دور المؤسسات يتعطل وبيروت تترقّب الحصار على إيران

تاريخ الإضافة الجمعة 12 شباط 2010 - 4:36 ص    عدد الزيارات 508    التعليقات 0

        

عادت الاوساط السياسية اللبنانية الى الانشغال بمتابعة الملف النووي الايراني في ضوء الكلام الاميركي والروسي والفرنسي على فرض عقوبات اقتصادية على ايران وما يمكن ان يحدثه ذلك من ارتدادات بات لبنان اسيرها منذ ان صار لطهران كلمة فصل فيه.
وفيما يتواصل الحديث عن احتمالات الحرب في المنطقة، وعززها امس الكلام الذي قيل في الاتصال الهاتفي بين الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد والرئيس السوري بشار الاسد، تبدي هذه الاوساط خشيتها ان تكون حالة الترقب التي يعيشها لبنان توازي خطورة حالة الحرب، نظرا الى الارتدادات التي بدأ يعانيها النظام اللبناني برمته.
تقارن هذه الاوساط ما يحدث اليوم بما حصل في المرحلة التي فرض فيها مجلس الامن عقوبات اقتصادية على العراق دامت اعواما حتى دخول القوات الاميركية بغداد. في تلك المرحلة التي  انشغلت فيها الدول الكبرى بفرض حصار اقتصادي استمر منذ التسعينات تصاعديا عشرة اعوام ، وبفرض عقوبات متزامنة على صربيا، وانتهتا كلاهما بحروب غربية على البلدين، عاش لبنان تحت وطأة الوجود السوري الذي افرز حكما مواليا لدمشق. في المقابل تصاعدت حركات الاعتراض المسيحي التي تبلورت لاحقا بقيام " قرنة شهوان" التي اسست لقيام قوى 14 آذار بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري. اتخذت تلك الحركة مداها الواسع من دعم واشنطن الموجود جيشها في العراق ومن تأييد اوروبي واضح لمفاهيم "ثورة الارز" واستعادة لبنان لثلاثية السيادة والحرية والاستقلال.
للمرحلة الآنية التي يعيشها لبنان بعض اوجه شبه مع مرحلة التسعينات. صحيح ان الجيش السوري لم يعد موجودا، الا ان سوريا تحاول استعادة نفوذها تدريجا من طريق فتح خطوط مباشرة مع حلفائها من دون تكريس العلاقات الثنائية عبر السفارتين اللبنانية والسورية.
في المقابل بات التموضع الجديد لقوى 8 آذار  بعد عام 2005 يحل محل النفوذ السوري المباشر. فلـ "حزب الله" اليوم التأثير المباشر على الحدث اللبناني سلما او حربا ، وهو امر بات مكرسا في السياسة وبفعل قدرته العسكرية بوجهيها اللذين ترجما في حرب تموز 2006 وفي 7 ايار 2008.
اما خارجيا فالعالم منشغل بملف ايران، فيما يستعيد الرئيس الاميركي باراك اوباما ملفات وتعابير لسلفه الرئيس جورج بوش في الحرب على الارهاب "والقاعدة" و"طالبان" بعدما حاول في سنته الاولى في الحكم توجيه رسائل سلمية الى العالم الاسلامي من القاهرة وتركيا. وهذا ما ترجم تغييرا في اولويات المفكرة الاميركية ، وهو ما تجلى في تغيير منحى الحرب في اليمن. فبعدما كانت الحرب قائمة بين النظام اليمني والحوثيين من جهة، وبين السعودية والحوثيين من جهة اخرى ، بدأت ملامح التسوية تظهر على الخطين من اجل توحيد الجهد نحو محاربة "القاعدة" في الجنوب اليمني،  ولا سيما بعدما استعادت "القاعدة" حضورها اثر تبنيها الاعتداء على الطائرة الاميركية يوم عيد الميلاد الفائت. وبعدما كان  ملف افغانستان قد تقدم  لتجديد الحرب على الارهاب ، بدا ان التأزم في العراق منذ الايام الاولى لاعداد قانون الانتخاب، يتجه نحو فرط الاوضاع العراقية الداخلية التي كانت اكثر هدوءا قبل عام من الان. وكل هذه التطورات تشل الوضع اكثر فاكثر في انتظار معرفة الرؤية الاميركية الجديدة للشرق الاوسط.
