بعدما تراخت مظلّة الحماية الدولية فوق لبنان ...تحرك الحريري استباقي تطويقاً لاحتمالات الحرب

تاريخ الإضافة السبت 23 كانون الثاني 2010 - 5:12 ص    عدد الزيارات 544    التعليقات 0

        

كتبت هيام القصيفي:
كثرت في الايام الاخيرة التقارير الغربية الامنية والسياسية التي تتحدث عن احتمالات حدوث حرب بين اسرائيل ولبنان، مشددة على أن القرار 1701 لم يتضمن وقفاً لاطلاق النار في لبنان، وانه تحت هذا العنوان يمكن ان  يحدث الكثير. وتسهب هذه التقارير في شرح سيناريوات متعددة عن الرقعة الجغرافية التي يمكن ان تطولها المعركة المقبلة من الجنوب الى البقاع والداخل اللبناني، وصولاً الى التحذير من احتمال تحولها حربا شاملة تصل الى دمشق.
وكثافة هذه التقارير، ومنها ما هو صادر عن مراكز أمنية موثوق بها، تزامنت مع كلام لبناني عكسه رئيس الحكومة سعد الحريري خلال زيارته لباريس وحديثه الى صحيفة " الموند " الفرنسية، وتخوفه من احتمال قيام اسرائيل بشنّ حرب على لبنان.
تختلف وجهة النظر الغربية التي عكستها هذه التقارير عن تلك التي تتداولها الاوساط اللبنانية. فالسيناريوات الغربية تتحدث عن حرب استباقية تقوم بها ايران في لبنان، عبر "حزب الله" على غرار الحرب الاستباقية التي اعتادت الولايات المتحدة القيام بها في العالم، من أجل استدراج واشنطن واسرائيل الى تقديم ما لديها، بدل الوقت الضائع الذي يغرق ايران في الانتظار. في حين أن الحريري قدم في باريس رؤية مختلفة تعكس حجم المخاوف اللبنانية من أن تشن اسرائيل حربا على لبنان من دون أي ذريعة لبنانية يقوم بها "حزب الله". وبدا كأن ثمة تسليما باحتمال نشوب حرب، الا ان المعركة الحالية هي حول توقيتها ومن الذي سيبدأها.
واذا كان قرار الحرب قائماً في طهران وتل ابيب من دون أي طرف ثالث، فإن المخاوف المتصاعدة منها، بدأت تطرح جديا في المحافل الدولية، وهو كلام تردد خلال زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان لواشنطن وخلال زيارة الحريري لتركيا وباريس، وسمعه مسؤولون امنيون خلال زيارتهم الخارجية ايضا. وحجم الكلام الكثير حول الموضوع ضاعف الحركة اللبنانية الخارجية، وأعاد رسم المشهد اللبناني على قواعد جديدة.
وبحسب مصادر وزارية من الاكثرية، فإن كلام الحريري الاخير يعكس مدى الرغبة في دفع المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته حيال أي احتمالات تدفع لبنان الى معركة جديدة على غرار معركة 2006 وما سبقها من جولات عسكرية في اطار الحرب بين لبنان واسرائيل. وإذا كان الحريري رسم خطّين أحمرين حول موضوعين داخليين لا يجوز التلاعب بهما هما العلاقة المستجدة مع سوريا وسلاح "حزب الله"، فانه يشدد في تحركه الخارجي على وجوب التعامل مع موضوع السلاح من زاوية الخطر الاسرائيلي المستمر على لبنان. وتحت هذين الخطين، ثمة سعي حثيث الى منع أي احتكاك داخلي يوتّر الاجواء الداخلية ويزيد الاخطار الداخلية.
ويعكس وزراء الاكثرية ما حصل في مجلس الوزراء حول متفجرة الضاحية الجنوبية والتي ادت الى مقتل عنصرين من "حماس"، مثالا على المحاولات الجادة المبذولة لمنع تطور أي خلاف داخلي الى مشكلة عصية على الحل، كما كان يحصل في الحكومة السابقة.
ولا شك في أن هواجس الحوادث الداخلية والاشتباكات الكلامية والامنية، حاضرة بقوة في خلفية أي تحرك داخلي وخارجي، وهو يتقاطع في أكثر من مكان مع الخوف من تداعيات أي حرب محتملة. وتلفت مصادر سياسية واسعة الاطلاع الى أن المطلوب من التحرك الخارجي الذي بدأ قبل اسابيع وتتوسع حلقته يوما بعد آخر، أكبر من قدرة أي طرف داخلي وحده على تحقيقه ، وخصوصا أن عامل الثقة المطلق يبدو مفقوداً بين أركان الحكومة الذين لا تجمعهم رؤية واحدة حيال احتمالات الحرب والسلم، ولو كانوا جميعهم ملتزمين التهدئة. فـ"حزب الله" لم ينس أن ثمة شريكا له في مجلس الوزراء وقف ضده في حرب تموز 2006، كما كان ضد اسرائيل في شنها حربا على لبنان. أما الاكثرية فلا تزال تتعامل مع الحزب على اساس ما حصل في 7 ايار، لكون هذا التاريخ شكل نقطة تحول ليس فقط داخليا، بل خارجيا ايضا، لان بعض الاكثرية اعتبر انه فقد في ذلك اليوم الحماية التي كانت تؤمنها له منذ 14 شباط 2005 شبكة دولية واقليمية مترامية الاطرف.
وتعوّل الاكثرية على تحرك الحريري الذي يرفع سقف التحذيرات في محاولة استباقية أيضا لمنع أي تدهور أمني يكون لبنان ساحته، باعتبار أن التحذيرات التي وصلت علانية وسرا، عبر أكثر من جهة تركية وفرنسية واميركية، هو ان أسرائيل هذه المرة سترد على أي تحرك امني على الحدود باكثر مما يوازيه حجماً وشمولية في الزمان والمكان. ولكن إذا كان زعيم الاكثرية بصفته رئيساً للحكومة يسعى الى تأمين مظلة دولية تحمي لبنان مجدداً من أي حرب تلوح في الافق، فإن مهمته تبدو صعبة في ظل تقاطع الحسابات الاقليمية والدولية وخصوصاً في ضوء عدم الرضى الاميركي عن المسار الذي سلكته الأوضاع في لبنان منذ اتفاق الدوحة وصولا الى مرحلة تشكيل الحكومة التي لم تعكس نتائج الانتخابات النيابية، وأعطت المعارضة للمرة الاولى حصة لا يستهان بها، جعلت من "حزب الله" رقما صعبا في المعادلة الحكومية، وأعادت، بتغطية سعودية، دور سوريا بقوة الى لبنان.
وبقدر ما تتضاعف خطورة الكلام على حرب وتثير مخاوف حقيقية في لبنان، حتى من كثرة الكلام الغربي عنها اوائل كل عام، تتوسع دائرة الجهود لتطويقها.
وتبقى في الانتظار استكمال المشاورات مع الحلقة العربية المتمثلة بالسعودية ومصر والاردن، فهي أيضاً لها كلمتها التي تختلف معاييرها من بلد الى آخر، وسط تضارب الرؤية المصرية والسعودية حيال "حزب الله" وايران.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,087,389

عدد الزوار: 6,752,147

المتواجدون الآن: 105