المعركة الجديدة للإستقلاليين مع الأسد... فريق 8 آذار نقطة الضعف في العلاقة مع سوريا

تاريخ الإضافة الثلاثاء 20 نيسان 2010 - 5:27 م    عدد الزيارات 543    التعليقات 0

        

من حقيبة "النهار" الديبلوماسية
المعركة الجديدة للإستقلاليين مع الأسد... فريق 8 آذار نقطة الضعف في العلاقة مع سوريا

بقلم عبد الكريم أبو النصر   

"دبلوماسي أوروبي بارز زار أخيراً بيروت ودمشق رفع إلى حكومته تقريراً عن محادثاته واتصالاته شدد فيه على إن تحسين العلاقات اللبنانية - السورية يصطدم بعقبتين أساسيتين: العقبة الأولى هي عدم وجود برنامج وطني لبناني موحد للتفاوض فعلاً حول القضايا العالقة مع نظام الرئيس بشار الأسد وللتوصل معه إلى تفاهمات محددة تؤدي إلى "تطبيع" العلاقات جدياً بين البلدين، بل أن ثمة برنامجين لبنانيين مختلفين للتعامل مع السوريين: الأول تتمسك به الحركة الإستقلالية والثاني يتمسك به حلفاء دمشق. والعقبة الثانية هي أن فريق 8 آذار المرتبط بدمشق يشكل نقطة ضعف وليس نقطة قوة في التعامل مع القيادة السورية، ذلك إن هذا الفريق يعطي الأولوية لتبني المواقف والمطالب السورية ويتصرف كأنه محامي المصالح السورية والنفوذ السوري في لبنان وليس المدافع عن المصالح اللبنانية المشروعة. وأوضح الدبلوماسي الأوروبي في تقريره إن ما يؤمن قوة الدفع لتجاوز هاتين العقبتين ولتحقيق إنجازات ملموسة هو وجود تفاهم على القضايا الأساسية المفترض معالجتها مع النظام السوري بين زعماء الحركة الاستقلالية التي تدعمها الغالبية العظمى من اللبنانيين والتي تضم فريق 14 آذار وحلفاءه والرئيسين ميشال سليمان وسعد الحريري ورئيس "اللقاء الديمقراطي" وليد جنبلاط، وهو أيضاً وجود دعم أميركي - فرنسي - سعودي - عربي - دولي واسع لضرورة إقامة علاقات طبيعية بين لبنان وسوريا كدولتين مستقلتين تتمتع كلتاهما بالسيادة على أراضيها وقراراتها".... هذا ما أدلت به مصادر دبلوماسية أوروبية وثيقة الإطلاع في باريس. ونقلت عن الدبلوماسي الأوروبي في تقريره إلى حكومته أن حلفاء دمشق يعطون صورة خاطئة عن انفتاح الرئيسين سليمان والحريري وقادة الحركة الاستقلالية على نظام الأسد، إذ يقولون إن هذا الانفتاح يهدف إلى إعادة الارتباط القوي الوثيق بين لبنان وسوريا كما كان سابقاً، ويتجاهلون عمداً المطالب المحددة التي يناقشها رئيسا الجمهورية والحكومة مع الأسد والهادفة إلى إقامة علاقات جديدة سليمة وصحيحة وعلى أساس المساواة بين البلدين تؤمن حقوق اللبنانيين المشروعة وتمنع إخضاعهم مجدداً للهيمنة السورية... وركز تقرير الدبلوماسي الأوروبي على النقاط والمسائل الآتية التي توضح حقيقة موقف حلفاء دمشق من مسار العلاقة اللبنانية - السورية:
أولا: يتصرف فريق 8 آذار على أساس أن المطالب التي يناقشها الرئيسان سليمان والحريري مع الأسد ليست مطالب جميع اللبنانيين بل مطالب فريق واحد، على رغم انها واردة في البيان الوزاري للحكومة الحالية أو تم التفاهم عليها في مؤتمر الحوار الوطني عام 2006 وتلقى دعماً من الغالبية العظمى من اللبنانيين. وتدعو هذه المطالب إلى معالجة القضايا الأساسية الآتية العالقة مع سوريا: ترسيم الحدود وضبطها ومنع التسلل والتهريب على أساس إن هذه الخطوة تؤدي إلى تثبيت الاستقلال