هل تتدخل "العوامل الخارجية" لمصلحة الصقور؟

تأجيل حسم الخلاف على منصب الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي

تاريخ الإضافة الأحد 18 نيسان 2010 - 6:17 ص    عدد الزيارات 3298    القسم عربية

        


من حضر الجلسة الأولى من اجتماعات المؤتمر العام الثالث لحزب جبهة العمل الإسلامي، ولا يملك إطلالة كافية على ما يدور في الكواليس، يحسب أن المؤتمرين كأنهم على قلب رجل واحد.
 غير أن  "الراسخين في العلم" ومن حضر الجلسة الأخرى "المسائية" التي جرى فيها انتخاب 11 عضوا لاستكمال مقاعد مجلس شورى الحزب الـ 120، يدرك أن "قلوبهم شتى" وأن ما بين تياري التشدد والاعتدال أو "الحمائم" و"الصقور" من خلاف لا يمكن أن يردمه مؤتمر عام، ولا النيات الطيبة التي أفصحت عنها الكلمات الاحتفالية في افتتاح المؤتمر.
نتيجة الانتخابات، وإن كانت لمصلحة المتشددين الذين حصدوا عشرة من المقاعد الأحد عشر المتبقية، إلا أنها لم تفض إلا إلى زيادة الغموض حيال خريطة العلاقة بين التيارين.
 يتألف مجلس شورى الحزب من 120 عضواً بمن فيهم الأمين العام الذي ينتخب من أعضاء المجلس. وكانت مكاتب الفروع الأربعة والعشرين المنتشرة في أنحاء المملكة، انتخبت قبل شهرين ممثليها الـ108 في المجلس، وسط منافسة شديدة بين التيارين، واكد المعتدلون إنهم حققوا سيطرة فيها، بحصولهم على 68 مقعدا، بينما قال المتشددون غير ذلك، وأن النتيجة هي مناصفة تقريبا.
لكن الأمور ليست كما يدعي أي من الطرفين، إذ ثمة تيار "ثالث" يطلق على نفسه اسم "الوسط"، يقف في منزلة وسطى، وفي يده تحديد من يفوز بموقع الأمين العام، وكذلك أعضاء المكتب التنفيذي للحزب إذا ما انحازوا إلى أي من التيارين، ويقدر عددهم بعشرين شخصا.  ومعظم هؤلاء كانوا ينحازون تاريخيا إلى صف الاعتدال "الحمائم"، خصوصا عندما تتنازع العوامل الخارجية.
لكن أحدا لا يضمن إلى من سينحاز هؤلاء، كما أن أحدا لا يضمن تدخل عوامل خارجية  لحسم الصراع لمصلحة أحد التيارين.
وما يجعل الغموض يزداد أكثر أن حسم موضوع الأمين العام والمكتب التنفيذي لا يتحكم به مجلس شورى الحزب، وإنما جماعة "الإخوان المسلمين" التي غالبا ما يكون تقرير ذلك بيدها.

 

 شورى الجماعة

 تأسس حزب الجبهة بقرار من جماعة "الإخوان المسلمين"، المسجلة قانونيا بصفتها جمعية خيرية، بعد إقرار قانون الأحزاب عام 1992، لتكون ذراعا سياسية للجماعة وكي تتوافق الجماعة مع القوانين الأردنية التي تحصر العمل السياسي بالأحزاب وتمنع الجمعيات الخيرية من التعاطي بالشأن السياسي.
ومع ذلك، ابقت الجماعة لنفسها السيطرة على من يقود الحزب، وهو ما صار موضوع خلاف في الفترة الأخيرة، مع ظهور أصوات داخل الحزب والجماعة تطالب بإعطاء الحزب الاستقلالية في اختيار هيئاته التمثيلية وقياداته، خصوصا بعدما نضجت تجربة الحزب وصار جزءا أصيلا في الحركة الإسلامية.
 لذلك، ينتظر الإسلاميون الاجتماع المقبل لشورى الجماعة المزمع نهاية الشهر الجاري، أي قبل اجتماع شورى الحزب بثمانية أيام.
وأمام شورى الجماعة أحد خيارين، إما أن يرشحوا اسما يلزموا به شورى الحزب، وإما أن ينصاعوا للأصوات المطالبة برفع الوصاية على شورى  الحزب وتركه يختار أمينه العام ومكتبه التنفيذي بنفسه.
 لكن الأمور ليست بهذه السهولة، فحقيقة أن شورى "الإخوان" مسيطر عليها من المتشددين، الذين يرتبطون تبعيا بحركة المقاومة الإسلامية "حماس" يمنع الأمور من أن تسير بانسيابية. كما أن أحد أبرز الخلافات داخل الجماعة، وداخل الحزب أيضا، هو عضوية المكاتب الإدارية الأربعة التابعة الموجودة في الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر والسعودية في مجلس شورى الحزب، التي لم تبت حتى الآن.
ومع أن مكتب الإرشاد العالمي للجماعة حسم الأمور بعدما احتكم الطرفان إليه، إذ فصل بأن يبقى ممثلو هذه المكاتب الأربعة في شورى الجماعة، ولكن بصفة مراقب، إلا أن قيادة "الإخوان" لا تزال تراوغ في تنفيذ ذلك حتى الانتهاء من انتخاب المكتب التنفيذي للحزب وأمينه العام. وهو ما دعا مكتب الإرشاد  قبل 10 أيام الى اعادة التذكير بضرورة التزام قراره في هذا الشأن.
ويمثل المكاتب الإدارية 4 ممثلين في مجلس شورى الجماعة البالغ عدد أعضائه 50 عضوا. وقد لا ينظر الى هؤلاء الأربعة على انهم رقم مؤثر، لكن الخطورة تبرز في انهم مرتبطون بحركة "حماس"، أي مع التيار المتشدد، وأن ممثل المعتدلين في الجماعة، وهو الشيخ سالم الفلاحات، خسر في الانتخابات الأخيرة موقع المراقب العام للجماعة بفارق صوت واحد في مواجهة نظيره المحسوب على المتشددين الشيخ همام سعيد.

