تعتيم رسمي على مجازر اللاذقية.. وحملات اعتقال تطال الأحياء كافة.. قوات الأسد تقتحم جسر الشغور مدعومة بالدبابات والهليكوبترات.. والمئات يفرون إلى تركيا

أنقرة تدعو الأسد إلى «التضحية» بأقرب الناس إليه من أجل إنقاذ الوضع السوري

تاريخ الإضافة الثلاثاء 14 حزيران 2011 - 6:54 ص    عدد الزيارات 2871    القسم عربية

        


 

مصادر تركية: دعونا الأسد للتضحية بماهر ومخلوف.. وأعطيناه «كتيب» إصلاح
الجيش يقتحم جسر الشغور * دمشق تعلن عن اكتشاف «مقبرة جماعية» * عدد اللاجئين لتركيا يفوق 5 آلاف
 
إسطنبول: ثائر عباس دمشق–لندن: «الشرق الأوسط»
اقتحمت القوات السورية أمس بلدة جسر الشغور الحدودية السورية على خلفية الانتفاضة الشعبية المناوئة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بعد نحو أسبوع من اشتعال الأحداث هناك.
ورافق عملية الاقتحام، التي نفذت من الأطراف الجنوبية والشرقية للمدينة، قصف مكثف بينما فر المئات من السكان من الأطراف الشمالية إلى الحدود التركية، ليتجاوز عدد اللاجئين إلى تركيا 5 آلاف. ونقلت وكالة «رويترز» عن سكان أن دبابات وطائرات هليكوبتر سورية هاجمت بلدة جسر الشغور الحدودية، وأضافوا أن وحدات الجيش بقيادة ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري بشار الأسد تمارس نفس الأساليب التي انتهجتها في مراكز أخرى لسحق المحتجين المطالبين بإنهاء حكم الأسد.
وفي غضون ذلك قالت مصادر تركية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» أمس: «لقد أعطيناه (الرئيس بشار الأسد) كتيّبا كبيرا يتضمن كل خبرتنا في مجال تأسيس الأحزاب والجمعيات وحل القضايا بالحوار، لكننا لم نجد ترجمة فعلية لهذه الإيجابية». وأوضحت المصادر أنه من المفترض بالأسد أن «يضحي بأقرب الناس إليه من أجل المصلحة العامة»، مكررة أسماء مثل اسم شقيق الرئيس الأسد ماهر، ورجل الأعمال رامي مخلوف».
 
