لبنان: ملف إغاثة اللاجئين السوريين في يد الحكومة بعد فوضى التمويل

تاريخ الإضافة الأربعاء 11 شباط 2015 - 7:36 ص    عدد الزيارات 222    التعليقات 0

        

 

لبنان: ملف إغاثة اللاجئين السوريين في يد الحكومة بعد فوضى التمويل
بيروت - راغدة طراف
تشير سجلات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن عدد النازحين السوريين المسجلين في لبنان، وصل إلى 1.2 مليون شخص في نهاية العام الماضي. وهناك أعداد أخرى بقيت من دون تسجيل. اما البيانات الحكومية فإنها تقدر عددهم بنحو 1.5 مليون نازح مقابل اللبنانيين البالغ نحو عددهم 4 ملايين شخص.
اصبح الاستقرار الاجتماعي - الاقتصادي في لبنان أمام اختبار صعب، نتيجة الدفق الديموغرافي الهائل، الذي رفع عدد المقيمين في لبنان بنسبة 30 في المئة تقريباً، منذ اندلاع الأزمة السورية في آذار (مارس) 2011. فأعداد الفقراء ارتفعت حوالى 70 في المئة، وتضاعفت معدلات البطالة ووصلت بين الشباب الى 35 في المئة.
كشفت هذه المعطيات محدودية دور منظمات الإغاثة للنازحين، وأطلقت جرس الإنذار لدى الحكومة، التي سارعت الى إعلان «خطة الاستجابة للأزمة». وهذا اكبر تغيير في آلية العمل الإغاثي للنازحين في لبنان. فقد تسلمت الحكومة بموجب هذه الخطة قيادة هذا العمل. بينما كانت المؤسسات الدولية في المرحلة السابقة، بما في ذلك مفوضية اللاجئين، هي التي تعد «خطة الاستجابة» وتنفذها، بعد اطلاع شكلي للحكومة عليها. تركز الموقف اللبناني بصورة تقليدية على مبدأ إعادة النازحين الى ديارهم، باعتباره الحل الدائم والأفضل للأزمة الراهنة التي تواجه البلاد. مع الاحترام الكامل لمبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي يعني أن ظروف العودة الآمنة تبقى مشروطة بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية.
تجلت هذه المقاربة المبدئية في ورقة سياسية لإدارة أزمة النزوح السوري، قدمتها الحكومة اللبنانية في تشرين الأول (أكتوبر) 2014. وهي تتضمن ثلاث أولويات. أولاً، تقليص عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان. ثانياً، معالجة المخاوف الأمنية المتزايدة على المستوى الوطني والمستوى البلدي. ثالثاً، توسيع الاستجابة الإنسانية للعمل الإغاثي بين النازحين، بمقاربة تنموية تفيد المؤسسات والمجتمعات والبنى التحتية.
تمتد «خطة الاستجابة للأزمة» طيلة عامي 2015 - 2016. وهي تمثل التزام لبنان والتزام المجتمع الدولي تسريع الإستراتيجيات والتمويل لتخفيف آثار الأزمة في الاستقرار الداخلي. ويحتاج تنفيذ الخطة إلى 2.14 بليون دولار، لتوفير مساعدة انسانية مباشرة الى 2.2 مليون شخص من الفئات الأكثر فقراً من سوريين ولبنانيين. كما تذهب بعض النفقات الى الاستثمار في خدمات واقتصادات ومؤسسات تطاول 2.9 مليون شخص في المناطق الأكثر فقراً.
ويرى خبير دولي متابع أن الأولويات الإستراتيجية الثلاث في «خطة الاستجابة للأزمة» تبين، ان الهدف الرئيسي منها هو دمج البعد الإنساني لإغاثة المجتمع النازح مع البعد الاجتماعي لاستقرار المجتمع المقيم. وفي شرحه لهذه الأولويات لاحظ ان الأولوية الإستراتيجية الأولى تحرص على تأمين المساعدات الأساسية للمجتمعات الأكثر تضرراً وغير القادرة على تلبية حاجاتها المادية. وتوفير المساعدات الغذائية للأكثر فقراً بين العائلات السورية النازحة فضلاً عن المساعدة من خلال البرنامج الوطني لاستهداف الأسر الأكثر فقراً في لبنان. وكذلك تأمين مساعدات السكن تحديداً للقاطنين في مساكن غير لائقة. والمساعدة في تأمين الحماية من خلال دعم القدرات المحلية في تسجيل السوريين ووضع بياناتهم ما يسمح بتنظيم وجودهم. كما ستتم تلبية بعض الاحتياجات الإنسانية المحددة للبنانيين العائدين من سورية وللاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية.
