عباس افتتح مؤتمر "فتح" بالإقرار بـ "أخطاء" وبهجوم على "حماس" مسودة البرنامج السياسي تُبقي خيار "النضال المسلح" مفتوحاً

تاريخ الإضافة الأربعاء 5 آب 2009 - 6:16 ص    عدد الزيارات 4271    القسم عربية

        


افتتح امس الرئيس الفلسطيني محمود عباس  المؤتمر الأول لحركة "فتح" منذ 20 سنة، عام 1989، والسادس منذ أسسها الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في نهاية الخمسينات من القرن الماضي، في بيت لحم بالضفة الغربية. وأقر بان هذه الحركة التي يتزعمها والتي تعاني انقسامات، ارتكبت "أخطاء" أدت الى هزيمتها امام حركة المقاومة الاسلامية "حماس" في قطاع غزة، ودعا الحركيين الى "انطلاقة جديدة"، قائلا ان الفلسطينيين يسعون الى السلام مع اسرائيل لكن "المقاومة" ستبقى أحد الخيارات.

 

  وانعقد المؤتمر وسط اجراءات أمنية مشددة، ويشارك فيه نحو 2300 مندوب ويستمر ثلاثة ايام، ينتخب خلالها لجنة مركزية جديدة للحركة من 21 عضواً، ومجلسا ثوريا من 120 عضواً، ويتبنى برنامجا سياسيا جديدا.

 

 ورفعت في المؤتمر الذي التأم في مدرسة مسيحية قرب كنيسة المهد، شعارات تؤكد حق الشعب الفلسطيني في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية، منها "المقاومة حق مشروع للشعب الفلسطيني". كما رفع علم الحركة وشعارها. واطلق على المؤتمر "مؤتمر الشهيد المؤسس ياسر عرفات انطلاقة جديدة نحو الحرية والاستقلال". واحتلت صورة كبيرة لعرفات، الذي يتوقع أن تكون ملابسات وفاته أحد الملفات التي يبحث فيها المؤتمر، مكاناً بارزاً على جدران القاعة. وحضر الجلسة الافتتاحية أكثر من 70 وفدا تمثل أحزابا وهيئات ومنظمات عربية ودولية، ورجال دين مسلمين ومسيحيين، الى ديبلوماسيين


 

عباس

وقال عباس امام أعضاء الحركة: "بفعل انسداد آفاق عملية السلام وايضا بسبب اخطائنا وجملة من ممارساتنا وسلوكياتنا المرفوضة جماهيريا وادائنا الضعيف وابتعادنا عن نبض الجماهير وضعف انضباطنا التنظيمي، خسرنا انتخابات المجلس التشريعي الثانية وبعد ذلك خسرنا غزة". واضاف: "اوشكنا على خسارة ما تبقى من السلطة... لكننا قاومنا وصمدنا وبادرنا ... حافظنا على السلطة بديلا من خطر اعادة كل الامور الى الاحتلال. عملنا ليل نهار من اجل توفير الامن لمواطنينا وهو أمر كان يبدو مستحيلا بسبب الفوضى والفلتان الامني الداخلي، والتدخل المتواصل من اسرائيل". وأشار الى رغبة الشعب الفلسطيني في "اخراج عملية السلام من طريقها المسدود مع تأكيد حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وهو ما يقره القانون الدولي بما في ذلك المقاومة المسلحة".

 

 وهاجم رئيس الوزراء الاسرائيلي اليميني بنيامين نتنياهو متهما اياه بتدمير اي فرصة لمعاودة مفاوضات السلام برفضه تجميد الاستيطان واهدار حقوق الفلسطينيين في القسم العربي من القدس وفي وادي الاردن. كما اتهم الحكومة الاسرائيلية بممارسة "التطهير العرقي" في القدس الشرقية من طريق تدمير البيوت ونشر المستوطنين في الاحياء الفلسطينية. وقال ان "هذه الهجمة المتصاعدة والمترافقة مع رفض إسرائيلي لوقف النشاطات الاستيطانية، كفيلة باجهاض الجهد الدولي لإحياء عملية السلام". ولاحظ ان "الهجمة الاستيطانية في السنوات الاخيرة، ساهمت في تبديد زخم الآمال التي اطلقها توقيع اتفاقات السلام في 1993 وفي اثارة الشكوك لدى شعبنا، في شان جدوى وجدية العملية التفاوضية بأسرها، وفي نشر اجواء اليأس من امكان التوصل إلى السلام".