قوات الأسد تقتحم جسر الشغور مدعومة بالدبابات والهليكوبترات.. والمئات يفرون إلى تركيا
السلطات تؤكد العثور على مقبرة جماعية لجنودها ووقوع اشتباكات عنيفة مع مسلحين.. وشهود عيان ودبلوماسي غربي يشككون
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
بعد نحو أسبوع من اشتعال الأحداث في بلدة جسر الشغور الحدودية السورية على خلفية الانتفاضة الشعبية المناوئة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، اقتحمت قوات سورية، يقودها شقيق الرئيس، ماهر الأسد، تلك البلدة أمس لسحق الاحتجاجات، في سيناريو يبدو مشابها لذلك الذي شهدته مدينة درعا، مهد الانتفاضة. ورافق عملية الاقتحام، التي نفذت من الأطراف الجنوبية والشرقية للمدينة، قصف مكثف، بينما فر عدد من السكان من الأطراف الشمالية إلى الحدود التركية. من جانبها، أكدت السلطات وقوع «اشتباكات عنيفة» مع مسلحين، غير أن العديد من شهود العيان ودبلوماسي غربي شككوا في صحة تلك الرواية.
والهجوم على جسر الشغور المحاذية لطريق استراتيجي في شمال غربي سوريا هو أحدث إجراء تقوم به القوات المسلحة لسحق المطالبين بالحرية السياسية وإنهاء القمع وهي المطالب التي فرضت تحديا غير مسبوق على حكم الأسد المستمر منذ 11 عاما. ونقلت وكالة «رويترز» عن سكان أن دبابات وطائرات هليكوبتر سورية هاجمت بلدة جسر الشغور الحدودية، بينما قال التلفزيون الرسمي إن اشتباكات عنيفة وقعت بين قوات الجيش ومسلحين معارضين للأسد. وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» أنه تم اقتحام جسر الشغور من حدودها الجنوبية والشرقية بـ200 عربة، ضمنها الدبابات، كما سمعت أصوات الانفجارات بينما كانت طائرات الهليكوبتر تحوم في المنطقة.
وأفاد سكان أن معظم المدنيين فروا من البلدة باتجاه الحدود التركية التي تبعد نحو 20 كيلومترا وأن الدبابات وطائرات هليكوبتر تقصف البلدة وتمطرها بوابل من طلقات المدافع الرشاشة.
وتابع التلفزيون الرسمي أن مواجهات ضارية تجري بين وحدات الجيش وأفراد تنظيمات مسلحة متمركزين في محيط جسر الشغور وبداخلها. وقال إن وحدات الجيش أبطلت مفعول قنابل وعبوات ناسفة زرعها مسلحون على الجسور وطرق البلدة. وأضاف أن اثنين من أفراد التنظيمات المسلحة قتلا وألقي القبض على عدد كبير منهم وكان بحوزتهم أسلحة فتاكة.
كما أعلن التلفزيون السوري في وقت لاحق عن اكتشاف مقبرة جماعية في جسر الشغور وقال إن العناصر المسلحة ارتكبتها بحق عناصر المركز الأمني، وزعم أنه تم «الكشف عن مقبرة جماعية ارتكبتها التنظيمات المسلحة بحق عناصر المركز الأمني في جسر الشغور وعن فظائع ارتكبتها التنظيمات المسلحة بجثث الشهداء التي تم إخراجها من المقبرة»، وأضاف أنه تم إخراج عشر جثث من المقبرة الجماعية وأن معظم الجثث مقطوعة الرؤوس والأطراف بالسواطير وتوجد آثار إطلاق نار في أماكن عدة على الجثث.
من جانبه، أفاد الناشط الحقوقي مصطفى اسو إن الجيش ينفذ عمليات عسكرية في 3 مناطق في محافظة إدلب، هي معرة النعمان وجسر الشغور وجبل الزاوية، التي تضم عدة قرى.
وذكر اسو أن القوات المتقدمة عبر الدبابات والمدفعية والهليكوبترات كانت تقاتل ضد المئات من عناصر الجيش المنشقين، وأضاف أن «هذه أكبر وأخطر موجة انشقاق»، منذ اندلاع الانتفاضة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وعلى خلاف العادة حيث تمنع السلطات السورية معظم وسائل الإعلام الأجنبية من العمل في البلاد مما يجعل من الصعب التحقق من روايات الأحداث، فإنها طلبت هذه المرة من عدد من الصحافيين مرافقة قواتها أثناء عملية الاقتحام. وبحسب «أسوشييتد برس»، فقد رافق مراسلها القوات السورية بدعوة من السلطات لتغطية اعتقال «المسلحين» في المدينة. وأفادت الوكالة أن الجنود أخذوا الصحافيين إلى المستشفى الوطني في المدينة وهناك شاهدوا جثتين على الأقل.
من جانبها، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن وحدات الجيش قامت بعد دخولها البلدة «بتطهير» المستشفى الوطني من العناصر المسلحة. غير أن دبلوماسيا غربيا كبيرا في دمشق عبر عن شكوكه في صحة الرواية الرسمية حول وقوع اشتباكات مع مسلحين، وقال لوكالة «رويترز» إن «الرواية الرسمية غير محتملة، فمعظم الناس غادروا جسر الشغور بعدما رأوا سياسة الأرض المحروقة التي ينفذها النظام والقصف والاستخدام المكثف للمدرعات في الوادي»، وأضاف أن «توافد اللاجئين على تركيا يتواصل والأعداد أعلى من التي تحصى رسميا حتى الآن».
وسئل أحد عمال البناء ويدعى مصطفى (39 عاما) فر أمس، عن وقوع أي اشتباكات بالبلدة، فأجاب: «أي اشتباكات؟ الجيش يقصف البلدة من الدبابات. الجميع يفرون»، وأضاف: «حتى لو كان معنا بنادق فماذا ستفعل أمام المدافع؟ إن سوريا يحكمها ديكتاتور بالشدة، وفجأة يقول النظام إن جسر الشغور مسلحة عن آخرها. هم يكذبون. هم يعاقبوننا لأننا نريد الحرية».
وقال السكان إن وحدات الجيش بقيادة ماهر الأسد شقيق بشار تمارس الأساليب نفسها التي انتهجتها في مراكز أخرى لسحق المحتجين المطالبين بإنهاء حكم الأسد الاستبدادي.
وتقع بلدة جسر الشغور الاستراتيجية على تلال على الطريق بين مدينة حلب ثاني أكبر مدن سوريا وميناء اللاذقية الرئيسي، وقد شهدت مظاهرات ضخمة مع وصف سكان لتمرد من قبل قوات الأمن التي قالوا إنها قاتلت قوات أخرى في محاولة لمنع قتل المدنيين.
وقال شهود العيان إنهم يخشون الهجمات الانتقامية التي تشنها قوات الأمن بسبب العنف الذي قالت سوريا إن 120 جنديا قتلوا خلاله، ولكن نشطاء حقوقيين ولاجؤون قالوا إنه نجم عن قتال بين قوات الأمن بسبب رفض جنود تنفيذ الأوامر بإطلاق النار على المدنيين.
وقالت لاجئة رفضت نشر اسمها لمحطة (إن تي في) الإخبارية التركية: «عندما حدثت المجزرة في جسر الشغور انقسم الجيش على نفسه، أو بدأ جنوده يقاتل بعضهم بعضا، وأنحوا باللائمة في ذلك علينا».
وأقامت تركيا مخيمات ضخمة للاجئين ونقلت الجرحى للمستشفيات لكنها قيدت الوصول إلى اللاجئين حفاظا على خصوصيتهم بحسب قولها.
وأفاد لاجؤون أن القوات السورية أحرقت أو قتلت الماشية والأغنام، وأضافوا أن الأراضي الزراعية حول الصرمانية إلى الجنوب من جسر الشغور قد دمرت، بينما قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية إن «الجماعات الإرهابية المسلحة» هي التي أحرقت الأراضي الزراعية في محافظة إدلب في إطار عمليات تخريبية تقوم بها.
وتقول منظمات حقوقية إن أكثر من 1100 مدني قتلوا منذ مارس (آذار) في حملة تزداد دموية على المتظاهرين المطالبين بتنحي الأسد ومزيد من الحريات السياسية وإنهاء الفساد والفقر. واستلهمت الاحتجاجات الانتفاضات ضد حكام طغاة آخرين طال بقاؤهم في السلطة في العالم العربي.
يأتي هذا، في وقت يواصل فيه أعداد من السوريين الفارين من البلدة تدفقهم إلى تركيا، وأفادت وكالة أنباء الأناضول أن أكثر من 400 سوري عبروا الحدود التركية ليل السبت - الأحد، مما يرفع إلى 5051 عدد اللاجئين الذين أتوا من سوريا للعيش في مخيم جنوب تركيا.
وكان التعداد الأخير المقدم من مصدر رسمي بعد ظهر أول من أمس أشار إلى وصول 4600 لاجئ من سوريا إلى تركيا.
في سياق متصل، ذكرت صفحة المعارضة السورية، التي اتخذت شعارا لها: «العاصي يفيض دما - يا شغور نحن معك للموت»، على شبكة «فيس بوك»، أن جسر الشغور تعرضت صباحا لقصف عنيف بالدبابات بشكل غير مسبوق منذ «بداية الهجوم على الأبرياء»، بالتزامن مع تحليق طائرات مروحية في سماء المدينة وقيام أجهزة الأمن بعملية تمشيط واسعة في محيط جسر الشغور. ولفتت إلى أن «عصابات النظام القاتل بعد أن أقدمت على قصف مدينة جسر الشغور بالدبابات، قامت بهدم الجسر فوق العاصي وإحراق مبنى البريد».
في موازاة ذلك، نشرت المعارضة السورية على «فيس بوك» مقطع فيديو قالت إنه «مسرب من بانياس لعصابات الشبيحة يعذبون الناس ويقولون لهم: تريدون حرية؟ ويقومون بضربهم». ويظهر الفيديو مجموعة من الشبان المبطوحين أرضا وهم مربوطو الأيدي فيما يقف إلى جانبهم عناصر بثياب عسكرية ويقومون بضربهم ودهسهم بأرجلهم.
واستمرت المعارضة السورية أمس في دعوة المتظاهرين إلى الوقوف في وجه النظام السوري والخروج للتظاهر بكثافة، مشددة على أهمية «التظاهر بشكل يومي ومكثف بدرجة لا تقل عن زخم مظاهرات يوم الجمعة، وذلك لجعل كل يوم من أيام الأسبوع يوم جمعة بامتياز».
 
