التحالف مع الغرب ضد «الإرهاب» إذ يغدو رهاناً وحيداً للنظام السوري

تاريخ الإضافة الجمعة 17 تموز 2015 - 7:34 ص    التعليقات 0

        

 

التحالف مع الغرب ضد «الإرهاب» إذ يغدو رهاناً وحيداً للنظام السوري
ابراهيم حميدي 
«سيأتي يوم، عاجلاً أم آجلاً، عندما يُهرول فيه الغرب للدفاع عن النظام والتحالف معه». لا بل، «باعتبارنا نخوض معركته»، سيبذل الغرب أقصى جهوده لـ «منع انهيار» ما تبقى من النظام ومؤسساته وتعزيز تمترسه في خُمس الجغرافيا السورية ودعمه في المضي قدماً لـ «قضم» متدرج للأراضي الباقية واستعادتها.
هذا هو الرهان الفعلي لعدد من المسؤولين السوريين. كان في ٢٠١١ ولا يزال في ٢٠١٥. «التحالف مع الغرب ضد الإرهاب». الدخول في حلف عسكري ثم سياسي لمحاربة «داعش» على الأرض السورية. بل أحياناً، الاستعداد لخوض الحرب ضد «الإرهابيين نيابة عن الغرب». وفي هذا السياق، فإن أي حديث عن «حل سياسي» أو «حوار وطني»، لا يعدو كونه منصة لشراء الوقت وذخيرة ديبلوماسية وتفاوضية لحليفيه، إيران وروسيا، للوصول إلى هذه النتيجة.
دفع الحراك السوري منذ ولادته الى العسكرة. وتغييب العلمانيين مقابل ترقية الإسلاميين. دفع الصراع المسلّح الى الأسلمة. فصائل إسلامية الى التطرف. فصائل متطرفة الى التكفير. ودفع التكفيريين الى الإرهاب. وسائل متصاعدة لتوفير أرضية خصبة والوصول الى معادلة حدية: النظام أو الإرهاب. نحن أم هم. في زمن السلم، النشطاء هم الأعداء. في زمن الحرب «الجيش الحر» يترأس قائمة المستهدفين. كل خسارة يمكن ان تُمنى بها القوات النظامية، يجب ان «تمنح» لتنظيم «داعش» او في أسوأ الأحوال الى «النصرة». الوحيدون المسموح لهم بملء الفراغ الناتج من تقهقر النظام، هم المتطرفون. اما اذا كانوا معتدلين، فالأولوية هي لإضعافهم وخلق الظروف كي يذهبوا الى التشدُّد: إلغاء المقهى لنصب حاجز عسكري. إلغاء الأفران لنشر المدفع. إغلاق المدارس لبناء معاهد شرعية. لم يبخل بعض اعداء النظام و «أصدقاء الشعب» في الوصول إلى الأسلمة والعسكرة وتشجيع تمويل المتطرفين ومرورهم الى الملعب السوري بعدما بات ساحة الصراع الاقليمي والدولي. كأنه في لحظة ما، كانت نقطة الاتفاق الوحيدة بين «حلفاء النظام» و«أصدقاء الشعب» فتح الأبواب السورية. وجد النظام فيهم «الخلاص»، فيما أراد آخرون «التخلص» منهم.
جزء من هذا جزء من الماضي. الآن، يسيطر النظام على حوالي خمس الأراضي السورية، فيما يسيطر «داعش» على نصفها. وتتقاسم «جبهة النصرة» وفصائل إسلامية السيطرة على الشمال، فيما يسيطر الأكراد على جزر ثلاث قرب حدود تركيا. وتبقى الجبهة الجنوبية قرب الأردن والجولان المحتل، الاستثناء في وحدة فصائلها وتنظيمهم وعقلانية خطابهم مع تهديد هامشي من خلايا محسوبة على «داعش».
من دمشق إلى طرطوس
