الرئيس السنيورة تعبير واضح وانجاز غائب

تاريخ الإضافة الخميس 20 تشرين الثاني 2008 - 7:03 ص    عدد الزيارات 969    التعليقات 0

        

 بقلم مروان اسكندر
في افتتاح المؤتمر المصرفي العربي السنوي صباح الخميس الماضي توجه الرئيس فؤاد السنيورة بكلمة ترحيب وتقويم، وكان كلامه واضحا ومفيدا... وبعد الترحيب المعهود والتأكيد ان بيروت تحتضن العمل الخلاق، كما الفكر والنقاش، شرح اسباب الازمة المالية العالمية ومخاطر تحوّلها ازمة انكماش طويلة الامد.
ومن أجل تفادي الانكماش، دعا رئيس الوزراء اللبناني الدول العربية الى انجاز مشاريع تكاملية تشمل شبكات الطرق، والقطارات، والمرافئ، الخ... شرط تسهيل عمليات التبادل التجاري وتحريرها من القيود الادارية التي تساهم في ضمور المبادلات. ونبه الى ضرورة اعتماد سياسات تمكن من التغلب على تأثيرات الانكماش.
لا شك في ان الافق الفكري للكلمة كان واسعاً وشاملاً ومفيداً، ولهذا السبب بالذات يجب التوجه الى الرئيس السنيورة بالسؤال: لماذا لم تتعرض الحكومة اللبنانية، الحالية والتي سبقتها وواجهت خسائر حرب عاتية واعتصام مشين، الى اختبار تنفيذ برامج تحفيزية وإعفاءات ضريبية وقروض تسهيلية؟
العالم بأسره تقريباً، ويوماً بعد يوم، يقر اجراءات القصد منها ايقاف التدهور المالي، والحيلولة دون تحول الانكماش المتفشي كساداً مستحكماً.  فغالبية الدول التي اقدمت على اجتراح برامج لمواجهة العاصفة العاتية هي دول صناعية متقدمة وغنية كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا واسبانيا ونروج واليابان وكوريا الجنوبية والصين واوستراليا ونيوزيلندا، وقبلها جميعا ايرلندا، البلد الاوروبي الصغير الذي كان الاكثر انتعاشا طوال مدى عشرين سنة.
عانى لبنان خلال السنتين المنصرمتين خسائر ضخمة نتيجة حرب 2006، فدمّرت خلال ذلك الصيف مصانع ومدارس ومؤسسات سياحية، واتبعت الحرب باعتصام في وسط بيروت أدى الى اقفال 200 مؤسسة صغيرة ومتوسطة... انحصر الجهد الحكومي لمعالجة تلك الخسائر في تأمين تعويضات لمن تهدمت منازلهم كليا أو جزئياً، ولإصلاح شبكات الكهرباء والمياه. وقد ساهمت مبادرات دولتي الامارات وقطر في اعادة بناء قرى دمرت بكاملها، وفي اعادة ترميم المساجد والمدارس في القرى المعنية.
كان الاقتصاد في حاجة ملحة الى برنامج انمائي تحفيزي موسع ومكثف، ولم نشهد من ذلك إلاّ أقل من القليل.  واليوم يمر العالم بأعتى ازمة مالية واجهها منذ 1929. لكن الوجه الثاني والأخطر لهذه الازمة هو توسع نطاق الانكماش وارتفاع نسب البطالة وتدني حكم التجارة، وانحسار الاستثمار الى حد بعيد، وتوجه بعض الدول نحو اعتماد سياسات حمائية عسى ألا تتوسع فيخسر العالم الفائدة الاساسية من العولمة، الا وهي توسّع مجاري التجارة العالمية وزيادة حصة الدول النامية من هذه الحركة... في الوقت الذي يدعو الرئيس السنيورة الى تعاون عربي أوسع، والى تطوير سياسات التعاون والانفتاح وممارساتهما، في قلب العاصفة المالية المستمرة، يتأخر وزراؤه عن اقرار تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان. 
دولة الرئيس، أربعة أشهر انقضت والقطاع المصرفي تجاوز الازمة المالية العالمية، لكن التطورات الاقتصادية قد تستوجب سياسات تستدعي تعديلات في هيكلية القروض وتوافرها. وسيكون المصرف المركزي عاجزاً عن الاضطلاع بهذا الدور لان جهازه غير مكتمل.  نحن نعجب من التأخير والمغامرة الناتجين من استمرار مخالفة قانون النقد والتسليف. ونريد ان نعرف، أليس هناك أربعة مهنيين مميزين من الطوائف المطلوبة؟ أم  حل اليباس على لبنان؟ ولو كانت لدى الحكومة الشجاعة الكافية، ولو تحلى مجلس النواب بسعة الصدر،  لامكن تجاوز الاعتبارات الطائفية في هذه التعيينات وغيرها من التعيينات الملحة، ومنها انتقاء مجلس ادارة الهيئة التي ستعمل على تطوير وضع الكهرباء تمهيداً لتخصيصها بعد ثلاث سنوات.  وتوصيات اللجنة المكلفة اختيار الاكفياء لدى رئاسة الوزارء منذ سنة وأكثر، وليس من تحرك أو فعل.
