كيف تكون رئيساً توافقياً؟

تاريخ الإضافة الثلاثاء 23 آذار 2010 - 5:52 م    عدد الزيارات 551    التعليقات 0

        

الياس حرفوش
لم تكن مصادفة أن يحمل الـ «سي في» (CV) الذي حدد مواصفات رئيس الجمهورية بحسب اتفاق الدوحة صفة «توافقي». الأمر ذاته يمكن أن يقال عن الحكومة التي كان مرغوباً تشكيلها بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، والتي أعطيت صفة «حكومة الوحدة الوطنية». الهدف كان واضحاً، وهو إفراغ الحياة السياسية في لبنان من معناها الحقيقي الذي يتمثل في حرية الخيارات المتاحة أمام المسؤولين فيه، وفي قدرة المؤسسات على القيام بدورها بعيداً من أية وصاية. فرئيس الجمهورية في لبنان بات محكوماً بمعايير في سلوكه السياسي لا تنطبق على أي رئيس أو أية دولة، لا في المنطقة المجاورة ولا في العالم. والانتخابات النيابية ممنوع عليها إنتاج حكومة تعكس حقيقة توجهات الناخبين وتعبّر عن خياراتهم.
لهذا لا يُحسد الرئيس ميشال سليمان على الدور الذي انتُدب للعبه. إذ كيف له أن يلعب هذا الدور وهو الذي بات مطلوباً منه، كلما أفاق من نومه كل صباح، أن يحمل ميزان «التوافق»، ويزن به أي قرار يتخذه: هل يشكل هذا الخطاب أو ذاك التصريح خرقاً للتوافق؟ (كما قيل عن دعوته إلى معادلة (س س م)، والتي أضاف فيها مصر إلى معادلة الرئيس بري الشهيرة)؟ وماذا عن استقبال فلان من السياسيين من دون سواه؟ أو عن زيارة البلد الفلاني قبل بلد آخر؟ وماذا لو اختار رئيس الجمهورية سياسياً من لون معين للجلوس إلى طاولة الحوار، لأنه يرى انه يمثل وزناً معيناً، ولم يختر سياسياً آخر من أصحاب الأوزان الخفيفة؟
باختصار وببساطة، كانت صفة «التوافقي» التي أعطيت لوظيفة رئيس الجمهورية بمثابة امتحان عليه أن يخوضه وينجح فيه كل يوم. ولم يكن هذا منصفاً لرجل لم يقصّر، بالتعبير والممارسة، وباعتراف قادة المقاومة أنفسهم، عن إثبات صدقيته في التعامل مع القضايا التي تهم الذين فرضوا صفة «التوافق» على الـ «سي في» الرئاسي. فالعماد ميشال سليمان اثبت عندما كان قائداً للجيش، وعلى الخصوص خلال حرب تموز 2006، انه ليس بحاجة إلى شهادات وامتحانات من هذا النوع... كل هذا يستدعي السؤال عن مبررات الحملة التي نشهدها اليوم على رئيس الجمهورية. وهل المقصود بها هو هذا الرئيس بالذات، ام المقصود هو الدور الذي يفترض أن تلعبه مؤسسة الرئاسة كرمز لسيادة الدولة ووحدتها، وأن تمارسه بحرية، وأن يتاح لها، أي للرئاسة الأولى، أن تكون قادرة على اخذ مسافة معقولة حيال الضغوط من أي اتجاه، سواء كان هذا الاتجاه داخلياً أم خارجياً. فمهما قيل عن الرئيس الحالي ومهما كانت الملاحظات على أدائه الرئاسي، يبقى أن هذا الأداء مختلف عن أداء سلفيه اللذين توليا هذا المنصب منذ اتفاق الطائف، الذي أرسى قواعد جديدة لصلاحيات الرئيس، وهو اختلاف يصب في مصلحة تعزيز دور رئيس الجمهورية، على رغم التقليص الذي أصاب هذا الدور، وكذلك وخصوصاً في مصلحة استقلالية هذا الدور، مقارنة بالتبعية التي اختار سلفاه سلوكها.... ولعل هذه التبعية بالذات هي التي يدعو إليها المتحاملون اليوم على الرئيس سليمان، والذين يعتبرون أن عدم سلوكه هذا الطريق يدفع إلى التشكيك في مدى «توافقيته». أليس أصحاب هذه النظرية هم الذين أخذوا مثلاً على النائب وليد جنبلاط، وعلى رغم التحولات التي مر بها، انه لا يزال يراعي حسابات الموقف «الوسطي»، في الوقت الذي ماتت الوسطية في لبنان بنظرهم؟..
لقد تجاهل الرئيس ميشال سليمان إلى الآن الرد على الحملة التي يتعرض لها، واختار الصمت بدلاً من المواجهة. وحتى عندما اقترح مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة إصدار موقف بدعم سليمان، تمنى هو على المجلس تجاهل هذا الموضوع. لكن التجاهل لا يعني أن الذين يقفون وراء الحملة قد تراجعوا، أو أن مرحلة اختبار أداء سليمان قد طويت. فعلى ضوء الانقلاب الذي تشهده موازين القوى في لبنان، والتفكك الحاصل في التحالفات السياسية، سيكون هذا الأداء عرضة للمراقبة والحساب أكثر من أي وقت. وسيكون على سليمان أن يثبت حقيقة فهمه للتوافق، على انه ليس شللاً للرئاسة ودورها، بل وقوفاً في الوسط بين النزاعات السياسية، من دون أن يكون هذا الموقف على حساب سيادة الدولة، أو أن يدفع الرئيس ثمنه خضوعاً لمختلف الضغوط.
 

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,660,789

عدد الزوار: 6,907,295

المتواجدون الآن: 93