آلاف المقاتلين السوريين يتوزعون على جبهات وتشكيلات.. والإسلاميون يتصدرون المشهد، خبير في الحركات الإسلامية: مخاوف الغرب نابعة من تهديدهم المحتمل لاستقرار دول إقليمية....معارك وقصف في ريف دمشق وانشقاق مسؤول في الاستخبارات

أطوار الثورة في حلب وأحوال الأقليات .....تعيين والٍ تركي للسوريين.. ونصف مليون لاجئ في لبنان...«المرحلة الانتقالية» تصطدم بعقدة دور الأسد...روسيا تطالب بعملية انتقالية.. والمعارضة ترى في موقفها «ليونة»، مصادر دبلوماسية روسية : لا اتفاق مع الإبراهيمي على حكومة بـ «صلاحيات كاملة»

تاريخ الإضافة الإثنين 14 كانون الثاني 2013 - 5:18 ص    عدد الزيارات 2156    القسم عربية

        


 

«المرحلة الانتقالية» تصطدم بعقدة دور الأسد
لندن، دمشق، بيروت، موسكو - «الحياة»، أ ب، أ ف ب، رويترز
بدا امس أن الدور الذي يفترض أن يلعبه الرئيس السوري بشار الأسد خلال «المرحلة الانتقالية» التي تم الاتفاق عليها في جنيف أول من أمس، هو محور النقاش الدائر بين موسكو وواشنطن والمبعوث الدولي العربي الأخضر الإبراهيمي، ففي تعليق لوزارة الخارجية الروسية على لقاء جنيف، الذي ضم نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ونائب وزيرة الخارجية الأميركية وليم بيرنز والأخضر الإبراهيمي، دعت موسكو إلى البدء بعملية انتقالية سياسية في سورية.
ولفت المراقبين التأييد الذي أعلنته موسكو للإبراهيمي «بصفته مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة والجامعة العربية في شأن سورية»، والذي وصفته بأنه «تأييد لا يتزعزع». كما كان لافتاً أن هذا التأييد يأتي على رغم الحملة التي شنتها وسائل الإعلام الرسمية السورية على الإبراهيمي بعد انتقاده الخطاب الأخير للرئيس بشار الأسد، وعلى رغم إعادة تأكيده أن العملية الانتقالية التي يجب أن تقوم في سورية «تعني تولي حكومة انتقالية كل صلاحيات الدولة»، وهو ما يشير إلى توافق غير معلن بين موسكو والإبراهيمي على استبعاد الأسد من هذه العملية.
وأكد بيان وزارة الخارجية الروسية أن حل النزاع السوري يبدأ بوقف العنف فوراً وبدء عملية انتقالية سياسية. وأضاف أن هذه العملية يجب أن يكون هدفها «تضمين القانون المساواة في الحقوق المكفولة لكل المجموعات الإتنية والطائفية في هذا البلد». كما شدد على «أن المسائل المتعلقة بمستقبل سورية يجب أن يعالجها السوريون أنفسهم، بلا تدخل خارجي وبلا وصفات حلول جاهزة».
وكان الإبراهيمي اعتبر أن «العنصر الأساس في بيان جنيف هو الحكومة الانتقالية، التي يجب أن تتسلم كامل الصلاحيات التنفيذية خلال وجودها».
وأضاف: «اتفقنا (مع بيرنز وبوغدانوف) على أن كامل الصلاحيات التنفيذية يعني كل صلاحيات الدولة»، من دون أن يوضح ما إذا كان ذلك يعني عملياً نزع كل الصلاحيات التي يتمتع بها الرئيس بشار الأسد.
كما يأتي التأييد الروسي «الذي لا يتزعزع» لمهة الإبراهيمي على رغم الحملة التي شنتها عليه وسائل الإعلام السورية واتهمته بالانحياز وبأنه «أداة» للمخطط الغربي ضد سورية، وذلك بعد انتقاده الخطاب الأخير للرئيس السوري. ورداً على سؤال لوكالة «فرانس برس»، رفضت الخارجية الروسية تأكيد الموافقة على التفسير الذي قدمه الإبراهيمي للعملية الانتقالية.
وفي بيان منفصل، أشارت الخارجية الروسية إلى أن بوغدانوف التقى في جنيف وفداً سورياً بقيادة المعارض ميشال كيلو. وقالت الوزارة إنهما «يتقاسمان الرأي بأن المهمة الأولى هي وقف أعمال العنف فوراً وبدء حوار وطني» بموجب بيان جنيف. وتعهد بوغدانوف بمواصلة «الاتصالات بوتيرة حثيثة» مع الحكومة السورية والمعارضة.
وكانت مصادر ديبلوماسية غربية أبلغت «الحياة» أن بعض الدول بدأ ينظر إلى «البرنامج السياسي» الذي أقرته الحكومة السورية قبل يومين على أنه «بداية التفاوض» مع الأطراف المعنية بالأزمة السورية. وأشارت إلى أن السلطات السورية أرادت أن «تضع قاعدة التفاوض» قبل محادثات الإبراهيمي في جنيف مع بيرنز وبوغدانوف.
من جهة اخرى، ذكر مصدر حكومي سوري أن قوات النظام تمكنت امس من السيطرة على بلدة داريا في ريف دمشق التي دارت معارك طاحنة حولها بعد سيطرة قوات المعارضة عليها، خصوصاً أنها تشكل تهديداً لقاعدة عسكرية مهمة للنظام ولوزارة الداخلية ومواقع أخرى لأجهزة الاستخبارات في منطقتي المزة وكفرسوسة المجاورتين. ولا تبعد داريا سوى اقل من 10 كيلومترات عن قصر الشعب وهو أحد ثلاثة قصور رئاسية في العاصمة.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن داريا تعرضت امس للقصف، لكنه لم يؤكد سيطرة النظام عليها. كما تعرضت ضاحية المليحة لقصف الطيران، وكذلك منطقة الرستن في ريف حمص التي تسيطر عليها المعارضة.
إلى ذلك، شنت قوات المعارضة أمس هجوماً على القاعدة الجوية في مطار منغ قرب حلب وعلى مطار حلب الدولي، بعد يومين على سيطرتها على مطار تفتناز العسكري في محافظة إدلب. وتحاول المعارضة السيطرة على المطارين منذ الأسبوع الماضي، وعلى قاعدة جوية أخرى في الكويرس.
وأعلن جمعة فراج جاسم رئيس القسم 30 في إدارة الاستخبارات العامة - الفرع الخارجي، انشقاقه عن النظام السوري، في شريط فيديو بثه امس على الانترنت ناشطون معارضون. وظهر جاسم باللباس المدني وهو يعلن انشقاقه «عن هذا النظام المجرم والتحاقي بصفوف الثورة المباركة». ودعا «جميع العاملين للانشقاق عن هذا النظام والالتحاق بصفوف الثورة المباركة»، وأبرز في الشريط بطاقته التي تشير الى هويته العسكرية.
 
