الحرب على الجبهة السياسية

تاريخ الإضافة الأربعاء 23 تموز 2014 - 7:32 ص    عدد الزيارات 249    التعليقات 0

        

 

الحرب على الجبهة السياسية
ماجد كيالي
اشتغلت إسرائيل على تصوير الحرب الوحشية التي تشنّها ضد قطاع غزة، باعتبارها بمثابة حرب عادلة، وكدفاع عن النفس، لصد "عدوان" حركة "حماس" عليها. بيد أن هذه المحاولة قامت على دعائم واهية، ومخاتلة، لاسيما في ايحاءاتها أن هذا القطاع خارج سيطرة الاحتلال، وأنه بات بمثابة قاعدة عسكرية، وأن "حماس"، التي تتولى السلطة فيه، بات لديها جيش، مع سلاحي صواريخ وطائرات، وأنها تهدد السلام والأمن في المنطقة، باختلافها مع السلطة، وخصومتها مع النظام المصري.
واضح أن هذه الصورة تتناسى الحكاية الأساسية، وهي أن إسرائيل، كدولة محتلة، لم تنهِ علاقتها تماما بالقطاع، وأنها فقط أعادت انتشارها حوله، وتتحكم بالسيطرة على حركة الدخول والخروج إليه، بالنسبة للأشخاص والبضائع، وحتى انها تحرم الصيادين من الصيد في البحر، أو تحدد ذلك لهم بحسب هواها، ما يفيد بأن فلسطينيي غزة ما زالوا يكابدون من علاقات السيطرة الإسرائيلية. فوق ذلك فإن الفلسطينيين في غزة، ويناهز عددهم مليوني شخص، ظلوا يخضعون طوال سبعة أعوام لحصار مشدد، كأن القطاع بالنسبة لهم بمثابة سجن كبير، مع ما في ذلك من معاناة وظلم وفقدان للأمل.
وبالنسبة لتصوير القطاع كقاعدة عسكرية، وكشبكة اخطبوطية من الأنفاق، فهو ليس إلا محاولة لتغطية، أو لتبرير، جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي، بحق الفلسطينيين الآمنين، وضمنهم الأطفال والنساء والشيوخ الذين بيّنت فاتورة الحرب انهم دفعوا الثمن الأكبر لها.
أما الإيحاء بأن حركة "حماس" باتت تمتلك جيشا، مع سلاحي صواريخ وطائرات، ما يشي بنوع من التكافؤ، وهو انطباع تتحمل مسؤوليته هذه الحركة أيضا، فلا تؤيده الوقائع، لا سيما مع إعلان الجيش الإسرائيلي، في بيانات متتالية، مصرع 20 إسرائيليا، طوال فترة الحرب، ضمنهم 13 جنديا قتلوا في اشتباكات مسلحة الأحد الماضي، واثنين مدنيين فقط، احدهما قتل بقذيفة هاون على حاجز ايريتز، والثاني بدوي (عربي) قتل نتيجة قذيفة صاروخية قرب مدينة ديمونا.
يبقى الأمر الأخير، وهو ايحاء إسرائيل أنها في هذه الحرب أضحت جزءا من هذه المنطقة، وأن ما تفعله هو لخدمة السلطة الفلسطينية، ومحور النظام المصري، والأنظمة المتحالفة معه، بالضد من محور عربي وإقليمي آخر، وهو تطور لافت، يعكس رغبة إسرائيلية في التكيف مع واقع المنطقة، أكثر مما يعكس حقيقة ما يجري.
المشكلة في هذا المنطق انه يحاول وضع الضحية محل الجلاد، بتغطية حقيقة إسرائيل كدولة استعمارية، وواقع أنها الطرف الوحيد الذي يملك قرار الحرب، وأدواتها، في هذه المنطقة، وأن الفلسطينيين هم الضحية، إذ أنهم الطرف الوحيد الذي يذهب منه المئات نتيجة القصف الإسرائيلي الصاروخي والعشوائي.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,383,174

عدد الزوار: 6,989,112

المتواجدون الآن: 63