أنقرة تدعو الأسد إلى «التضحية» بأقرب الناس إليه من أجل إنقاذ الوضع السوري
مصادر لـ«الشرق الأوسط»: أعطيناه كتيبا يتضمن خبرتنا لكنه لم يترجمه إلى أفعال * لاجئون يتحدثون عن تسليح العوائل العلوية
إسطنبول: ثائر عباس
أكدت مصادر تركية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «نقلة نوعية» في الأداء التركي حيال الأزمة السورية سوف تظهر تباشيرها مع انتهاء الانتخابات التركية وتشكيل الحكومة الجديدة، بعد أن تبددت آمال القيادة التركية في «تغيير فعلي» في المقاربة السورية لملف الاحتجاجات والإصرار على ما سمته المصادر استخدام «القمع بديلا عن الحوار».
وقالت المصادر لقد «أعطيناه (الرئيس السوري بشار الأسد) كتيبا كبيرا يتضمن كل خبرتنا في مجال تأسيس الأحزاب والجمعيات وحل القضايا بالحوار، وكان رحب الصدر دائما، لكننا لم نجد ترجمة فعلية لهذه الإيجابية». وأوضحت المصادر أنه من المفترض بالأسد أن «يضحي بأقرب الناس إليه من أجل المصلحة العامة»، مكررة أسماء مثل اسم شقيق الرئيس الأسد ماهر، ورجل الأعمال رامي مخلوف، وغيرهما، مشيرة في المقابل إلى وجود أسماء «مقبولة من الناس يمكن استمرارها مثل نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، وبعض القيادات العسكرية السورية التي لم تتلوث بالقمع»، على حد تعبير المصادر.
وقد نفى وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، مجددا أن تكون هناك نية لدى تركيا «حاليا» لإقامة منطقة عازلة داخل الحدود السورية للحد من تدفق اللاجئين الفارين من أعمال العنف في بلادهم، من دون أن يفصح عن الخيارات المستقبلية لبلاده التي قالت مصادر في وزارة خارجيتها أمس إنها «تستعد لاستقبال نحو 10 آلاف شخص، وهو الحد الأقصى لاستطاعتها»، وإذ أشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تركيا استقبلت في الماضي نحو 500 ألف لاجئ عراقي، فإنها تحتاج دعما دوليا في هذا المجال، وهو ما بدأت أنقرة فعله، مع ارتفاع عدد اللاجئين إليها إلى أكثر من 5000 شخص. فيما قالت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» إن هناك نحو 6000 شخص آخر كانوا ينتظرون في الجانب السوري من الحدود الفرصة لعبورها.
وأكد أوغلو في تصريح له عقب إدلائه بصوته في الانتخابات البرلمانية بمدينة قونيا بوسط تركيا، التي يخوض الانتخابات فيها مرشحا عن حزب العدالة والتنمية، أن تركيا ستستضيف بقدر المستطاع كل من يمكنها استضافتهم من المواطنين السوريين حتى عودة الأوضاع في بلادهم إلى طبيعتها. وقال «أبوابنا مفتوحة أمام إخواننا السوريين حتى تتحسن الأوضاع في بلادهم وتعود لطبيعتها»، مشيرا إلى أن «90% من الفارين من سوريا من الأطفال والنساء والشيوخ».
وأفادت وكالة أنباء «الأناضول» التركية بأن أكثر من 400 سوري عبروا الحدود التركية ليل السبت - الأحد، مما يرفع عدد اللاجئين الذين غادروا سوريا للعيش في مخيمات في جنوب تركيا إلى 5051 شخصا. وأشار التلفزيون الحكومي التركي إلى أن «اللاجئين السوريين أتوا من مدينة جسر الشغور، الواقعة على بعد نحو 40 كم من تركيا.
وينزل اللاجئون السوريون في مخيمين في أنطاكيا جهزهما الهلال الأحمر التركي، في وقت يتم فيه تجهيز مخيمين آخرين في هذه المنطقة. ويتولى الدركيون الأتراك الاهتمام بهؤلاء اللاجئين ونقلهم إلى المخيمات أو المستشفيات. وكان نحو ستين شخصا نقلوا إلى المستشفى أول من أمس للمعالجة من إصابات مختلفة، وفق ما أفادت به مصادر تركية. كما أنشأت السلطات التركية مستشفى ميدانيا صغيرا في ياغلادادي، وهو الأول والأكبر في هذه المخيمات لتأمين العناية الطبية الطارئة للجرحى.
وأفاد مسعف سوري مصاب (29 عاما) وصل إلى تركيا هربا من العنف بأنه رأى عشرات القتلى ومئات الجرحى، وذكر أنه شاهد «رجلا ميتا انقسمت جمجمته إلى قسمين بعد إصابته برصاص متفجر». كما توفي مواطن متأثرا بجروحه فور وصوله الحدود مع تركيا، وشيع جنازته عشرات النازحين في منطقة الشريط الحدودي الفاصل بين سوريا وتركيا، حيث تحولت جنازته إلى مظاهرة طالب خلالها المشيعون المجتمع الدولي بالضغط على النظام السوري من أجل وقف آلة القمع والقتل ضد المواطنين العزل.
وبدأت المعلومات الأولى عن دخول الجيش السوري إلى جسر الشغور شمال غربي سوريا في الوصول إلى اللاجئين عند الحدود التركية. ويقول علي، اللاجئ السوري (27 عاما)، إن لديه معلومات عن أشخاص هربوا من المدينة في اليوم نفسه ووصلوا إلى الحدود «قبل ساعة». ويضيف الشاب «ثمة الآن انشقاق في صفوف الجيش، وهناك مجموعة تحاول حماية الناس؛ لقد دمرت جسرين في جسر الشغور»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وهذا اللاجئ الذي جرى اللقاء معه على الجانب التركي من الحدود حيث كان يبحث عن طعام لذويه، يروي أن آخر سكان قرى المنطقة يحاولون حاليا التوجه نحو الحدود. ويؤكد أن «الذين بقوا في منازلهم بدأوا في المغادرة مع اقتراب الجيش. إذا ما اقترب الجنود أكثر، سيدخلون إلى تركيا».
ويقول محمد (24 عاما) «من الصعب الآن الاقتراب من الحدود؛ فالجنود والشرطيون بلباس مدني يمنعون سيارات اللاجئين من العبور. يجب التحايل عليهم سرا». ويضيف الشاب السوري «في هذه اللحظة، النظام يسلح كل العائلات العلوية؛ إنه يعطي سلاحا لكل رجل يفوق عمره 15 عاما». إلا أن دركيا تركيا مكلفا بمنع اللاجئين من اجتياز الحدود غير الخاضعة للسلطات التركية، قاطع الشاب السوري. وهذا الدركي الذي بدا في البداية سريع الغضب، بدأ يلين خلال الحديث، وظل غير مبال عندما عبر طفلان سوريان يحملان أكياسا ممتلئة بالخبز أمام ناظريه في اتجاه سوريا.
ويقول الدركي «إذا كان ثمة خطر، سندخل الجميع إلى تركيا». ويتدارك «إلا أن (الرئيس السوري بشار) الأسد لن يجرؤ يوما على إرسال جيشه إلى هنا. هنا يوجد الجيش التركي». ويؤكد أن الجيش السوري غائب تماما عن المنطقة الحدودية حتى الساعة. ويقول «خلال 14 شهرا، لم أر جنديا واحدا من الجانب الآخر».
ومن جهته، فر باسم، وهو عامل بناء، إلى تركيا بعد أن أطبقت القوات السورية على مسقط رأسه. وعرض باسم مشاهد التقطها بكاميرا هاتفه الجوال لشاب قتيل عمره بين 18 و25 عاما، وقد أصيب برصاصة في ساقه بينما خلفت رصاصة فتحة خروج كبيرة في بطنه، وقد رقد على الأرض غارقا في دمائه. وعرض صورة ثانية لقتيل مصاب برصاصة في الرأس. وقال باسم إن الرجلين قتلا على أطراف جسر الشغور على أيدي قوات يقودها ماهر الأسد. وقال «لم يبق سوى عدد قليل من الناس. فررت على دراجتي النارية عبر طرق موحلة عبر التلال». وأضاف أن القوات الحكومية أحرقت حقول القمح في ثلاث قرى بالقرب من جسر الشغور في اتباع لسياسة الأرض المحروقة التي تستهدف كسر إرادة سكان هذه المنطقة الجبلية الاستراتيجية الذين شاركوا في احتجاجات ضخمة ضد حكم الأسد.
 
