مناسبتان لتعزيز الوحدة - بقلم كلوفيس مقصود

تاريخ الإضافة الأحد 7 شباط 2010 - 4:55 ص    عدد الزيارات 568    التعليقات 0

        

مناسبتان هذا الاسبوع تشكلان امتحانا عسيراً للقوى السياسية في لبنان، مناسبة عيد مار مارون الذي يحتفل به لبنان رسمياً، وفي الرابع عشر من شباط الذكرى الخامسة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري. لم يكن الخطاب السائد قبيل هاتين المناسبتين متسماً بالمسؤولية الوطنية المفترض ان تؤول الى تعزيز مناعة الوحدة الوطنية بدل اجترار خطاب الانشطار الذي حال دون استقامة الاوضاع بعد سنوات عجاف من التوتر والقلق وانصرام الاستقرار الذي ساهمت في استفحاله طبيعة النظام الطائفي الذي يجعل لبنان كما اختبرنا طيلة تاريخنا المعاصر سريع العطب.
كان متوقعاً ان تتحول المناسبتان فرصة لترجمة العض على الجراح واستخلاص الدروس ليس بهدف تعزيز لحمة لبنان فحسب بل انجاز الاختراق كي يستأنف لبنان الدولة دوره التنموي، ومن ثم يتحول بممارسة الحريات نموذجاً مضيئاً للانارة ويبتعد في شكل حاسم عن اي اثارة.
كما ان هاتين المناسبتين يجب تحويلهما مناسبتين لحوارات تتميز بالنفاذ الى صوغ رؤى مستقبلية واتباع منهج لنقد الذات ورسم سياسات واستراتيجيات تخرج لبنان من كونه ساحة لتصفية حسابات الغير وتحوله مختبراً فكرياً وثقافياً يمد الامة العربية التي ينتمي اليها بنتاج وعطاءات تؤول الى قراءة عربية موحدة تساهم في المدى المتوسط على الاقل الى تنسيق ملزم بين الدول العربية، فتستقوي هذه الدول بعضها ببعض، وبالتالي يخرج النظام العربي من حالة التفكك الى استعادة وزنه وتوازنه. فيتمكن لبنان من ان يدفع طاقاته ومعارفه الاقتصادية والسياحية ليصبح واحة لمد العرب بخلاصات دراسات للمستجدات من قضايا تمس بحقوق الامة ومصالحها واهداف شعوبها، كما وفر مؤسسات للقضية الفلسطينية بعد نكبة 48 و67 من القرن الماضي، خاصة مؤسسة الدراسات الفلسطينية وقبلها مركز الابحاث، اضافة الى مؤسسة دراسات الوحدة العربية. وقد كان، ولا يزال، وجود هذه المؤسسات الدراسية والبحثية وغيرها دليلا على جاذبية لبنان، وبالتالي اهليته لأن يكون المختبر القوي المقيم لما هو متوافر من طاقات في المجتمعات العربية.
 

