سورية: مئات اللاجئين يفرون إلى تركيا بعد دخول الجيش قرية خربة الجوز

توتر سوري - تركي وأميركا تحذر من الاقتراب من «حدود الأطلسي»

تاريخ الإضافة السبت 25 حزيران 2011 - 6:39 ص    عدد الزيارات 2731    القسم عربية

        


توتر سوري - تركي وأميركا تحذر من الاقتراب من «حدود الأطلسي»
الجمعة, 24 يونيو 2011
واشنطن - جويس كرم؛ لندن، دمشق، بروكسيل - «الحياة»، أ ف ب، رويترز

في اليوم المئة لحركة الاحتجاج في سورية، دعا الناشطون المطالبون بالديموقراطية إلى التظاهر مجددا اليوم تحت عنوان جمعة «سقوط الشرعية». وذلك بعد يوم على اضراب عام في كل المدن، لاقى استجابة كبيرة، بحسب الناشطين الذين اوضحوا ان اضرابا واسعا سجل في ريف دمشق وحلب وحماه وحمص ودير الزور ودرعا وادلب.

توازى ذلك مع دخول دبابات وقوات سورية أمس الى مشارف الحدود التركية، ما دفع مئات اللاجئين السوريين إلى العبور إلى تركيا. وافا شهود بان جنودا تساندهم مركبات مدرعة اقاموا حواجز على الطريق الرئيسي من حلب الى تركيا، وهو ممر رئيسي للشاحنات بين اوروبا والشرق الاوسط، واعتقلوا العشرات.

ويزيد اقتراب قوات سورية من الحدود التوترات مع أنقرة. وقال مسؤول في الخارجية التركية أمس إن وزيري الخارجية السوري وليد المعلم والتركي أحمد داود أوغلو اجريا تشاورات حول الوضع عبر الهاتف. وأفادت «رويترز» بان قائد الجيش الثاني التركي زار الموقع الحدودي في غوفيتشي. وفيما تبنى الاتحاد الاوروبي أمس رسميا العقوبات الجديدة ضد دمشق، رفعت واشنطن سقف خطابها حول سورية مذكرة بأن الأزمة هناك هي «على حدود حلف الأطلسي» أي تركيا. وقال مساعد وزير الدفاع الأميركي للشؤون الأمنية ألكسندر فيرشبو إن على دمشق «أن تأخذ بالاعتبار» حاجات أنقرة «وتوقف العنف وتبدأ الإصلاح». كما عبر مسؤول في الخارجية الاميركية لـ»الحياة» عن قلق بالغ لدى واشنطن من تحرك قوات الجيش السوري على مقربة 500 متر من الحدود التركية.

وعن التطورات على الحدود، قال ناشطون إن الجيش السوري تدعمه دبابات دخل قرية خربة الجوز الواقعة قرب الحدود السورية - التركية حيث يتجمع آلاف اللاجئين. وافاد شهود اتراك على الجانب التركي من الحدود، بانهم رأوا دبابات وجنودا سوريين يصلون الى مشارف الحدود، عند هضبة تبعد اقل من كيلومتر عن تركيا.

وافادت روايات متطابقة لـ «فرانس برس» و»رويترز» ان علما تركيا كان وضعه اللاجئون السوريون قبل ايام على مبنى عند هذه الهضبة امتنانا لتركيا، تم استبداله بعلم سوري.

وادى تقدم الجيش السوري الذي بات على بعد مئات الامتار فقط من مخيمات النازحين السوريين على الحدود السورية - التركية الى فرار المئات منهم إلى داخل تركيا. وقال رئيس جمعية الهلال الأحمر التركي تيكين كوجوكالي: «نشهد نشاطا متجددا على الحدود»، موضحا ان «اكثر من 600 شخص وفدوا اليوم (امس)».

وقال طبيب في المنطقة لـ مبنى رفع عليه العلم السوري في المنطقة الحدودية بين سورية وتركيا قبالة قرية غوفيتشي. (ا ف ب).jpg «رويترز»: «يحاول النظام اجهاض احتجاجات في حلب بقطع الامدادات مع تركيا. اناس كثيرون هنا يستخدمون شبكات الهاتف المحمول التركية». من ناحيته، ذكر «المرصد السوري» ان الامن اعتقل خلال اليومين الماضيين 120 شخصا في مدينة تل رفعت وريفها، الواقعة على الطريق العام الذي يربط حلب بالحدود التركية.