اللبناني عن سوريا وتكمل تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، تكريس لبنانية منطقة شبعا رسمياً وخطياً من أجل تسهيل استعادتها بالوسائل الدبلوماسية، معالجة مشكلة السلاح الفلسطيني غير الشرعي خارج المخيمات، تسوية قضية المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في سوريا، إعادة النظر في الاتفاقات الموقعة بين البلدين خلال سني الهيمنة السورية على لبنان أو تعديلها، إعادة النظر في معاهدة الإخوة والتعاون والتنسيق الموقعة بين البلدين في أيار 1991 والتي تنص خصوصاً على تشكيل مجلس أعلى مشترك يدير عمليا ويوجه شؤون البلدين.
ثانياً: يرفض فريق 8 آذار أن يستخدم علاقاته الوثيقة مع نظام الأسد لدعم مواقف سليمان والحريري ولدفع النظام السوري إلى معالجة القضايا العالقة وإيجاد حلول لها تؤمن مصالح اللبنانيين وتعزز استقلالهم وسيادتهم وتمهد لإقامة "أفضل العلاقات" بين البلدين، بل إن فريق 8 آذار يدعم الموقف السوري في المحادثات مع المسؤولين اللبنانيين ويتبنى وجهات نظر نظام الأسد في ما يتعلق بالمطالب اللبنانية المطروحة.
ثالثاً: يخوض فريق 8 آذار معارك النظام السوري في لبنان ويعطي الأولوية لمحاولة تعزيز النفوذ السوري مجدداً في هذا البلد وليس لتكريس الاستقلال اللبناني، ويرفض تبني أي مطلب لبناني يضعف نفوذ دمشق أو يسبب إزعاجاً لنظام الأسد ويتصرف على أساس إن تأمين المصالح السورية أكثر أهمية من تحقيق المطالب المشروعة التي تدعمها الغالبية العظمى من اللبنانيين.
لبنان "مسألة داخلية سورية"
رابعاَ: يريد فريق 8 آذار، من خلال أعماله وممارساته وقراراته ومواقفه، أن تبقى المسألة اللبنانية بمعطياتها ومكوناتها المختلفة مجرد "مسألة داخلية سورية " بحيث يحدد نظام الأسد وحده وبالتشاور مع حلفائه الخطوات والإجراءات الضرورية اللازمة لتنظيم العلاقات بين البلدين. ويهدف هذا الموقف إلى جعل لبنان دولة ذات استقلال منقوص وسيادة شكلية غير حقيقية في تعاملها مع سوريا كما كان الحال خلال سني الهيمنة.
خامساً: يرى فريق 8 آذار أن دعم مجلس الأمن وأميركا وفرنسا والسعودية ومصر ودول عربية وإقليمية وأجنبية عدة للمطالب المشروعة للاستقلاليين في تعاملهم مع نظام الأسد "يشكل موقفاً سلبياً من سوريا ومعادياً لها" لأن هذا الدعم الدولي - العربي يهدف أساساً إلى تقليص النفوذ السوري في لبنان. وكما قال هذا الدبلوماسي الأوروبي: " إن الاستقلاليين اللبنانيين لم يطلبوا تدخل الدول العربية والأجنبية إلى جانبهم من أجل اعتماد سياسة العداء والمواجهة مع سوريا، ذلك أنهم يريدون فعلاً فتح صفحة طبيعية جديدة معها، ولذلك فهم يرحبون بدعم هذه الدول وكذلك مجلس الأمن للبنان المستقل ولجهودهم الهادفة إلى حماية بلدهم من أي أعمال وممارسات سورية سلبية خطرة، كما أنهم يرحبون بمساندة هذه الدول للمطالب اللبنانية التي يطرحها الرئيسان سليمان والحريري في محادثاتهما مع الأسد".
سادساً: يحرص فريق 8 آذار على محاولة "استعادة" لبنان من المجتمع الدولي والشرعية الدولية و "إخراجه" من دائرة الحماية الدولية والعربية الواسعة له من أجل تقليص استقلاله وسيادته إلى أدنى حد وإخضاعه مجدداً لمتطلبات السياسات والخطط السورية - الإيرانية. وهذا ما يجعل حلفاء دمشق يتخذون مواقف معادية من قرارات مجلس الأمن الداعمة للبنان المستقل.
