الأسد لن يشارك في تحالف دولي ضد طهران

تاريخ الإضافة الثلاثاء 2 آذار 2010 - 4:59 م    عدد الزيارات 557    التعليقات 0

        

من حقيبة "النهار" الديبلوماسية....
الأسد لن يشارك في تحالف دولي ضد طهران.... السلاح النووي الإيراني خطر على العرب

بقلم عبد الكريم أبو النصر
"دخل الحوار الاميركي – السوري مرحلة حساسة ودقيقة تتركز على مواجهة المشكلة الايرانية بجوانبها المختلفة. فنظام الرئيس بشار الاسد يرفض ان يشارك في معركة تطويق النظام الايراني التي يخوضها تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة مستخدما في ذلك الضغوط والعقوبات والاجراءات السياسية والديبلوماسية والامنية والاقتصادية ضد الجمهورية الاسلامية من اجل دفعها الى التخلي عن مساعيها لانتاج السلاح النووي ووقف تدخلاتها السلبية الخطرة في دول وساحات عربية عدة كالعراق ولبنان وفلسطين واليمن ومصر وبعض الدول الخليجية. بل ان الرئيس السوري تصرف في محادثاته الاخيرة مع المسؤولين الأميركيين والفرنسيين والاوروبيين عموما على اساس انه "المحامي العربي الاول" لايران اذ انه دعا الدول الكبرى الى إحداث تغيير جذري في طريقة تعاملها مع الجمهورية الاسلامية والى التعامل معها بانفتاح وايجابية وتقبل مطالبها المشروعة، منبها الى عدم الرهان على انهيار النظام الايراني من الداخل لان هذا النظام قوي وقادر على مواجهة الحركة المعارضة له، كما ان هذا النظام، وفقا للاسد، ليس خائفا من اي حرب يمكن ان يتعرض لها وهو لن يرضخ تاليا للضغوط الدولية ولن يتخلى عن خططه ومشاريعه النووية".
هذا ما كشفته لنا مصادر ديبلوماسية غربية في باريس وثيقة الاطلاع على مضمون المحادثات التي اجراها الاسد الاسبوع الماضي مع وليم بيرنز وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية والمسؤول عن الملف الايراني وتلك التي اجراها مع مسؤولين ومبعوثين غربيين رفيعي المستوى بينهم رئيس الحكومة الفرنسية فرنسوا فيون. واوضحت ان "العقبة الرئيسية الكبرى" التي تواجه الحوار الاميركي – السوري هي المشكلة الايرانية ببعدها النووي وامتداداتها الاقليمية التي تشمل علاقات نظام الاسد مع "حزب الله" و"حماس". وقد تركزت محادثات بيرنز مع الاسد على المشكلة الايرانية وتطوراتها وتعقيداتها فبرزت "تناقضات عميقة" في شأنها بين الموقفين الاميركي والسوري، كما بدا واضحا ان موقف نظام الاسد "مختلف جذريا" عن مواقف الغالبية الواسعة من الدول العربية حيال ايران وان الانفتاح الاميركي – الفرنسي – الغربي على دمشق لم يؤد الى تفكيك او اضعاف التحالف الوثيق بين سوريا وايران.
وافادت المصادر الغربية المطلعة ان المحادثات التي اجراها حديثا مسؤولون اميركيون واوروبيون بارزون مع المسؤولين في الدول الخليجية ومصر والاردن والمغرب والجزائر ودول عربية اخرى اظهر ثلاثة امور اساسية هي:
اولا – ان الكثير من الدول العربية على اقتناع "شبه تام" بان القيادة الايرانية تسعى جديا وسرا الى انتاج السلاح النووي وان من الضروري وقف الخطط النووية الايرانية العسكرية بسرعة وبالوسائل الديبلوماسية خوفا من اندلاع حرب اسرائيلية – ايرانية تفجر الاوضاع في ساحات وجبهات عدة. وكما قال مسؤول خليجي كبير لوزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون: "لو كانت القيادة الايرانية تريد فعلا الاكتفاء ببرنامج نووي لاغراض سلمية لكانت قبلت العروض والاقتراحات الدولية المقدمة اليها والتي تؤيد كلها حق ايران في امتلاك الطاقة النووية السلمية وتتضمن استعداد الدول الكبرى للتعاون معها في هذا المجال وفي مجالات اخرى. لكن المسؤولين الايرانيين رفضوا كل العروض الدولية المقدمة اليهم وهو ما يثير قلق الكثير من الدول العربية".
ثانيا – ان زعماء معظم الدول العربية يدعمون جهود الدول الست الكبرى اميركا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا لتسوية الازمة النووية مع ايران بالوسائل السلمية وعبر الحوار، وهم طلبوا من القيادة الايرانية الاستجابة لهذه الجهود الدولية والتعاون مع الدول الكبرى لحل المشكلة النووية سلميا وشددوا على ان ذلك وحده يطمئن الدول العربية والمجتمع الدولي ويؤكد لها ان الجمهورية الاسلامية ليست راغبة في امتلاك السلاح النووي ووضع المنطقة في دائرة الخطر الشديد.