وفي اليوم المئة على بدء الاحتجاجات، اعرب محتجون سوريون عن تصميمهم على متابعة التظاهر. واكدت لجان التنسيق المحلية في بيان ان «مئة يوم، وثورتنا مستمرة، وهو ما يقتضي الى جانب استمرار النضال السلمي باشكاله كافة».

وقال ناشطون إن دعوتهم الى لإضراب امس لاقت استجابة واسعة، موضحين ان غالبية المحلات في حمص وحماه وسراقب (ريف ادلب) استجابت للاضراب. كما أغلقت محلات في الاحياء الجنوبية في بانياس وبعض قرى درعا ودير الزور واللاذقية والقامشلي.

 

 

 

سورية: مئات اللاجئين يفرون إلى تركيا بعد دخول الجيش قرية خربة الجوز
دمشق، عمان، نيقوسيا - «الحياة»، أ ف ب ، رويترز - قال نشطاء حقوقيون إن الجيش السوري تدعمه دبابات دخل أمس قرية خربة الجوز (شمال غرب) الواقعة قرب الحدود السورية التركية، حيث يتجمع آلاف اللاجئين الفارين من العمليات الامنية للجيش، والذي اضطر المئات منهم إلى دخول الأراضي التركية هرباً من تقدم الدبابات. ويأتي ذلك فيما دعا ناشطون الى الاضراب العام في جميع المدن السورية امس، بمناسبة مرور مئة يوم على اندلاع موجة الاحتجاجات ضد النظام.

وعن التطورات الميدانية، قال ناشط حقوقي سوري في اتصال مع «فرانس برس»، إن مئات الجنود تؤازرهم دبابات، دخلوا مدينة خربة الجوز امس. وأفاد شهود أتراك من الجانب التركي من الحدود لـ «فرانس برس»، أنهم رأوا دبابات وجنوداً سوريين يصلون الى مشارف الحدود.

وقال أحد سكان بلدة غوفيتشي، إنه رأى قرابة الساعة 6:00 (3:00 تغ) جنوداً يمرون عند هضبة تبعد أقل من كيلومتر عن الحدود. وأفاد صحافي أن علماً تركياً كان وضعه اللاجئون السوريون قبل ايام على مبنى عند هذه الهضبة، كعلامة امتنان لتركيا التي استقبلت الآلاف منهم، تمَّ استبداله بعلم سوري. وكان إطلاق نار ودوي انفجارات سمعا الثلثاء عند الحدود يبدو ان مصدرها قرية خربة الجوز، الواقعة عند هضبة تشرف على الحدود على بعد كيلومتر واحد.

وأدى تقدم الجيش امس، الذي بات على بعد مئات الأمتار فقط من مخيمات النازحين السوريين على الحدود السورية، إلى فرار مئات من السوريين كانوا نزحوا منذ ايام، ودخولهم تركيا.

وعَبَر النازحون المذعورون حاجزَ الاسلاك الشائكة الذي يرسم الحدود، وأصبحوا على الطريق الذي تستخدمه دوريات الدرك التركي على بعد بضعة كيلومترات من شمال بلدة غوفيتشي التركية الحدودية، ثم أحاطت بهم عربات الدرك التركي وحافلات صغيرة، استدعيت على الارجح لتنظيم نقلهم الى خمس مخيمات للاجئين السوريين اقامها الهلال الاحمر التركي في محافظة هاتاي (جنوب تركيا) التي تستقبل بالفعل 10200 سوري. كما شوهدت مجموعات من مئات الاشخاص على الطريق نفسها، تسير باتجاه سيارات الدرك.

من جهة أخرى، اشار رئيس جمعية الهلال الأحمر التركي تيكين كوجوكالي، الذي وصل الى غوفيتشي الى دخول اكثر من 600 سوري الى تركيا. وقال: «نشهد نشاطاً متجدداً على الحدود»، موضحاً ان «اكثر من 600 شخص وفدوا اليوم (امس)»،

وأكد ان «عدد السوريين يبلغ 11 ألف لاجئ حالياً في تركيا».

