انبعاث مشروع "الدولة المهدوية" في إيران

تاريخ الإضافة الأربعاء 10 آذار 2010 - 6:14 ص    عدد الزيارات 806    التعليقات 0

        

انبعاث مشروع "الدولة المهدوية" في إيران
تقرير قاسم قصير

ادخل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد مصطلح "الدولة المهدوية" الى خطابه السياسي المباشر مما ترك الكثير من التساؤلات والاستفسارات لدى الاوساط السياسية والاعلامية ومراكز الابحاث الغربية حول ابعاد هذا المصطلح وعلاقته بالمشروع السياسي والتكنولوجي والعسكري الذي تعمل الجمهورية الاسلامية الايرانية على تحقيقه في المرحلة المقبلة.
ولم يخفِ المسؤولون الايرانيون، وخصوصا الفريق المقرب من الرئيس نجاد حقيقة هذا المشروع وأبعاده مؤكدين ان ورود مصطلحات "الامام المهدي" و"الدولة المهدوية" و"صاحب الزمان"، والتي ترد في خطابات نجاد، ليست عفوية بل هي اثارات مقصودة لايصال رسالة محددة سواء للرأي العام الايراني او للجهات العربية والاسلامية والدولية. وقد عمدت المستشارية الثقافية الايرانية في بيروت الى نشر دراسة متكاملة حول "الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) والمهدوية في خطاب الرئيس احمدي نجاد" وساهم في الاشراف عليها المستشار الثقافي محمد حسين رئيس زاده وتم الاستفادة لاعداد الدراسة من وثائق "مؤسسة المستقبل المشرق" (آينده روشن) والمتخصصة بالدراسات المهدوية والتي يشرف عليها السيد مسعود بورسيد آقائي.

 

المهدوية بين النص الديني والخطاب السياسي
 

ان الايمان بوجود الامام المهدي ليس امرا جديدا في الفكر الاسلامي عامة والشيعي خاصة، فاتباع الامامية الاثني عشرية يعتقدون بان الامام المهدي هو الامام الثاني عشر من سلالة الأئمة، وهو نجل الامام الحسن العسكري وقد ولد عام 255 هجرية، وقد توفي والده وله من العمر 5 سنوات. ويعتقد الشيعة ان للمهدي غيبتين، الغيبة الصغرى والتي استمرت لمدة سبعين عاما وكان يتم التواصل خلالها بينه وبين الناس عبر اربعة سفراء. والغيبة الكبرى الممتدة منذ العام 329 هجرية والتي تنتهي بظهور الامام مباشرة، مع ان الشيعة يعتقدون انه خلال الغيبة الكبرى يحصل تواصل بين الامام المهدي واتباعه بوسائل وطرق متعددة.
واما بقية المسلمين فيعتقدون بالامام المهدي ولكنهم يؤمنون بأنه لم يظهر حتى الآن وانه سيظهر في آخر الزمان مع النبي عيسى. في حين ان بقية الأديان وبعض المعتقدات الفكرية تؤمن بظهور المخلص او بحتمية الخلاص للبشرية.
 وقبل انتصار الثورة الاسلامية في ايران برزت في الفكر الشيعي مجموعات تؤمن بانتظار المهدي وعدم القيام باي عمل سياسي لاقامة الدولة حتى ظهور الامام، وسمي هؤلاء بالحجّتية. لكن الامام الخميني انهى هذه النظرية بالتأكيد على ان الانتظار يتحقق باقامة الحكومة الاسلامية وهي التي تمهد لظهور الإمام. ولم تغب مصطلحات الامام المهدي والمهدوية عن خطابات الامام الخميني والامام الخامنئي والعديد من مسؤولي الجمهورية الاسلامية الايرانية. لكن بوصول الرئيس احمدي نجاد الى رئاسة الجمهورية اتخذ هذا الموضوع بعدا عمليا وسياسيا من خلال الربط بين كل نشاط وكل خطوة يقوم بها الرئيس الايراني بالامام المهدي والمهدوية. وتمت اقامة مراكز الدراسات والمؤتمرات المتخصصة بـ"المهدوية" وعمد نجاد الى ادخال فكرة "المهدوية" في خطاباته السياسية والشعبية وصولا الى خطابه في الامم المتحدة حين قال "ان العالم المعاصر احوج ما يكون الى المخلص الحقيقي والانسان الكامل الذي تنتظره الامم والشعوب حول العالم، ليملأ الارض عدلا واخوة ومحبة".
وفي خطاب له مع علماء خراسان يقول نجاد: "هل يشك احد في وجود الامام المهدي؟ او في ممارسة الرقابة على الافعال؟ هل يشك احد ان الامام ينزعج من بعض افعالنا؟ وانه يفرح ببعضها الاخر؟ الا يدعو الامام بالفرج كما ندعو؟ الا يدعو لنا بالتوفيق للسير والوصول؟".
ويتحدث نجاد في الكثير من خطاباته وحواراته عن دور الامام المهدي في تيسير نشاطاته واعماله، وعن ضرورة ربط كل نشاط سياسي واجتماعي وعسكري بالامام المهدي "لأن ذلك هو السبيل الوحيد للخلاص والانتصار".
اذن تحولت فكرة "المهدوية" في عهد نجاد من فكرة ايمانية عقائدية الى نص سياسي تفصيلي ومباشر في كل الادبيات والاداء السياسي. واصبح هناك مراكز دراسات ومجموعات عمل حول نجاد تنظّر لهذه الفكرة وتعمل على نشرها عبر المؤتمرات والندوات والدراسات.

