القذافي يتوسل لقبائل الزاوية.. وأميركا تبدأ التصعيد

تاريخ الإضافة السبت 26 شباط 2011 - 7:18 ص    عدد الزيارات 2762    القسم عربية

        


القذافي يتوسل لقبائل الزاوية.. وأميركا تبدأ التصعيد

قال إن سلطته «معنوية.. ومرجعية».. واتهم المحتجين بتناول «حبوب الهلوسة» * سيف الإسلام: ليبيا هادئة.. ودول عربية تتآمر علينا * الساعدي: والدي سيقوم بدور رئيسي في أي نظام جديد * استقالة أحمد قذاف الدم الممثل الشخصي للقذافي

القاهرة: خالد محمود وسوسن أبو حسين واشنطن: مينا العريبي
في وقت بدا فيه النظام في أوهن حالاته، دعا الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، أهالي وقبائل مدينة الزاوية القريبة من العاصمة طرابلس، إلى منع أبنائهم من الخروج إلى الشارع، ورمى في خطاب أشبه بالتوسل، مسؤولية المظاهرات على زعيم تنظيم القاعدة قائلا إن المتظاهرين الذين يقومون بأعمال العنف يخدمون مصالح أسامة بن لادن وهم تحت تأثير «حبوب الهلوسة»، في رسالة صوتية بثها التلفزيون الليبي أمس. وقال القذافي في كلمته إلى أهالي الزاوية (60 كلم غرب طرابلس) «هؤلاء لا مطالب عندهم، مطلبهم ليس عندهم بل عند بن لادن» مضيفا «من يعطي الحبوب لأولادكم هو المجرم والمسؤول عن القتل أو حرب أهلية أو مصيبة». وأضاف أن سلطته في ليبيا «مجرد سلطة أدبية ومرجعية».

وعدد القذافي إنجازاته طوال فترة حكمه في ليبيا منها انه أعطى السلطة للشعب الليبي منذ عام 1977، مقارنا وضعه الحالي بملكة بريطانيا الملكة إليزابيث الثانية، وقال إنها «حكمت 57 عاما» مؤكدا أن أمر البلاد في يد الشعب ولجانه.

وواصل أبناء القذافي، محاولاتهم المستميتة في الدفاع عن نظام أبيهم، واتهم سيف الإسلام القذافي دولا عربية، لم يسمها، بالتآمر ضد ليبيا عبر «إعلام مسموم ينشر إشاعات كاذبة» مؤكدا أن طرابلس هادئة. وشدد الساعدي القذافي، على أن والده سيقوم بدور رئيسي في أي نظام يتشكل في ليبيا. من جهة ثانية، قال أحمد قذاف الدم مبعوث القذافي لـ«الشرق الأوسط» إنه استقال احتجاجا على أسلوب التعامل مع الأحداث وأنه غادر ليبيا منذ أسبوع.

الى ذلك لوحت واشنطن بالتصعيد واتخاذ اجراءات ضد ليبيا مع دول غربية اخرى ولم تستبعد اي خيارات. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس إن شعوب المنطقة تقود التغيير.. وإن ما يجري ليس عملا أميركيا.

محمد بن غلبون لـ«الشرق الأوسط»: القذافي سيتوجه إلى سرت إذا فقد السيطرة على طرابلس

رئيس الاتحاد الدستوري الليبي: سيناريو التدخل الخارجي مستبعد.. والحديث عن إمارات إسلامية موجه للغرب

 
خالد محمود
لم يستبعد محمد بن غلبون، رئيس الاتحاد الدستوري الليبي، المناوئ لنظام الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، أن يتجه القذافي إلى مدينة سرت إذا ما فقد سيطرته على العاصمة الليبية طرابلس، معتبرا أن التدخل الخارجي في الأزمة الليبية هو خيار غير مقبول وبعيد الاحتمال.

وقال بن غلبون، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن تهديدات القذافي بتحول ليبيا إلى إمارات إرهابية يسيطر عليها الإسلاميون وتنظيم القاعدة، تستهدف فقط إثارة قلق ومخاوف الغرب، مؤكدا أن هذا السيناريو غير وارد على الإطلاق.