وأضاف رئيس الهلال الاحمر التركي، الذي كان يتحدث الى القناة الإخبارية التركية «خبرتورك»، أن «منظمته قادرة نظرياً على رعاية 250 ألف لاجئ».

وعلى أطراف محمية غوفيتشي الصغيرة، وضعت القوات التركية أكياسا من الرمل وثبتت مناظير عالية الدقة على حوامل، وعمدت القوات التركية إلى نصب عَلَم تركي عملاق على رأس التلة المشرفة على القرية.

وأشار مهرب تركي على علاقة وثيقة مع أقارب في الجانب السوري لـ «فرانس برس»، إلى ان «المدرعات السورية كانت متمركزة في قرية خربة الجوز، فيما كانت وحدات من الشرطة تقتحم المزارع أسفل القرية على بعد حوالى 500 متر من الحدود».

ويتجمع آلاف النازحين السوريين في مخيمات على شكل «قرى» تضم مئات الأشخاص على أرض تشكل شريطاً ضيقاً يبلغ عرضه مئات الأمتار وطوله عدة كيلومترات يمتد على طول الحدود.

وكان النازحون قد تلقوا تأكيدات من السلطات التركية أن بإمكانهم عبور الحدود المحددة بصف من الاسلاك الشائكة في حال تعرضهم للخطر.

كما قال سكان إن القوات السورية دخلت قرية منغ القريبة من الحدود مع تركيا، في اطار حملة عسكرية متصاعدة في المناطق الريفية الى الشمال مباشرة من حلب.

وقال أحد سكان حلب: «اتصل بي أقارب من منغ، على بعد 15 كيلومتراً الى الجنوب من تركيا. تطلق ناقلات جنود مدرعة نيران مدافعها الرشاشة بشكل عشوائي، والناس يفرون من القرية في كل الاتجاهات».

وقال لاجئ كان مزارعاً في منطقة جسر الشغور لـ «رويترز»: «انهم يهرولون مذعورين. رأوا ما حدث لقراهم»، وذلك في إشارة الى عملية برية نفذها الجيش السوري في منطقة التلال الواقعة جنوب غربي حلب، قالت جماعات معنية بحقوق الانسان إن القوات السورية قتلت فيها أكثر من 130 مدنياً واعتقلت ألفي شخص. ورأى صحافيون نحو ستة جنود سوريين فوق سطح مبنى مكون من ثلاثة طوابق على تل يطل على الحدود، وعلى الجانب الآخر مباشرة من قرية غوفيتشي التركية. وكان المبنى مهجوراً قبل ذلك.

وظل الجنود في المبنى طوال صباح امس، ثم انسحبوا منه قبل الظهيرة. ووصلت أربع حافلات محمّلة جنوداً في غضون ساعة وبرفقتها شاحنة صغيرة مثبت فوقها مدفع رشاش.

وخيمت أسر لاجئين سوريين أسفل برج المراقبة على الحدود داخل الأراضي السورية، لكن الجنود في البرج لم يقتربوا منهم. ورأى صحافيون من رويترز في غوفيتشي نحو خمس ناقلات جند مدرعة تسير وسط تلال على الجانب السوري.

وقال عمر بربر اوغلو، وهو صحافي من تلفزيون رويترز: «لم يقتربوا بهذا الشكل من قبل... لكنهم لم يصلوا الى المكان الذي يوجد فيه اللاجئون».

وقال سكان إن جنوداً من الجيش والشرطة السرية تساندهم مركبات مدرعة، أقاموا اول من أمس حواجز على الطريق الرئيسي من حلب الى تركيا، وهو ممر رئيسي لشاحنات الحاويات من أوروبا الى الشرق الاوسط، وألقت القبض على عشرات الأشخاص في منطقة إلى الشمال من حلب.

وقال طبيب يعيش في المنطقة لـ «رويترز» بالهاتف: «يحاول النظام إجهاض احتجاجات في حلب بقطع الإمدادات مع تركيا. أناس كثيرون هنا يستخدمون شبكات الهاتف المحمول التركية للهرب من التجسس السوري على مكالماتهم، ولهم صلات عائلية مع تركيا، وهناك ايضاً طرق تهريب قديمة كثيرة يمكن ان يستخدمها الناس للهرب».