سابعاً: الدعم "الخارجي" الوحيد للبنان المقبول لدى فريق 8 آذار هو دعم المحور السوري - الإيراني له والذي يتركز خصوصاً على مساندة مشروع المقاومة المسلحة وإبقاء السلاح وتالياً قرار الحرب في أيدي "حزب الله"، كما يتركز على إبقاء لبنان ساحة مواجهة مفتوحة مع إسرائيل ودول أخرى خدمة للمصالح السورية - الإيرانية في الدرجة الأولى. ومثل هذا التوجه لحلفاء دمشق يتجاهل المطالب الحيوية والمعيشية للبنانيين وحاجاتهم الملحة إلى الأمن والاستقرار والسلم الأهلي والى حماية الدولة القوية بمؤسساتها الشرعية وتطلعهم إلى تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وتطويرها من أجل أن يتمتعوا بحياة طبيعية آمنة ومستقرة بدل الاندفاع من حرب مدمرة إلى أخرى من دون تحقيق أي مكاسب.. وأشار الدبلوماسي الأوروبي في تقريره إلى أن مواقف فريق 8 آذار هذه تشجع نظام الأسد على التباطؤ كثيراً في الاستجابة للمطالب اللبنانية المشروعة وتسوية القضايا العالقة، وهو ما يؤدي إلى تأخير "التطبيع" الحقيقي الواسع بين لبنان وسوريا.
سوريا وانتصار الاستقلاليين
وأورد الدبلوماسي الأوروبي في تقريره "أن انفتاح الحركة الاستقلالية على دمشق ينطلق من الحرص على طي صفحة الهيمنة السورية وعلى رفض منطق التبعية في التعامل مع نظام الأسد، ويقوم على أساس رفض ضم لبنان إلى المحور السوري - الإيراني، ويهدف إلى تحسين العلاقات مع سوريا من خلال تسوية المشاكل العالقة بين البلدين من طريق الحوار والتفاهم وليس  الإملاءات والضغوط من أجل تأمين مصالح البلدين معاً وليس مصالح السوريين في الدرجة الأولى. وهذا التوجه الاستقلالي يتناقض مع ما يحاول فريق 8 آذار تحقيقه".... وأضاف التقرير الدبلوماسي "أن انفتاح الحركة الاستقلالية على سوريا ليس خضوعاً لنظام الأسد ومطالبه وشروطه، ولم يحصل نتيجة تفويض دولي – عربي جديد حصل عليه النظام السوري لإدارة شؤون لبنان كما يردد حلفاء دمشق، بل إن الوقائع تثبت إن سعي الرئيسين سليمان والحريري والاستقلاليين عموماً إلى إقامة علاقات جيدة ومتينة مع سوريا وتجاوز مرحلة المواجهة والعداء مع قيادتها، تأتي أساساً نتيجة طبيعية لانتصار الاستقلاليين في معركتهم السياسية والشعبية والموطنية مع نظام الأسد. وانفتاح الاستقلاليين على دمشق المدعوم دولياً وعربياً يهدف إلى دفع نظام الأسد إلى التعاون في مختلف المجالات مع لبنان على أساس إنه دولة مستقلة ذات سيادة وليس على أساس إنه جزء من الأراضي السورية أو الطموحات السورية. كما أن هذا الانفتاح يهدف إلى تكريس انتصار الاستقلاليين الذي حقق للبنان واللبنانيين الإنجازات والمكاسب الأساسية الآتية:
أولاً: إنهاء الوجود العسكري والأمني والمخابراتي السوري الواسع في لبنان وتصفية النظام الأمني المشترك اللبناني - السوري بالوسائل السلمية وليس بالقوة المسلحة وذلك إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وانتفاضة الاستقلاليين. ونفوذ سوريا في لبنان اليوم مختلف جذرياً عنه طوال سني هيمنتها على هذا البلد، ذلك إن نظام الأسد لم يعد يتحكم باللبنانيين ويتخذ القرارات نيابة عنهم ويحدد مصيرهم ومسار توجهاتهم.
