بعد التهويد... هل تأتي الـ•••؟!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 13 نيسان 2010 - 6:17 م    عدد الزيارات 616    التعليقات 0

        

عبد اللطيف درزي

التتريك، التهويد، الفرسنة، ثلاث مفردات تتقاطع معانيها وتتواكب أهدافها حول منظومات فكرية سياسية وإيديولوجية يرتكز بناؤها على عمليات حثيثة ذي شهوة استئصاليه واجتثاثية وتزويرية لتاريخ وحضارة أمة من الأمم الحيّة المعرضة لهكذا نوع من الإبادة الفكرية والثقافية•... ما برحت بلاد العرب وخيراتها وثرواتها الطبيعية محط أطماع الإمبراطوريات والدول الكبرى التي تصنع التاريخ وتفصّله على قياس مصالحها وأهوائها ومراميها الكولونيالية بعيدة المدى منذ قرون خلت، فبعدما كان العرب صنّاع التاريخ ومروّضيه وقاهري الجغرافيا وتضاريسها العنيدة أضحوا اليوم، وبسبب تناحرهم واختلافاتهم، جسراً يعبره الغزاة والطامعون، وقضاياهم أوراقاً مالية للمزايدة على موائد حكماء الأرض وحكّامها•
الغاية من هذه المقدمة وبعض هذا السرد التاريخي الموجز لسياق تسلسل الأحداث التي عصفت وتعصف بالجسد العربي هي التوطئة لسؤال كبير يقارب قضايا ومسائل غاية في الأهمية والخطورة تطال وحدة العرب وأراضيهم وتنال من ماضيهم وحاضرهم وحقهم في الوجود وممارسة سيادتهم على أقطارهم الممتدة طولاً وعرضاً على الخريطة الكونية•
السؤال بحجم التهديدات والأخطار المحدقة بهذا الوطن والتي تلفّه من محيطه إلى خليجه العربي (العربي رغم أنف المتطاولين والمشككين بعروبته) وهو ما الفرق بين سياسة التهويد العنصرية التي تمارسها الدولة العبرية عبر تغيير معالم المدن والقرى الفلسطينية المحتلة والمساس بمقدساتها الدينية الإسلامية والمسيحية على حدّ سواء•..هذه السياسة التمييزية، العنصرية، الصهيونية التي تعمل على تهويد الأرض العربية وإحلال مسميات عبرية عليها بدل المسميات العربية، وآخرها إعلان إسرائيل الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال معالم تراثية وثقافية إسرائيلية، والذي جاء متزامناً ومتكاملاً مع إطلاق الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد المزيد من المغالطات التاريخية بشأن الخليج العربي••• والفرق بين المخطط الفارسي القديم - الجديد الذي يستهدف تغيير المسمّيات العربية في المنطقة ليستبدلها بأخرى فارسية، وتأكيده - أي الرئيس الإيراني - على السيادة الأبدية لبلاده على الجزر الإماراتية العربية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) المحتلة منذ أيام النظام الشاهنشاهي•
 الرئيس الإيراني المتربع على عرش كبرى الجمهوريات الإسلامية المشاطئة لبعض الدول العربية يبتهر في كلمة ألقاها في ميناء بندر عباس المطل على الخليج بإعلانه أن الخليج العربي هو فارسي، وكذلك سيبقى إلى الأبد• كلام مسؤول صادر عن شخصية تملك ناصية الحكم وزمام الأمور في بلدها ينمّ عن طوفان منسوب الحقد المخزون في الوجدان الفارسي ضد العرب•
بماذا تُفسّر قرارات هيئة المساءلة العراقية التي تعمل بوحي وإيعاز من أجهزة الاستخبارات الإيرانية <اطلاعات> التي استبعدت مئات المرشحين للانتخابات النيابية بذريعة علاقتهم بحزب البعث أو الترويج له، لا بل حرمت كل مرشح يفوح منه عبق العروبة وحب الأرض•... إن سيطرة إيران على القرار السياسي العراقي واضحة المعالم وهي لا تتورع في سبيل تنفيذ مخططاتها التآمرية عن رش الزيت على نار التناحر والتقاتل المذهبي بين أخوة الدين الواحد من الشيعة والسنّة، فقد أصبح دينها وديدنها تحويل الشيعة إلى رعايا تابعين لولاية فقيهها وجاليات مبعثرة في أرجاء الوطن العربي، سياسة استعمارية كريهة فرّق تسد•
إسرائيل تقضم وتضم المزيد من الأراضي العربية، وكذلك إيران تبتلع وتهضم هي الأخرى أجزاء وأجزاء من بلاد العرب، رافعة شعار الأخوّة الإسلامية ووحدة المصير والتاريخ المشترك الذي ما عرف مهادنة قط بين العرب والفرس من القادسية المجيدة إلى اليوم، إنه حقد التاريخ العامر بالصدور الفارسية ولعنة الجغرافيا العراقية•
تهويد في القدس والضفة وفرسنة في الخليج العربي حتى أن الكره للعرب والعروبة أصبح مفخرة لبعض النواب اللبنانيين الذي اعتبر العروبة مدخلاً للاستعمار، فيبدو انه أكثر حباً للإيرانيين وجنفاً عن العرب، مفارقة عجيبة غريبة!!•
إن ما يجري على أرض الرافدين ما هو إلا امتداد للحركة العباسية التي كانت عبارة عن حركة موالي للانتقام من العرب والقضاء على دولتهم، وقد طبّق أبو مسلم في خراسان هذه السياسة المعادية للعرب تطبيقاً حرفياً، فقتل في بضع سنين ستمائة ألف رجل غيلة بغير قتال*•... إن أهل الحكم في طهران يحاولون ويسعون جاهدين لإرجاع العرب إلى الصحراء يرعون الإبل من جديد، فيما هم منشغلون بتطوير قدراتهم النووية والعسكرية لتساير أطماعهم التي لا قرار لها، هذا يجعلنا نستذكر ما جاء في رسالة إبراهيم الإمام زعيم الدعوة العباسية إلى وكيله أبي مسلم بقوله: <إن استطعت ألا تدع بخراسان أحداً يتكلم بالعربية إلا قتلته فافعل، وأيما غلام بلغ خمسة أشبار فاقتله، عليك بمُضَر فانهم العدو القريب الدار فأبِد خضراءهم ولا تدع في الأرض منهم دياراً*، سياسة تُحاكي اليوم في همجيتها الصلف الإسرائيلي في الأراضي المحتلة الذي يعمل هدماً وتدميراً للمنازل وحرقاً للأراضي الزراعية والأشجار المعمرة المثمرة•
إنها حركة التاريخ ودورته الطبيعية وصيرورته، فهو لا يرحم أحداً، فها هم خرسانيو العراق يعودون مجدداً للانقضاض على العرب ودولتهم وسحق آخر ما تبقى لهم من مجد تليد، إنهم يمحون ويعفّرون وجه القادسية بالتراب، الدولة العبرية تنفخ بالبوق احتفاءً بعيد الغفران والإمبراطورية الفارسية تُضرم النيران تكريماً لعيد النيروز والعرب يحترقون، فبعد التهويد هل تأتي الفرسنة، فالعهد ما زال قائماً بين قورش العظيم وأستير، إنها رقصة النار والهواء الأزلية، فهل من مُجير؟•

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,120,408

عدد الزوار: 6,754,455

المتواجدون الآن: 107