يأتي ذلك فيما دعا ناشطون الى الاضراب العام في جميع المدن السورية امس، بمناسبة مرور مئة يوم على اندلاع موجة الاحتجاجات.

وأعلن الناشطون على صفحة «الثورة السورية» على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» «الاضراب العام في كافة المناطق والمدن السورية». وذكر ناشط حقوقي ان «تلبية جزئية جرت في بعض المدن لهذه الدعوة».

من جهة ثانية، اشار رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان عمار قربي لـ «فرانس برس»، الى ارتفاع حصيلة قتلى تظاهرات يوم الثلثاء الماضي الى «تسعة مدنيين، قتلوا برصاص قوات الامن». وكانت حصيلة سابقة اشارت الى مقتل خمسة اشخاص.

وأوضح قربي أن «خمسة اشخاص قتلوا في حماه (وسط) وثلاثة في حمص (وسط) وشخص واحد في الميادين (شرق)».

وأورد الناشط لائحة بأسماء القتلى.

كما أشار رئيس المنظمة الى «استمرار السلطات السورية باستعمال القوة المفرطة في قمع الاحتجاجات السلمية في مختلف المدن والمناطق السورية، ولجأت الى اعتقال العشرات في حلب (شمال) ودير الزور (شرق) وريف دمشق وإدلب (شمال غرب)».

ودانت ستة منظمات حقوقية سورية في بيان مشترك امس «استمرار دوامة العنف في سورية، ايّاً كانت مصادر هذا العنف او شكله او مبرراته». وقال البيان: «ندين ونستنكر بشدة اعتقال المواطنين السوريين ونبدي قلقنا البالغ على مصيرهم».

وطالب البيان الأجهزة الامنية «بالكف عن الاعتقالات التعسفية التي تجري خارج القانون، والتي تشكل انتهاكا صارخاً للحقوق والحريات الاساسية التي كفلها الدستور السوري».

والمنظمات الموقِّعة على البيان هي المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سورية ومنظمة حقوق الانسان في سورية (ماف) والمنظمة العربية لحقوق الانسان والمنظمة الكردية للدفاع عن حقوق الانسان واللجنة الكردية لحقوق الانسان (راصد) ولجان الدفاع عن الحريات الديموقراطية وحقوق الانسان في سورية.

أفادت «الوكالة السورية للأنباء» (سانا) أمس أن «العائلات المهجرة من مدينة جسر الشغور في شمال غربي البلاد، واصلت أمس العودة إلى منازلها التي أجبرتهم التنظيمات الإرهابية المسلحة على مغادرتها».

وأفادت أن أكثر من خمسمئة شخص عادوا إلى المدينة من المخيمات التركية بعد عودة 270 شخصاً في اليومين الماضيين «بعدما أعاد الجيش الأمن والطمأنينة إلى المدينة والحياة إلى طبيعتها». مشيرة الى أن «الحياة في المدينة عادت إلى سابق عهدها بعد قيام الجهات المعنية بإصلاح أعطال الكهرباء والماء وشبكة الهاتف الأرضية».

الى ذلك، أفادت «سانا» أنه «شيع من المستشفى العسكري بحمص صباح (أمس) جثامين 26 شهيداً من قوى الأمن قضوا في مجازر جسر الشغور التي ارتكبتها التنظيمات الإرهابية المسلحة».

 

 

معارضون سوريون «يختبئون» بلا عناوين ... ويهوِّنون من «فزاعة» التيارات الدينية
الجمعة, 24 يونيو 2011
لندن - «الحياة»

جائع، لا شيء في الثلاجة يمكن ان يأكله، وفوق ذلك ينام على أغطية ملقاة على الارض هي بمثابة السرير والمقاعد. إنه أحد المعارضين السوريين الذين اضطروا إلى الفرار من منازلهم تحسباً لاعتقال قوى الامن لهم، بعضهم فر الى لبنان او تركيا، على أمل التحرك بحرية أكبر لدعم التظاهرات، وآخرون بقوا داخل سورية، فاضطروا إلى الاختباء في أماكن اخرى غير منازلهم.

