخصيب الأورانيوم في أراضيها، واذا لم يتم التحقق من ذلك بواسطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واذا لم تترافق هذه الخطوة مع انطلاق مفاوضات ايرانية - أميركية - دولية جدية للتوصل الى تفاهم سلمي على البرنامج النووي الايراني وسياسات الجمهورية الاسلامية في الشرق الأوسط.
ثانياً: العقوبات الدولية الاضافية على ايران التي سيتبناها مجلس الأمن في قرار جديد، وتلك التي ستعتمدها لاحقاً دول غربية عدة، ليست هي الوسيلة الوحيدة لمنع الجمهورية الاسلامية من امتلاك السلاح النووي وليست بديلاً من الخيار العسكري، بل انها تشكل تحذيراً سياسياً وديبلوماسياً قوياً لها وقد يكون الأخير لدفع المسؤولين الايرانيين الى التراجع عن خططهم النووية التسلحية قبل تحول الأزمة مواجهة عسكرية جديدة.
ثالثاً: لن تستطيع الدول البارزة والمؤثرة منع اندلاع هذه المواجهة العسكرية التي يمكن أن تقوم بها اسرائيل أو دولة أخرى في حال فشل الحل الديبلوماسي للمشكلة نهائياً، لأن امتلاك ايران السلاح النووي يشكل تهديداً استراتيجياً حقيقياً للخليج العربي وللمنطقة برمّتها وللمصالح الدولية فيها ولأمن اسرائيل ووجودها، ويفتح باب سباق التسلح النووي على نطاق واسع في الشرق الأوسط، ويزيد احتمالات حصول قوى وتنظيمات ارهابية أو متشددة على مواد نووية لاستخدامها ضد دول أو جهات أخرى.
رابعاً: لن تكون الدول الغربية الكبرى مسؤولة عن اندلاع المواجهة العسكرية لأنها أعطت القيادة الايرانية فرصة كاملة لتسوية المشكلة النووية بالوسائل الديبلوماسية فقدمت لها خلال السنوات الأخيرة وخصوصاً منذ وصول الرئيس أوباما الى البيت الأبيض مطلع 2009 عروضاً واقتراحات مغرية عدة لاقناعها بوقف مساعيها لامتلاك السلاح النووي في مقابل تحسين العلاقات الأميركية - الأوروبية - الدولية معها في مجالات مختلفة والاعتراف بحقها المشروع في امتلاك برنامج نووي لأغراض سلمية والاستعداد لدعم هذا البرنامج وتطويره والغاء العقوبات المفروضة عليها. لكن النظام الايراني رفض كل هذه العروض، مما يجعله يتحمل "العواقب الوخيمة" لاصراره على مواصلة نشاطاته لامتلاك السلاح النووي والصواريخ القادرة على حمل رؤوس حربية نووية.
خامساً: المطلوب من ايران لتجنب الحرب المدمرة ولتعزيز أوضاعها الداخلية وعلاقاتها الاقليمية والدولية احترام الضوابط المحددة في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التي وقعّتها والتي تلزمها التعاون الكامل وبشفافية تامة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وكشف كل خفايا وحقائق برنامجها النووي والاجابة عن كل أسئلة الوكالة وتقديم كل الوثائق اللازمة لها والمتعلقة ببرنامجها النووي، وهو ما لم تفعله حتى الآن بطريقة مقبولة لدى الوكالة. ولذلك ترفض هذه حتى اليوم اعطاء ايران "براءة ذمة" لايران واصدار أي تقرير رسمي يؤكد ان البرنامج النووي الايراني هو لأغراض سلمية وليس لأغراض عسكرية. وكما قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي: "ان المواجهة العسكرية مع ايران بسبب برنامجها النووي هي التي ستزيد معاناة الشعب الايراني أكثر من أي عقوبات دولية تفرض على هذا البلد وقيادته".
سادساً: لن تقع هذه المواجهة العسكرية بعد نجاح ايران في صنع أول قنبلة نووية بل انها ستقع قبل بلوغ هذه المرحلة الخطرة، وحين يمتلك الايرانيون القدرات اللازمة لانتاج القنبلة، أي في موعد أقصاه سنة وفقاً لتقديرات الخبراء الأميركيين والفرنسيين. وهذا يعني أن المواجهة العسكرية يمكن أن تحصل في الأشهر المقبلة وهي لن تكون مواجهة ثنائية اسرائيلية - ايرانية أو أميركية - ايرانية بل ستكون ذات طابع اقليمي فتشمل الساحات اللبنانية والسورية والفلسطينية وربما ساحات أخرى، مما يشكل تهديداً بالغ الخطورة للأمن والسلم الدوليين يدفع الى اتخاذ اجراءات دولية استثنائية، على غرار ما يجري لدى نشوب حروب كبرى، و"أزمة الصواريخ" بين واشنطن ودمشق جزء من المعركة الايرانية - الدولية الحالية.