ثانياً: تأمين حماية دولية وعربية واسعة وجدية للبنان المستقل، وهي حماية تكرسها مجموعة كبيرة من قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وتجعل الممارسات والأعمال السورية في الساحة اللبنانية خاضعة للمراقبة والمحاسبة وتمنع نظام الأسد من التصرف كما يريد في هذا البلد كما كان يفعل سابقاً. وهذه الحماية هي التي تجعل الملف اللبناني حاضراً في محادثات المسؤولين السوريين مع مسؤولي الدول العربية والأجنبية المعنية بمصير لبنان، وهو ما يثير انزعاج نظام الأسد.
ثالثاً: إنهاء مرحلة الإفلات من العدالة ووضع حد لاستخدام سلاح الاغتيالات لتصفية الخصوم السياسيين وخصوصاً الشخصيات الوطنية الاستقلالية من دون أي محاسبة أو عقاب، وهو ما كرسه تشكيل لجنة تحقيق دولية ثم محكمة خاصة بلبنان مهمتهما كشف حقائق عمليات اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه واستقلاليين آخرين تمهيداً لمعاقبة المخططين لهذه الجرائم والمتورطين فيها. وهذا الإنجاز الكبير غير المسبوق في تاريخ الشرق الأوسط تحقق نتيجة جهود الاستقلاليين ودعم دول عدة لهم وضد إرادة حلفاء دمشق. وقد فشلت كل المحاولات التي جرت خلال السنوات الأخيرة لعقد "صفقة ما" على حساب العدالة تؤدي إلى عرقلة عمل المحكمة، لأن الدول البارزة المعنية بالأمر على اقتناع بأن "الخضوع للترهيب يدمر لبنان" وبأن كشف الحقيقة وتأمين العدالة هما اللذان يؤمنان الاستقرار في الساحة اللبنانية وليس التغطية على المتورطين في هذه الجرائم الإرهابية.
رابعاً: نجح الاستقلاليون في إيجاد أو تفجير رأي عام استقلالي شجاع واسع يشمل مختلف الطوائف في لبنان ويعكس إرادة الغالبية العظمى من اللبنانيين الرافضين الخضوع لمنطق القوة المسلحة. وهذا الرأي العام الاستقلالي الذي تتضح قوته في الانتخابات النيابية وغير النيابية وفي مناسبات عامة عدة، يشكل نوعاً من الدرع الشعبية والوطنية التي تحمي لبنان من أي محاولة مباشرة أو غير مباشرة لإخضاعه مجدداً للوصاية أو للهيمنة الإقليمية المهددة لوحدته الوطنية ولسلمه الأهلي ولمصالحه الحيوية المشروعة. وكما قال الدبلوماسي الأوروبي: "إن بروز رأي عام استقلالي قوي يعكس بوضوح رفض اللبنانيين بغالبيتهم العظمى أن يكون لبنان دولة قاصرة أو فاشلة عاجزة عن إدارة شؤونها من دون طلب مساعدة وصي يفرض عليها شروطه ومطالبه ويتحكم بها كما يريد".
وخلص إلى: "أن حلفاء دمشق يخوضون في الواقع ومنذ عام 2005 معركة أساسية واحدة هي معركة إعادة ربط لبنان بسوريا في مختلف المجالات. أما الاستقلاليون فإنهم يخوضون "معركة" جديدة ولكن من نوع آخر مع سوريا تتركز على محاولة إقناع قيادتها، من طريق الحوار والمصارحة، بأن إنهاء حال العداء والمواجهة وتحقيق المصالحة التاريخية بين البلدين يتطلبان تحسين العلاقات اللبنانية - السورية وتطويرها على أساس المساواة والاحترام المتبادل وتقبل حق اللبنانيين المشروع في الاستقلال والسيادة والأمن والاستقرار، وحقهم كذلك في إنهاء دور بلدهم ساحة مواجهة مفتوحة تستخدمها جهات إقليمية وتجلب لأبناء هذا البلد الدمار والخراب. والفارق كبير وجوهري بين معركة حلفاء دمشق ومعركة الاستقلاليين".
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,058,000

عدد الزوار: 6,932,617

المتواجدون الآن: 84