مصطفى، 40 عاماً، احد المنخرطين في حركة الاحتجاجات الواسعة في سورية، يعيش في غرفة بعيدة من منزله الاصلي، «استعارها» من صديق. هناك وسادة على الأرض كي ينام عليها، لكن ايضاً هناك طاولة عليها كمبيوتر يرسل من خلاله آخر اخبار الاحتجاجات في الشارع: عدد القتلى وعدد الجرحى وكم وصل عدد المعتقلين. مثله مثل الكثير من الناشطين العاملين «تحت الأرض»، لا يأكل كثيراً، إلا أنه يدخن بشراهة. عندما قابل مراسلة «بي بي سي» في إحدى ضواحي دمشق، قال لها: «أهلاً بك في أرض النيكوتين»، ثم بدأ يتحدث عن تطورات الوضع في سورية، غير انه رجاها قائلاً: «لا تصوير»، خوفاً من ان تتعرف السلطات على هويته. يقول مصطفى رداً على سؤال ما الذي يريده المتظاهرون: «أريد ان اتحدث معك ومع العالم من دون أن اضطر للاختباء. ما نريده هو الحرية في انتقاد الحكومة، نريد حرية التعبير، نريد ديموقراطية، نريد الاشياء التي نعتبرها طبيعية».

وإذا كان مصطفى «استعار» غرفة، فإن عامر - صحافي في التلفزيون يبلغ من العمر 26 عاماً - كان محظوظاً أكثر بكثير، فقد أقرضه صديقه منزله كله.

ويقول عامر لـ «بي بي سي»، إنه كان يغطي لأحد المحطات العربية المعروفة، وقال تعليقاً على الخطاب الاول للرئيس السوري بشار الاسد إنه (الخطاب) «قد لا يرضي السوريين»، فلم يَرُقْ تعليقُه هذا للسلطات. وتابع: «أتوا إلى منزلي وحطموا جهاز الكمبيوتر الخاص بي، ثم أخذوني إلى السجن. وبعد ان عذبوني، وضعوني في زنزانة وحدي. كانت صغيرة جداً، وأُجبرت فيها على الوقوف، لم أستطع الجلوس. ضربوني بصاعقات كهربائية... بصقوا عليَّ، وقالوا إنني صحفي غبي ضيَّعَ مستقبله».

ومع استمرار حركة الاحتجاجات من دون أفق واضح، يقول معارضون سوريون إن الطريقة لمنع دخول البلد في حالة من النزاع الأهلي هي بدء حوار بين المعارضة والسلطات على إصلاحات ديموقراطية حقيقية.

وقال رئبال الاسد، ابن عم الرئيس السوري والمعارض المقيم في لندن، لـ «رويترز»، إن سورية يمكن ان تنزلق الى حرب أهلية، كما يمكن أن يشتعل صراع إقليمي إذا لم يحدث تقارب بين الرئيس والانتفاضة الشعبية ضد حكمه.

وقال رئبال إن «متطرفين دينيين» يخطفون الانتفاضة التي تفجرت منذ ثلاثة أشهر، وإن دائرة داخلية تدفع الرئيس السوري نحو مقاومة تقديم تنازلات لحركة الاحتجاج.

وأوضح: «علينا ان نختار، إما ان يكون هناك تغيير سلمي وإلا فقد نجد أنفسنا في حرب إقليمية. إن حرباً أهلية أو إقليمية... يمكن أن تندلع بسهولة».

إلا ان معارضين وناشطين في الداخل يرفضون فكرة «التخويف» من التيارات الدينية، ويقول عامر، الصحافي التلفزيوني، تعليقاً لـ «بي بي سي»: «هذا تخويف متعمَّد تقوم به الحكومة... يستخدمون التيارات الاسلامية كفزاعة للتخويف... هذا كلام بلا أساس. نحن فقط نحتاج الحرية وحكم القانون».

وتلاحظ متظاهرة سورية تحدثت لـ «بي بي سي»، أنها عندما شاركت في التظاهرات قبل نحو 3 أشهر، كانت غالبية المشاركين من التيارات الليبرالية، اما اليوم - كما تقول -، فإنها تلاحظ ان محافظين ومحجبات يقفون جنباً إلى جنب مع الليبراليين.