وفيما يلي نص الحديث.

* كيف ترى مستقبل الأزمة في ليبيا؟ وهل ستطول؟

- الثورة الليبية في بدايتها. وقد تحرر الشعب الليبي من قيود الرعب التي كبلته لعدة عقود. فكسر حاجز الخوف وتجرأ على أن يبصق في وجه جلاده، لذا لم يعد لديه خط رجعة. وذلك ما غاب عن القذافي الأب وابنه عندما وعد سيف بدستور وحكومة مدنية خلال 48 ساعة، وطلب من الجميع إخلاء الشوارع والعودة إلى بيوتهم من دون أن يعدهم بالأمان. وهو ما زاد من تأكيد أن القدرة العقلية للوالد والولد محدودة وغير قادرة على استيعاب الموقف وتقييم حقيقة الورطة التي هم فيها، وإلا لأدركوا أن الشعب الذي خرج ليتحداهم وهو أعزل لن يخلي لهم الطريق بعد أن تمكن من مخازن أسلحة المعسكرات التي غزاها، لتعتقل أجهزته الأمنية أبناءه وتشنقهم في الميادين كما حدث في 1976 و1984.

* كيف ترى خطاب القذافي الأخير؟

- الموقف الإرهابي الذي أظهره القذافي خلال خطابه هو ما سيحول هذه الثورة إلى أزمة، ما لم تمارس ضده ضغوطات دولية فعالة وفورية. لأن قوة القذافي التي يستمد منها هذه الثقة تتكون من كتائب أبنائه الأمنية، ومن القوات الضاربة التي فيما يعرف في ليبيا بالمنطقة الوسطى. وقد انتصر الشعب على الكتائب الأمنية إلا أن المنطقة الوسطى ما زالت خارج المواجهة حتى الآن.

* وكيف حدث هذا؟

- دعني أحدثك عن المنطقة الوسطى. إنها كما تسميتها، وسط البلاد حيث موطن قبيلته (القذاذفة) وحلفائها الكثيرين من القبائل المحيطة بتلك المنطقة التي عاصمتها سرت. وأنفق القذافي مبالغ خيالية خلال العقدين الماضيين لربط قبائل المنطقة بتحالفات مع قبيلته، فأجزل لهم العطاء ومكنهم من المناصب، وأنجز لهم كل ما طلبوا من خدمات وتسهيلات ومزايا عن بقية فئات الشعب، كما جعل من سرت عاصمة على أحدث طراز تتوفر فيها جميع ما تحتاجه عاصمة مهمة، وهي البعيدة عن كل شيء في وسط البلاد، التي توجد بها عواصم عريقة مثل طرابلس وبنغازي، وكان ذلك مثار تعجب الناس ولا يجدون له تفسيرا مقنعا، وقد بدا وكأنه يجعل من تلك المنطقة إقليما رابعا يضاف إلى أقاليم ليبيا الثلاثة، طرابلس وبرقة وفزان.

ولكنه كان يعد المنطقة لمثل هذه الظروف، فبالإضافة لما ذكرت فإنه أنشأ بها قاعدة جوية كبيرة وميناء بحريا متطورا، وأسس فيها أكبر قوة ضاربة في البلاد جُل جنودها من أفراد قبيلته وحلفائها، وتتمتع هذه القوة بأحسن تدريب وإعداد وعدة وعتاد، وتنعم كذلك بأحسن الأوضاع المالية في البلاد.

فهو اليوم لا بد أن تراوده خيارات، أحدها أنه قد يلجأ إلى قواته في المنطقة الوسطى لفرض سيطرته على المدن والمناطق التي رفضته وثارت عليه، وهذه هي الحرب الأهلية الوحيدة التي يمكن أن تقوم. أي بين غالبية الشعب الثائر بقبائله ومدنه التي تفصلها مساحات شاسعة تمنعها للأسف من التكتل وتوحيد الصفوف والجهود في مواجهة القوات الموالية للقذافي، التي ستكون من قبيلته وحلفائها الذين سيطالبهم الآن بالوفاء بالتحالفات التي قبضوا ثمنها مسبقا.