تعتيم رسمي على مجازر اللاذقية.. وحملات اعتقال تطال الأحياء كافة
حي الرمل عصي على أجهزة الأمن.. ومئات الجرحى نتيجة استهدافه بقصف مكثف
بيروت: «الشرق الأوسط»
عاش سكان مدينة اللاذقية السورية ليلة مروعة على وقع إطلاق رصاص كثيف وقصف مدفعي استهدف حي الرمل، المحاذي لأحد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، الذي يشكل السوريون غالبية قاطنيه.
يأتي هذا الاستهداف المركز بعد أن شهدت المدينة الساحلية خلال «جمعة العشائر» خروج مظاهرات حاشدة انطلقت من مناطق الصليبية والعوينة وشارع إنطاكية وحي الطابيات تطالب بالحرية وتهتف لإسقاط النظام الحاكم، وكان أضخم تلك التحركات تنظيما وعددا تلك التي خرجت من حي الرمل.
وأشار شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» إلى أن حي الرمل تعرض بعد تحركات «جمعة العشائر» لقصف عنيف من جهة حي اليهودية المحاذي، ومن جهة البحر بواسطة الزوارق الحربية ومن القناصة من السادسة مساء حتى ساعات الفجر الأولى. ولفت إلى وقوع «صدامات بين المتظاهرين والأمن أثناء المظاهرات التي شهدها الحي، بعد أن تصدى الأهالي لهجوم الأمن بالديناميت والمولوتوف، بحيث لم تتمكن القوى الأمنية، بسبب ضيق المساحات داخل الحي والاكتظاظ السكاني فيه، من اقتحام البيوت كما فعلت في أحياء أخرى. وبعد أن فشلت في محاولة القيام بإنزال عسكري من البحر، عمدت القوى الأمنية إلى قصف عشوائي للحي، مستهدفة جميع سكانه.
وأكد الشاهد العيان نفسه «انهيار بناء مؤلف من طوابق عدة نتيجة القصف وسقوط أكثر من 13 قتيلا، عرف منهم زاهر فيضو، إضافة إلى مئات الجرحى الذين تتم معالجتهم في البيوت بسبب منع دخول سيارات الإسعاف إلى الحي.
ويشكو سكان مدينة اللاذقية من ضعف التغطية الإعلامية للأحداث التي تشهدها مدينتهم، نتيجة التعتيم الذي يفرضه النظام، بحيث لم يتم تسليط الضوء على الكثير من المجازر التي تعرضت لها المدينة. وذكر أحد الناشطين أن الكثير من المجازر وقعت، وأبرزها مجزرة المحطة عند دوار اليمن (قرب محطة القطار)؛ حيث فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين الذين خرجوا للتنديد بخطاب الرئيس بشار الأسد الذي ألقاه أمام مجلس الشعب فسقط أكثر من 30 قتيلا وعشرات الجرحى.
وشهدت منطقة الصليبية وحي الطابيات مجازر عدة، إحداها عند مقهى العلبي وسط الحي وأخرى عند طريق الحرش المؤدي إلى حي الطابيات. ووفق ما أفاد به أحد قاطني الحي لـ«الشرق الأوسط»، فإن «الجثث بقيت ليلة كاملة من دون أن يتمكن أحد من سحبها إلى أن قامت القوى الأمنية بذلك وعملت سيارات الإطفاء على غسل الشوارع من آثار الدماء».
ولفت إلى أن المدينة تعرضت للكثير من حملات التنكيل والقمع؛ إذ تم اقتحام الاعتصام السلمي الذي أقامه سكان حي الصليبية بطريقة وحشية، وشهدت منطقة العوينة والقلعة وشارع إنطاكية حملات اعتقال واسعة استهدفت بشكل خاص الشباب الذين شاركوا في المظاهرات المطالبة بالحرية وتعرضوا لتعذيب شديد قبل أن يطلق سراحهم.
ونتيجة التضييق الشديد على هذه الأحياء، لم يبقَ لسكان المدينة الراغبين بالتظاهر سوى التوجه إلى حي الرمل الذي تعرض قاطنوه كذلك لحملات اعتقال، إلا أنه بقي عصيا على أجهزة الأمن التي لا تزال تخشى اقتحامه بسبب كثرة الأزقة التي تتفرع منه، وبسبب تخوفها من أن تقع في يد الأهالي بـ«المفرق» في حال أرادت التغلغل فيه، مما دفعهم إلى خيار اللجوء للقصف المدفعي.
كان سكان منطقة الرمل الفلسطيني في اللاذقية قد أقدموا، الأسبوع الفائت، على إطلاق بالونات ملونة ضخمة كُتبت عليها شعارات مناهضة للنظام على غرار «الشعب يريد محاكمة القتلة»، و«الموت ولا المذلة»، و«سلمية سلمية» و«الشعب يريد إسقاط النظام».. وقد تطايرت البالونات في سماء المدينة مسببة إرباكا لأجهزة الأمن بعد أن تحولت سماء المدينة إلى مظاهرة عصية على القمع.
 