قبل انقضاء أربعة أشهر اضافية، يتوجب تعيين أعضاء لجنة الرقابة على المصارف واختيار رئيس لها في كانون الثاني المقبل، فهل تؤخّر الحكومة التعيينات كما فعلت بالنسبة الى نواب الحاكم؟  وماذا يحصل حينذاك؟ هل تغيب الرقابة؟  وما هي المخاطر من ذلك؟
ويجب وضع برنامج تحفيزي ضريبي ومالي يساعد لبنان على تفادي انعكاسات الانكماش في المنطقة، التي ستكون كبيرة.  وللمثال نذكر ان أكبر أربع شركات عقارية في دبي أقرت تسريح أكثر من الف موظف، والمشاريع الجديدة حتى تلك التي انجزت دراساتها، باتت مجمدة. وقريبا ستنحسر امكانات نشاط شركات المقاولات اللبنانية التي وفرت آلاف فرص العمل للمهندسين والفنيين، فصارت الكفايات الهندسية والفنية في لبنان دون الحاجة اليها... الشباب اللبناني العائد من بلدان الخليج، وربما من افريقيا الغربية، وبالتأكيد من كندا وأوستراليا وأوروبا، ماذا فعلت الحكومة لاستقباله بفرص عمل جديدة؟ أين هي تصورات تطوير موارد المياه، وتوسيع شبكة الهاتف التي اصبحت سيئة الى حد بعيد اضافة الى كلفتها الباهظة؟ وأين هي مشاريع معالجة النفايات، ومشاريع انجاز مرافق التكرير، ومشاريع التنقيب عن النفط في المناطق الواعدة؟
لا نسمع شيئاً عن كل هذه الامور.... فالواقع ان توجّه هذه الحكومة سياسي اتقائي احتياطي في المقام الاول، ولا ندري كيف سيتمكن لبنان من ان يتخطى المصاعب الآتية و التوجه كما هو، والممارسة على هذا المقدار من التلكؤ والتردد والخوف والانغلاق.
نعم، تريد الحكومة في هذا الظرف الدقيق وقبل أي شيء اخر تعزيز مواردها المالية، فهي لم تفعل شيئا لخفض رسوم التخابر الخليوي كما وعد الوزير مروان حماده وأكد الوزير جبران باسيل، ومنع مجلس الوزراء التنفيذ حفاظا على المصادر... لقد شعر اركان الحكومة ببعض الراحة من انهيار أسعار النفط، الامر الذي يساهم في خفض فاتورة عجز الكهرباء، السبب الرئيسي في عجز الموازنة، ومع ذلك فرضت الحكومة اثنان في المئة اضافية على رسم مقداره خمسة في المئة على الفوائد المتأتية للمودعين في المصارف.
ان هذا التوجه يهمل التأثير الذي يمكن ان ينتج من انتشار المصارف اللبنانية الكبرى في البلدان العربية القريبة ومنها سوريا والاردن ومصر والجزائر وقطر والسعودية.  وقد تلجا المصارف اللبنانية، تفادياً لتحميل مودعيها عبء الضرائب المشار اليها، الى تحويل بعض الودائع الى المصارف التابعة لها في الخارج، فنخسر من حجم الودائع ولا نحقق فائدة، ونعمل على توسيع قواعد الايداع في سوريا والاردن ومصر حيث لا تفرض ضرائب كالتي نفرضها نحن.... والامر الذي يدعو الى الاسف عند مراجعة توجهات الحكومة، هو ان أربابها يركزون على الموارد ويهملون النمو وتحسن فرص الاستثمار.  فلو اجهدوا أنفسهم قليلاً في تحسين وسائل عمل الادارة والتزام الموظفين مسؤولياتهم، لكانت الحاجات المالية اقل، والموارد أكبر في دورة اقتصادية أنشط... عسى ان تركّز الحكومة على النمو وسياسات التغلب على الانكماش الآتي بدل التركيز المفرط على جباية المال لحاجات ادارة مهترئة وغير انمائية وغير آبهة بحاجات اللبنانيين لتأمين المياه والكهرباء والبيئة النظيفة والحقوق الاكيدة.

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة..

 الإثنين 15 نيسان 2024 - 9:21 م

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة.. https://www.crisisgroup.org/ar/middle… تتمة »

عدد الزيارات: 153,322,578

عدد الزوار: 6,886,187

المتواجدون الآن: 75