 

وذكر ان "حكومة اسرائيل قدمت قبل يومين فقط حمايتها للاستيلاء على بيوت مقدسية في الشيخ جراح، عائلتي غاوي وحنون في إطار سياسة تطهير عنصري وسلب لبيوت المقدسيين لا مثيل لها في عالم اليوم".

 

 وفي المقابل رأى ان الرئيس الأميركي باراك أوباما بعث بمواقفه وخطواته وتركيزه على أولوية حل الصراع العربي - الإسرائيلي ودعمه لحل الدولتين "الكثير من الآمال بدور أميركي فاعل ومتوازن... نثمن هذه المواقف الإيجابية وخصوصا المتعلقة بمطلب الوقف الشامل للاستيطان، ونؤكد موقفنا الثابت الملتزم حقوق شعبنا وللشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية... إن كلمة السر في هذا الأمر هي العدالة لفلسطين، وللشعب الفلسطيني. ولقد تكفلت خطة خريطة الطريق تحديد المعالم وتكفلت قرارات الشرعية الدولية تحديد المضمون... وكذلك المبادرة العربية التي هي جزء من خطة خريطة الطريق".

 

 كذلك هاجم "انقلابيي حماس" بشدة، منددا بـ"القمع" الذي تمارسه حركة المقاومة الاسلامية في غزة ضد ناشطي "فتح" واتهمهم بعرقلة الحوار مع حركته من أجل المصالحة الفلسطينية. وقال انه ليس من حق "حماس" او اي فصيل آخر ان يختار من تلقاء نفسه ما الذي تستلزمه مقاومة الاحتلال الاسرائيلي. ولا يمكن أحدا ان يتخذ القرار بمفرده ولا يمكن لأحد ان يقود الوطن الى كارثة ولا يمكن لأحد ان يتخذ القرار "ويأخذنا الى حيث لا نريد"، مكررا انتقاده السابق للهجمات الانتحارية لـ"حماس" والتي اعتبر أنها تضر بالقضية الفلسطينية. لكنه حذر ايضا من ان الفلسطينيين لن يتخلوا عن حق مواجهة العنف بالعنف قائلا: "تمسكنا بخيار السلام لا يعني وقوفنا عاجزين امام تواصل الانتهاكات المدمرة لعملية السلام".

 

 وكانت حركة "حماس" التي تدير غزة منعت مندوبي "فتح" الذين يعيشون في القطاع والبالغ عددهم أكثر من 300 من السفر الى مدينة بيت لحم لحضور المؤتمر.

 

 الى ذلك، شدد عباس على أن عقد هذا المؤتمر معجزة وأن الناس ينتظرون نتائج. وقال إن "فتح" يجب أن تقدم للشعب مثالا جديدا وواضحا للدولة الفلسطينية التي "نريدها أن تكون وطنا حرا لشعب من الاحرار. دولة ترسي وترسخ سيادة القانون وتحترم حقوق الانسان وتصون الحريات العامة وتحقق المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص رافضة أي شكل من أشكال التمييز. دولة تقوم على تكريس التعددية والممارسة الديموقراطية والانفتاح على العالم".