* وهل بقيت لدى القذافي أي خيارات أخرى محتملة؟

- الخيار الآخر الذي قد يلجأ إليه هو أن ينتقل من طرابلس، متى فقد السيطرة عليها، إلى سرت.. فتحتل قواته مصافي النفط وموانئ تصديره في البريقة والسدرة ورأس لانوف القريبة من المنطقة الوسطى، والبعيدة عن أي تجمع سكاني آخر. ويجلس على عرش إمارة صغيرة في وسط البلاد، تتحكم في بترول البلاد كله. لها قوة ضاربة منظمة ومدربة ومجهزة آخر تجهيز، ويترك بقية البلاد لتحترق بنيران ثورتها بلا ماء ولا كهرباء ولا أي شكل من أشكال النظام ليدير شؤونها.

* على أي شيء يراهن هنا؟

- سيراهن على أن شركات البترول ستخدمه حرصا على مكاسبها، كما ستتعامل معه دول الغرب، كما عودته من قبل، لعدم رغبتها في الاستغناء عن بتروله في هذه الظروف المالية المتأزمة التي تخيم على اقتصادها، وعندها ستطول الأزمة وتتفاقم.

الاحتمال الكبير هو أن يرفض أفراد قبيلته إيواءه وتنفيذ أوامره. وذلك أمر غير مستبعد ولا مستغرب، فقد جهروا له بنفورهم من ممارساته أكثر من مرة في العقدين السابقين، وعاقب الكثير ممن تجرأوا على شجب مخططاته. فقبيلة القذاذفة واحدة من مكونات الشعب الليبي ذات الرصيد العريق في البلاد، التي رفعت السلاح، في تحالف تاريخي مع قبيلة ورفلة، في وجه طغيان الدولة القرمانلية عندما زاد جورها واستبدادها بأبناء الوطن.

كذلك فإنه إذا اقترب الخطر من ذاته، فإنه سيفقد رباط جأشه الزائف لما عُرف عنه من جبن وعشق لنفسه، وعندها سيفر ويخلي الساحة.

* هل تتوقع حدوث تدخل خارجي؟

- التدخل الخارجي أمر غير مقبول، وكذلك فهو بعيد الاحتمال بعد افتضاح أمر الحرب على العراق وفشل تلك التجربة.

* من في تقديرك يدير الثورة في الداخل؟

- الأمر الرائع في هذه الثورة المباركة في ليبيا هي أنها فاجأت حتى المواطنين الذين أشعلوها. فلا أحد كان يتوقع سرعة اشتعالها ومبلغ قوتها. وهي ثورة زخمها منها، لم يخطط لها في الخارج ولا تسير منه.

* ماذا عن مواقف المعارضة الليبية بالخارج؟

- إن المعارضة الليبية في الخارج تسير الآن خلف هذه الثورة وتدعمها وتساندها، ولكنها لم تشعلها ولا نفوذ ولا تأثير لها عليها.

* كيف ترى مواقف سيف الإسلام نجل القذافي؟

- لقد أضاع الولد فرصته الأخيرة في حكم ليبيا بكلمته التي ألقاها الأحد الماضي والموقف الذي اختاره. فكل مجهوداته خلال السنوات الماضية للظهور بمظهر الوجه الناصع للنظام ذهبت أدراج الرياح، ورأى الليبيون بوضوح وتيقنوا من أنه ليس إلا الوجه الآخر لنفس العملة الصدئة. فعندما هدد أبناء الشعب وتحدث لهم بسبابة إصبعه، كما لو أنهم كانوا عبيده، رأى الناس نفس الصلف والغطرسة والجبروت التي خبروها جيدا في أبيه؛ فقد برهن على أنه شخص لا يمكن الثقة به ولا الاعتماد عليه، بالإضافة للأخطاء الفادحة في تقدير الأمور التي بينت أنه أبعد ما يكون عن رجل الدولة الكفء الذي يمكن أن يحكم البلاد.