وتتابع: «لا أريد لابنتي أن تكبر في مثل ظروفي، حيث كنت اقول كلاماً في مكان وآخرَ مختلفاً في مكان آخر... أريد ان أكون حرة. أريد لابنتي ان تقول ما تريد قوله، في المكان الذي تريده والزمان الذي تريده».

ويعتقد رئبال ان بعض اعضاء الدائرة المقربة من النظام قد تكون تقف وراء عدم اجراء اصلاحات حقيقية يدعو اليها المحتجون.

ويقول: «يوجد أشخاص في النظام لا يريدون ان يروا أي اصلاحات في سورية. هم يعلمون جيداً ان الاصلاحات تعني انهم سيخسرون مصالحهم، وانهم سيقدَّمون الى العدالة».

المعارض السوري البارز رياض سيف، 65 عاماً، الذي اعتُقل مؤخراً خلال الاحتجاجات ويدعو لإصلاحات ديموقراطية في سورية منذ التسعينات، يقول إنه تحدث مع الرئيس السوري عندما وصل إلى السلطة بعد وفاة والده عام 2000، موضحاً لـ «بي بي سي»: «طلب مني بشار الأسد أن أساعده في الإصلاحات، فبدأت مشاورات، وأطلقنا على أنفسنا «المجلس الوطني السوري». تعوَّدنا ان نلتقي نحو مئة شخص هنا في منزلي».

وتابع: «وضعنا معاً خطة لتقديم إصلاحات سياسية وإنهاء الفساد، إلا أنها لم تَرُقْ لبشار. وعام 2001 حُكم عليَّ بالسجن 5 أعوام، ثم سُجنت عام 2006 مرة أخرى لعامين ونصف».

وبالرغم من إصابته بسرطان البروستات، إلا ان سيف شارك في الحركة الاحتجاجية والتظاهرات في دمشق، حيث اعتقل مؤخراً لعدة ايام بعد أدائه صلاة الجمعة. ويضيف: «ضربوني حتى تغطيت بالدماء، وظللت محبوساً لمدة 10 أيام. إلا ان هذه التجربة كانت شيقة جداً بالنسبة لي، فعلى خلاف المرات السابقة، كان هناك المئات منا في السجن، وأمكننا جميعاً تبادل الحكايات والآراء حول الوضع الحالي».

وعلى الرغم من بعض الإجراءات الاصلاحية التي أعلنها النظام، إلا ان الغالبية العظمى من المحتجين لم تقتنع بجدية النظام في الإصلاحات بعد.

ويقول رئبال في هذا الصدد: «المحتجون لم يروا أيَّ شيء بعد... فهو (الاسد) لا يحتاج - مثلاً - الى تشكيل لجنة لإلغاء المادة الثامنة من الدستور، التي تنص على ان حزب البعث هو قائد الدولة والمجتمع. يمكن ان يحدث هذا في الحال، وبمرسوم رئاسي، لاظهار حسن النية».

وأضاف أنه إذا لم يكن بإمكان النظام إجراء إصلاحات، فإنه يجب ان يعترف بأنه رهينة لاصحاب المصالح الشخصية وينحاز الى الانتفاضة. وأضاف: «ما يجب ان يعرفه، هو أنه في النهاية سيتحمل المسؤولية عن كل شيء، لأنه رئيس الحكومة والجيش وحزب البعث».

وتابع: «إذا لم يتمكن من مواجهة هؤلاء الناس، فعليه ان يخرج ويقول... حاولت القيام بإصلاحات منذ ان توليت السلطة، لكنّ مَن حولي لم يسمحوا لي بذلك... أحتاج لمساعدتكم. إنني أتنحى وأقف في صف الشعب».

 
الاقتصاد السوري... كعب أخيل؟
 

بيروت - أ ف ب - يرى محللون أن الاقتصاد السوري الذي اهتز نتيجة الاضطرابات القائمة في سورية منذ أربعة أشهر سيتحول في حال استمرار العنف والتوتر، الى تهديد حقيقي للنظام السوري. ويقول ديبلوماسي غربي معتمد في دمشق: «هناك بضع أوراق متبقية في سورية يمكنها أن تشكل نقطة تحول في مسار الوضع، والاقتصاد إحداها».

