"حزب الله" ومؤتمره العام: دعوة لنقاش علني للرؤية السياسية والفكرية

تاريخ الإضافة الثلاثاء 18 تشرين الثاني 2008 - 10:48 ص    عدد الزيارات 942    التعليقات 0

        

 قاسم قصير

يواصل "حزب الله" في هذه الايام عقد سلسلة من اللقاءات النقاشية الداخلية لمجالسه القيادية (شورى القرار، المجلس التنفيذي، المجلس السياسي، المجلس المركزي، المجلس الجهادي) وذلك في اطار التحضير لعقد مؤتمره العام الدوري الذي يتولى انتخاب القيادة الجديدة (شورى القرار) التي تتولى بدورها انتخاب الامين العام الجديد او بالاحرى التمديد للامين العام الحالي السيد حسن نصرالله والذي ليس له اي منافس على قيادة الحزب في هذه المرحلة.
والمؤتمر العام للحزب يختلف عن مؤتمرات معظم الاحزاب اللبنانية والعربية والاجنبية، فهو ليس مؤتمرا للنقاش العام او الحوار بل مهمته انتخابية فقط وليس بالضرورة ان تتم عملية الانتخابات بشكل تقليدي (عبر اجتماع عام للكوادر والقيادات) وذلك نظرا الى الظروف الامنية المحيطة بالحزب والتي لا تسمح بجمع مئات الكوادر في لقاء عام حتى لو كان سريا وغير معلن.
لكن الحوارات والنقاشات داخل "حزب الله" تمت قبل انعقاد "المؤتمر الانتخابي" وذلك من خلال سلسلة لقاءات داخلية نوقشت فيها رؤية الحزب السياسية والفكرية وكيفية تطوير الهيكلية التنظيمية وطبيعة التحالفات السياسية في ضوء المرحلة السابقة والمتغيرات التي جرت.
والتوصيات والاقتراحات التي تصدر عن الهيئات القيادية للحزب توضع بتصرف شورى القرار التي تقرها بشكل نهائي وتعمل لتنفيذها في الولاية الجديدة للقيادة، وفي بعض الحالات الاستثنائية يتم اقرار بعض التوصيات مباشرة وقبل حصول الانتخابات، كما جرى قبل اشهر عدة من خلال استحداث "ملف الشؤون العربية" وفصله عن "ملف الشؤون الدولية" وتعيين المسؤول السياسي السابق في الجنوب الشيخ حسن عزالدين كمسؤول عن هذا الملف.
اما على صعيد الرؤية السياسية والفكرية التي تتم مناقشتها فهي من قسمين:
الاول يتعلق بالاسس الاستراتيجية او ذات الابعاد المستقبلية والتي لا تتغير الا بعد دراسات مطولة ومعمقة وتتطلب موافقة شرعية او فقهية في بعض الاحيان كالمشاركة في الانتخابات النيابية للمرة الاولى عام 1992. والثاني يتعلق بالتطورات السياسية الانية وكيفية التعاطي معها وطبيعة التحالفات واشكال العمل السياسي. وهذه تعرض من قبل المجلس السياسي وتقرها شورى القرار.
والوثيقة السياسية والفكرية الوحيدة التي تبناها "حزب الله" منذ تأسيسه عام 1982 هي "الرسالة المفتوحة" التي تم اعلانها عام 1985 لمناسبة الذكرى السنوية الاولى لاستشهاد الشيخ راغب حرب. ومنذ ذلك الوقت لم تصدر اية وثيقة سياسية او فكرية مفصلة تشكل المرجعية الاساس للحزب، باستثناء البرنامج الانتخابي الذي اعلن عام 1992. والكتاب الذي اصدره نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم حول "منهج حزب الله ورؤيته" لا يعتبر وثيقة رسمية للحزب وان كان يشرح بعض مواقفه وارائه حول مختلف القضايا التفصيلية والسياسية والفكرية.