* هل تتخوف من سيطرة الإسلاميين، كما يقول القذافي وابنه، على مقدرات الأمور لاحقا؟

- أعتقد أن التهديد بتشرذم البلاد وتحولها إلى إمارات إسلامية كان موجها بالدرجة الأولى إلى الغرب لترويعه من وقوع ما يحتاجه من نفط في يد المتطرفين، وحثهم على التمسك به، لأن الليبيين يعرفون جيدا أن هذا السيناريو غير وارد على الإطلاق، ولا مؤشرات ولا بوادر لاحتمال حدوثه.

زعيم جبهة التبو لـ«الشرق الأوسط»: سيطرنا على منطقة الكفرة

أكد أنهم لا ينوون إعلان دولة منفصلة عن ليبيا

 
خالد محمود
أبلغ عيسى عبد المجيد منصور، زعيم تنظيم جبهة التبو لإنقاذ ليبيا المعارضة، أن منطقة الكفرة جنوب ليبيا باتت بعيدة عن قبضة نظام حكم الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي تماما، لكنه نفى في المقابل اتجاه قبائل التبو إلى إعلان دولة منفصلة في هذه المنطقة.

واعتبر عيسى أنه لم يبق أمام النظام الليبي الحاكم سوى الهرب من البلاد ومغادرة السلطة مضطرا، تحت ما وصفه بوطأة الغضب الشعبي العارم.

يشار إلى أن معظم سكان قبائل التبو لا يحملون وثائق هوية أو جوازات سفر حديثة، حيث تمنعهم السلطات الليبية منذ عام 1996 من حق تجديد هذه الوثائق، بما في ذلك الحصول على رخصة قيادة سارية المفعول.

وهذا نص الحديث:

* ما هو الوضع الآن في مناطق قبائل التبو جنوب ليبيا؟

- بالنسبة لمناطق قبائل التبو كلها باتت الآن وفعليا تحت السيطرة وكل سكانها مع شباب ثورة 17 فبراير (شباط) الحالي، ابتداء من مدينة الكفرة شرقا، حتى حدود السودان ومرورا بمدن ربيانة ومزرق حتى منطقة القطرون غربا على حدود جمهورية النيجر.

* هل خرجت مظاهرات ضد القذافي؟

- نعم، لقد خرج كل السكان بمظاهرات عارمة في كل الشوارع والميادين، في كل المدن ومناطق التبو في الجنوب الليبي وذلك لما عانوه من هذا الديكتاتور المستبد الظالم.

* وكيف تعامل معها النظام الليبي؟

- تعامل بالتهديد والوعيد وهربوا كل أعوانه من رجال الأمن واللجان الثورية ولاذوا بالفرار.

* هل تنوون إعلان انفصال دولة في الجنوب؟

- إطلاقا، نحن لا نريد الانفصال، ولكننا نريد الحرية والكرامة فوق أرضنا فقط والتبو من ضمن نسيج المجتمع الليبي.

* هل تتلقون دعما من أي قبائل حدودية؟

- لا نحتاج إلى أي دعم من أحد في الوقت الحالي لدينا كل شيء ولقد سيطرنا على كل حدود الجنوبية لليبيا مع إخواننا من القبائل الأخرى مثل الطوارق.

* لماذا انتقدتم على الدوام سياسات القذافي ضد التبو؟

- لأننا شعرنا بالظلم والاضطهاد أكثر من غيرنا من القبائل الأخرى في ليبيا، لا مرافق ولا مدارس ولا صحة. لقد تركنا هذا النظام المستبد في الصحراء الكبرى نعاني من ويلات الظلم والاضطهاد منذ 42 عاما وأخذ البلاد رهينة لديه هو وزبانيته.

* كيف ترى خيارات حسم الأزمة في ليبيا؟

- أعتقد أن الموضوع قد حسم ولن يكون للنظام إلا الهروب فقط وكل أوراقه حرقت ولم يبق له شيء في ليبيا والآن كل المدن قد خرجت عن سيطرته تقريبا.