 

 المرشحان

 الإسمان المطروحان للترشح لمنصب الأمين العام هما: المراقب العام السابق لـ"الإخوان" الشيخ سالم الفلاحات المحسوب على الحمائم، والأمين العام السابق للحزب زكي بني ارشيد المحسوب على الصقور، والذي أطيح من منصبه قبل عام بحركة انقلابية من المكتب التنفيذي للحزب الذي كانت الحمائم تسيطر عليه.
   الفلاحات يشدد على أنه لن يترشح إلا من خلال توافق عليه، ولكن ثمة من داخل الحمائم من يؤكد أنه سيترشح، ضمن غالبية مريحة، إن داخل شورى الحزب أو شورى الجماعة. وهو أمر بات يصعب تأكيده بعد انتخابات أمس.
كما أن قيادات الاعتدال لا ترضى للفلاحات أن يترشح ويخسر في الانتخابات حفاظا على مكانته، لذلك فقد تطرح بديلا منه اذا ما تأكد لها أن احتمالات الحسم ستكون بفارق ضئيل.  في المقابل، لا يخشى بني ارشيد الخسارة، وهو يستند الى العوامل الخارجية  التي إن تدخلت فستحسم الأمور لمصلحة الصقور.

 

 العوامل الخارجية

 هما عاملان: "حماس" والحكومة الأردنية، ويمكن إضافة المزاج العام  المتأثر بتطورات الوضع الإقليمي إليهما:
 -"حماس" تعتبر الصقور في "إخوان" الأردن امتدادا لها وثقلا استراتيجيا وخزانا للدعم وورقة في مواجهة الحكومة الأردنية الداعمة بقوة لمنافسها التقليدي في أراضي  السلطة الفلسطينية، حركة "فتح".
لذلك يصعب تصور ألا تتدخل "حماس"، وتحديدا "الخارج" أي الموجودين في دمشق والذين يملكون "المال" و"القوة السياسية"، في انتخابات المكتب التنفيذي والأمين العام لحزب جبهة العمل.
 - الحكومة: أو "الدولة"  كما يصطلح على تسميتها، وهي هنا تتجاوز مجلس الوزراء إلى مواقع أخرى في صناعة القرار في الأردن ربما تكون أهم من الحكومة نفسها.
وهذه، على رغم كل التصريحات المعلنة والمتكررة دائما، ثمة اقتناع أكيد داخل تيار الحمائم في الحزب والجماعة، وفي الشارع السياسي الأردني، بأنها لا ترغب أن يكون جسم الحركة الإسلامية قويا، وتريده دائما أن يكون ضعيفا وهزيلا.
وهذا لا يتأتى بوجود الحمائم في قيادة الحركة الإسلامية، التي لا تخضع لا لـ"حماس" ولا لأي جهة أخرى، وكانت الحركة في ظل قيادة هؤلاء لها تاريخيا قوية ومؤثرة وتقود الشارع السياسي الأردني والمعارضة الأردنية بمختلف تلاوينها.
في المقابل، فإن قيادة متشددة للحركة ستجعلها ضعيفة ومرفوضة حتى من المعارضة الأردنية، وهذه القيادات كانت دائما تفتعل خلافات مع الحكومة تصب في مصلحة الأخيرة، وتبرر لها التضييق على الحركة الإسلامية في الأردن.
 وحتى الثامن من ايار المقبل، موعد اجتماع مجلس شورى الحزب الجديد، سيسعى كلا الطرفين الى جذب الوسطيين الى جانب كل منهما وإلى إقحام، أو تحييد العوامل الخارجية، قبيل فرز الأمين العام والمكتب التنفيذي للحزب.
ولكن في الوقت عينه، يرى مراقبون من داخل الحركة وخارجها أن الخلافات التي تعصف بين تياري الحركة، تؤثر سلبا على رصيدها في الشارع الأردني، وتجعلها تخسر المتعاطفين معها شعبيا وسياسيا، في وقت هي أحوج ما تكون إلى قلب رجل واحد. 

عمان - من عمر عساف     


المصدر: جريدة النهار

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,684,538

عدد الزوار: 6,908,417

المتواجدون الآن: 111