النظام السوري يسعى لاسترضاء أهالي حماه
قرر محاسبة المسؤولين عن أحداث «جمعة حماة الديار» وتعويض أسر الضحايا
دمشق: «الشرق الأوسط»
قالت صحيفة «تشرين» السورية الرسمية إن لجنة التحقيق في الأحداث التي وقعت يوم «جمعة حماة الديار» في حماه اتخذت قرارات بإعفاء عدد من المسؤولين، و«محاسبة كل من تثبت مسؤوليته وتقصيره وإدانته في وقوع أحداث يوم الجمعة الثالث من يونيو (حزيران) الحالي».
وفي عددها الصادر أمس قالت «تشرين» إن «اللجنة، التي تم تشكيلها بناء على توجيهات الرئيس بشار الأسد، أقرت أيضا تعويض أسر من قضى في أحداث هذا اليوم مع معاملتهم على أنهم شهداء ومنحهم سائر التعويضات والميزات بهذا الشأن».‏ وشهدت مدينة حماة يوم جمعة «حماة الديار» أحداثا دامية وصفها مسؤول حزبي بأنها «مجزرة حقيقية» إذ أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن 80 متظاهرا وإصابة نحو 500 آخرين، وذلك في كمائن نصبتها قوات الأمن للمتظاهرين في الأحياء والحارات وفاجأتهم بإطلاق الرصاص مباشرة عليهم، وتم على أثرها إحالة رئيس فرع الأمن العسكري في محافظة حماه ومعه 4 ضباط أمن إلى التحقيق.
كما قررت اللجنة إعادة «جميع العقارات والأراضي المستولى عليها سابقا إلى أصحابها خلال مدة أقصاها شهر» حيث تشمل هذه العقارات عددا من الشقق والأبنية المستولى عليها منذ زهاء 30 سنة.
وتضم اللجنة عضو القيادة القطرية للحزب، رئيس مكتب الأمن القومي، هشام الاختيار، رئيسا للجنة، فيما تضم في عضويتها كلا من عضو القيادة القطرية للحزب أسامة عدي، ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم الشعار، ومحافظ حماه أحمد عبد العزيز.
وقالت مصادر إعلامية إن هشام الاختيار التقى مع عدد من أهالي حماه، وتعهد لهم بأن اللجنة مستعدة في الأيام المقبلة لإجراء المزيد من الحوارات واللقاءات مع المواطنين والاستماع إلى آرائهم ومشكلاتهم والعمل على اتخاذ قرارات وإجراءات لحلها، ووعدهم بـ«قرارات وإجراءات إضافية ستتخذ في الفترة القريبة القادمة في هذا المجال».
وكشف محافظ حماه خلال اللقاء عن «محاسبة كل من أثبت التحقيق ضلوعه بالأحداث الأخيرة، وإن الجهات المعنية حريصة على تدارك الأخطاء التي وقعت في الفترة الماضية منعا من تكرارها»، وقال إنه «اتخذت في الأيام الماضية جملة من القرارات والإجراءات التي تكفل حقوق المواطنين وتصب في مصلحتهم».
وهذه اللجنة هي الثانية من نوعها التي تشكلها السلطات السورية حيث سبق وشكلت لجنة للتحقيق في أسباب سقوط ضحايا أثناء مظاهرات لمواطنين في درعا، وقيل إن بعد إقالة رئيس فرع الأمن السياسي في درعا عاطف نجيب والمحافظ فيصل كلثوم تمت إحالتهما إلى التحقيق، إلا أن ناشطين أكدوا أمس لشبكات إخبارية معارضة على شبكة الإنترنت أن «عاطف نجيب يقيم في جبلة (الساحل) في منزل والدته، خالة الرئيس السوري بشار الأسد»، وقال ناشط «تأكدت تماما أن عاطف نجيب مقيم في منزل والدته الكائن في جبلة».
 