* هل تعتقد أن نظام القذافي سينهار تحت وطأة الأزمة؟

- نعم، وبكل تأكيد، والآن بدأ سقوط أركان حكمه من استقالة الوزراء والسفراء والضباط والجنود ولن يكون للنظام شيء لكي يفعله.

* كيف ترى مستقبل ليبيا ما بعد القذافي؟

- دولة مدنية ديمقراطية ينعم كل سكانها بالحرية والاستقرار.

 

القذافي يحشد قواته في الوقت الذي تتسع فيه دائرة التمرد

شاهد عيان: هناك رسالة ترد إلى كل الهواتف الجوالة تدعو إلى القيام بمظاهرة ضخمة اليوم في طرابلس

 
ضابط بلباس مدني يمشي أمس بجوار صواريخ من طراز سام في قاعدة جوية مهجورة شرق طبرق (أ.ف.ب)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

البيضاء: كريم فهيم وديفيد كيركباتريك
في الوقت الذي تواترت فيه الأنباء عن شن القوات الموالية للعقيد القذافي غارات في الكثير من المدن المحيطة بالعاصمة طرابلس، واصلت حالة التمرد تقدمها باتجاه العاصمة طرابلس وسط تزايد حالات الانشقاق بين ضباط الجيش الليبي.

وذكر شاهد عيان، في حديث مع وكالة «أسوشييتد برس» عبر الهاتف، تعرض مئذنة مسجد في مدينة الزاوية، التي تبعد 30 كيلومترا غرب طرابلس، وقف عليها متظاهرون ليبيون فرحون بالنصر، لهجوم في الصباح أدى إلى مقتل وإصابة المتظاهرين الذين استخدموا المبنى كملاذ. وفي صبراتة، التي تقع على بعد 50 ميلا من العاصمة طرابلس، والتي تشهد إجراءات قمعية منذ عدة أيام، سمع دوي طلقات الرصاص في الوقت الذي انتشرت فيه قوات الجيش في المدينة، بحسب أحد شهود العيان، لكن لم يتسن التأكد من صحة هذه التقارير نظرا للحظر المفروض على دخول الصحافيين إلى هذه المنطقة.

وقال أحد شهود العيان من صبراتة، ويعمل طبيبا، في اتصال هاتفي: «نحن لسنا خائفين ولكننا نترقب فقط، فالمدينة تخضع لحصار والمحال مغلقة ومباني الشرطة واللجان الثورية التابعة للقذافي باتت أطلالا، حيث أحرقها المتظاهرون. أنا على يقين من أن التغيير بات وشيكا».

ونظرا لتشككه حتى في أقرب جنرالاته قام القذافي بإنشاء قوة شديدة البأس موالية له مؤلفة من فرق خاصة يقودها ابنه، وكذلك وحدات من الجيش الموالية لقبيلته وحلفائه وفيالق من المرتزقة الأفارقة الذين أسهم في تدريبهم وتسليحهم، ممن يعتقد أن الكثير منهم حاربوا في أماكن أخرى مثل السودان، وها هو الآن يعمد إلى استدعائهم.

ويقول شهود العيان إنهم شاهدوا آلافا من أفراد هذه القوات غير النظامية يحتشدون على الطرقات المؤدية إلى العاصمة طرابلس، حيث يتحدث السكان عن مشاهد تشبه إلى حد بعيد ما يدور في الصومال، من مجموعات من الجنود المسلحين بأسلحة ثقيلة في زي عسكري غير متوافق وجاهزين لتنفيذ الأوامر بإطلاق الرصاص على الليبيين الذين رفضت قوات الشرطة ووحدات الجيش بل وحتى الطيارون القيام به.

ويقول بعض سكان طرابلس إنهم يعتبرون حشد القذافي للجيش في طرابلس إشارة إلى أن الانتفاضة تدخل مرحلتها الحاسمة حيث يحاول العقيد القذافي تحصين معقله الرئيسي في العاصمة، والمتظاهرون هناك يقومون بحشد أول مظاهرة منظمة لهم بعد أيام من أعمال الشغب غير المنظمة وأعمال القمع الدموية.