 

المشروع الايراني
و"الدولة المهدوية"
 

لكن ما هي علاقة المشروع الايراني السياسي العسكري والتكنولوجي بالدولة المهدوية؟ وهل للملف النووي الايراني ارتباط بهذه العقيدة الدينية؟
منذ انتصار الثورة الاسلامية وتسلم الامام الخميني لموقع المرشد للجمهورية الاسلامية سادت في الاوساط الشيعية المرتبطة بايران مقولات تعتبر أن الامام الخميني هو الذي سيسلم الراية للامام المهدي وان الحرس الثوري الايراني سيكون جيش الامام المهدي المقبل، وان "المطلوب اعداد جيش قوامه عشرين مليون فرد ليكونوا الجيش الذي يقاتل مع الامام المهدي عند ظهوره". لكن وفاة الامام الخميني قبل تسليمه الراية للمهدي ادى الى انتشار حالة من التساؤل والقلق لدى بعض هذه الاوساط، فتم الترويج لاحقا ان الامام الخامنئي هو الذي سيسلم الراية للمهدي لانه من خراسان (مشهد) وذلك تطبيقا لبعض الاحاديث من "ان رجلا من خراسان سيسلم الراية للامام". كما انه عند حصول اية تطورات سياسية او عسكرية كبرى في العالم الاسلامي يتم الربط بينها وبين الامام المهدي، كما حصل خلال التحرك العسكري الذي قام به جهيمان في مكة المكرمة، وكذلك عند احتلال الرئيس العراقي صدام حسين للكويت واندلاع حرب الخليج. ولكن منذ وصول الرئيس محمود احمدي نجاد لرئاسة الجمهورية الاسلامية انتشرت بقوة افكار جديدة بأن نجاد هو من انصار المهدي وانه سيعد الجمهورية الاسلامية لتكون مركزا اساسيا لانطلاق الامام خصوصا على صعيد الركائز العسكرية والتكنولوجية... وتم طبع ونشر العديد من الكتب والدراسات التي تربط بين نجاد والامام المهدي.
وقد ادى نشر احد هذه الكتب الى ازمة سياسية بين المملكة العربية السعودية و"حزب الله" لأن الكتاب تضمن اشارة الى ان احدى علامات ظهور الامام المهدي ترتبط بالحكم السعودي، وقد جرى نقاش حول الكتاب خلال لقاء بين الملك السعودي ووفد من "حزب الله" برئاسة نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم ونفى الحزب علاقته بالكتاب الصادر من احدى دور النشر في الضاحية الجنوبية، واصدر الحزب لاحقا بيانا اعلاميا يؤكد فيه عدم مسؤوليته عن مثل هذه الكتب التي تصدرها دور نشر خاصة.
ويسود لدى بعض الأوساط الاسلامية في ايران وفي عدد من الدول العربية أن ما يجري في الجمهورية الاسلامية هو الاعداد والتهيئة لظهور الامام، وقد حرص الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد على ابراز هذا الامر بشكل دائم في خطاباته ومواقفه، كما ان بعض هذه الاوساط يعتبر "ان حصول ايران على التكنولوجيا النووية هو جزء من التحضير والاستعداد لظهور الامام لانه لا بد من امتلاك التقنيات والتكنولوجيا القادرة على مواجهة التقنيات والقدرات الغربية. فالامام سيدير العالم وفقا لنظام عالمي جديد في مواجهة الرأسمالية الغربية وبعد فشل الاشتراكية والشيوعية".
وتنتشر في الأوساط الشيعية حلقات نقاش وحوار خاصة غير معلنة متخصصة بكل ما يتعلق بالامام المهدي حيث يتم دراسة الاحاديث والروايات عن الرسول والائمة وتطبيقها على الوقائع السياسية الحالية، ويتم الربط بين كل تطور عالمي وبين حديث من الاحاديث.
ورغم ان بعض التطبيقات لم تكن دقيقة ، فانه منذ وصول الرئيس نجاد للحكم ازدادت هذه التوقعات والتقديرات. وما جرى من احداث في اليمن اخيراً كان احدى الاشارات التي توقف عندها الكثيرون لان جيش المهدي سيتشكل من "اليمانيين" حسب بعض الاحاديث، وقد وُجد عند الحوثيين كتب خاصة بالروايات عن المهدي وعلامات ظهوره وقد اعدها احد العلماء اللبنانيين المقيمين في قم.