ليس لدى «السيد الرئيس» مَن يشاركه
الحياة...ياسين الحاج صالح
ليس لدى بشار الأسد من يشاركه في «الحل السياسي». مع من يشارك؟ مع إرهابيين وتكفيريين وقتلة؟ مأجورين أيضاً لجهات إقليمية ودولية؟ المرء قد لا يجد شريكاً مناسباً للزواج، ولكن هل هذا ينفي رغبته في الزواج؟ ربما لم يجد الشريك المناسب، ربما لم يرض به شريك ما، ولكن ما ذنبه إن لم يجد شريكاً؟
حال السيد بشار الأسد في عين نفسه مثل حال طالب الزواج هذا. ولكن متى لم يكن حال السيد كذلك؟ متى كان له شركاء في التفكير في الشأن السوري، أو في معالجة أية مشكلة سورية عامة؟ ومتى كان لأبيه من قبله شركاء سوريون؟ ترى، هل غياب الشركاء نتاج الأوضاع السورية الاستثنائية اليوم، على ما أوحى الرئيس الوريث، أم هو تعريف لنظام الأب والابن؟
في واقع الأمر «سورية الأسد» هي البلد الذي لا شريك للأسد فيه. اسمها ذاته ينفي الشراكة. في سورية هذه خدم وأتباع، ولكن ليس فيها شركاء وخصوم وأنداد. هذا نابع من صميم تكوين «سورية الأسد»، و «دستور»ها العميق، وليس أمراً عارضاً نشأ اليوم أو منذ 22 شهراً. وما كان للسيد بشار أن يرث أباه في حكم «الجمهورية» لولا ان السيد الوالد كان ثابر على قطع أي رأس سياسي مستقل في البلد، إن بالقتل أو الحبس أو النفي، أو الترويض والاستتباع والإفساد. فهل يكون غياب الشركاء واقعة مؤسفة يصطدم بها السيد بشــار، أم أنها الواقعة الشارطة لإشغاله الموقع الذي يشغله اليوم؟ هل كان لمثله أن يكون رئيساً لسورية لو كان السوريون أحراراً، أنداداً له، وشركاء في بلدهم؟
ولكن ألم يسبق أن سمعنا هذا الكلام على غياب الشركاء من جهة إقليمية ما؟ جهة تكلمت أيضاً على «إرهابيين» و «قتلة»، لتستخلص أن لا شركاء لها في «الحل السياسي» الذي اسمه، في ما يخص تلك الجهة، «عملية السلام»؟ جهة اشتهرت أيضاً بما يتراوح بين إنكار وجود شعب كامل وإبادته سياسياً وأخلاقياً وتحطيم شروط حياته، مع ترك الخيار الكامل له بين أن يستسلم لها فلا تعطيه شيئاً، وبين أن يقاومها، فينقلب إلى إرهابيين وقتلة، ليسوا جديرين بشراكتها في «عملية السلام»، وليس لها أن تعطيه شيئاً أيضاً. اسم تلك الجهة هو... إسرائيل.
وعلى رغم أن «علم الثورة» الأسدي يقضي بأن يكون للثورة مفكرون وقادة، وهو ما لم يعثر عليه في الثورة السورية المزعومة الرجلُ الذي يشعر دوماً بأنه غير مفهوم (فيسهب في شروح مضحكة تجعل كلامه مفهوماً أقل)، على رغم «علم الثورة» هذا، فإن بشار لم يجد غير إسرائيل، محتلة الجولان والعدو الوطني للسوريين، كي يتمثل بها! بقليل من التفكير كان يمكن ألا يتورط في هذا.
هل الأمر هفوة عارضة؟ بل هو منطق البنية السياسية السورية التي يشغل بشار الموقع الأول فيها، «الدستور» كما سبق القول. هذه البنية التي قامت منذ تكوّنها قبل أربعة عقود على تحويل السوريين إلى خدم، وإبادتهم سياسياً وأخلاقياً، هي نسخة طبق الأصل عن البنية الناظمة لعلاقة إسرائيل مع الشعب الفلسطيني.
الفرق الظاهر هو أن ضحايا الإبادة الإسرائيلية هم الأعداء الفلسطينيون، فيما السوريون هم من يُبادون في «سورية الأسد». وفي الحالين تمهد الإبادة السياسية والأخلاقية للإبادة الجسدية أو تسهل أمرها. هل لحياة هؤلاء «الرعاع» و «الحثالات»، القيمة نفسها التي لحياة بشار؟ قبل أكثر من جيل تعرض والده لمحاولة اغتيال، فكان أن قام عمّه بقتل نحو ألف من «الرعاع» في سجن تدمر. هذا هو المقياس. والرجل مثابر عليه.
وهو مقياس إسرائيلي واستعماري كما هو معلوم.
وليس غير هذه البنية الإسرائيلية ما انعكس بعد أيام قليلة من خطاب في صفقة تبادل أسرى سوريين لدى النظام بأسرى إيرانيين عند «الجيش الحر». الواقعة بالغة الغرابة: أفرج النظام السوري عن سوريين معتقلين لديه، 2136، نساء ورجالاً، وعن عدد من الأتراك، كي يفرج مقاتلون معارضون عن 48 إيرانياً معتقلين منذ آب (أغسطس) الماضي. كل من عرفنا من السوريين المفرج عنهم ناشطون سياسيون وحقوقيون سلميون، بعضهم خصم للمقاومة المسلحة.
ترى، من هو السوري حين تحرر المقاومة سوريين يعتقلهم النظام، فيما يحرر النظام الأسدي إيرانيين؟ بالفعل، ليس لبشار شريك... سوري!
والغريب يصبح سوريالياً حين نعلم أن النظام رفض غير مرة مقايضة أسرى سوريين في سجونه بعسكريين و «شبيحة» موالين في أسر المقاومة المسلحة. النظام الأسدي ليس مبنياً على إنكار القيمة الإنسانية للمعارضين، بل لعموم السوريين. السوريون واحد من اثنين في عُرفه: موالٍ خادم لا قيمة لحياته، أو معارض لا قيمة لحياته أيضاً. مثل الخصوم، الموالون للنظام ليسوا شركاء لبشار الأسد في «سورية الأسد». واهمون إن ظنوا أنهم شركاء، وهم وحدهم المسؤولون عن وهمهم. إنهم خدم وأتباع، متاريس حية تدافع عن السيد وحاشيته. والسيد واحد، وبلا شريك تعريفاً.
ولطالما اكتشف رجال النظام، من عبدالحليم خدام إلى غازي كنعان إلى رياض حجاب إلى مناف طلاس وأبيه أنهم خدم، لا يستطيعون أن يعترضوا بكلمة على نظام يفترض أنهم من أركانه، ولا حرمة لهم أو كرامة إن عارضوه. وهو ما ينطبق على فاروق الشرع وعلى الجميع. ليسوا سادة في بلدهم ولا هم شركاء في حكم سورية. لا شركاء في هذا النظام الذي يكاد بشار الأسد نفسه يشغل اليوم موقعاً لا شخصياً فيه، مجرد عنوان رسمي للسلطة الفعلية التي تشغل اليوم علاقات القربى الدموية والطائفية، وجهات خارج البلد، موقعاً غير مسبوق في ضمان بقائها وتماسكها. ما تقوله صفقة الأسرى المخزية هو أن «سورية (بشار) الأسد» بلد تابع لإيران، ومستقل جداً عن... سورية.
يعز على كاتب هذه السطور قول شيء طيب عن حافظ الأسد، ولكن ما كان وارداً للطاغية الأب أن يبادل إيرانيين مقابل سوريين، وما كان ليفوته المغزى المهين لهذه الصفقة. كان حقوداً جداً، لكنه كان يفكر.
لكن النتيجة الماثلة أمامنا اليوم تشكك بسلامة تفكيره.
 
تعيين والٍ تركي للسوريين.. ونصف مليون لاجئ في لبنان، روسيا تدعو إلى بدء عملية انتقالية سياسية في سوريا

جريدة الشرق الاوسط.... لندن: ثائر عباس .... عينت الحكومة التركية فيصل يلماظ «واليا للسوريين» بهدف «متابعة أوضاعهم» في تركيا والمناطق السورية الخارجة عن سيطرة النظام.
وقد أثارت التسمية التي أعطيت للوالي الجديد حفيظة بعض السوريين المعارضين، الذين رأوا أنها «غير موفقة» لتشابهها مع نظام «الولايات» التركي.
ووضع الوالي الجديد على مكتبه في مدينة غازي عنتاب التركية القريبة من الحدود مع سوريا عبارة «والي السوريين»، وفيما أشاد «المجلس الوطني» السوري بالخطوة، اعتبرت مصادر رسمية تركية أن العملية «لوجستية» مؤكدة أنه «لا مهام غير إنسانية للوالي الجديد». وأكد يلماظ في اتصال مع «الشرق الوسط» عدم وجود «أجندات» لمهمته، مشيرا إلى أنه يقوم بتنسيق أمور اللاجئين السوريين في تركيا وتنسيق إرسال المساعدات إلى الداخل السوري، نافيا أن يكون بينها أي مساعدات عسكرية أو لوجستية.
إلى ذلك ارتفع عدد اللاجئين السوريين في لبنان بشكل دراماتيكي ليصل عدد طالبي المساعدة الإنسانية إلى نحو 200 ألف يضافون إلى نحو 250 ألفا يقيمون في الأراضي اللبنانية ولم يطلبوا المساعدة.
ودعت موسكو أمس إلى البدء بعملية انتقالية سياسية في سوريا، مؤكدة في الوقت عينه رفضها أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية السورية. ونفت مصادر دبلوماسية روسية في بيروت، وجود اتفاق بين الإبراهيمي والمسؤولين الروس على حكومة انتقالية تتولى كامل صلاحيات الأسد خلال الفترة الانتقالية.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «روسيا تدعم العملية الانتقالية من خلال الحوار بين الأطراف، وليس هناك أي اتفاق مع الإبراهيمي حول تولي الحكومة الانتقالية كامل صلاحيات الرئيس الأسد». وأكدت المصادر أن موسكو «لا تتخذ القرارات عن السوريين، كما أنها لا تفرض على دمشق حكومة أو تسوية سياسية معينة». وأكدت المصادر أنه «لا بد من إطلاق حوار سياسي بين السوريين أنفسهم، يحظى بدعم دولي»، مشددة على أن «القرار السوري يأتي من داخل سوريا وليس من الخارج».
 