ثالثا – ان الدول العربية تطالب بإخلاء منطقة الشرق الاوسط من السلاح النووي ومن اسلحة الدمار الشامل وترى الغالبية منها ان مساعي ايران لانتاج القنبلة النووية تعرقل تحقيق هذا الهدف وتدفع اسرائيل الى التمسك بترسانتها النووية الحربية وتشجع دول عدة للعمل على امتلاك السلاح النووي وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على المنطقة كلها.
خطر السلاح النووي الإيراني.... وفي هذا المجال، اوضحت المصادر الغربية المطلعة ان التناقض الحقيقي بين موقف النظام السوري الداعم لطهران ولمشروعها النووي ومواقف الدول العربية الاخرى المعنية بالامر برز اخيرا حين اكدت غالبية الدول العربية للادارة الاميركية وللمسؤولين الاوروبيين انها تدعم العرض الذي قدمته الى ايران الوكالة الدولية للطاقة الذرية والهادف الى اطلاق عملية الحل السلمي للمشكلة النووية الايرانية، وترى ان رفض طهران هذا العرض الدولي "دليل اضافي واضح" على ان القيادة الايرانية "مصممة" على تحدي المجتمع الدولي وعلى مواصلة جهودها لانتاج السلاح النووي. وحقيقة ما حصل هو ان القيادة الايرانية طلبت في حزيران من العام الماضي من محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ان تؤمن لها الوكالة وقودا نوويا لاستخدامه في مفاعل للابحاث الطبية في طهران على اساس ان كمية الوقود التي يملكها الايرانيون ستنفد في نهاية 2010. وقدم البرادعي في تشرين الاول الى المسؤولين الايرانيين وبالتفاهم مع الدول الست الكبرى عرضا يقضي بأن ترسل ايران 1200 كيلوغرام من مخزونها من الاورانيوم المخصب بنسبة 3,5 في المئة والبالغ 1500 كيلوغرام الى روسيا لتخصيبه بنسبة 20 في المئة وارساله بعد ذلك الى فرنسا لتتولى تحويله وقودا نوويا صالحا للاستخدام في المفاعل الطبي في طهران. وقالت المصادر الغربية المطلعة ان الهدف الحقيقي لهذا العرض الدولي كان اظهار رغبة الدول الكبرى في حل المشكلة النووية سلميا مع ايران وتجميد قدرة الايرانيين على انتاج السلاح النووي من طريق اخراج معظم مخزونهم من الاورانيوم المخصب دفعة واحدة الى الخارج، ووضع القيادة الايرانية امام الاختبار للتأكد مما اذا كانت تريد فعلا طمأنة المجتمع الدولي والدول العربية الى نياتها السلمية. ذلك ان عملية اخراج الاورانيوم المخصب هذه ستمهد لبدء مفاوضات جدية ومباشرة بين المسؤولين الايرانيين وممثلي الدول الست الكبرى للتوصل الى تفاهمات على الملف النووي ومختلف القضايا العالقة تنسجم مع قرارات مجلس الامن وتساعد في تعزيز الامن والاستقرار في المنطقة. لكن المسؤولين الايرانيين رفضوا هذا العرض الدولي "لانهم ليسوا راغبين في التخلي عن معظم مخزونهم من الاورانيوم المنخفض التخصيب ولانهم يريدون اساسا الاحتفاظ بالقدرة على انتاج السلاح النووي"، كما قال لنا مسؤول اوروبي معني بهذه القضية. واقترح المسؤولون الايرانيون على الدول الست الكبرى بدل العرض الدولي اما شراء وقود نووي للاستخدام الطبي من الوكالة الدولية مع احتفاظهم بمخزونهم الكامل من الاورانيوم، واما تخصيب الاورانيوم بنسبة 20 في المئة في المنشآت الايرانية، واما ارسال كمية محدودة من الاورانيوم الايراني المخصب الى الخارج وعلى دفعات لتحويله وقودا نوويا وبحيث يتم التسلم والتسليم في وقت واحد، كما تظل الجمهورية الاسلامية تحتفظ بمخزونها الاصلي او تزيد حجمه، ذلك انها تستطيع انتاج 80 كيلوغرام من الاورانيوم المنخفض التخصيب شهريا.
وكرس الرئيس محمود احمدي نجاد هذا الموقف الرافض حين اعلن يوم 11 شباط الجاري في الذكرى الحادية والثلاثين لقيام الجمهورية الاسلامية، ان ايران "اصبحت دولة نووية" وانها بدأت تخصيب الاورانيوم في منشآتها بنسبة 20 في المئة لتأمين حاجاتها من الوقود النووي.