تتجه الأولوية الإستراتيجية الثانية للخطة نحو توسيع النفاذ الى الخدمات العامة وضمان نوعيتها في المجتمعات اللبنانية الأكثر ضعفاً. وتريد جمع الموارد اللازمة من اجل تحسين البنية التحتية وإعادة تأهيل المرافق الضعيفة في المناطق الفقيرة. وكذلك التأمين المستمر للتعليم الأساسي والمستلزمات الصحية والمياه والصرف الصحي لتغطية الحاجات الإضافية. كما ترمي هذه الأولوية الى دعم تكاليف الرعاية الصحية والتعليم المرتبطة بالأزمة. وتعزيز قدرات البلديات على تطوير السياسات وإدارة الموارد والمعلومات والتخطيط والإنفاق.
وشدد هذا الخبير على اهمية الأولوية الإستراتيجية الثالثة الواردة في الخطة، في مجال تدعيم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمؤسساتي في لبنان. من خلال خلق فرص عمل سريعاً للعاطلين من العمل ممن هم الأكثر ضعفاً، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة للمزارعين ما يساعد في تحقيق الاستقرار في العلاقات بين أفراد المجتمع، خصوصاً الشباب. كما تتضمن هذه الأولوية بناء المهارات المهنية للشباب والمراهقين وتشجيع الإدارة المستدامة الزراعية والحيوانية واستراتيجيات المشاريع الاقتصادية المحلية وتحسين إدارة الكوارث والأزمات.
مع بدء تنفيذ هذه الخطة، يتوقع هذا الخبير ان نشهد خاتمة الاتهامات التي وجهت الى بعض منظمات الإغاثة، بتعمد تضخيم اعداد النازحين، بما في ذلك تسجيل بعض المقيمين الدائمين على لوائح المساعدة، من اجل تبرير زيادة التمويل و»نفخ» الموازنات. ويرى ان هذا التغير في آلية وهدف العمل الإغاثي، قد ادخل ملف النزوح السوري في مرحلة جديدة.
هذا التفاؤل بدور الحكومة في تولي الملف، يقول الخبير، لا زال خطة على الورق ولم يتحول الى خطة في الميدان. فالسؤال الأساسي هو حول قدرة الدولة على توفير الكادر البشري اللازم للتنفيذ. فالمشكلة ان الفريق السابق الذي كان يعمل في هذا الملف كان يتقاضى اجره من الأموال الإغاثية وتحديداً عبر مفوضية اللاجئين التي كانت تدفع رواتبهم بالتنسيق مع الوزارة. اما رؤساء الدوائر والمناطق والأقضية في وزارة الشؤون الاجتماعية، مثلاً، الذين يمثلون فريق عمل الحكومة الأساسي فقد تركوا بعيداً عن اي دور.
تتسم الخطة بقدر كبير من التجريب. اذ من المفترض ان تؤدي الى تحرير الحكومة من الضغوط التي كانت تتعرض لها خلال الفترة الماضية من جانب ممثلي الهيئات الدولية والمنظمات الأجنبية. كان هؤلاء كما كشف هذا الخبير، يأتون الى اجتماعات التنسيق ليناقشوا حق الدولة اللبنانية في طلب اوراق رسمية معينة من النازح، رغم ان الأسباب تكون ادارية وليست سياسية.
ويضيف ان «خطة الاستجابة للازمة» قد حولت تلك الهيئات والمنظمات الى مساعد للدور القيادي للحكومة في ملف النزوح طيلة العامين المقبلين. ولهذا التحول اهمية كبيرة لأن هذه الهيئات والمنظمات التي كان من المفترض ان يقتصر دورها على تلقي الأموال من المانحين وتوزيعه على النازحين تصرفت طيلة السنوات الثلاث الماضية وكأنها هي مصدر التمويل وهي صاحبة القرار في كيفية الإنفاق.
ان عشرات المنظمات المحلية والدولية سوف تشارك في جمع موارد هذه الخطة وتنفيذها بإشراف الحكومة، وبالعمل المنسق مع الوزارات والأجهزة والبلديات. ولكن تقلص الدعم المالي من جانب المانحين الدوليين، يزيد المسؤولية القانونية والمعنوية الملقاة على عاتق الحكومة، ما يثير القلق من ان يكون هدف الدعم الدولي للخطة ادارة الأزمة في لبنان، بدلاً من مساعدته على حلها.
 

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 156,072,250

عدد الزوار: 7,014,336

المتواجدون الآن: 73