لبنان: نصف مليون نازح سوري... معظمهم لم يتقدموا لنيل المساعدات الحكومية والدولية

بيروت: «الشرق الأوسط» ... أفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن «عدد النازحين السوريين إلى لبنان شارف عتبة الـ200 ألف نازح»، مشيرة إلى أن «هناك أكثر من 195 ألف نازح يتلقون الحماية والمساعدة من شركاء الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة والمنظمات»، لافتة إلى أنه «من هذا العدد 139 ألف نازح مسجلين لدى المفوضية، وهناك أكثر من 55 ألفا آخرين بانتظار تسجيلهم». ويضاف إلى هذا العدد عدد كبير من السوريين غير المسجلين، تتوقع مصادر الأمن العام اللبناني أن يفوق الـ250 ألفا، وهؤلاء لم يسجلوا أسماءهم لنيل المساعدات، لأنهم يعملون في لبنان، أو هم من الأسر الميسورة ماديا، مما يرفع العدد الإجمالي إلى ما يقارب النصف مليون سوري.
وأوضح بيان للمفوضية أنه «يتم تسجيل نحو 1500 لاجئ يوميا عن طريق مراكز التسجيل الأربعة التي أنشأتها المفوضية في مختلف المناطق، مع الإشارة إلى أن الظروف المناخية والعاصفة الثلجية التي ضربت منطقة البقاع خصوصا، أعاقت نسبيا عملية تسجيل اللاجئين الجدد وأعيدت جدولة اللاجئين مع مواعيد التسجيل، في حين استمر التسجيل في بيروت والشمال والجنوب بشكل طبيعي»، مشيرا إلى أن «النازحين المسجلين يتوزعون على المناطق في شمال لبنان (70751) والبقاع (53351) وبيروت وجنوب لبنان (15173).
واعتبر أن «المفوضية - ورغم الأوضاع المناخية الصعبة التي رتبتها العاصفة الثلجية الأخيرة وانقطاع الطرقات - قد عملت على استئجار جرافات لإزالة الثلوج عن الطرق في منطقة جبل أكروم في شمال لبنان، من أجل تحسين وصول المساعدات الإنسانية، وتمكين السكان المتضررين من الوصول للخدمات الطبية»، كما «تم توزيع قسائم إضافية لملابس وبطانيات، ووقود للتدفئة.
 
روسيا تطالب بعملية انتقالية.. والمعارضة ترى في موقفها «ليونة»، مصادر دبلوماسية روسية : لا اتفاق مع الإبراهيمي على حكومة بـ «صلاحيات كاملة»

بيروت: «الشرق الأوسط» موسكو: سامي عمارة.... دعت موسكو أمس إلى البدء بعملية انتقالية سياسية في سوريا، مؤكدة في الوقت عينه رفضها أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية السورية، في حين رأت مصادر المعارضة السورية في موقف موسكو الأخير «ليونة تجاه التسوية السياسية»، مستندة إلى «عدم تعليق روسيا على الموقف الأميركي الرافض لوجود الرئيس السوري بشار الأسد ضمن الحكومة الانتقالية».
وغداة لقاء أميركي روسي مع المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي في جنيف، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، إن «الأولوية هي لوقف فوري لكل أعمال العنف وإراقة الدماء وإرسال المساعدات الإنسانية إلى السوريين بمن فيهم النازحون واللاجئون». وأضافت: أنه «في الوقت عينه يجب إطلاق عملية انتقالية سياسية في سوريا يكون هدفها تضمين القانون المساواة في الحقوق المكفولة لكل المجموعات الإثنية والطائفية في هذا البلد». وشددت الخارجية الروسية في بيانها على «أننا، كما في السابق، نشدد بكل حزم على أن المسائل المتعلقة بمستقبل سوريا يجب أن يعالجها السوريون أنفسهم، بلا تدخل خارجي وبلا وصفات حلول جاهزة».
وأكدت موسكو من جديد دعمها لمهمة السلام التي يقوم بها الإبراهيمي واستمرار المحادثات الثلاثية، كما أكدت دعمها لخطة وضعت في جنيف في 30 حزيران (يونيو) الماضي وتنص على تشكيل حكومة انتقالية تجمع كل أطراف النزاع. وقالت وزارة الخارجية: «ننطلق من واقع أن هذه الوثيقة التوافقية تبقى صالحة والطريق الوحيد لتجاوز الأزمة».
وتزامن بيان الخارجية الروسية مع ما أكدته المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أن «الأسد لا يمكن أن يكون ضمن الحكومة الانتقالية التي يدعو اتفاق جنيف لتشكيلها في سوريا لحل الأزمة»، مؤكدة أن «تقدما قد تحقق في محادثات جنيف الثلاثية أمس (الأول)».
إزاء هذا الموقف، وفي ظل عدم اعتراض موسكو على التصريح المتعلق بموقع الأسد في الحكومة الانتقالية، رأت مصادر المعارضة السورية أن «موسكو تبدي ليونة تجاه هذا الملف»، مرجحة أن يكون هناك «اتفاقا بين الأطراف الثلاثة (روسيا والولايات والمتحدة والإبراهيمي) على أن يكون الأسد خارج السلطة».
وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا قرأنا تصريح نولاند بدقة، وعدم اعتراض الروس عليه، نتوصل إلى نتيجة بأن المجتمع الدولي ككل بدأ يقتنع بأن الأسد هو جزء من المشكلة ولن يكون جزءا من الحل»، مشيرة إلى أن التسريبات من اجتماع جنيف «تفيد بأن الروس غير متمسكين بالأسد». لكن مصادر دبلوماسية روسية في بيروت، نفت وجود اتفاق بين الإبراهيمي والمسؤولين الروس على حكومة انتقالية تتولى كامل صلاحيات الأسد خلال الفترة الانتقالية. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «روسيا تدعم العملية الانتقالية من خلال الحوار بين الأطراف، وليس هناك أي اتفاق مع الإبراهيمي حول تولي الحكومة الانتقالية كامل صلاحيات الرئيس الأسد».
وإذ أشارت المصادر إلى أن «الاجتماع الثلاثي في جنيف كان مغلقا»، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن موسكو «لا تتخذ القرارات عن السوريين، كما أنها لا تفرض على دمشق حكومة أو تسوية سياسية معينة». وأكدت المصادر أنه «لا بد من إطلاق حوار سياسي بين السوريين أنفسهم، يحظى بدعم دولي»، مشددة على أن «القرار السوري يأتي من داخل سوريا وليس من الخارج».
وفي حين لم يتبلور شكل نهائي لحل سياسي للأزمة السورية بعد، جددت المصادر الدبلوماسية الروسية تأكيدها أن «الحل في سوريا لا يمكن أن يكون عسكريا، وهو مستحيل أصلا»، مشيرة إلى أن الحل «لا يمكن إلا أن يكون سياسيا بمشاركة دولية». وفي هذا الإطار، أوضحت المصادر أن موسكو «تسعى لتسوية سلمية سياسية معقولة من غير تكرار التجربة الليبية»، نافية أن يكون الموقف الروسي «تغير من اندلاع الأزمة السورية»، قائلة: «روسيا ثابتة على موقفها، ليس دفاعا عن الأسد، بل عن الحلول السياسية والعدالة تفاديا لاستخدام العنف والقوة الخارجية».
وكانت الخارجية كشفت أيضا عن أن اللقاء الذي جرى بين بوغدانوف ووفد الائتلاف الديمقراطي السوري المعارض برئاسة ميشال كيلو في جنيف تناول الأوضاع في سوريا بينما خلص المجتمعون إلى الاتفاق في الرأي حول ضرورة وقف كل أشكال العنف على الفور ودون إبطاء وإطلاق عملية الحوار الواسع بموجب أحكام اتفاقات جنيف الصادرة عن اجتماع «مجموعة العمل» في 30 يونيو الماضي. وأكد الجانبان عزمهما على مواصلة الجهود النشطة من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة المدمرة في سوريا لصالح تأمين التطور الديمقراطي الحر هناك.
 
آلاف المقاتلين السوريين يتوزعون على جبهات وتشكيلات.. والإسلاميون يتصدرون المشهد، خبير في الحركات الإسلامية: مخاوف الغرب نابعة من تهديدهم المحتمل لاستقرار دول إقليمية