سقوط المدن الأخرى، مثل مصراتة، 130 كيلومترا شرق العاصمة، في أيدي متمردين يوم الأربعاء، ترك القذافي في مأزق وزاد من جرأة معارضيه. فقد وردت تقارير يوم أمس تفيد بسقوط مدينة زوارة (75 كيلومترا غرب العاصمة) في قبضة المعارضين. وإلى الشرق سقط ما يقارب نصف السواحل الليبية حتى ميناء رأس لانوف في قبضة قوات المعارضة بحسب مراسل صحيفة «الغارديان» البريطانية. ويعتقد أن مدينة سرت، مسقط رأس القذافي، لا تزال في قبضة القوات الحكومية.

وقال أحد سكان طرابلس: «هناك رسالة ترد إلى كل الهواتف الجوالة تدعو إلى القيام بمظاهرة عامة اليوم (الجمعة) في طرابلس». وزاد: «الخطاب الذي توعد فيه القذافي بملاحقة خصومه في كل بيت من عزيمة المتظاهرين 100 في المائة».

وقال شاهد عيان: «إن العشرات من نقاط التفتيش تدار من قبل مجموعات مشكلة من المرتزقة الأجانب ورجال الميليشيات على طول الطريق غرب العاصمة طرابلس للمرة الأولى، التي تطلب من القادمين إظهار الأوراق الرسمية والتحية والهتاف للقذافي الذي دأب على وصف نفسه كرمز لعموم أفريقيا».

وقال أحد سكان طرابلس: «نحاول أن نقنعهم بأننا موالون للقذافي، وإذا ما شكوا للحظة أنك غير موال للقذافي فمعناه أنك هالك».

من جهة أخرى، ذكر المسؤولون المصريون أن ما يقرب من 30 ألف شخص، غالبيتهم من المصريين العاملين في الخارج، فروا عبر الحدود. وقال أحد الأفراد إن التمرد الذي بدأ قبل أسبوع انطلق من منشأة في مدينة بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية، التي سقطت يوم الجمعة الماضي.

وكانت هناك تقارير للمرة الأولى عن مظاهرات في مدينة سبها الجنوبية التي تعتبر معقل القذافي.

فقد زعم المتظاهرون أن النصر سيكون يوم الأربعاء في مدينة الزاوية، حيث يقال إن وحدات الجيش المحلي انضمت إليهم. وفي صبراتة، التي يوجد بها موقع مهم للآثار الرومانية، تحدث شهود عيان عن انتشار مكثف للمرتزقة والموالين للقذافي المعروفين باسم اللجان الثورية المسلحين بأسلحة رشاشة.

وقال طبيب لاجئ من صبراتة على الحدود التونسية، طلب عدم ذكر اسمه خشية التعرض للانتقام إذا ما عاد: «اللجان الثورية تحاول قتل جميع المعارضين للقذافي».

لكن وسط انتشار التمرد وتنامي حالات استقالة كبار المسؤولين والدبلوماسيين ووحدات من الجيش النظامي، تثير استعدادات القذافي للدفاع عن طرابلس السؤال حول من الذي يفرض قانونه. إنها أحجية يرى المحللون العسكريون أنها تعكس الشخصية الفردية للمجتمع الذي شكله - دولة نصف قبلية ونصف بوليسية - على مدى 41 عاما.

ويقول بول سوليفان، الأستاذ في جامعة جورج تاون والذي يدرس الجيش الليبي: «إنها جميعا مرايا وظلال وربما قدر كبير من الفساد أيضا».