وفي اعتقاد هذه الاوساط ان لبنان معرض في هذه الحالة مثل فلسطين للبقاء في خانة الانتظار، فيما تبقى دمشق معلقة على حبل المفاوضات مع اسرائيل عبر تركيا والجزرة الاميركية لها من خلال تسمية سفير لها في دمشق، قبل تقرير مصير دورها في لبنان. والخطورة الكامنة في فرض عقوبات اقتصادية على طهران، ان بلدان المنطقة تعيش حالة اهتراء كاملة، بعضها اقتصادي والآخر امني وسياسي، تفقدها القدرة على تحمل حالة مماثلة تمتد سنوات، على غرار ما  حدث في العراق قبل الدخول الاميركي اليه. وهنا مكمن الخطر في مقاربة ملف العقوبات في انتظار قرار الحرب او السلم. ولهذا السبب يصبح طرح السؤال بديهيا، كيف يمكن لبنان ان يتعايش مع حالة الانتظار، وهو الذي دخل مجددا عنق الزجاجة بعدما خرج منها عام 2005؟
لم تفلح الانتخابات النيابية ولا تشكيل الحكومة في اظهار رؤية مشتركة بين فريقي الحكم، رغم انضوائهما في حكومة وحدة وطنية. وبدا واضحا من خلال مقاربة كل الملفات الكبيرة والصغيرة، ان الاتفاقات مؤجلة الى اشعار آخر، على ايقاع التطورات في المنطقة، على غرار ما حصل في الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية والتعيينات الادارية وخفض سن الاقتراع واستعادة الجنسية للمغتربين واجراء الانتخابات البلدية.
ويوما تلو آخر، يتأكد ان عامل الثقة مفقود بين الاطراف كافة الذين يتقاذفون كرة التأجيل وتحمل المسؤوليات في عدم ردم الهوة التي انفتحت في شباط 2005 ، لاعادة ترتيب المؤسسات الحكومية واطلاق عجلة الحكم . فالخوف الاكبر ان تضاعف مقاربة واشنطن للملف الايراني في احداث خلل متماد في بنية النظام اللبناني الذي يفقد عناصر حيوية من مقوماته بسبب الاهمال المتمادي للمعالجات الجذرية.
فالتركيبة الاخيرة للمعارضة التي يسميها البعض تحالفا رباعيا جديدا بانضمام النائب وليد جنبلاط اليها، قادرة على تبديل اولويات المفكرة اللبنانية داخليا وخارجيا، مع اي تطور اقليمي، في مواجهة مفكرة الاكثرية، وخصوصا  في ظل تمسك بعض قيادتها بضرورة التعامل مع الاستراتيجية الدفاعية لـ"حزب الله" والعلاقة مع سوريا من منظار المواجهة لا مجرد مقاربة حوارية، ناهيك بغياب اي رؤية شاملة اقتصادية وسياسية، وفق اسس حديثة تستند الى خبرات علمية  لنهوض لبنان بعد مرحلة الاغتيالات والحروب والاعتصامات والاضرابات، بعيدا عن شعارات البيان الوزاري الذي فرضته موجبات اتفاق الدوحة. 
ولهذا يصبح المشهد اللبناني مفككا رغم شعارات الوحدة الوطنية والاتفاق في مجلس الوزراء على عدم الخلاف، وتتحلل بنية الدولة، وتنزلق البلاد مجددا  نحو المأزق، فيما ترسم لها مشاريع وافكار وتمرر اقتراحات خطرة كالتوطين، فلا يقاربها احد الا من باب السجال من دون بحث جدي وعميق.

هيام القصيفي 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,143,059

عدد الزوار: 6,756,791

المتواجدون الآن: 122