جريدة الشرق الاوسط.. بيروت: نذير رضا ... «يتوزعون على مساحة سوريا، وساهموا إلى حد كبير بتحرير الشمال». هذا ما أكدته مصادر المعارضة السورية المقربة من الحركات الإسلامية في توصيفها لـ«جهد» المقاتلين الإسلاميين في ميدان القتال ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فيما تزداد مخاوف الغرب من نمو تلك الحركات في الداخل، بعد طرح مسؤولين كثيرين أسئلة عن موقعها في سوريا بعد إسقاط النظام.
ولا يجزم أحد بعدد المقاتلين الإسلاميين، على تنوعهم بين مقاتلين متشددين، وآخرين معتدلين. لكن الثابت، بحسب الناشطين، أنهم «بالآلاف».
ويؤكد أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط» أنه «أثناء معركة تحرير الفوج 111 في حلب شارك مئات المقاتلين الإسلاميين في المعركة، ما ساهم في تحرير الموقع العسكري». وأبقى هؤلاء الإسلاميون سيطرتهم على مقر الفوج دون كتائب الجيش السوري الحر.
لكن الواقع أن الكتائب والفصائل المقاتلة في سوريا لا تحصر بالإسلاميين المتشددين، رغم أن معظم المقاتلين يعدون قريبين من الإسلاميين، ويتميزون عنهم باعتدالهم عن المتشددين أمثال جبهة النصرة وغيرها من الفصائل. ففي سوريا اليوم أكثر من خمس جبهات مقاتلة تضم ألوية وكتائب ثائرة يتخطى عديدها المائة ألف مقاتل، وتتشكل من مقاتلين إسلاميين معتدلين وآخرين انشقوا عن الجيش النظامي، وما زالوا يعتنقون الهوية العلمانية في سلوكهم. من هذه التشكيلات «جبهة تحرير سوريا» التي تضم عددا كبيرا من الألوية، وفيها عدد كبير من الإسلاميين المعتدلين، كما أن هناك تجمع «شهداء وألوية سوريا» في جبل الزاوية الذي يعد أكبر تجمع ميداني في إدلب، ويضم 20 ألف مقاتل ويترأسه قائده العام جمال معروف.
واللافت أن تلك التجمعات تعمل تحت مظلة الجيش الحر، وتتمثل في قيادة أركان الجيش الحر، لكنها لا تخضع مباشرة لأوامر القيادة التي شكلت في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وبعد إعادة هيكلة القيادة وتشكيلها، جمعت ألوية وكتائب كثيرة في جبهات وتجمعات، وذابت أخرى، بحيث لم يعد ممكنا السماع بعمليات نوعية لها، كما كانت قبل. لكن بعض التشكيلات بقيت على حالها، رغم انضمامها إلى تجمعات أكبر، مثل كتيبة «خالد بن الوليد» و«الأبابيل» و«صقور حلب» و«أبي الفداء» و«أبو البراء» و«العمري» و«معاوية بن أبي سفيان» و«الفتح» وغيرها.
المخاوف الدولية تؤكدها تصريحات الإسلاميين، فقد نقلت وكالة رويترز عن مقاتلين إسلاميين أجانب في حلب قولهم إنهم يقاتلون من أجل إقامة دولة إسلامية في سوريا، سواء رضي المقاتلون المعارضون السوريون الذين يسعون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد بذلك أم أبوا.
وقالت الوكالة إن هؤلاء «أثاروا في الوقت نفسه مخاوف من أنهم قد ينقلبون على حلفائهم السابقين إذا سقط الأسد لمواصلة كفاحهم من أجل إقامة خلافة إسلامية». ونقلت عن أحد المقاتلين قوله إن «سوريا ستكون إسلامية ودولة قائمة على الشريعة، ولن نقبل غير ذلك. الديمقراطية والعلمانية مرفوضتان كلية».
هذا الواقع ينفيه رئيس جمعية «اقرأ» الشيخ بلال دقماق المقرب من الإسلاميين. ويشير لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الإسلاميين في سوريا ينقسمون إلى عدة أنواع، منهم المتطرف والمعتدل والمتراخي، لكن المتطرف في سوريا ليس له نفوذ كبير، ولا يحظى هؤلاء بحصة الأسد ضمن التشكيلات الإسلامية في سوريا».
ويشرح دقماق أن «عناصر جبهة النصرة التي أدرجتها الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب يتمتعون بليونة تجاه التعاطي مع الآخرين، وهذا ما عزز حضورهم بين أوساط السوريين، وزاد من شعبيتهم، خصوصا أنهم يتمتعون بأفق سياسي وعمل فعال على الأرض»، لافتا إلى أن «النموذج السلفي في العالم العربي تطور وانفتح في الفترة الأخيرة، وهو ما جعله قادرا على استقطاب المؤيدين».
ويشير دقماق إلى أن «كل سوريا يتوزع فيها المقاتلون الإسلاميون، لأن هوية الشعب إسلامية»، جازما بأن هؤلاء «يقاتلون ضد النظام، وليسوا متطرفين، لذلك لا نهتم للأخطاء، لأن الثغرات قائمة في كل الميادين، وليست أساسا للتقييم».
وإذ يؤكد دقماق أن التعبير عن الهواجس الغربية تجاه الإسلاميين في سوريا «خطوة استباقية»، يرى أن المخاوف من الإسلاميين «تنبع من خوف الغرب من حكومة إسلامية قد تنشأ بعد رحيل الأسد، لأنها ستكون العدو الأول لإسرائيل»، مشيرا إلى أن «هذا ما يفسر عدم دعمهم للمعارضة كي ينهكوا المقاتلين والنظام المجرم على حد سواء بغية حماية إسرائيل».
بموازاة ذلك، نقلت وكالة رويترز عن معارضين مسلحين وسكان في حلب قولهم إن المخاوف بشأن الجهاديين مبالغ فيها. ويقولون إن الغرب يستغل ذلك لتبرير عدم إرساله أسلحة يحتاجها المعارضون المسلحون بشدة، وهو ما يطيل سيطرة الأسد على السلطة.
وتختلف الروايات بشأن مدى التنسيق بين الجماعات الأصولية ووحدات الجيش السوري الحر، جماعة المعارضة المسلحة الرئيسية. ويشيد كثير من المعارضين بمهارات الجهاديين التي اكتسبوها في أفغانستان أو العراق، ويقولون بأنهم من أشجع المقاتلين رغم ميلهم إلى العزلة.
ورغم ذلك هناك مخاوف من رؤية هؤلاء المقاتلين الأجانب - الذين يصعب تقدير عددهم - لفترة ما بعد الأسد. ويمكن أن يؤدي رفضهم لدولة ديمقراطية في المستقبل إلى تأجيج الخلاف مع كثير من السوريين الذين يقاتلون النظام.
في هذا الإطار، يكشف أستاذ العلوم السياسية والدراسات الإسلامية في الجامعة الأميركية في بيروت أحمد موصللي عن أن مخاوف الغرب «تنطلق من أن الجماعات التكفيرية المسلحة لا تشكل بديلا فعليا عن النظام في حال سقوطه، في حين أن الدعم الذي حصلت عليه أدى لتعزيز قدراتها على حساب حركات المعارضة الأساسية في سوريا».
ويقول موصللي لـ«الشرق الأوسط» إن مخاوف الغرب مبررة؛ «لأن تلك المجموعات التكفيرية ستقضي على إقامة دولة مدنية معتدلة لصالح إقامة إمارات إسلامية»، لافتا إلى أن «المخاوف التي عبرت عنها الولايات المتحدة تجاه جبهة النصرة، هي مؤشر على أنها لا تريد أن توفر لتلك الحركات ظروف الاستمرار».
ويوضح موصللي، الخبير في الحركات الإسلامية، أن «هذه الحركات، من خلال عملياتها داخل سوريا، تشير إلى أن استمرارها بات يهدد إسرائيل ودولا إقليمية أخرى في حال حصولها على أسلحة كيماوية وغيرها، ما سيجعل دول المنطقة عرضة لإرهاب إقليمي»، مشيرا إلى أن «نجاح تلك الحركات الإسلامية في مهمتها في سوريا، سيجعلها قادرة على الدخول إلى دول إقليمية مثل الأردن ولبنان والعراق وتركيا، وهي دول يسعى الغرب للحفاظ على استقرارها». وإذ يؤكد موصللي أن الغرب «لن يسمح لها بتسلم السلطة وهي متشرذمة ولا يجمعها مع المعارضة السورية إلا عداوة النظام»، يرى أنه «من الآن فصاعدا ستتوجه دول كبرى لتخفيض دعمها العسكري للمعارضين السوريين؛ لأن قسما منه سيذهب إلى جماعات راديكالية».
* التشكيلات الإسلامية المقاتلة في سوريا
* تشير مصادر مقربة من الفصائل الإسلامية في سوريا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ثقل المقاتلين الإسلاميين موجود في الشمال». وتلفت إلى أن مدينة حلب «تعد معقل الكتائب الإسلامية المقاتلة، حيث يتوزع فيها عناصر لكتيبة الفاروق ولواء التوحيد الذي نجح في السيطرة على قسم كبير من مدينة حلب، وانضم مؤخرا إلى جبهة تحرير سوريا التي تعد الجبهة الإسلامية المعتدلة، وتضم نحو 60 ألف مقاتل». وفي حلب وإدلب، يتوزع الكثير من المقاتلين الإسلاميين على مختلف تسمياتهم، منهم «جماعة الطليعة الإسلامية» في إدلب، و«كتائب أنصار الشام» على الحدود التركية.
إلى جانب هذه الجبهة، هناك «الجبهة الإسلامية السورية» التي تضم كلا من كتائب أحرار الشام في كافة المحافظات، لواء الحق في حمص، حركة الفجر الإسلامية في حلب وريفها، جماعة الطليعة الإسلامية في ريف إدلب، كتائب أنصار الشام في اللاذقية وريفها، كتيبة مصعب بن عمير في ريف حلب، جيش التوحيد في دير الزور، كتيبة صقور الإسلام، كتائب الإيمان المقاتلة، سرايا المهام الخاصة، كتيبة حمزة بن عبد المطلب في دمشق وريفها.
أما دمشق، فتحولت إلى وجهة للمقاتلين الإسلاميين منذ إطلاق عملية تحريرها في الصيف الماضي. وتقول المصادر إن أبرز التشكيلات الإسلامية في دمشق وريفها، هي لواء البراء الذي تبنى عملية اختطاف الزوار الإيرانيين، ولواء التوحيد، ولواء الصحابة، وكتائب «الصحابة» وكتيبة «شهداء الرازي»، و«لواء الإسلام»، وهي المجموعة التي تبنت تفجير مكتب الأمن القومي في دمشق.
كما توجد في العاصمة كتيبة صقور الإسلام، وكتيبة كتائب الإيمان المقاتلة، وغرباء الشام وأحرار الشام وكتيبة سرايا المهام الخاصة، كتيبة حمزة بن عبد المطلب، وكتائب «أم المؤمنين» وغيرها من التشكيلات الإسلامية، إلى جانب «جبهة النصرة» التي تعتبر أكثر التشكيلات استقطابا للمقاتلين، وتوجد في مختلف أنحاء سوريا. التشكيلات الإسلامية المقاتلة في سوريا تشير مصادر مقربة من الفصائل الإسلامية في سوريا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ثقل المقاتلين الإسلاميين موجود في الشمال». وتلفت إلى أن مدينة حلب «تعد معقل الكتائب الإسلامية المقاتلة، حيث يتوزع فيها عناصر لكتيبة الفاروق ولواء التوحيد الذي نجح في السيطرة على قسم كبير من مدينة حلب، وانضم مؤخرا إلى جبهة تحرير سوريا التي تعد الجبهة الإسلامية المعتدلة، وتضم نحو 60 ألف مقاتل». وفي حلب وإدلب، يتوزع الكثير من المقاتلين الإسلاميين على مختلف تسمياتهم، منهم «جماعة الطليعة الإسلامية» في إدلب، و«كتائب أنصار الشام» على الحدود التركية.
إلى جانب هذه الجبهة، هناك «الجبهة الإسلامية السورية» التي تضم كلا من كتائب أحرار الشام في كافة المحافظات، لواء الحق في حمص، حركة الفجر الإسلامية في حلب وريفها، جماعة الطليعة الإسلامية في ريف إدلب، كتائب أنصار الشام في اللاذقية وريفها، كتيبة مصعب بن عمير في ريف حلب، جيش التوحيد في دير الزور، كتيبة صقور الإسلام، كتائب الإيمان المقاتلة، سرايا المهام الخاصة، كتيبة حمزة بن عبد المطلب في دمشق وريفها.
أما دمشق، فتحولت إلى وجهة للمقاتلين الإسلاميين منذ إطلاق عملية تحريرها في الصيف الماضي. وتقول المصادر إن أبرز التشكيلات الإسلامية في دمشق وريفها، هي لواء البراء الذي تبنى عملية اختطاف الزوار الإيرانيين، ولواء التوحيد، ولواء الصحابة، وكتائب «الصحابة» وكتيبة «شهداء الرازي»، و«لواء الإسلام»، وهي المجموعة التي تبنت تفجير مكتب الأمن القومي في دمشق.
كما توجد في العاصمة كتيبة صقور الإسلام، وكتيبة كتائب الإيمان المقاتلة، وغرباء الشام وأحرار الشام وكتيبة سرايا المهام الخاصة، كتيبة حمزة بن عبد المطلب، وكتائب «أم المؤمنين» وغيرها من التشكيلات الإسلامية، إلى جانب «جبهة النصرة» التي تعتبر أكثر التشكيلات استقطابا للمقاتلين، وتوجد في مختلف أنحاء سوريا.
 
