الشيعي التائه

تاريخ الإضافة الثلاثاء 3 تشرين الثاني 2009 - 10:01 م    عدد الزيارات 652    التعليقات 0

        

أحمد عياش  

ما قاله البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير في سلاح "حزب الله" وايرانيته، وهو كلام يتباهى الحزب به في مناسبات عدة، يستأهل أكثر من الرد غير المباشر الذي أدلى به نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم وأكثر من صمت كبار رجال الدين الشيعة وكبار سياسييهم. ففيما كان الوطن يضج بكلام البطريرك، كان العلامة السيد محمد حسين فضل الله يتحدث عما يجري في بيشاور بباكستان. وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري مشغول البال لـ"تأخر" ولادة الحكومة!
بالتأكيد لم يكن ذلك ليحصل لو كان الإمام موسى الصدر أو الشيخ محمد مهدي شمس الدين حيين، أو كان الرئيس كامل الأسعد أو الرئيس صبري حمادة مكان الرئيس بري. أما الرئيس حسين الحسيني فقد تخطى أبو الهول بأشواط بعيدة، بهذه القدرة العجيبة على الصمت في ذروة السجال حول اتفاق الطائف وما اذا كان قد انطوى في مناقشاته على هذه البدعة العجيبة لحكومة "الوحدة الوطنية" التي تنسف الى الابد قاعدة الاكثرية والاقلية في النظام البرلماني اللبناني.
ان ما يقوله البطريرك صفير اليوم بشجاعة، فضلاً عن انه قول وطني، هو كذلك قول شيعي بامتياز. ان بطريرك الموارنة لا يسد فراغ السياسة والدين على المستوى المسيحي، بل يسد ايضاً وبوطنية عالية الفراغ السياسي والديني الشيعي على وجه الخصوص.
ما يدور في لبنان ليس "ضوضاء" كما يقول الشيخ نعيم قاسم في وصفه لـ"حادثة عابرة" في الجنوب، بل هو شبح خطر توتر ونزاع قد يجرف لبنان سيله في زمن يتهدد المنطقة تسونامي الانفجار الشامل في الشرق الاوسط، وهو ما ألمح اليه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة مايكل وليامس. الامر يستدعي في صورة عاجلة ليس قمة روحية تبدو فكرة لن تبصر النور، بل قمة شيعية على غرار الحدث التاريخي الذي كتب عنه أحد معاصريه محمد جابر آل صفا، أي مؤتمر وادي الحجير الشهير عندما كانت هذه البلاد في فترة الاضطراب خلال انهيار السلطنة العثمانية والصراع بين مشروع الدولة العربية ومشروع الانتداب الفرنسي. ومما يقوله المؤرخ المرموق محمد جابر آل صفا في كتابه "تاريخ جبل عامل" أي تاريخ الجنوب: "(...) ولما استفحل أمر الثوار واشتد استياء عقلاء البلاد من هذه الحال، ارسل كامل بك الأسعد بطاقات الدعوة للعلماء والاعيان والمفكرين لعقد مؤتمر عاملي من أبناء الشيعة على رأس نهر الحجير وهو مكان يتوسط البلاد العاملية واقع على بعد خمسة عشر ميلاً من النبطية لجهة الجنوب. وعيّن له يوم السبت الواقع في 5 شعبان 1338هـ و24 نيسان 1920م. وفي الوقت المعيّن تم الاجتماع وعقد المؤتمر برآسة كامل بك الأسعد". ويختم محمد جابر آل صفا ان القرار الذي وقعه المؤتمرون ملخصه "ان المؤتمرين قرروا بالاجماع انضمامهم للوحدة السورية، والمناداة بجلالة الملك فيصل ملكاً على سوريا، ورفض الدخول تحت حماية أو  انتداب الفرنسيين".
هذا ما حصل في ذلك الزمن. لقد قال أهل جبل عامل كلمتهم التي جمعتهم في قضية المصير الذي لا يبدو هذه الايام مختلفاً جداً. فلبنان الكبير الذي ولد من رحم الامبراطورية العثمانية يشبه لبنان الذي يولد من رحم الاحتلال الاسرائيلي والوصاية السورية بعد اهوال الحرب التي فتكت بالبلاد على مدى عقود. ان اللبنانيين بأكثريتهم الساحقة قالوا بعد التجارب المريرة انهم منضوون في مشروع "لبنان أولاً". أما الذين يقودون "جبل عامل" اليوم وهم من جاء بهم الزمن السوري والايراني لم يقولوا بعد كلمتهم. لتكن لديهم الجرأة فيجتمعوا في وادي الحجير أو أي واد يرتؤونه ليقولوا ما اذا كانوا يريدون الانضمام الى دمشق أم طهران أم يريدون لبنان؟ ان الوضع الراهن يا سادة ليس "ضوضاء" بل نذر عاصفة. ولا ينفع لاحقاً ان يقول أحدهم: "لو كنت قد علمت!".

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,636,154

عدد الزوار: 6,905,576

المتواجدون الآن: 115