ويضيف لـ «فرانس برس»: «كلما طالت الثورة واضطر تجار حلب ودمشق -الذين لم ينضموا الى الاحتجاجات بعد- الى إقفال مصانعهم وطرد عمالهم، فقد يبدأون بالبحث عن حل بديل».

وبدأ الاقتصاد السوري يعاني من تداعيات الانتفاضة الشعبية التي تسببت حتى الآن بمقتل أكثر من 1300 شخص، بحسب منظمات غير حكومية. فقد خفض صندوق النقد الدولي توقعاته بالنسبة الى اقتصاد البلاد. فيما يغيب الموسم السياحي الذي يشكل عنصراً مهماً في العائدات السورية، تماماً هذه السنة.

ويرى خبراء أن موقف الطبقة البورجوازية والتجار السياسي يتوقف الى حد كبير على صحة أعمالهم، وأنهم إن كانوا لا يزالون حتى الآن أوفياء للنظام فقد يغيرون ولاءهم في حال تواصلت الانعكاسات السلبية على أعمالهم.

ويقول الخبير الاقتصادي لاسن آشي من مركز كارنيغي للدراسات في الشرق الأوسط في بيروت إن «الاقتصاد السوري في وضع سيء جداً... وهذا الأمر يؤثر على الجميع في سورية لا سيما أولئك الذين يعملون في التجارة والصناعة والسياحة».

ويضيف: «من الأسهل على الفقراء والمحرومين اتخاذ قرار لجهة عدم قدرتهم على تحمل الوضع كما هو والرغبة بالانتقال الى وضع يأملون بأن يكون أفضل. إلا أن الناس الذين لديهم المال، يصعب عليهم ذلك من دون رؤية حقيقية مسبقة للمرحلة اللاحقة».

وتوقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ نسبة النمو في سورية حوالى 3 في المئة في 2011، بعد أن سجلت 5.5 في المئة في 2010. وهذا مؤشر في رأي الخبراء على أن الاقتصاد الذي تشرف عليه الدولة الى حد بعيد، تلقى ضربة قوية ولو أنها غير مرئية تماماً بالنسبة الى العالم الخارجي.

ويقول مصرفي في لبنان يدير أعمالاً في سورية: «حرص المصرف المركزي في سورية على ضرورة عدم استهلاك احتياطه ويبدو أنه يميل الى تشديد قبضته على احتياطي العملات الأجنبية على اختلافها».

ويبدو القطاع السياحي بوضوح الأكثر تأثراً بالأزمة الحالية، لا سيما بعد أن شهدت السنوات الماضية تدفقاً للسياح الى شوارع دمشق وحلب وغيرها من المدن.

وتؤمن السياحة نسبة 12 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي، وبلغ حجم العائدات من السياحة 6.5 بليون دولار في 2010.

وتعمل نسبة 11 في المئة من اليد العاملة في سورية في قطاع السياحة وتصل البطالة، بحسب الأرقام الرسمية الى ثمانية في المئة إلا أن محللين مستقلين يقدرون النسبة بأكثر من ذلك. وتخلو شوارع سورية التراثية اليوم من المارة، في وقت تتحسر آلاف العائلات التي تعيش من عائدات الموسم السياحي على مصيرها.

في الوقت نفسه، تبدو الخطط الموضوعة لمشاريع تنموية مهددة. وذكر خبير اقتصادي موجود في دمشق أن خطة تنموية خمسية كلفتها حوالى بليون دولار قد تتعرض لضربة قاسية في حال استمرار الاضطرابات.

كذلك تلقت المشاريع الاستثمارية ضربة قوية بسبب الأزمة.

ويقول آشي إن «العديد من المستثمرين أوقفوا مشاريعهم»، مشيراً الى أن «مستثمرين من الخليج وخصوصاً قطر بالإضافة الى دول أخرى يعيدون النظر في استثماراتهم في سورية».

وأطلق الرئيس السوري في 2006 سلسلة إصلاحات اقتصادية سمحت بإنشاء مصارف خاصة في البلاد وبدء العمل ببورصة دمشق في 2009، وفتح حسابات بالعملات الأجنبية. إلا أن السلطات أبقت على قبضتها الحديدية على الاقتصاد.