أوباما محامي السلام والمصالح الأميركية
ما هي انعكاسات هذه المخاوف الغربية من أخطار امتلاك ايران السلاح النووي واحتمالات نشوب حرب جديدة على الأزمة الأميركية – الاسرائيلية؟ وهل تشجع ادارة أوباما على طرح خطة سلام لحل النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي والعمل على فرضها على الطرفين المعنيين أم لا؟... مصادر ديبلوماسية أوروبية معنية مباشرة بهذا الملف أوضحت لنا "ان الواقع الايراني - الاسرائيلي - الاقليمي الخطر والشديد التعقيد يضع قيوداً على الادارة الأميركية ويحد من قدرتها على العمل من أجل تحقيق الانجازات السلمية التي تتمنى تحقيقها". وركزت هذه المصادر على الأمور الأساسية الآتية:
أولا: الواضح أن أوباما هو أكثر حزماً وتشدداً مع الحكومة الاسرائيلية من رؤساء أميركيين آخرين وأن ادارته تحرص، خلافاً لادارات سابقة، على التشدد علناً في مسألة مهمة وحساسة جداً هي أن استمرار النزاع العربي - الاسرائيلي يثير المشاعر المعادية لأميركا في الشرق الأوسط بسبب التحالف الأميركي - الاسرائيلي الوثيق، وان هذا الوضع "ينعكس سلباً على المصالح الأميركية الحيوية والأمنية والاستراتيجية بل انه يهددها"، وان تحقيق السلام تالياً "مصلحة أميركية أساسية وحيوية". وتسليط الأضواء على هذه المسألة يثير انزعاج الاسرائيليين ويشكل عامل ضغط عليهم لأنه يهدف الى ايجاد رأي عام أميركي رافض للسياسات الاسرائيلية المتشددة.
ثانياً: أوباما صادق في رغبته في انجاز السلام ويتصرف على أساس ان لديه مهمة مزدوجة في الشرق الأوسط تتمثل، من جهة، في تحقيق السلام الفلسطيني - الاسرائيلي تمهيداً لانجاز السلام العربي - الاسرائيلي الشامل، ومن جهة ثانية في منع ايران من امتلاك السلاح النووي معتمداً في ذلك على كل الخيارات، بما فيها الخيار العسكري "ملاذاً أخيراً". وقد ذهبت ادارة أوباما، لدى اعلانها استراتيجيتها النووية الجديدة هذا الشهر، الى حد الاحتفاظ بخيار توجيه الضربة النووية ضد ايران وكوريا الشمالية في حال رفضهما التزام معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وتشكيلهما تهديداً خطراً للمصالح الحيوية الأميركية.
ثالثاً: يدرك أوباما تماماً، نتيجة اتصالاته مع الزعماء العرب المعتدلين ومع عدد من الزعماء الأوروبيين، أن الاكتفاء بدور "محامي اسرائيل" والدفاع عن كل سياساتها وأعمالها، أيا تكن، سيؤديان الى تجميد عملية السلام وسيمنعان بدء أي نوع من المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية مما يشكل ضربة قاسية للدور الأميركي في المنطقة. ولذلك يتحرك حالياً على أساس أنه "محامي السلام" و"محامي المصالح الأميركية" التي تتجاوز اطار التحالف مع اسرائيل، وهو ما دفعه الى تقديم مجموعة مطالب محددة الى حكومة بنيامين نتنياهو تشكل نوعاً من برنامج عمل لاطلاق عملية تفاوضية جديدة. وأبرز هذه المطالب: تجميد البناء الاستيطاني، وتوسيع نطاق وجود السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، واطلاق عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين وتسليمهم الى السلطة، واجراء مفاوضات غير مباشرة ثم مباشرة مع المسؤولين الفلسطينيين تتناول كل القضايا الكبرى العالقة، وتحديد فترة سنتين لانهاء هذه المفاوضات، وتوقيع اتفاق سلام فلسطيني - اسرائيلي تنشأ بموجبه الدولة الفلسطينية الجديدة. واذا ما رفض نتنياهو تنفيذ هذه المطالب أو عدد منها فانه يتحمل حينذاك مسؤولية فشل جهود السلام.