 
المجتمع الدولي يعزز الضغوط على نظام الأسد.. ودعوات لإنهاء العنف والقمع
ألمانيا ترى أن صدور قرار إدانة دولي أصبح ملحا.. وبريطانيا تقول إنه «غير مضمون»
لندن - روما: «الشرق الأوسط»
عززت الأسرة الدولية أمس ضغوطها على سوريا، حيث طالبت بريطانيا مجلس الأمن الدولي باتخاذ «موقف واضح» منها، بينما عبر الاتحاد الأوروبي وواشنطن عن قلقهما من الوضع الإنساني في سوريا، وطالبا دمشق بالسماح بدخول فرق طبية فورا.
وصرح وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمس لتلفزيون «سكاي نيوز» بأن على مجلس الأمن الدولي اتخاذ «موقف واضح» بشأن سوريا بإصداره قرارا يدين القمع الذي تمارسه القوات الحكومية ضد المحتجين في هذا البلد.
 وفيما يتزايد الغضب الدولي من حملة القمع السورية ضد المتظاهرين قال هيغ: إن احتمالات صدور قرار ضد سوريا «غير مضمونة».
وقال هيغ لتلفزيون «سكاي نيوز»: إن «الوقت حان» لأن يتحدث الرئيس السوري بشار الأسد إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وذكر مسؤولون في الأمم المتحدة أن الأسد يرفض الرد على المكالمات الهاتفية الواردة من بان كي مون الذي انتقد بشدة الرئيس السوري منذ اندلاع التظاهرات في مارس (آذار)، والتي خلفت 1100 قتيل على الأقل، بحسب منظمات حقوقية.
وتشعر كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال بالإحباط من معارضة عدد من الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن لصدور قرار يدين سوريا، وتستمر المحادثات خلف الكواليس خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وتعارض روسيا والصين صدور قرار، كما أعربت كل من جنوب أفريقيا والبرازيل والهند عن تحفظات شديدة.
ومن جانبها، أدانت إيطاليا أمس «لجوء (السلطات السورية) غير المقبول للعنف»، وطلبت السماح للصليب الأحمر بالدخول «فورا ومن غير قيود».
وقال مكتب رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني في بيان: إن «الحكومة الإيطالية تتابع بقلق تطور الأزمة الإنسانية الناجمة عن هجوم القوات الحكومية على شمال سوريا».
وأضاف البيان أن إيطاليا «تدين لجوء (النظام السوري) غير المقبول للعنف ضد شعبه»، ودعا الحكومة إلى «وقف العنف»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وكان التلفزيون السوري أعلن دخول الجيش السوري إلى مدينة جسر الشغور بمحافظة إدلب شمال غربي البلاد لطرد «التنظيمات المسلحة» منها.
بينما قالت ألمانيا أمس إن العمليات التي يشنها الجيش السوري في شمال البلاد تجعل صدور قرار من مجلس الأمن الدولي أمرا أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلي، الذي تشغل بلاده حاليا مقعدا غير دائم في مجلس الأمن، في بيان: إن «الوضع الخطير يجعل صدور رد فعل واضح من مجلس الأمن الدولي أمرا ملحا أكثر من أي وقت مضى».
وأضاف فيسترفيلي: إن «جهودنا السياسية الدبلوماسية لا تزال موجهة إلى تمرير مسودة القرار التي أعددناها (مع بريطانيا وفرنسا والبرتغال) في مجلس الأمن بالسرعة الممكنة».
وأكد «أدين الأعمال التي تقوم بها القيادة السورية في شمال البلاد، إن العنف واستخدام الأسلحة الثقيلة يهددان بخلق أزمة إنسانية».
وفي غضون ذلك، أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون عن «قلقها الشديد لتدهور الوضع الإنساني» في سوريا، مجددة نداءها إلى السلطات السورية بالتوقف عن قمع المتظاهرين، وبالسماح بوصول الوكالات الإنسانية.
وقالت أشتون في بيان مساء أول من أمس إنها تشجب «التصعيد في استخدام القوة الوحشية ضد المتظاهرين في سوريا خلال الأيام الماضية»، وأضافت: «أنا قلقة جدا لتدهور الوضع الإنساني الناجم عن أعمال السلطات السورية، وأطالبها بالسماح فورا بدخول مراقبين دوليين لحقوق الإنسان ووكالات إنسانية، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر».
وتابعت أشتون: «أكرر نداءاتي الكثيرة إلى السلطات السورية كي تغير مسلكها»، مشيرة إلى أن هذا التغيير «يتضمن إطلاق سراح كل الذين اعتقلوا على خلفية التظاهرات، إضافة إلى كل السجناء السياسيين الذين ما زالوا معتقلين على الرغم من قرارات العفو التي أعلنها مؤخرا الرئيس (السوري بشار) الأسد».
وشددت الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي على أن «الحصار المفروض على مدن، بما فيها درعا وجسر الشغور، يجب أن يرفع من دون تأخير»، وأن «المسؤولين عن أعمال العنف والقتل يجب أن يحاسبوا».
وأكدت أشتون أن «إطلاق النار على المتظاهرين ومهاجمتهم واعتقالهم والانتهاكات المقلقة جدا للحقوق الأساسية للإنسان يجب أن تتوقف حالا لإفساح المجال أمام حوار وطني».
وتأتي دعوة أشتون بعيد ساعات على اتهام البيت الأبيض للنظام السوري بالتسبب بـ«أزمة إنسانية» بقمعه العنيف للحركة الاحتجاجية المطالبة بتنحي الرئيس بشار الأسد ومطالبته دمشق بالسماح فورا بدخول فرق الإغاثة الطبية.
وقال البيت الأبيض في بيان إن «الولايات المتحدة تدعو الحكومة السورية إلى وقف هذا العنف والسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بالوصول فورا ومن دون قيود إلى تلك المنطقة».
وتابع البيان أنه «إذا لم يسمح القادة السوريون بهذا الأمر فإنهم سيثبتون مجددا أنهم يزدرون كرامة الشعب السوري».
وفي سياق متصل، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة مجددا، على هامش زيارة إلى كولومبيا، عن «حزنه وقلقه العميقين» إزاء الوضع في سوريا، حيث يقتل «الكثير من الأشخاص»، وقال: «إنني حزين جدا وقلق جدا حيال ما يجري في سوريا، لقد أدليت بالكثير من التصريحات، وتحدثت مرات كثيرة مع الرئيس (السوري بشار الأسد) كي أقول له إن عليه أن يتخذ إجراءات فورية وحاسمة، وأن يستمع لشعبه»، وأضاف «أشعر بحزن عميق إزاء مقتل هذا الكم من الأشخاص».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أعرب الجمعة عن «قلقه الشديد» من استمرار أعمال العنف في سوريا، مؤكدا أن استخدام السلطات السورية القوة العسكرية ضد المدنيين أمر «غير مقبول»، وأن «من واجبها» حماية شعبها.
 