وفي هذا المجال شدد مسؤول عربي كبير خلال زيارته الاخيرة لباريس "على ان امتلاك ايران السلاح النووي، خلافا لما يردده حلفاؤها، ليس مصدر قوة للعرب بل مصدر تهديد لهم، من جهة لان لدى الايرانيين خططهم ومشاريعهم الاقليمية الخاصة بهم والتي تتناقض مع المصالح العربية الحيوية والاساسية، ومن جهة ثانية لان الدول الكبرى لن تسمح للجمهورية الاسلامية بامتلاك السلاح النووي وستستخدم مختلف الوسائل والامكانات لاحباط مشروعها هذا مما يهدد بمواجهة عسكرية كبرى في المنطقة يدفع ثمنها الايرانيون والعرب".
موقف الأسد...... ولفتت المصادر الديبلوماسية الغربية المطلعة الى ان موقف النظام السوري من المشروع النووي الايراني مختلف جذريا عن موقف سائر الدول العربية المعنية بالامر، وهو ما اظهرته المحادثات التي اجراها الاسد اخيرا مع المسؤولين الاميركيين والفرنسيين والغربيين عموما، ويتركز موقف نظام الاسد من المشروع النووي الايراني على النقاط الآتية:
اولا – خلافا للغالبية العربية، يرفض الاسد دعم موقف الدول الست الكبرى في المفاوضات مع ايران ويعارض العرض الدولي المتعلق بارسال معظم المخزون الايراني من الاورانيوم دفعة واحدة الى الخارج لتحويله وقودا نوويا للاستخدام الطبي، ويرفض كذلك مساندة موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تطالب الايرانيين بوقف عمليات تخصيب الاورانيوم في اراضيهم وتحذر من احتمالات امتلاكهم السلاح النووي. بل ان الاسد يتبنى تماما المواقف الإيرانية ويدافع عنها في اتصالاته الدولية والعربية ويرى أن من حق إيران تخصيب الاورانيوم في أراضيها خلافا لما تنص عليه خمسة قرارات صادرة عن مجلس الامن.
ثانيا – يدافع الأسد عن البرنامج النووي الإيراني ويقول انه على اقتناع في ضوء ما سمعه من القادة الإيرانيين، بان هذا البرنامج هو لأغراض سلمية وليس لأغراض عسكرية وان إيران لا تنوي إنتاج السلاح النووي وذلك خلافا لما تؤكده جهات دولية معنية بالأمر ولما تتخوف منه دول عربية عدة.
ثالثا – يطالب الأسد الدول الكبرى بالتوقف عن "معاداة" إيران وبتقبلها كـ"قوة إقليمية كبرى" والاعتراف بدورها في المنطقة والتعامل معها على هذا الأساس.
رابعا – يطالب الاسد بتجميد العقوبات الدولية المفروضة على ايران قبل التفاوض معها وبنقل الملف النووي الايراني من مجلس الامن الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحيث يتم التعامل معه على اساس تقني وبحيث يتم ايضا تجاهل قرارات مجلس الامن التي تدعو الى وقف عمليات تخصيب الاورانيوم في المنشآت الايرانية.
خامسا – يدعو الاسد الدول الكبرى الى التخلي عن اي شروط مسبقة للتفاوض مع ايران والى التعامل معها "باحترام" والى الامتناع عن فرض صيغة محددة عليها لتسوية المشكلة النووية معها، ويشدد على ضرورة التوصل الى تفاهمات مع ايران عبر الحوار تؤمن لها مطالبها الحيوية المشروعة وتسمح لها بمواصلة عمليات تخصيب الاورانيوم في اراضيها "لان ذلك حق مشروع لها".
سادسا – يحذر الاسد من اصدار قرار جديد عن مجلس الامن يفرض عقوبات مشددة على ايران لان ذلك سيدفع الايرانيين الى المزيد من التصلب. ويشدد الاسد في محادثاته هذه على ان التلويح بضرب ايران لن يدفع القيادة الايرانية الى الرضوخ للمطالب الدولية، ويؤكد ان اي هجوم عسكري على ايران سيفجر نزاعات مسلحة في ساحات عدة.
سابعا – يبدي الاسد استعدادا للعمل على تأمين انطلاق حوار مباشر بين المسؤولين الايرانيين والمسؤولين الاميركيين والغربيين المعنيين بالامر اذا ما تخلى هؤلاء عن شروطهم المسبقة وابدوا تفهما للمطالب الايرانية "المشروعة" واستعدادا للتعامل مع الجمهورية الاسلامية على اساس انها "قوة اقليمية كبرى".
وقال لنا دبلوماسي أوروبي مطلع: "يبدو واضحا من دفاعه القوي عن المشروع النووي الإيراني أن الأسد متمسك بتحالفه الوثيق مع الجمهورية الإسلامية وهو ليس مستعدا للتضحية بهذا التحالف من اجل تعزيز العلاقات مع أميركا والغرب والدول العربية المعتدلة.
وموقف الأسد هذا الذي يتناقض مع الموقف السعودي يظهر أن المصالحة السعودية – السورية لم تؤد إلى موقف موحد رافض لخطط إيران النووية والإقليمية الخطرة، بل أنها أدت إلى التفاهم خصوصا على ضرورة تعزيز الأمن والاستقرار في لبنان وترك اللبنانيين يعالجون أمورهم ومشاكلهم بأنفسهم".

 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,162,042

عدد الزوار: 6,937,591

المتواجدون الآن: 112