رابعاً: يريد أوباما "انقاذ اسرائيل من تشددها وتصلبها" ومساعدتها على الاندماج تدريجاً في منطقة الشرق الأوسط واقامة علاقات طبيعية بينها وبين الدول العربية من خلال انجاز السلام الشامل مع الفلسطينيين والعرب. لكن العقبة الأساسية التي تواجه الرئيس الأميركي هي أن نتنياهو يعطي الأولوية "لانقاذ اسرائيل من الخطر الايراني النووي" وليس لتحقيق السلام مع الفلسطينيين والعرب. ولو أن نتنياهو يريد فعلاً التعاون مع ادارة أوباما لكان اتفق مع حزب "كاديما" بزعامة تسيبي ليفني على تشيكل حكومة ائتلافية جديدة تركز جهودها على انجاز السلام مع الفلسطينيين ولكان أخرج من حكومته وزراء حزبي "شاس" و"اسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان المعارضين لأي صفقة سلام مع الفلسطينيين. وتؤيد ادارة أوباما سراً تشكيل حكومة اسرائيلية جديدة تضم نتنياهو وليفني معاً لأنها على اقتناع بأن حكومة كهذه ستساعد على اطلاق عملية تفاوضية جديدة مع الفلسطينيين وعلى احراز تقدم ملموس فيها.
خطة السلام وزيارة اسرائيل
ماذا سيفعل أوباما لتجاوز هذا المأزق؟
مسؤول أوروبي مطلع عاد أخيراً من واشنطن قال لنا ان أوباما ليس راغباً في أن تتحول الأزمة الحالية مع حكومة نتنياهو مواجهة حقيقية بين أميركا واسرائيل، وليس راغباً في فرض أي نوع من العقوبات على الدولة العبرية أو تقليص المساعدات الأميركية لها لأنه أساساً ليس قادراً على ذلك بسبب معارضة الكونغرس وقوى نافذة أخرى لأي خطوة كهذه. الواقع أن ادارة أوباما تتصرف على أساس أن تحقيق السلام ليس مسؤولية أميركا وحدها بل انها خصوصاً مسؤولية الاسرائيليين والفلسطينيين والعرب المعنيين مباشرة بالنزاع، وأنها ستبذل أقصى جهودها لاطلاق عملية تفاوضية جديدة، لكنها لن تتخذ القرارات الصعبة والضرورية لانجاز السلام نيابة عن الفلسطينيين والعرب والاسرائيليين... وأكد لنا ديبلوماسي أميركي مطلع "أن الرئيس أوباما لم يقطع لأي زعيم عربي أو أوروبي وعداً في أي يوم من الأيام بأنه سيفرض السلام فرضاً على الاسرائيليين والفلسطينيين. ويعتقد الرئيس الأميركي أن أفضل وسيلة للضغط على حكومة نتنياهو هي معاودة المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية غير المباشرة ثم المباشرة في ظل الرعاية الأميركية الناشطة والفاعلة. ولذلك تعمل الادارة الأميركية على اقناع الطرفين باتخاذ اجراءات لبناء الثقة بينهما تمهد لانطلاق المفاوضات وتشمل وقف البناء الاستيطاني والامتناع عن اتخاذ خطوات أحادية الجانب في القدس". واعترف الديبلوماسي الأميركي "بوجود مناقشات واسعة داخل ادارة أوباما في شأن الخيارات المحتملة والممكنة لتأمين معاودة المفاوضات ومنها خيار طرح خطة سلام أميركية لحل النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي. ولكن لم يتخذ أي قرار رسمي بطرح خطة سلام أميركية في المرحلة المقبلة لأن ذلك يعني الدخول في مواجهة حقيقية مع حكومة نتنياهو، وهو ما يريد الرئيس الأميركي تفاديه".
وأفادت مصادر ديبلوماسية أوروبية مطلعة أن زبيغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي للرئيس السابق جيمي كارتر وأحد المقربين من الادارة الأميركية الحالية، طرح فعلاً على أوباما فكرة اقدامه على "خطوة دراماتيكية" جريئة لاحداث اختراق سلمي كبير تتمثل في زيارة الرئيس الأميركي اسرائيل والضفة الغربية مع بعض الزعماء العرب والأجانب من أجل دفع المسؤولين الفلسطينيين والاسرائيليين الى معاودة المفاوضات في ظل رعاية أميركية - دولية توصلاً الى اتفاق سلام نهائي فلسطيني - اسرائيلي. وأكدت المصادر أن أوباما يرفض القيام بأي مبادرة دراماتيكية كهذه أو مماثلة لها ما لم يضمن سلفاً وجود استعداد لدى حكومة نتنياهو للتفاوض جدياً مع الفلسطينيين، كما أن أي زعيم عربي لن يقبل بزيارة اسرائيل مع الرئيس الأميركي ما لم يتم التوصل أولاً الى اتفاق سلام فلسطيني - اسرائيلي أو ما لم يتم على الأقل تحقيق اختراق سلمي كبير... ولخص ديبلوماسي أوروبي مطلع الوضع قائلاً: "ان احتمالات نشوب حرب جديدة في الشرق الأوسط أكبر بكثير من احتمال احراز تقدم جدي على صعيد حل النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي، أو بدء ايجاد حل لهذا النزاع".
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,799,515

عدد الزوار: 6,915,637

المتواجدون الآن: 91