العقيد القذافي، الذي استحوذ على السلطة في انقلاب عسكري، كان دائم الحفاظ على الجيش الليبي ضعيفا، ومنقسما ليخدم مصالحه، حيث يتألف نصف جنود الجيش الليبي الصغير نسبيا والذي يبلغ قوامه 50 ألفا من مجندين غير مدربين وغير موثوق بهم وفق مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

وهناك الكثير من كتائب الجيش التي تدين بالولاء لعشائرها القبلية لا إلى قادته العسكريين، والذي بدا واضحا في عملية انشقاق الكثير من وحدات الجيش لمساعدة المحتجين في الاستحواذ على مدينة بنغازي.

وتهيمن قبيلة العقيد القذافي على سلاح الجو والقيادات العليا في الجيش، ويعتقد أنهم لا يزالون على ولائهم له نوعا لأنهم سيكونون الخاسر الأكبر من تنحيته. وأشار سوليفان إلى أن قبائل أخرى كبيرة مثل الورفلة شكت من منع أبنائها من الترقي إلى الرتب العليا في الجيش، وهو ما يفسر السبب في كونهم أول من انقلبوا على العقيد القذافي.

ونتيجة لعدم ثقته في ضباطه أنشأ القذافي قوات شبه عسكرية، ترافقها فرق خاصة من الجيش النظامي التي تقدم تقاريرها لعائلة القذافي. وشكلت هذه القوات لضبط الجيش وإخضاع الليبيين. ويأتي على رأس هذه القوة فرقة الحرس الثوري التي يبلغ قوامها ثلاثة آلاف عنصر، وتقوم على حراسته هو شخصيا.

وهناك وحدات الميليشيا التي يقودها أبناء القذافي السبعة وقد وصفت إحدى البرقيات الصادرة عن السفارة الأميركية والتي كشف عنها موقع «ويكيليكس» الكتيبة التي يقودها ابنه خميس بأنها مسلحة بأفضل أسلحة في الجيش الليبي.

أما أخوه الساعدي، فوردت تقارير بأنه استخدم كتيبته الخاصة لتأمين صفقات أعمال خاصة، أما أخوهم الثالث معتصم فيشغل منصب مستشار الأمن الوطني للقذافي، وقد طلب في عام 2008 الحصول على 2.8 مليار دولار لتنفق على كتيبته لتوازي الكتائب الخاصة بإخوته.

لكن ربما تكون القوة الأبرز هي تلك القوة التي استخدمها القذافي في مواجهة التمرد والتي يعتقد أنها تتألف مما يقرب من 2.500 من المرتزقة جمعهم من تشاد والسودان والنيجر، ويسميهم الفيلق الإسلامي الأفريقي.

وكان القذافي بدأ تجنيد هذه القوات الخاصة قبل عام كجزء من خطته لإقناع الدول الأفريقية بتشكيل اتحاد عام، ويعتقد أن المرتزقة الذين دربهم عادوا إلى السودان والنزاعات الدموية الأخرى في أفريقيا. لكن روايات متعددة لشهود عيان أكدت على أن القذافي استدعاهم، وربما استدعى آخرين لمساعدته في قمع الانتفاضة.

إلى ذلك، قالت السلطات المصرية إن العمال المصريين العائدين من ليبيا جلبوا معهم ثلاث جثث لمصريين قتلوا في أعمال القمع التي مارستها القوات التابعة للعقيد في بنغازي، إضافة إلى خمسة أشخاص أصيبوا بالرصاص و14 مصابا بإصابات خطيرة نقلوا إلى المستشفى. وتحدث الكثيرون منهم عن عمليات سرقة وهجمات تعرضوا لها على يد هؤلاء المرتزقة.

وقال مصطفى سعيد أحمد، المحاسب الذي كان يعمل في بنغازي في مقابلة معه إنه شاهد مصرع 11 شخصا على أيدي المرتزقة في مذبحة جماعية عقب صلاة الجمعة.

* شارك في التقرير كريم فهيم من البيضاء بليبيا وديفيد دي كيركباتريك من الحدود التونسية مع ليبيا وشارك أيضا شارون أوترمان وموني النجار ونيل مكفاركهار من القاهرة.

* خدمة «نيويورك تايمز»


المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,732,594

عدد الزوار: 6,910,983

المتواجدون الآن: 106