رهان النظام، هو التمترس في القوس من دمشق الى طرطوس. «تنظيفه» و«تطهيره» من الفصائل المسلحة و«البيئة الحاضنة». وحماية ظهر هذا القوس من «حزب الله». أيديولوجياً، العمل على ان يصبح هذا الإقليم ملاذاً للمسيحيين والدروز والشيعة والإسماعيليين والأقليات. «تحالف الأقليات» داخلياً يسهل تحالف «النظام العلماني» مع الغرب. لكن، «لا بأس» من إجراء بعض التغييرات الديموغرافية والتنظيمية و «التطهيرية» للإبقاء على الصفاء الأقلوي في هذا الإقليم. لا بد من العمل على الإبقاء على هرمية السلطة وعلى تراتبية الجيش والأجهزة الأمنية والحد من نفوذ «أمراء الحرب» و«قوات الدفاع الوطني» واللاعبين المحليين بقوة السلاح. الإسراع في انعاش هذا «الإقليم» اقتصادياً بمشاريع الغاز في البحر المتوسط ومشاريع استثمارية في الساحل. الرهان على أن تعوض هذه الاستثمارات والمساعدات الخارجية فقدان «سورية المفيدة» فعلاً من الناحية الاقتصادية نفطاً وغازاً ومياه وزراعة شرق البلاد وشمالها. الرهان الآن، ان يضخ الاتفاق النووي مزيداً من الدعم الاقتصادي الايراني.
في المناطق «الأخرى»، أن يكون العام ٢٠١٥، عام الحسم. ليس بين النظام والمعارضة، بل بين المعارضة والمعارضين. أن يكون العام الحالي فترة الصراع بين «النصرة» وحلفائها ثم بين «النصرة» و«داعش». صراع بين الفصائل الإسلامية. صراع على النفوذ والجغرافيا. أيضاً، صراع على تمثيل السنّة في سورية. ألم يكتب مسؤول الخارجية في «حركة أحرار الشام» لبيب نحاس في صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن «تمثيل السنّة» وصوتهم في سورية. الم يظهر توتر بين «جيش الاسلام» و «النصرة» شرق دمشق وبين «احرار الشام» و «داعش» في ريف ادلب.
النظام موجود هنا. موجود بعيونه وشرايينه وحوافزه ومكاسبه وشبكات مصالح جرت هندستها خلال أربعة عقود. يراهن أيضاً أن الخوف منه موجود. يظن أن الرعب من عودته قائم. يريد أن يبقى أبدياً في ذهن البعض أو عائداً في أوهام آخرين. يُحكى ان غارة جوية ضربت حاجزاً لـ «النصرة» في منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة بعد ربع ساعة من نصبه. أيضاً، اعترف الطيار المأسور في ريف ادلب في مقابلة مع قناة «الجزيرة» بوجود «جواسيس» للنظام يقدّمون إحداثيات «أهداف» كي يُجرى تدميرها. أيضاً، النظام موجود في اختراقات داخل فصائل إسلامية و «داعش» وغيرها. يُحكى أيضاً، ان والد او ابن مسؤول أمني، هو قيادي في فصيل «إرهابي» معارض، بل انه المسؤول عن العمليات العسكرية وعمليات التفجير والنسف وصنع المتفجرات وقيادة العمليات العسكرية وتحديد أولوياتها. هو صادق في عمله، كما ان ابنه او والده مخلص في عمله في جهاز امني. هنا ولاء وهناك ولاء.
حقق «جيش الفتح» السيطرة على محافظة ادلب في شمال غربي البلاد. سيطرت فصائل «الجبهة الجنوبية» في «الجيش الحر» على مدينة بصرى الشام في ريف درعا وعلى معبر نصيب على حدود الأردن. الأولى، كانت خطوة مدفوعة تركياً لحسابات لها علاقة بالإحباط القادم من البيت الأبيض. الثانية، رد أردني على اقتراب «الحرس الثوري» الإيراني من حدود الأردن والخليج. «بالصدفة»، رد «داعش» على ذلك بالتقدم من شمال شرقي سورية، تحت سماء تخلق فيها طائرات التحالف والنظام، الى وسطها الى مدينة تدمر الأثرية. يتقدم من «عروس البادية». الى تدمر بآثارها الرومانية بمسرحها وأعمدتها ومعابدها.
الرهان على «داعش»
سقوط «البراميل المتفجرة». سقوط عشرات المدنيين. القصف والقتل والتعذيب، أخبار مملة للرأي العام الغربي. فيها تكرار ورتابة. لا تمس حياتهم. أما أن يقترب «داعش» من آثار تدمر، فإن هذا يمس حياتهم. لقد هاجم «داعش» مكاناً كانوا او يمكن ان يكونوا سيقصدونه في الصيف. وعطلة الصيف مهمة. اقترب منها تنظيم يذهب آلاف المقاتلين من بلادهم إليه كي يقاتلوا ويقتلوا… ويعودوا بأخطارهم الإرهابية المحتملة. «داعش» يغيّر الحياة اليومية للمواطن الغربي. ألم تعلن «وكالة الاستخبارات الأميركية» (سي آي أي) وجود 20 ألف مقاتل أجنبي من حوالي مئة جنسية. وألم تتحدث مصادر تركية عن تسلُّمها 15 ألف اسم مشتبه بهم انهم في سورية.
