13 نيسان··· وتحدي قيام الدولة!

تاريخ الإضافة الإثنين 12 نيسان 2010 - 5:15 ص    عدد الزيارات 595    التعليقات 0

        

صلاح سلام
لعلها من محاسن الصُدف أن تنطلق ورشة الانتخابات البلدية، عشية حلول الذكرى الخامسة والثلاثين لاندلاع شرارة الحرب العبثية في ذلك النهار المشؤوم: 13 نيسان 1975·
 

وتبقى أهمية هذا <التصادف> بين حدثين متباعدين، في عودة اللبنانيين إلى سلوك طريق الديمقراطية والشرعية الدستورية للتعبير عن خياراتهم السياسية، بعيداً عن لغة الكلاشينكوف والمدفع التي استنزفت الجميع، وأنهكت الوطن، وقوّضت دعائم الدولة، وهدّدت صيغة العيش المشترك، من دون أن تُمكّن أحد من إلغاء أحد، ومن دون ان تسمح لأحد بتحقيق نصر على أحد، مع إلزام الجميع، وبشراسة أحياناً، على التقيد بـ?<أصول اللعبة>، وعدم تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعها اللاعبون الكبار للحرب على الأراضي اللبنانية!·

* * *

أجيال غابت··· وأخرى شاخت··· و <لعبة الحرب> استمرت تتنقل من سنة إلى أخرى، ومن عَقد إلى آخر، إلى أن وضعت أوزارها مع مطلع التسعينات من القرن الماضي، بعدما أطفأ اتفاق الطائف أوارها، بعدما حققت أهدافها من جهة، ونتيجة تفاهمات دولية - إقليمية سادت مرحلة ما بعد غزو العراق للكويت من جهة ثانية!·

··· وأجيال جديدة شبّت وترعرعت في كنَف الوفاق الهش، ألهبت حماستها العصبيات الطائفية والمذهبية، وأثارت مشاعرها الشعارات الحزبية والفئوية، وعملت على تجييشها واستغلال غرائزها المزايدات المفرطة، الأمر الذي أدى إلى بقاء وضع الأمن والاستقرار في البلد في حالة من الاهتزاز المستمر، صعوداً وهبوطاً، تبعاً لمستوى الانفعال المستجد في الجاهلية السياسية!·

* * *

لقد أظهرت التحديات التي واجهها لبنان خلال عقدين من الوفاق الداخلي المهتز، أن القيادات السياسية، الجديدة منها والمخضرمة، لم تتعلم من دروس الحرب العبثية ومأساتها المدمرة شيئاً، عندما تصل الأمور إلى حسابات المصالح والمكاسب، ضاربة بذلك كل المبادئ والقيم والشعارات التي ترفعها عرض الحائط، حيث تضع هذه القيادات مطالبها في رأس سلم الأولويات، وتحاول فرض شروطها على الآخرين، من دون مراعاة أي اعتبار لقواعد الشراكة الوطنية الحقيقية·

ومن نافل القول التذكير بأن هذا النظام السياسي الأعرج، والقائم على المحاصصة الطائفية، أفسح المجال واسعاً لحلول المرجعيات الطائفية، السياسية منها والروحية، مكان المرجعيات الرسمية في مؤسسات الدولة الدستورية، وإداراتها القانونية والإنتاجية، وترك لكل طائفة فرصة الادعاء بأنها <الدويلة> التي ترعى شؤون رعاياها، وتدافع عن حقوقهم··· وتحمي وجودهم في بعض الأحيان!·

* * *

عشرون سنة مرّت على مرحلة الوفاق الحالي (1990 - 2010) ثلاثون سنة قبلها عاشها البلد في بحبوحة وازدهار (1945 - 1975) وخمس عشرة سنة من الحروب العبثية والتدمير المدبّر (1975 - 1990)·

ولبنان الوطن ما زال تائهاً عن طريق بناء الدولة القوية والقادرة والعادلة، لأن التسابق على المصالح داخلياً، واضطراب الاقليم حولنا خارجياً، أبقى البلد أسير زواريب الطوائف التي تحوّلت بعض قياداتها إلى إقطاعيات تتحكم بمصير البلاد والعباد·

ولعل غياب الدولة وأجهزتها المعنية في ذكرى 13 نيسان الأسود عن تنظيم النشاطات والحملات اللازمة لتوعية الشباب والأجيال الصاعدة من مهالك الحروب الداخلية، والانحراف عن الممارسات الديمقراطية، ومحاولات الهيمنة والاستئثار بالقرار السياسي من طائفة مُعيّنة أو فئة محددة، أبلغ دليل على مدى ابتعاد الإدارة الرسمية عن منطق الدولة، وعن واجبات ومهمات الدولة الوطنية، والتي تُشكّل الأساس الذي لا بدّ منه لقيام الدولة الحقيقية والفاعلة!·

* * *

··· ومع ذلك، ما زال اللبنانيون يراهنون على قيام الدولة التي تُشكّل الملاذ الآمن للجميع، والقائمة على مبادئ العدالة والمساواة، والقادرة على حماية الأمن والاستقرار··· هذا الرهان ليس جديداً، وتعرّض لانتكاسات عديدة··· ولكنه يتجدد عند كل منعطف يتعرّض فيه الوطن للخطر، ويُنعش الآمال عند كل استحقاق دستوري·

ولا ندري إذا كان استحقاق الانتخابات البلدية قادراً على شقّ طريق جديدة لقيام الدولة··· بعدما فشلت كل الاستحقاقات المتتالية على مدى السنوات الأخيرة في تحقيق هذا الحلم العزيز على قلب كل لبناني!·

 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,653,233

عدد الزوار: 6,906,870

المتواجدون الآن: 106