وفيما هرع أصحاب المدخرات الكبيرة الى سحب أموالهم من المصارف السورية منذ بدء الاضطرابات، تم «فرض سقف على السحوبات بالعملات الأجنبية» أخيراً، بحسب ما يقول المصرفي.

ودعا الرئيس السوري في خطاب الأسبوع الماضي الى إعادة الثقة في الاقتصاد السوري لمنع انهياره. وقال: «لا بد من البحث عن نظام (اقتصادي) جديد يحقق العدالة بين الفقير والغني وبين الريف والمدينة».

وكان الأسد أعلن في الأسابيع الأولى للاحتجاجات سلسلة محفزات بينها زيادات على الرواتب وتسهيلات يستفيد منها موظفو القطاع العام والطلاب وغيرهم.

إلا أن آشي يتخوف من أن يؤدي تخصيص مجموعات سورية معينة الى إغضاب الأكثر فقراً في البلاد. ويقول: «الأسد قام بتنازلات اقتصادية... مكلفة على صعيد الموازنة ولم تستفد منها كل شرائح الشعب»، مضيفاً «يترتب على هذا استمرار الفوارق بين الشرائح الاجتماعية وازدياد بعض المناطق فقراً. هذه المناطق والشرائح ستواصل احتجاجاتها».

 
واشنطن: أزمة سورية على حدود «الأطلسي»
واشنطن - جويس كرم، باريس - «الحياة»

رفعت واشنطن سقف خطابها حول سورية مذكرة بأن الأزمة هناك هي «على حدود حلف الشمال الأطلسي» أي تركيا، وأن على دمشق «أن تأخذ بالاعتبار» حاجات أنقرة «وتوقف العنف وتبدأ الإصلاح».وفي خطاب أمام معهد الشرق الأوسط في واشنطن أمس، أكد مساعد وزير الدفاع الأميركي للشؤون الأمنية ألكسندر فيرشبو أن العلاقة التركية - الأميركية «تعافت وازدادت قوتها في السنة الفائتة» مشدداً على أهمية التعاون الدفاعي بينهما وبسبب رابط حلف الشمال الأطلسي. وأكد فيرشبو في أول تضمين أميركي لاسم الحلف في الموقف من التطورات في سورية، أن «الأزمة في سورية هي على حدود حلف الشمال الأطلسي والولايات المتحدة يجب أن تأخذ بالاعتبار حاجات تركيا وأن تضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للإصلاح ولوقف العنف». وهناك تنسيق أميركي - تركي الى حد كبير في الموضوع السوري، وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أجرى اتصالين هاتفيين في الأيام العشرة الأخيرة مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تناولا الوضع في سورية.

وشدد فيرشبو على أهمية التعاون التركي - الأميركي في قضايا إقليمية أخرى بينها العراق والحرب في أفغانستان، وأبدى دعماً لجهود تركيا لتحسين العلاقة مع أرمينيا، إنما عبر عن قلقه حول «العلاقة بين إسرائيل وتركيا» وحض «على انخراط فعال وخلاق بين اللاعبين».

إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية الفرنسية أنها تتابع باهتمام وقلق بالغ تفاقم الوضع على الحدود السورية - التركية مشيدة بالتضامن الذي يبديه الأتراك حيال الشعب السوري المعرض للقمع.

وأضافت الوزارة أن ألوف السوريين فروا منذ أسابيع هرباً من القمع الوحشي الذي يتعرضون له من قبل السلطات السورية ولجأوا إلى تركيا وأن آخرين فروا من مناطق إقامتهم في سورية ويحاولون الوصول إلى الأراضي التركية نظراً إلى استمرار القمع.

ولفتت إلى أن فرنسا تحرص على الأشادة بالسلطات والمنظمات الإنسانية و بالمواطنين الأتراك الذين يسعون إلى تقديم الحماية والراحة لهؤلاء اللاجئين ويؤمنون لهم الاحتياجات الأساسية.


المصدر: جريدة الحياة

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,054,632

عدد الزوار: 6,932,486

المتواجدون الآن: 86