تصفية قيادات بين «النصرة» و «كتائب الفاروق» تثير مخاوف من تناحر داخل المعارضة السورية
الحياة..عمان - رويترز
قالت مصادر إن مقتل قائد إسلامي كبير من قوات المعارضة السورية قرب الحدود مع تركيا قد يشير لوجود تناحر بين الجماعات المسلحة، الأمر الذي قد يعرقل جهودها للإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
وذكرت مصادر من قوات المعارضة السورية لرويترز، أن الإسلامي ثائر وقاص القائد في «كتائب الفاروق»، وهي من بين أكبر الجماعات السورية المسلحة، قُتل بالرصاص في منطقة تسيطر عليها المعارضة في بلدة سرمين على بعد بضعة كيلومترات من الحدود مع تركيا في وقت مبكر من صباح الأربعاء الماضي. وأضافت المصادر أنه كانت هناك شكوك في تورط وقاص في مقتل فراس العبسي وهو قائد جهادي كبير في «جبهة النصرة» المرتبطة بـ «القاعدة» والتي صنفتها واشنطن كجماعة إرهابية في كانون الأول (ديسمبر). وقتل العبسي منذ أربعة أشهر. وبالإضافة إلى نقص الإمدادات والتمويل والأسلحة الثقيلة، عرقل غياب الوحدة بين المقاتلين السوريين جهودهم في إطار المواجهة مع النظام.
وقال أحد المقاتلين: «جاء القتلة في سيارة بيضاء نزلوا منها وأمطروا وقاص بوابل من الرصاص وهو في مستودع للإمدادات الغذائية». وذكر أن الشكوك اتجهت فوراً إلى «جبهة النصرة». وأضاف «شقيق العبسي قائد في حمص وتوعد بالثأر لفراس ويبدو أنه نفذ وعيده».
وتابع قائلاً: «كتائب الفاروق في فترة حداد الآن. لكن يبدو أنها مسألة وقت قبل أن تندلع الاشتباكات مع النصرة في باب الهوى» وهو معبر حدودي مع تركيا يسيطر عليه المقاتلون وقتل فيه العبسي.
وتهيمن على المعبر كتائب الفاروق ولواء صقور الشام المتحالف معها. ويقول مقاتلون ونشطاء في المعارضة إن مقاتلي النصرة ينتشرون أيضاً في المنطقة إلى جانب مهاجري الشام وهو لواء آخر من المقاتلين متحالف مع النصرة.
وهناك توتر بالفعل بين جماعات مثل النصرة التي تتشكل في الأساس من مدنيين حملوا السلاح ضد النظام يدعمهم جهاديون أجانب وبين جماعات معارضة مثل كتائب الفاروق التي تضم عدداً أكبر من المنشقين عن الجيش النظامي وأجهزة الأمن التي يخشى البعض أن تكون مخترقة من جانب عملاء النظام.
ويبدو أن قيادة المقاتلين الجديدة التي تشكلت بدعم غربي وعربي وتركي في مدينة أنطاليا التركية في كانون الأول (ديسمبر) لم تبذل مجهوداً يذكر لإنهاء الانقسام بين مئات من الجماعات المسلحة لاسيما في المناطق التي فقد النظام السيطرة عليها في محافظتي إدلب وحلب الشماليتين بالقرب من الحدود مع تركيا.
ولم تنضم جبهة النصرة وكتائب الفاروق وكتائب أحرار الشام وهي أكبر ثلاث جماعات مسلحة في شمال سورية إلى القيادة الجديدة.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن جبهة النصرة تستغل الصراع السوري لتنفيذ «أغراض خبيثة» للقاعدة ويجب ألا تلعب دوراً في الانتقال السياسي في سورية. وتحظى كتائب الفاروق بمساندة جماعة الإخوان المسلمين التي ظهرت كأفضل اللاعبين السياسيين تنظيماً وتأثيراً في أعقاب انتفاضات الربيع العربي وبدأت تستعيد نفوذها في سورية.
وذكر مسؤول في كتائب الفاروق أن قتل العبسي شابه الغموض لكنه أقر بأنه وتر العلاقات مع جبهة النصرة دون أن يلقي باللوم على الجبهة في مقتل وقاص. وأضاف: «النظام يقف وراء مقتل وقاص. ليس لدينا أي سياسة لاستهداف النصرة ونتعاون عسكرياً معها في بعض المناطق».
وتابع: «هناك أحاديث عن أن وقاص كان بصفة شخصية متورطاً بصورة ما في قتل العبسي... الوضع في باب الهوا متوتر جداً حالياً».
وقال فواز تللو المعارض السوري المخضرم متحدثاً من برلين، إن العنف بين الجماعات المسلحة سيتزايد في المناطق التي تهيمن عليها المعارضة ما لم تتحرك القيادة السياسية للمعارضة لاحتواء تداعيات مقتل وقاص التي يمكن أن تقود إلى المزيد من عمليات الاغتيال الثأرية وتستقطب حلفاء للجماعتين.
وأضاف أن الطريقة الوحيدة لمنع المقاتلين من النيل من بعضهم بعضاً هي تشكيل قيادات عسكرية موحدة للمناطق المختلفة تحت مظلة قيادات سياسية تتشكل حسب المناطق أيضاً.
واستطرد أن هناك محاولة من جانب القوى الغربية والإقليمية المؤيدة لمقاتلي المعارضة لتشكيل قيادة عسكرية موحدة دون تقديم مساعدات لوجيستية أو مساندة ودون التزام بقيادة سياسية.
 
ملك الاردن: لانتقال سياسي في سورية منعاً لفراغ يملأه التطرف
الأردن - يو بي أي
دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، اليوم السبت الى "عملية انتقال سياسي في سورية وذلك لتقليص فرص بروز حالة من الفراغ قد تملأه العناصر المتطرفة في هذا البلد الذي تقترب أزمته من إكمال عامها الثاني".
وقال الملك في مقابلة مع مجلة "لونوفيل اوبزرفاتور" الفرنسية وزع نصها الديوان الملكي اليوم أن " الأهم هو تحقيق التوافق حول خطة انتقال للسلطة من شأنها أن تضمن انتقالاً شاملاً للحكم وتحفظ وحدة الأراضي والشعب السوري، وتنهي العنف".
وأضاف "ويجب أن تشعر كل فئة في المجتمع السوري، بمن فيهم العلويون، أن لهم دورا في مستقبل البلاد، وسوف يكون للتشرذم أو انهيار الوضع الداخلي عواقب خطيرة على المنطقة بأسرها، وقد تشعل صراعات تمتد لأجيال".
 