 

الابعاد العملية لفكرة "المهدوية"
 

اما على الصعيد السياسي والميداني فان كل العقيدة التي يرتكز عليها الحرس الثوري الايراني ومشروع الرئيس نجاد تقوم على التحضير والاستعداد لظهور الامام المهدي لانه هو الذي "سيقيم العدل وينهي الظلم في العالم" حسب عقيدة الشيعة.
وقد عمد نجاد وفي الكثير من خطاباته ومواقفه للاشارة الى الرعاية الخاصة التي يحظى بها في تحركاته من قبل الامام المهدي وخصوصا خلال زياراته للولايات المتحدة الاميركية والقائه محاضرة في احدى جامعات نيويورك.
ويقول الرئيس نجاد في احدى خطبه "الموضوع الثاني الذي نلتمس فيه بركات صاحب العصر(الامام المهدي) هو الملف النووي... وبعض البلدان ما زالت منذ 25 سنة تسعى للحصول على الطاقة النووية اما الشعب الايراني فانه استطاع ببركة الامام وخلال سنتين او ثلاث من الحصول على التقنية النووية دون ان يقدم التزاماً او تعهداً لأحد". ويضيف "تصوروا ان تلك الساعة اتت واصبحنا على صلة مباشرة بالانسان الكامل، بامام العصر(المهدي) وتخيلوا ماذا يحصل ساعتئذٍ تخيلوا تلك الاستعدادات والمواهب التي سوف تتفتح... ولا شك انكم سمعتم انه عندما يظهر الامام ويتصل نهر الحقيقة الهادر بالمحيط، تحصل امور عديدة فيها فيتفتح العقل الانساني وكماله".
ومن اجل تحقيق هذا المشروع تم وضع خطة متكاملة على الصعد السياسية والدينية والثقافية والعسكرية وكل ما يقوم به نجاد من زيارات ولقاءات عالمية في هذا الاتجاه، حتى ان الخطاب الديبلوماسي الذي يدعو نجاد الى اعتماده ينطلق من هذه الرؤية.
 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,117,747

عدد الزوار: 6,935,549

المتواجدون الآن: 87