 

 قريع

وكان المفوض العام للتعبئة والتنظيم في حركة "فتح" أحمد قريع "أبو علاء" قد بدأ الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بكلمة أشاد فيها بالدور التاريخي للزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، ودور "فتح" في العمل الوطني لتحرير الأرض. وانتقد موقف حركة "حماس" قائلا انها عملت من خلال منع أعضاء "فتح" من حضور مؤتمرها على "تعميق الجرح وزيادة الكراهية"، لكنه تمسك بالحوار من أجل تحقيق المصالحة. وأضاف: "إننا من الموقع المسؤول نؤكد أننا سنظل حرصاء على وحدة شعبنا، وسنظل حرصاء على الحوار ما دام هناك أمل في نتيجة".


 

مسودة البرنامج

 وأفاد مسؤولون فلسطينيون أن مسودة البرنامج السياسي الجديد لـ"فتح" تدعو الى أشكال جديدة من المقاومة، مثل العصيان المدني ضد توسيع المستوطنات اليهودية وجدار الفصل العنصري في الضفة الغربية. وتترك المسودة خيار "النضال المسلح" مفتوحا اذا فشلت المحادثات مع اسرائيل ولا تستبعد اصدار اعلان من جانب واحد باقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة اذا استمر توقف المفاوضات. وترفض الاعتراف بيهودية إسرائيل وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن وجودهم.

 

وكان المجلس الثوري لـ"فتح" اجتمع ليل الاثنين في حضور عباس، وأقر الآليات الخاصة بعقد المؤتمر، وكذلك جدول أعماله، وعين سفير فلسطين في القاهرة نبيل عمرو ناطقا باسم المؤتمر.


 

"حماس"

وتعليقا على كلمة الرئيس الفلسطيني، صرح الناطق باسم "حماس" سامي ابو زهري ان "خطاب عباس لا يؤسس لاي مصالحة فلسطينية ويعكس نيات سيئة وهو مليء بالتلفيق والتهريج ضد حركة حماس". واتهم الرئيس الفلسطيني بأنه "استخدم بعض الأكاذيب" في خطابه، نافياً أن تكون حركته خططت لاغتياله أو تكون نفذت بعض الممارسات التي ذكرها في الخطاب.

 

وكان عباس قال إن "حماس" زرعت عبوات ناسفة في منزله وفي الطريق إليه في يوم انعقاد مؤتمر المصالحة في مكة في السعودية من أجل اغتياله، وأنه تم كشف هذا المخطط.

 

واوضح ابو زهري ان "الكل يعلم أن الذي حاول اغتيال عباس في غزة هو حركة فتح خلال زيارته لخيمة عزاء ياسر عرفات". واتهم الرئيس الفلسطيني بالاشتراك في حصار قطاع غزة، مدعياً أنه تدخل شخصياً لإقناع أطراف أوروبيين ليعدلوا عن قرار إنهاء مقاطعة "حماس". ورفض دعوة عباس للاحتكام إلى الانتخابات، مشدداً على أنه لن تكون هناك أي انتخابات قبل تحقيق المصالحة.

 

اما القيادي في الحركة ايمن طه، فقال ان كلمة عباس امام المؤتمر تعكس "نفسية مريضة تمثل رؤية حزبية ضيقة". وأضاف: "حماس هي الفصيل الاكبر على الساحة وليس عباس ولا أحد آخر. ولا يستطيع عباس ولا أي أحد آخر أن ينكر وجودها وحماس ليست في حاجة إلى شهادة من عباس".


 

نبيل عمرو

ورد نبيل عمرو بان "فتح لن تقبل من الآن فصاعدا أي ابتزاز من حركة حماس، وستتخذ الخطوات التي ستراها مناسبة لحماية مصالحها ومصالح الشعب الفلسطيني". واعتبر ان خطاب الرئيس الفلسطيني كان شاملا وواضحا في ما يتعلق بالمقاومة، التي هي "حق مشروع ويجب أن تحظى بالاجماع وان تتوافق مع القانون الدولي".