معارك وقصف في ريف دمشق وانشقاق مسؤول في الاستخبارات
الحياة...بيروت - أ ف ب
تواصلت عمليات القصف والمعارك بين مقاتلي المعارضة وجنود سوريين في أنحاء مختلفة في سورية، خصوصاً في ريف دمشق، فيما أعلن مسؤول في الاستخبارات السورية انشقاقه عن نظام الرئيس بشار الأسد، بحسب معارضين.
وتأتي أعمال العنف هذه غداة استيلاء المقاتلين المعارضين، ومعظمهم من الجهاديين الإسلاميين، على مطار تفتناز العسكري المهم شمال غربي البلاد.
وقبيل فجر السبت قتل طفلان ورجل في قصف على بلدة المليحة، جنوب شرقي دمشق. كما قتل اثنان من مقاتلي المعارضة في معارك، بحسب المرصد الذي يتخذ بريطانيا مقراً له.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن «الطيران شن غارات غداة هجوم للكتائب الثائرة المقاتلة على مبنى أمني في المنطقة».
وأوضح أن هذه الغارات استهدفت مواقع تقع بين المليحة وجرمانا، الضاحية التي تقطنها أكثرية درزية ومسيحية وهما أقليتان ينتمي إليهما قسم من مؤيدي النظام.
ولكن ناشطة عرفت عن نفسها باسم ماري قالت إن «أشخاصاً من جرمانا أصيبوا في هذه الغارات الجوية. واليوم حتى أولئك الذين كانوا دوماً من مؤيدي النظام باتوا يقولون كفى».
من جهة أخرى، قال المرصد إن مدينة داريا وبلدة جديدة عرطوز بريف دمشق تتعرضان منذ صباح السبت للقصف من قبل القوات النظامية التي قصفت لاحقاً أنحاء أخرى محيطة بالعاصمة.
وتحدث المرصد عن «اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية على أطراف مخيم اليرموك بمدينة دمشق».
وفي وسط البلاد، قتل أحد مقاتلي المعارضة في معارك في محافظة حمص حيث أسفرت غارات جوية على مدينة الرستن عن سقوط قتلى وجرحى، بحسب المرصد من دون أن يتمكن من تقديم حصيلة أكثر دقة حتى الآن.
وفي دير الزور (شرق) قتل رجل في قصف بالمدفعية، بحسب المرصد الذي أشار إلى تحليق للطيران في سماء المدينة.
في غضون ذلك، أعلن مسؤول في الاستخبارات السورية انشقاقه عن نظام الأسد، وذلك في شريط فيديو بثه على الإنترنت السبت ناشطون معارضون.
وظهر في الشريط رجل باللباس المدني وهو يقول: «أنا جمعة فراج جاسم رئيس القسم 30 في إدارة المخابرات العامة - الفرع الخارجي أعلن انشقاقي عن هذا النظام المجرم والتحاقي بصفوف الثورة المباركة».
وأضاف: «أدعو جميع العاملين إلى الانشقاق عن هذا النظام والالتحاق بصفوف الثورة المباركة وهذه هويتي»، لتظهر على الشاشة هويته العسكرية.
وتعذر التحقق من صحة هذه الشريط.
يذكر أنه منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الأسد في آذار (مارس) 2011 قبل تحولها نزاعاً مسلحاً دمر البلاد، توالت الانشقاقات المدنية والعسكرية عن النظام وبلغت أعلى المراتب كرئيس الوزراء رياض حجاب والعميد مصطفى طلاس الذي كان صديق الطفولة لبشار الأسد وغيرهم.
 
السوريون يريدون بطانيات لا صواريخ
عبد الرحمن الراشد... جريدة الشرق الاوسط.. من لا يرحم الناس لا يُرحم، الحال في سوريا مرعبة. لم تفاجئنا الأعاصير والثلوج والأمطار الأيام الماضية، فقد جاءت في موسمها، فصل الشتاء الذي كنا نخاف منه على الإنسان السوري، سواء كان محاصرا في بيته أو مهجرا إلى خارج مدينته، أو نازحا إلى خارج بلاده، ولا يوجد مواطن من الخمسة وعشرين مليونا لم يتأذ من جرائم النظام التي تمنع إمدادات الأغذية والوقود والأدوية.
هناك نحو خمسة ملايين يعانون أكثر من البقية، البرد والجوع، بعضهم يلتحف السماء، أو يسكن الكهوف، لأنه لم تصله بطانيات الإغاثات، ولم يصل إلى مخيمات المحسنين الدوليين. كثيرون بلا خبز ولا تدفئة. لهذا، نهيب بالحكومات العربية والمنظمات الإقليمية والدولية ألا يتركوا الشعب السوري يفنى بين مذبحة ومجاعة، وأقل القليل أن يمدوا لهم أسباب البقاء على قيد الحياة، من مساكن وخيم وبطانيات وطعام وملابس.
الآن، خفضنا توقعاتنا، بتنا نطالب فقط بالخبز والحطب.. لإنقاذ الملايين من الموت جوعا وبردا. كنا في البداية ندعو للتدخل الدولي لردع قوات الأسد وأجهزته الأمنية ووقف الإبادة، ثم صرنا نطالب بصواريخ ستينغر فقط لصد الطائرات التي منذ ستة عشر شهرا تقصف المدن وتدفن الناس أحياء.
مع هذا، لا يظن الأسد، ورفاقه من الإيرانيين، مستعينا بحليفه المؤقت الشتاء المتوحش، أن السوريين تعذبوا بما فيه الكفاية ليرفعوا الراية البيضاء، ويقبلوا العودة تحت نظام القبضة الحديدية. غالبية السوريين، بما فيهم الملايين الذين يواجهون عقوبة الموت مشردين جوعى، أو محاصرين في بيوتهم أيضا جوعى، لن يقايضوا البطانيات والخبز بالعيش تحت نظام الأسد من جديد، هذه حقيقة واضحة ومحسومة. العودة للوضع القديم لم تعد خيارا، فقد دفعوا الثمن غاليا؛ فقدوا بيوتهم وأولادهم وانتظروا طويلا، وهم لن يعودوا إلى ما كانوا عليه تحت حكم الأسد.
والذين يظنون أنهم يستطيعون تمرير مشاريعهم السياسية مستغلين المأساة الهائلة للشعب السوري، فهم واهمون.
اجتماعات جنيف وزيارات الوسطاء والوزراء لموسكو لن تغير كثيرا، فقد قرر السوريون القتال حتى إسقاط النظام بأيديهم، وبما توافر لهم من أسلحة قليلة، ولم يعد يفيد كثيرا البحث في حل سلمي يبقي على الأسد سواء فعليا أو رمزيا. من المؤكد أن الوقت قد فات على أفكار نقل بعض السلطة والبحث عن مخرج مشرِّف للأسد وأركان حكومته. هذا الشعور تسمعه من المنفيين في خيامهم في الأردن وتركيا والصامدين في أحيائهم المحاصرة في داريا وحماه وحمص ودرعا وبقية الأرجاء السورية المهدمة. ولهذا السبب، يقول أعضاء الائتلاف السوري وبقية المشاركين من المعارضة إنهم لن يقبلوا، وإنه لا يوجد أحد منهم يتجرأ الآن على القبول بحل سياسي لا ينص صراحة على إخراج الأسد.
ولأنهم يحاربون على جبهات متعددة: الأسد، والشتاء، والانحياز الدولي الظالم ضدهم، فإن أعظم دعم يمد إليهم في محنتهم العصيبة هو تمكينهم من تجاوز هذا الموسم القاسي بالمساعدات، وهم سيتكفلون بإسقاط النظام الذي يتهاوى.
 

 
النهار...محمد أبي سمرا

أطوار الثورة في حلب وأحوال الأقليات

 

انطلقت أولى التظاهرات في حلب من أحيائها الفقيرة والعشوائية المكتظة شرق المدينة، فيما شكلت الجامعة بيئة أساسية دائمة للتظاهر طوال السنة الدراسية الفائتة. أما أحياء الفئات الوسطى والميسورة في غرب المدينة، فتعاطف سكانها مع حركة الاحتجاجات، وشاركت فئات من أبنائها الطلبة في التظاهرات الدائمة داخل الحرم الجامعي.  في ما يأتي رسم لخارطة جغرافية – اجتماعية تبيّن أطوار الثورة في حلب، بناءً على شهادة رواها أحد أبناء المدينة النازحين منها أخيراً الى بيروت.

في بدايات التوسع المتدرج، وغير المتزامن، لتظاهرات الحركة الاحتجاجية في مدن سوريا وأريافها بعد انتفاضة درعا وريفها، خرجت أولى التظاهرات الطيارة في حلب من حي صلاح الدين الفقير والمكتظ في شرق المدينة الجنوبي المتاخم لحي آخر يماثله تقريباً في فقره واكتظاظه هو حي سيف الدولة. في بدايات نشوئهما العمراني كان هذان الحيّان "نظاميين"، قبل أن تنشأ الى جانبهما الشرقي والجنوبي، الأحياء العشوائية الأشد فقراً واكتظاظاً في حلب. أما الأحياء "النظامية" الجديدة للفئات الوسطى والميسورة فنشأت كلها وتوسعت في غرب المدينة. كأن حلب وفئاتها الاجتماعية الجديدة الميسورة، تتوق الى الغرب، والى كتابة تغريبةٍ عمرانية شوقاً الى البحر البعيد والهواء البحري المتجدد في هبوبه المفترض على أحياء المدينة الجديدة.