مدخل رهان النظام من هنا. باتت المعادلة معروفة: إما أنا أو هم. النظام أو «داعش». الآن، رهان النظام، أو مقامرته المكلفة للسوريين، أن تأتي لحظة الحقيقة. بدأت بعض المؤشرات. أميركا تضغط على تركيا ودول خليجية لوقف دعمها للمعارضة. رفضت مطالب تركيا إقامة منطقة آمنة شمال سورية. لم تشتر عرضاً أردنياً لمنطقة آمنة في الجنوب. لا تريد انهياراً مفاجئاً للجيش وأجهزة الأمن. تستعجل الحوار مع موسكو بحثاً عن حل ما. مقاتلات التحالف لا تقترب من القوات النظامية في معاركها شرق سورية. بعض غارات التحالف، ساعدت القوات النظامية في الحسكة. قد تكون القوة الجوية السورية وقوات التحالف على موجة لاسلكية واحدة. يسمع كل منهم الآخر. تنسيق افتراضي. الرهان أن تقترب ساعة الحقيقة أن تصبح مقاتلات التحالف القوة الجوية لقوات النظام. ألم تعلن القيادة المشتركة للتحالف قبل ايام ان طائرة سورية قصفت الرقة في الوقت نفسه الذي كانت مقاتلات التحالف تقصف المدينة، معقل «داعش».
أيضاً، زادت زيارات النواب من دول أوروبية. بعض الديبلوماسيين الغربيين بات يمضي وقتاً اكثر في دمشق. بعض السفارات نقل المكاتب من إسطنبول والأردن إلى بيروت. الاقتراب أيضاً من النظام وأجهزته الأمنية. بدأ تسخين بعض قنوات التعاون الاستخباري. ديبلوماسيون من دول غربية التقوا سراً مبعوثين من النظام ومقربين منه. الاولوية هي لمواجهة «داعش». أما روسيا، فإنها تقترح حلفاً دولياً- إقليمياً مع النظام لـ «محاربة الإرهاب»، وهي رأت ان اتفاق النووي فرصة لـ«التوحد» ضد الارهاب. ولا بأس بين فينة وأخرى ان يُقدِم النظام على اختبار مسؤولين في إيران وروسيا. ولا بأس أيضاً من تذكيرهما: «إننا نخوض معركتكم أيضاً. لا تحاولوا فرض ما لن نقبله. انتم في حاجة لنا كما نحن بحاجة إليكم». لذلك، ليس مستغرباً، ألا يكون هناك الكثير من الاستعداد لدى قادة النظام للحديث الجدي عن «الحل السياسي». بل، الرد يكون بإعادة الكرة إلى الملعب الآخر: «يجب ان تتوقف الدول الإقليمية عن دعم الإرهابيين وتغلق حدودها وتوقف تمويلها ومعسكرات التدريب». والإرهابيون هم جميع الفصائل المعارضة من «الجيش الحر» في ريف درعا الى «داعش» في الرقة وإلى «جيش الفتح» في ادلب. وليس مستغرباً ان يكون الرد السوري على أفكار المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا وغيره بمن فيهم الروس، ان «الأولوية هي للحسم العسكري ضد الإرهاب».
... «بعد القضاء على الإرهابيين، نحكي بالسياسة». ما على سورية والسوريين ومن تبقى منها ومنهم، إلا انتظار الانتقال من الحل العسكري إلى الحل السياسي. كما «انتظروا» منذ بداية ٢٠١١، على من يبقى منهم حياً انتظار سنوات أخرى. الرهان هنا أيضاً، انه بعد ذلك ستعود البلاد تدريجاً كما كانت.
* صحافي سوري من أسرة «الحياة»
 

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,074,725

عدد الزوار: 7,054,009

المتواجدون الآن: 72