• • •
 

نشير في المقدمة الى ان السلوك السياسي في لبنان يجب ان يكون تعبيراً عن طاقاته المتنوعة بدل ان يكون مرآة لتعددية طوائفه. هذا التوقع يصطدم بتشويش متواصل بدل الحوار الهادف.
وهذا ليس مجرد تمن بل حاجة خاصة للبنان والعرب كي يواجهوا تحديات مترامية في تعقيداتها، واستفزازات تنطوي على تهديدات واضحة كان آخرها ما ورد في خطاب وزير خارجية اسرائيل في جامعة بيار ايلان والذي انطوى على تصميم دفع خيار العدوان على سوريا الى حافة الانفجار، وعلى رغم ان الجواب الاسرائيلي قد يقول ان ما يتفوه به ليبرمان لا يمثل الموقف الاسرائيلي. فاذا كان هذا التنصل صحيحاً فلماذا يبقى في منصبه؟ لكن الصحيح ان شراسة تعبيراته هي مرآة صحيحة لتفكير رئيسه نتنياهو الذي يوظفه كي يبقي سياساته العنصرية والعدوانية ويبدو "وسطياً"، وبالتالي يمكن تسويقه كـ"معتدل"!.
وعندما يقول ليبرمان ان على سوريا ان تسقط من مطاليبها "عودة الجولان" فهو يربط ذلك بخسارة الاسكندرونة وانسحاب سوريا من لبنان. هذا التزوير الفاقع في صفاقته هو من صلب اهداف سياسة الليكود، وحتى من يرغبون في اسرائيل في مفاوضات مع سوريا ويركزون على الاستمرار في اجهاض الحقوق الوطنية والانسانية.
فالخطر الاسرائيلي يتطلب، كما يصرح رئيسا الجمهورية والحكومة ميشال سليمان وسعد الحريري، التذكير دائما بأن خروق اسرائيل للقرارات الدولية وخاصة القرار 1701 هي التي تشكل خطرا على سيادة لبنان، وان تهديداتها واستمرار احتلالها لاراض لبنانية تدفع لبنان الى حالة تأهب واستنفار، وبالتالي صار لدينا اقتناع بضرورة تسريع طاولة الحوار لصوغ استراتيجية ردع لتمادي اسرائيل في مخططاتها العدوانية على لبنان، وهكذا يكون الرد الحضاري على عنصرية المشروع الصهيوني.
يستتبع ان المناسبتين يجب ان تكونا تحريضا على حوار هادف لمناعة لبنان، واستبعاد جعلهما تأكيداً لما يفرق بدل ما يجمع. من هذا المنظور علينا في هاتين المناسبتين ان "ندفن احقادنا" كما قال غسان تويني في لحظة ملهمة، استكملت بزيارة الرئيس سعد الحريري لدمشق. فمسؤولية الكلمة تشكل مساهمة في ضبط المصطلحات من التداول. فالعلاقة بين سوريا ولبنان، بخاصة في الوقت الذي نجابه فيه تهديدات اسرائيلية، تستوجب تنسيقا وتناغما مثلما تتطلب منا جميعا احتضانا لشعب فلسطين ومساهمة مميزة في معالجة التيارات التي تجسد التقوقعات الطائفية والعرقية والقبلية على ما نشاهد في العراق والسودان والصومال واليمن وغيرها. والاهم ان النظام القطري القائم على لبنان عليه ان يرحب بالتداخل بين العرب دولا ومجتمعات والسعي إلى تكثيف مفاعيله وان يكون هذا النقيض للتدخل من دولة بشؤون قطر آخر. يستتبع هذا ان غبطة البطريرك الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير المتميز بحكمة ودقة التعبير اعتبر في تصريحه الأخير ان انسحاب سوريا من لبنان لا ينفي استمرار نفوذ لها فيه. صحيح ان التداخل ينطوي على نفوذ، نأمل ان يستمر وينمو كما ان لبنان له نفوذ في سوريا وفي كثير من الاقطار العربية، ونرجو ان يتعزز هذا النفوذ وينمو، أليس للعديد من ادباء لبنان وفنانيه وكتّابه نفوذاً في سوريا؟ فالنفوذ ليس سلطة او تسلطاً يمارسه التدخل بل هو يتنامى مع كثافة التداخل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. وفي الحال السورية – اللبنانية – العائلية، نؤكد هذه الحقيقة لان مناسبة عيد مار مارون تتولد احتفالاً بعطاءات موارنة مارسوا نفوذاً في دنيا العرب وفي العالم، امثال امين الريحاني وجبران خليل جبران والعديد ممن اسسوا "دار الهلال" و"الاهرام" في مصر والعلماء الذين عملوا في دول الخليج وآلاف الموارنة في اقطار عدة تميزوا بالانفتاح وساهموا في زرع بذور النهضة. وان الاحتفال بعيد مار مارون في كاتدرائية مار جرجس – لماذا ليس في كنيسة مار مارون؟ - وفي مزار مار مارون يجب ان يعزز في هذه المناسبة التداخل الدافئ داخل لبنان وبين لبنان وسوريا.
اما عن مناسبة استشهاد رفيق الحريري، فأعتقد ان انجاح حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري هي المناسبة التي يجب ان تعزز الوحدة الوطنية حتى نخرج من حالة القلق ويسترجع لبنان عافيته ورسالته.
واذا كنا نؤكد على تجاوز ما فرّق بيننا فالمناسبتان يجب ان تتحولا تعزيزاً لما يجمعنا كلبنانيين وعرب.
 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,054,812

عدد الزوار: 6,750,269

المتواجدون الآن: 115