 

الأحياء الفقيرة والجامعة

حي صلاح الدين، الذي خرجت منه التظاهرات الأولى، غير بعيد من مركز حلب التقليدي القديم، حيث القلعة الأثرية والأحياء القديمة، مثل الصاخور والكروم. في خمسينات القرن العشرين بدأ صلاح الدين "النظامي" عمرانياً، يتحول حياً فقيراً ومكتظاً، مع صيرورته ملجأ لفقراء الفئات المتوسطة الحلبية التي خرجت اليه من أحياء المدينة القديمة. أما حي سيف الدولة المتصل به والمماثل له عمرانياً، وخرجت منه تظاهرات منذ بدايات الحركة الاحتجاجية، فأصبح بدوره فقيراً، ومكتظاً مع تحوله ملجأ للفئات الوسطى الأقل فقراً بعد خروجها من الأحياء القديمة عينها. في هذين الحيّين، وسواهما من الأحياء العشوائية البائسة الى الشرق والجنوب الشرقي، تكوّن ما يمكن اعتباره الجسم الأهلي لحركة الاحتجاج والتظاهر في مدينة حلب، التي تشدّد النظام في فرض قبضته الأمنية على أحيائها حتى الاختناق، محاولاً تحييدها وإبقاءها في منأى من تمدد الثورة السلمية اليها.
البؤرة، أو النواة الثانية للتظاهر في حلب، هي جامعتها، أو المجمع الجامعي الكبير مساحةً وبجسمه الطالبي الكثيف. فالتظاهرات في الحرم الجامعي، الذي يحوي مباني للسكن الطالبي، بدأت بالتزامن مع تظاهرات صلاح الدين وسيف الدولة، ثم أخذت تشتد وتتسع أسبوعاً بعد أسبوع في نهارات الجمعة، حتى أصبحت يومية طوال السنة الدراسية ما بين أيلول 2011 وأيار 2012. مع دخول المراقبين الدوليين الى حلب، وصل عدد الطلبة المشاركين في إحدى التظاهرات داخل الحرم الجامعي الى حوالى مئة ألف متظاهر، وهم خليط اجتماعي وطبقي. وإذا كانت الطبقة الوسطى والميسورة الحلبية السنّية المقيمة في الأحياء الغربية من المدينة، لم تشارك في الحركة الاحتجاجية وتظاهراتها برغم تعاطفها المكتوم معها، فإن جماعات طالبية جامعية واسعة من أبناء هذه الفئات، شاركت بقوة في التظاهرات داخل الحرم الجامعي، فيما ظلت الأحياء السكنية لأهالي هؤلاء الطلبة هادئة مستكينة.

 

فرادة الهلع الجسور

إذا كان الناشطون الشبان "المدنيون" و"المثقفون" والطلبة، هم من بادر الى الحراك الاحتجاجي السوري السلمي في بداياته في المدن، منفصلين عن الاجسام الأهلية وشبكاتها في الأحياء السكنية – سوى في درعا التي اتخذ الحراك فيها جسماً أهلياً في بداياته – فإن مثال أولئك الناشطين السوريين في مبادرتهم، كان الثورة المصرية، واسطة عقد "الربيع العربي"، ذات الطابع الشبابي المدني الغالب اثناء الاعتصام في الشوارع والميادين، من بدايته حتى نهايته السريعة الخاطفة. ذلك على خلاف الثورة السورية السلمية البطيئة المديدة، التي ما كان لها أن تستمر وتتسع من دون عثورها على مددٍ أهلي عميق وأجسامٍ أهلية عضوية في الأحياء المدينية الفقيرة والعشوائية وفي الارياف المتباعدة. الدليل أنه حين حاول المحتجون والمتظاهرون السوريون، على نحو غير متزامن وغير منسَّق ولا مركزي، التجمهر والاعتصام في ساحات الكثير من المدن والبلدات، شرع النظام الأمني السوري في تكثيف القتل وحملات السحق والسحل والاغتيال والاعتقال الجماعي، فجرت الدماء غزيرة في شوارع المدن والبلدات وساحاتها، وتحولت السجون والمدارس والملاعب الرياضية ومقار الأجهزة الأمنية، ساحات اعتقال وترويع وتعذيب غصَّت بعشرات الألوف من البشر تحت رحمة آلة أمنية رعاعية عنصرية مسعورة، تعوَّدت وتدرَّبت على أن ترى معتَقَليها قطعاناً للسحل والقفز فوق ظهورها، لأنها فاقدة السوية البشرية والانسانية.
لذا ترك السوريون المنتفضون الشوارع والساحات الكبرى والرئيسة، وانكفأوا انكفاءً هَلِعاً جسوراً الى ساحات أحيائهم الداخلية وأزقتها الضيقة، هاتفين: "الموت ولا المذلة"، فيما هم يعقدون الأيدي صفوفاً صفوفاً متراصّة، كأنهم يصنعون من انكفائهم وتضامنهم الانساني المسالم سلاسل بشرية راقصةٍ رقصةَ عرسٍ قرباني: "عَ الجنة رايحين/ شهداء بالملايين". من قلب هذه الأعراس القربانية المتفرقة والمتباعدة انبثق ما سمّوه تسمية عشوائية متسرعة "الجيش السوري الحر"، كي يحميهم من آلة القتل والإعدام العنصرية.

 

الحال الخاصة

يبدو أن حلب (وربما دمشق) على خلاف حمص وحماة وبانياس على سبيل المثل لا الحصر، لم تتمكن من خوض غمار التجمهر والاعتصام السلميين، المريرين والداميين الجسورين، في الشوارع والساحات المفترضة كبرى ومركزية. لم تعثر  حلب، بخلاف درعا، على ذلك الجسم الأهلي الداخلي، العميق والمتماسك، لحركة الاحتجاج السلمي فيها، إلا على نحوٍ جزئي في صلاح الدين وسيف الدولة وأحياء شرق المدينة، كالصاخور ومساكن هنانو والشعار، وعلى نحوٍ واسع في أرياف حلب. وهذه أيضاً حال دمشق مع أريافها القريبة.
في المقابل يبدو أن حلب أوكلت الى جامعتها وطلبتها خوض غمار احتجاج وتظاهرات سلمية داخل الحرم الجامعي الذي شهد حراكاً شبابياً متصاعداً ومتصل الحلقات، من دون أن يحظى بتغطية إعلامية واسعة، ربما لأن حركة الاحتجاج والتظاهر المنفلتة بقوة في سواها من المدن والأرياف، هي التي تصدرت مشاهد الثورة السورية، وجذبت المتابعة الإعلامية المتواصلة. على أن حال حلب الخاصة هذه، تخالف قاعدة أساسية في ثورة السوريين بوصفها ثورات متفرقة في مرحلتها السلمية المديدة والتالية المسلحة والمديدة ايضاً. القاعدة المعنية هي أن الطبيعة العامة الأساسية لثورة السوريين تتمثل في كونها ثورة بؤر متفرقة شديدة التشتت، لا تتحرك أفقياً ولا تنحو نحو التمركز والتزامن، حتى في المدينة الواحدة. ذلك أن هذه الثورة عملت على التجذر عمودياً وعميقاً في بؤرها، فيما هي تنتشر وتتسع أفقياً. كأنها في هذا تذهب في اتجاه تفكيك، بل تحطيم النُظم والبنى السلطوية الساحقة للمجتمع والعمران والتاريخ حتى الركود والاستنقاع والخواء، في سبيل الخروج من ذلك السجن الأمني الأبدي الذي أقامه النظام وسجن فيه السوريين وأزهق أرواحهم وروح مجتمعهم الحي، وتركهم وتركه، بلا عمق ولا روح وخارج الزمن والتاريخ.
لكن الناشطين الشبان والطلبة في حلب لم يذهبوا هذا المذهب في حركة احتجاجهم وتظاهراتهم، التي ظلت منفصلة عن الأجسام الأهلية ومددها في الأحياء المدينية والأرياف، واكتفت بالاحتجاج والتظاهر داخل الحرم الجامعي المحاصر أمنياً، والفاقد العمق الاجتماعي. قد لا يكون مذهب الناشطين الشبان والطلبة هذا خياراً إرادياً، بل فُرضَ عليهم وعلى مدينتهم بقوة الرصاص والحديد والنار. لكن هذا الخيار اللاإرادي إنما يشكل مرآة تعكس حال حلب الخاصة وحال المجتمع المديني الحلبي مع الثورة التي انطلقت قوية من ريف المدينة، ومنه أخذت تتسع وتتمدد إليها بقوة، بعد تحول الثورة الى النشاط المسلح.