 

"فتحاويو" غزة

ومع افتتاح المؤتمر في بيت لحم، جلس انصار "فتح" في غزة امام التلفزيون لمتابعة الوقائع، وقال عضو المجلس التشريعي عن "فتح" من غزة اشرف جمعة انه يأمل في ان تخرج الحركة من هذا المؤتمر اقوى لتواجه تحديات منها اسلاميو "حماس". وافاد انه لا يستطيع الذهاب في اي حال الى الضفة لان اسرائيل التي تسيطر على معابر في ارضها بين غزة والضفة تمنعه. وامل ان ينتخب المؤتمر قادة جددا للحركة. وخلص الى ان غياب اعضاء غزة يمكن ان يعوق جهود مؤتمر "فتح" للتصويت على تغييرات كبيرة.


 

اسرائيل

وردا على سؤال عن استخدام عباس لفظة المقاومة، صرح الناطق باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي مارك ريغيف: "تسعى إسرائيل الى مصالحة تاريخية مع جيراننا الفلسطينيين... نريد السلام والطريقة المثلى لتحقيقه هي طاولة المفاوضات".

 

واعتبر مصدر إسرائيلي مسؤول أن إنعقاد مؤتمر "فتح" فرصة لمعاودة مفاوضات السلام شرط عدم طرح الفلسطينيين شروطا مسبقة. ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عنه ان "هناك فعلا شروطا مسبقة وضعها مسؤولون في حركة فتح، وأن إسرائيل عملت كل ما في وسعها من أجل تهيئة الأجواء لانعقاد المؤتمر العام للحركة في بيت لحم".

 

لكن وزير الإعلام والشتات الإسرائيلي يولي إدلشتاين من تكتل "ليكود صرح بان مؤتمر "فتح" السادس هو بمثابة "إعلان حرب". وقال: "علينا ألاّ نتصرف وكأننا لم نسمع شيئاً، علينا الخروج من حلقة الوهم أن هؤلاء معتدلون يريدون السلام، انهم يقولون بوضوح انهم يدعمون استمرار الكفاح المسلح". وتساءل: "هل هؤلاء هم الزعماء المعتدلون الذين يريدنا العالم أن نخوض المفاوضات معهم؟ شعوري هو اننا لسنا مهتمين بالإصغاء إلى أصوات تدعو إلى نضال مسلح وحق العودة وأن تكون القدس عاصمة لدولتهم". ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى مواصلة البناء في الضفة الغربية والقدس. واعرب عن اعتقاده ان مواقف زعماء "فتح" هي نتيجة النزاع الداخلي الفلسطيني على السلطة، وان "التنافس الآن ليس على من يحكم المنطقة ويدير السلام، بل على من يقود الكفاح ضد إسرائيل".

 

وحذر الرئيس شمعون بيريس الزعماء الفلسطينيين من تشديد مواقفهم حيال إسرائيل، لان مثل هذا التوجّه سيلحق بهم أضراراً كبيرة. وقال انه لا يتوقع شيئاً من مؤتمر "فتح" إذ صار واضحاً أن قادة الحركة سيتسابقون خلال المؤتمر على إطلاق التصريحات المتطرفة، ولكن "يتعين عليهم أن يتذكروا انهم ملتزمون خريطة الطريق وبتسوية النزاع من طريق المفاوضات فحسب".

 

وقال وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك إنه على رغم أنه ليست لدى إسرائيل رغبة في التدخل في القضايا الداخلية للفلسطينيين، إلا أنهم سيظلون تحت الفحص والتدقيق، بناء على نتائج مؤتمر "فتح". واعتبر أن القرارات التي سيتخذها المؤتمر ستكشف استعداد الجانب الفلسطيني في ما له صلة بشروط مواصلة التفاوض مع إسرائيل في ضوء التقارير التي تتردد عن اعتزام "فتح" تسجيل إضافة الى برنامجها الأخير تنص على عدم اعترافها بإسرائيل دولة يهودية.


رويترز، و ص ف، أ ش أ، ي ب أ


المصدر: جريدة النهار

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,103,376

عدد الزوار: 6,752,879

المتواجدون الآن: 101