 
كاتب سوري يفجر فضيحة لمستشارة الأسد الأدبية
حكم البابا قال إن كوليت أسرَّت له عام 2000 أن «النظام سينهار.. طالت المدة أم قصرت»
لندن: «الشرق الأوسط»
في تصريح قد يشكل موقفا محرجا للمستشارة الأدبية للرئيس السوري بشار الأسد، التي وصفت الأحداث التي تشهدها سوريا بـ«الحرب الكونية»، كشف الكاتب السوري الناقد المعروف حكم البابا عن أن المستشارة قالت له ما يتناقض تماما مع هذا الكلام المؤيد لنظام الأسد في عام 2000 بعد وفاة الرئيس الراحل حافظ الأسد، وتسلم الأسد الابن السلطة: «أنا أرى أن النظام في سوريا يشبه بناء قديما ومتداعيا كان يمنعه من السقوط سقف قوي من القرميد اسمه حافظ الأسد، والآن بعد ذهاب هذا السقف سينهار هذا البناء طالت المدة أم قصرت».
وقال حكم البابا: «أنا ألتمس لصديقتي الكاتبة كوليت خوري، حفيدة أحد أكبر رجال سوريا في العصر الحديث فارس الخوري، العذر على تصريحها الأخير الذي قالت فيه: (إن ما يتعرض له النظام في سوريا الآن هو حرب كونية وليست مؤامرة)؛ لأنني أظنه لا يمثل وجهة نظرها الحقيقية، وقد تكون أدلت به في ظروف قاسية؛ لأن كلمتها التي همستها لي على درج جريدة (تشرين) عام 2000 بعد وفاة الأسد الأب وتسلم الأسد الابن السلطة، تتناقض كليا مع تصريحها الأخير».
ويتابع البابا، في ملاحظة كتبها على صفحته الشخصية على «فيس بوك»: «عندما سألت كوليت خوري عن رأيها في مستقبل النظام في سوريا آنذاك، قالت لي: (أنا أرى أن النظام في سوريا يشبه بناء قديما ومتداعيا كان يمنعه من السقوط سقف قوي من القرميد اسمه حافظ الأسد، والآن بعد ذهاب هذا السقف سينهار هذا البناء طالت المدة أم قصرت)»، ويسأل الكاتب: «لو كنتم مكاني أيا من تصريحيها ستصدقون؟».
كانت الأديبة كوليت خوري التي عينت مستشارة أدبية للرئيس السوري بشار الأسد مؤخرا قد قالت إن ما تتعرض له سوريا الآن هو «حرب كونية وليست مؤامرة»، لافتة إلى أهمية الحوار وفائدته في جميع الأحوال حتى لو اختلفت الآراء ووجهات النظر.
إلى ذلك، اعتبر حكم البابا أنه يفضل «أن تتشوه صورة كوليت خوري لدى السلطة ألف مرة، على أن تخدش صورتها لدى الناس من محبيها الحقيقيين ولو جزءا من مرة».
واستطرد البابا قائلا: «لمن سيعيب على إفشاء حديث خاص جرى بيني وبين الكاتبة كوليت خوري بحضور شخص ثالث، كونه يشوه صورتها لدى السلطة، فأنا سأقول له أنا كصديق لكوليت خوري ومحب لها، أفضل أن تتشوه صورتها لدى السلطة ألف مرة، على أن تخدش صورتها لدى الناس من محبيها الحقيقيين ولو جزءا من مرة».
 