 

ثورة الريف الحلبي

لم تتأخر الحركة الاحتجاجية عن الانطلاق قوية في ريف حلب من بلدة عندان الكبيرة، ثم بلدة حريتان، الى الشمال الغربي من المدينة، على الأوتوستراد الذي يتجه من حلب شمالاً مروراً بهاتين البلدتين وسواهما مثل حيَّان وبيانون، وصولاً الى إعزاز القريبة من الحدود التركية. من عندان خرجت التظاهرات الأولى كثيفة، وأخذت تكبر وتمتد تدريجاً، وتتسع في ريف حلب. وحدها القرى الشيعية، مثل الزهراء ونبّل القريبتين من عندان، لم تخرج منها تظاهرات، فاستعملها النظام قاعدة لمحاولاته السيطرة على بلدات الريف الحلبي وقراه الثائرة. بعد اطلاق قوات الأمن والشبّيحة النار على الاهالي المتظاهرين في البلدات والقرى، وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى منهم، وقيام تلك القوات بحملات دهم واعتقالات واسعة، بادر الاهالي الى حمل السلاح لحماية بلداتهم وقراهم وتظاهراتهم من الهجمات الأمنية والعسكرية عليهم. مع استمرار التظاهر والمجابهات، اخذ النظام يستعمل الجيش النظامي لإخماد الحركة الاحتجاجية، التي توسعت وتجذرت وشملت الريف الحلبي كله، بما فيه بلدات شرق حلب الكبيرة والكثيفة السكان، مثل منبج والباب. اعتمد الجيش في البداية اسلوب الهجمات على البلدات والقرى الثائرة، فراحت قواته تدخل اليها، تقتل وتعتقل مجموعات من المتظاهرين والأهالي، ثم تنسحب، لتعود التظاهرات اقوى من ذي قبل، فيحدّد الجيش هجماته. طالت هذه الحال حتى قرر النظام تغيير استراتيجيته، فبدّل القيادة العسكرية المشرفة على العمليات، واعتمد اسلوب القصف المدفعي العنيف على البلدات والقرى الثائرة من خارجها لإخضاعها. من مرابض مدفعية الميدان التي نصبها الجيش في مدرسة المدفعية غرب حلب وفي مدرسة المشاة الى الشمال، اخذت القنابل تنهمر غزيرة وبلا توقف على اتارب وعندان وحريتان، وصولا الى إعزاز وسواها من القرى التي بدأ سكانها يفرّون منها هاربين الى حلب والى تركيا. هكذا بدأت تنشأ كتائب "الجيش الحر" في الريف الحلبي، وشرعت تقوم بهجمات كر وفر على القوات النظامية الأمنية والعسكرية. بعد اشتداد القصف المدفعي العشوائي على البلدات والقرى، اخذت هذه الكتائب تنسحب منها تاركة فيها مجموعات صغيرة. المجموعات المنسحبة والاهالي لجأوا الى احياء حلب الفقيرة والعشوائية، حيث لهم معارف وعلاقات واقارب.
في غمرة هذه التحولات والمجابهات والهجرات الى حلب، بدأت المجابهات المسلحة بين المنتفضين في صلاح الدين وسيف الدولة وسواهما من الاحياء العشوائية شرق المدينة، وبين قوات النظام الأمنية والعسكرية، وبدأ التركيز الاعلامي على الثورة في حلب. مع تكاثر مجموعات "الجيش الحر" في الأحياء الشرقية، لم يعد النظام يعتمد على الشبّيحة الذين تراجع دورهم في مجابهة الثائرين، فاندفعت القوات العسكرية النظامية في حربها على هذه الأحياء. في المقابل اخذ الثوار المسلحون يقومون بهجمات وعمليات على المراكز والمواقع الامنية والعسكرية في المدينة، شرقا قرب المطار ومناطق مقهى الشعار ومساكن هنانو والصاخور، ثم شملت العمليات مدينة الحمدانية في الجنوب الغربي.

 

إجلاء العلويين والأرمن

أحياء حلب الغربية للفئات الوسطى والميسورة التي كانت هادئة، تسلل اليها الخوف وشيء من الاضطراب والنزوح مع توسع العمليات واشتدادها. واذا كان السكن في حي الحمدانية يغلب عليه الضباط العسكريون والأمنيون والموظفون الاداريون وأسرهم من الطائفة العلوية، بعد استقدامهم من مدن الساحل واريافه في ثمانينات القرن العشرين، فإن احياء المدينة الغربية الراقية، مثل المحافظة والسبيل وسواهما، تسكنها الاسر والعائلات الحلبية من الاكثرية السنية، وتخالطها كثرة من المسيحيين والارمن، من دون ان يغيب العلويون عن هذا الخليط.
في حزيران الماضي، مع توسع الاعمال الامنية والعسكرية، قامت في يوم واحد 11 رحلة طيران من مطار حلب الى مطار باسل الاسد قرب اللاذقية، لنقل اسر الضباط والموظفين العلويين الى مدن الساحل واريافها العلوية. لكن عملية الاجلاء هذه استمرت قوية في الايام التالية. فتحت شعار "استهداف الاقليات" تكرر ما حدث في مطلع ثمانينات القرن العشرين، حينما جرى اجلاء العلويين من حلب ابان الحملة العسكرية على "الاخوان المسلمين"، بعد مذبحة حماة العام 1982. غير أن موجات الاجلاء الجديدة جاءت اكثر اتساعاً بكثير من سابقتها القديمة. وشمل النزوح والهجرة الراهنان المسيحيين والأرمن المعتبرين اقليات كبرى ومستقرة وقديمة في حلب. ففي غضون ايام ثلاثة انتقل حوالى 32 ألف ارمني حلبي الى عاصمة ارمينيا التي قدمت منها طائرات الى مطار حلب، فشاركت في عملية اجلاء الارمن من دون تأشيرات سفر. اما المسيحيون الحلبيون فنزحت فئات واسعة منهم عبر مسالك الهجرة غير الشرعية الى تركيا فاليونان، ومن ثم الى بلدان اسكندينافيا، كأسوج والدانمرك.

 

حال الكرد

يعتبر الكرد عموماً من الجماعات الاشد فقراً في حلب، ويتركز سكنهم في احياء شديدة الفقر والاكتظاظ، اكبرها الشيخ مقصود والاشرفية. اما الملاّك والميسورون من صناعيين وتجار كرد، فينزلون في احياء حلبية حديثة. ويبلغ اجمالي عدد السكان الكرد في حلب حوالى 300 الف نسمة، يعانون من اضطهاد تاريخي يشكل دافعاً اساسياً لمشاركتهم في الثورة الراهنة. لكن خطة النظام تركزت على تحييدهم، منذ ظهور بثينة شعبان على شاشة التلفزيون السوري في 21 آذار مهنئةً الكرد في عيدهم السنوي، النوروز، الذي كان النظام السوري يحرّم على الكرد الاحتفال به. في ظهورها الاعلامي نفسه أعلنت شعبان عزم الحكومة السورية منح الجنسية للكرد المحرومين منها.
منذ بدايات الاحتجاج والتظاهر في صلاح الدين وسيف الدولة، خرجت جماعات كردية متظاهرة في احيائها، لكن النظام لم يعتمد العنف في مجابهة المتظاهرين الكرد، تاركاً لـ"حزب العمال الكردستاني" الواسع النفوذ في الاحياء الكردية، تسيير هذه التظاهرات واحتواءها في عملية توزيع ادوار بينهما، قوامها ما يمكن تسميته "المتاركة" بين الكرد والنظام الذي أوكل الى "حزب العمال" التوسط لدى أجهزته الأمنية لإطلاق المعتقلين الكرد اثناء مشاركتهم في التظاهرات. ظل الكرد على هذه الحال طوال حركة الاحتجاج السلمي في حلب، ومع بدء المجابهات المسلحة أطلق "حزب العمال" النار على الثائرين الكرد وسيطر على الأحياء الكردية بذريعة حمايتها.

 

حاضنة الثورة

منذ مطلع شهر رمضان الماضي، تكاثرت مجموعات "الجيش الحر" في احياء سيف الدولة وصلاح الدين وسواها من العشوائيات المتصلة بها في شرق حلب وجنوبها، بعد هجرة كثيفة اليها من ارياف حلب. قررت هذه المجموعات القيام بحملة عسكرية واسعة على قوات النظام العسكرية والأمنية المتجمعة حشودها على اطراف المدينة، والعاملة على قصفها بالمدفعية والاغارة على احيائها الثائرة بالطائرات الحربية والمروحيات. تتركز مواقع المدفعية التابعة للجيش النظامي في مدرسة المشاة شرق حلب، وفي مدرسة المدفعية جنوب غرب الحمدانية، وعلى تلة في قلب المدينة قرب ثكنة "المهلب" العسكرية القديمة. أما مجموعات "الجيش الحر" المحتضنة من اهالي الاحياء الفقيرة في شرق المدينة وجنوبها، فمنتشرة في هذه الأحياء وتنطلق منها في عملياتها ومجابهتها، من دون ان يكون انتشارها وتمركزها ثابتين. لذا يمكن القول ان الحاضنة الاساسية للثورة في حلب، في طورها السلمي المديد وفي طورها الثاني المسلح، هي الاحياء الفقيرة والعشوائية الاشد فقراً. واذا كانت هذه الأحياء سنّية السكان، فليست سنّيتها هي العامل المحرك والدافع للثورة في طوريها، بل الفقر والتمييز والتهميش والاقصاء اجتماعياً واقتصادياً، اضافة الى القهر الامني، طوال عقود متعاقبة.

 


المصدر: مصادر مختلفة

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,301,307

عدد الزوار: 6,986,458

المتواجدون الآن: 62