وتشكل خطابات ومواقف الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله وبقية مسؤوليه اضافة الى الاصدارات الخاصة التي يتم تدريسها داخل حلقات الحزب رؤيته السياسية والفكرية وهي تتغير وفقا للظروف والاوضاع السياسية.
وقد جرت محاولتان لوضع وثيقة سياسية وفكرية جديدة للحزب ليتم تبنيها بشكل علني خلال السنوات الاربع الماضية، لكن حرب تموز 2006 والتطورات السياسية والامنية التي تلتها ادت الى تاجيل بحث هذه الوثيقة او العمل لاستكمالها واقرارها ومن ثم اعلانها.
واليوم وفي موازاة انعقاد المؤتمر العام للحزب عاد الحديث مجددا في مجالسه الداخلية حول ضرورة اقرار وثيقة سياسية وفكرية جديدة، كما جرت مطالبات من بعض قياديي الحزب بضرورة ان تتم عملية الانتخابات للقيادة الجديدة على اساس مشروع سياسي محدد وليس عبر الاختيار الشخصي.
لكن يبدو، وحسب المعطيات المتوافرة من داخل اوساط الحزب، ان اقرار الوثيقة الجديدة لا يزال مؤجلا كما انه لم تتم الموافقة على قيام المرشحين لشورى القرار بعرض برامجهم الانتخابية على المؤتمر العام وان كان سمح لهم بتوزيعها على اعضاء المؤتمر قبل ان تتم الانتخابات بدون ان يكون ذلك الزاميا.
لكن يبقى السؤال المهم الذي يطرح نفسه: هل يقتصر الاهتمام بمشروع الحزب ورؤيته السياسية والفكرية على اعضائه وكوادره، ام ان هذا المشروع يهم اللبنانيين جميعا؟
الا يحق للبنانيين الاطلاع على هذا المشروع وتطوراته خصوصا ان "حزب الله" اصبح القوة السياسية والعسكرية الابرز في لبنان وهو الذي يؤثر على مستقبل البلد وابنائه؟
واذا كانت الظروف الامنية (وهذا امر حقيقي وواقعي) تمنع من اطلاع اللبنانيين على تفاصيل انعقاد المؤتمر وآلياته، فان اللبنانيين معنيون بالاطلاع على رؤية الحزب السياسية والفكرية والتي يتم على اساسها اتخاذ القرارات والمواقف، خصوصا ان "الرسالة المفتوحة" التي اطلقها الحزب عام 1985 قد تجاوزتها الاحداث وشهد الحزب خلال السنوات الثلاث والعشرين الماضية تحولات عديدة في مواقفه الفكرية والسياسية وادائه السياسي والعملاني.
وانطلاقا من هذه الاعتبارات قد تكون هذه المرحلة الفرصة المناسبة لاعلان "حزب الله" مشروعه السياسي الجديد واشراك اللبنانيين بالحوار والنقاش حوله لانهم معنيون بهذا المشروع وانعكاساته على واقعهم وحياتهم ومستقبلهم.
انها دعوة تنطلق من الحرص على "حزب الله" ومن الحرص على لبنان واللبنانيين، وانطلاقا من الدور الكبير الذي يقوم به الحزب في هذه المرحلة وبعد سلسلة الانجازات التي حققها سواء عبر تحرير الجنوب عام 2000 وهزيمة الجيش الاسرائيلي عام 2006 واعادة هيكلة السلطة اللبنانية عام 2008، وقبل اشهر قليلة من انتخابات عام 2009 التي ستحدد مستقبل لبنان في السنوات المقبلة.

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة..

 الإثنين 15 نيسان 2024 - 9:21 م

“حرب الظل” الإيرانية-الإسرائيلية تخاطر بالخروج عن السيطرة.. https://www.crisisgroup.org/ar/middle… تتمة »

عدد الزيارات: 153,524,425

عدد الزوار: 6,898,784

المتواجدون الآن: 91