«هاتاي» التركية و«جسر الشغور» السورية تفرقهما السياسة وتجمعهما الروابط الأسرية
المحافظة التركية أصبحت ملاذا للسوريين بعد أن كانت عصا للقمع التركي ضدهم
القاهرة: هيثم التابعي
أدت العملية العسكرية الموسعة التي يقوم بها الجيش السوري في منطقة جسر الشغور إلى هروب ما يقدر بـ5 آلاف سوري إلى الحدود التركية، خاصة محافظة هاتاي التركية التي أقامت على تخومها الجنوبية خياما لاستضافة اللاجئين الفارين من قمع السلطات.
المفارقة أن محافظة هاتاي التركية (أو لواء الإسكندرون) التي أصبحت ملاذ للمواطنين السوريين الآن كانت جزءا من سوريا الكبيرة سابقا، وأرضا يعيش فيها آلاف السوريين كأغلبية مع أقليات أخرى بينها الأتراك، إلا أنه في عام 1938 إبان الانتداب الفرنسي على سوريا أبرم المحتل الفرنسي اتفاقا مع الجانب التركي يتنازل بموجبه عن لواء الإسكندرون بالكامل لدولة تركيا الوليدة آنذاك، ولواء الإسكندرون لم يكن أرضا سورية مهجورة؛ بل ثاني أكبر الموانئ السورية في ذلك الوقت بعد اللاذقية، لموقعه الجغرافي المتميز على البحر المتوسط، وهو ما ساعد على توفير فرص عمل ودخل كبير للأهالي والسلطات في سوريا.
اللافت أن مئات من اللاجئين السوريين لهم أقرباء وعلاقات نسب مع الأهالي في الضفة الأخرى التركية للحدود، كما أن المئات من أبناء هاتاي هم في الأساس من أصول سورية ولهم أقرباء في سوريا، بل إن هناك تشاركا ثقافيا واجتماعيا كبيرا ومتساويا على طرفي الحدود من عادات وتقاليد مشتركة تنبع من التاريخ والأصل المشترك للعائلات هناك، فيندر أن تجد عائلة تركية صرفة خاصة في القرى الملاصقة للحدود السورية؛ حيث إن معظمهم ينحدرون من أسر سورية عربية وكانوا جزءا من سوريا وداخل حدودها، فضلا عن وجود تواصل اجتماعي مستمر في مناسبات خاصة كالأعياد بين سكان هاتاي وبين أقربائهم في الأراضي السورية المجاورة الذين ينظرون إلى هاتاي بوصفها أرضا سورية سليبة لا تختلف كثيرا عن الجولان.
سلبيات اقتطاع اللواء لم تقتصر على الجوانب السياسية أو الجيوسياسية فقط؛ بل تعدتها للجوانب الاجتماعية والأسرية، فآلاف الأسر تم تقطيع أواصرها وتفتيتها بين ضفتي الحدود، مما خلق أزمة إنسانية كبيرة خفت كثيرا مع الوقت، خاصة مع سلاسة العلاقات السورية - التركية في كثير من الأحيان. والإقليم الذي كان العرب السوريون يشكلون 45% من عدد سكانه البالغ 225 ألف عام 1939 قدم على طبق من ذهب لتركيا للتقليل من خسائرها في معاهدة «سيفر» التي أنهت الحرب العالمية الأولى لتصبح محافظة هاتاي إحدى محافظات تركيا وعاصمتها مدينة أنطاكية.. فيما يشكو نحو 105 ألف سوري مما يقولون إنه «حملة تتريك شرسة ضدهم».
ويسكن الإقليم حاليا نحو مليون نسمة، ولا يوجد أي تعداد للنسبة العربية بين سكانه بسبب السياسة التركية التي يقول معارضوها إنها متعمدة، ويشكو سكان الإقليم العرب من القمع الثقافي واللغوي والعرقي الذي تمارسه تركيا ضدهم والتمييز ضد الأقلية العربية لصالح العرق التركي في كل المجالات، وهو ما يمكن نعته بسياسة «التتريك»، بحسب نشطاء عرب.
ومع فصل الإقليم حسب قرار عصبة الأمم، كان عدد سكان اللواء 220 ألف نسمة، 105 آلاف منهم من العرب، وتوزع الباقون حينها على العرق التركي (85 ألف) والكردي (25 ألف) والأرمني (5 آلاف) حينها. ذلك التنوع في المحافظة التركية ذات الجذور السورية خلق عائلات وأسرا كاملة ذات قواسم مشتركة بين الطرفين.
وفرضت السلطات في تركيا اللغة التركية على أبناء اللواء ومنعت استخدام اللغة العربية في الأماكن العامة وفي المدارس والشوارع مما أوجد أجيالا عربية لا تتحدث العربية. ويقول سوريون إنه بعد سنوات قمع العرب على يد السلطات التركية بات لواء الإسكندرون اليوم ملاذهم ضد ما يصفونه ببطش النظام السوري.
* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,169,437

عدد الزوار: 6,938,309

المتواجدون الآن: 129