العراق...عبد المهدي «سياسي واقعي» صقلته تحولاته واستقلاله عن التيارات المختلفة سهّل التوافق على تكليفه.. انتقال سلس للسلطة يغطي أزمات المكونات...انطلاق مشاورات تشكيل الحكومة والصراع الأميركي ـ الإيراني أبرز تحدياتها.....قلق وترقب في كردستان العراق لمصير تحالف الحزبين الرئيسيين...

تاريخ الإضافة الخميس 4 تشرين الأول 2018 - 6:24 ص    عدد الزيارات 1994    القسم عربية

        


عبد المهدي «سياسي واقعي» صقلته تحولاته واستقلاله عن التيارات المختلفة سهّل التوافق على تكليفه..

بغداد: «الشرق الأوسط».. في كتابه «بين النيران» الذي صدر في بغداد أخيراً، يأتي زعيم «القائمة الوطنية» إياد علاوي مرات كثيرة على ذكر عادل عبد المهدي، الذي كلف مساء أول من أمس تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، حين يأتي على الحديث عن فترة انتمائه إلى صفوف حزب البعث في ستينات القرن الماضي. بين ما يذكره علاوي، أن عبد المهدي كان من بين الرفاق الذين نفذوا اعتصاماً ضد السلطات في جامعة بغداد، بعد أن طلب منهم الحزب التصعيد مع نظام الرئيس عبد السلام عارف عام 1963. وقد تأثر في عبد المهدي في شبابه بالأفكار القومية العربية وله صداقات طفولة مع السياسي الراحل أحمد الجلبي وعلاوي. من هنا، فإن مذكرات علاوي تلقي الضوء على الأطوار السياسية والفكرية المبكرة التي مر بها عبد المهدي، ففي شبابه أيام كان طالباً في كلية التجارة في بغداد بدأ في الانخراط في صفوف حزب البعث، ثم تحول مطلع السبعينات إلى اليسار وأصبح شيوعياً لفترة وجيزة، قبل أن ينضم في 1982 رسمياً إلى «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق» الذي تأسس في إيران. وفي يوليو (تموز) 2017، أصبح عبد المهدي خارج دائرة التحزب بعد انفراط عقد «المجلس الأعلى» وخروج رئيسه حينذاك عمار الحكيم عنه وتأسيسه «تيار الحكمة». وعلى هذا الأساس، تعاملت غالبية الكتل السياسية ومرجعية النجف، كما تؤكد الكثير من المصادر، مع عادل عبد المهدي بوصفه سياسياً مستقلاً وغير منتمٍ إلى أي اتجاه، فاتفقت على تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة. ويُحسب لعبد المهدي أنه السياسي العراقي الوحيد الذي قدم استقالته الطوعية من منصبين كبيرين في الحكومة، فقد استقال عام 2011 حين كان نائباً للرئيس الراحل جلال الطالباني، واستقال عام 2016 من منصبه وزيراً للنفط. وشغل عبد المهدي حقيبة المالية في حكومة إياد علاوي بين عامي 2004 و2005، وكان له دور بارز في مفاوضات خفض وإسقاط ديون العراق في «نادي باريس». ولد عبد المهدي المنتمي إلى الارستقراطية الشيعية لعائلة تعود جذورها إلى الأسرة الهاشمية في بغداد في عام 1942، رغم سكن أسرته الأصلي في محافظة ذي قار الجنوبية. كان والده عبد المهدي المنتفجي وزير المعارف في وزارة جعفر العسكري الثانية عام 1926، أيام كان نظام الحكم ملكياً في العراق. ونتيجة لجذوره، ارتبط لقب «السيد» دائماً به. وغالباً ما يخاطبه المقربون منه بهذا اللقب، متزوج من سيدة نجفية، وله ابنان وبنتان. يجيد عبد المهدي اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وهو حاصل على بكالوريوس الاقتصاد من جامعة بغداد. وخلال فترة تواجده الطويلة في باريس حصل على درجتي الماجستير في العلوم السياسية والماجستير في الاقتصاد السياسي من جامعة بواتيه. وفي حين جلبت التحولات السياسية والفكرية التي رافقت مسيرته انتقادات من بعض خصومه ومنافسيه، إلا أنه بررها بالقول إن «الأمر استغرق 50 عاماً، وهي فترة طبيعية ليتغير المرء». كما يصف نفسه بأنه «سياسي واقعي، لكن مع الحفاظ على المبادئ». وهو معروف بعلاقاته الجيدة بجميع الأطراف السياسية. ويعتبر عبد المهدي ورئيس الجمهورية المنتخب برهم صالح السياسيين الوحيدين اللذين حصلا على أرفع منصبين في الدولة من دون أن يخوضا انتخابات مجلس النواب. من هنا، فإنهما قدما من مسافة بعيدة وحصلا على دعم بقية الكتل السياسية، كما لم يحدث لأي سياسي غيرهما منذ 2005.

العراق: انتقال سلس للسلطة يغطي أزمات المكونات

فؤاد معصوم حذر برهم صالح من «قنابل موقوتة» في الدستور

الشرق الاوسط..بغداد: حمزة مصطفى... تسلم الرئيس العراقي الجديد، برهم أحمد صالح، مهام منصبه من سلفه فؤاد معصوم، في حين تلقى رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي رسالة تهنئة من سلفه حيدر العبادي تمنى له فيها «التوفيق في المهمة الصعبة». هكذا جرت عملية تسليم وتسلم «سلسة» للسلطة من رئيس سابق إلى رئيس جديد، وهكذا تمت عملية تكليف مرشح جديد لرئاسة الوزراء لأربع سنوات مقبلة بحيث أنهى هذا التكليف أي أمل للعبادي بالتجديد له لولاية ثانية. العبادي تلقى رسالة تحية من الولايات المتحدة بخط يد المبعوث الرئاسي بريت ماكغورك، الذي لم يتمكن من فرضه مرشحاً وحيداً لواشنطن أمام خصوم كانوا أقوياء إلى حد المناورة، بحيث أتوا في النهاية بمرشح تسوية مقبول من الجميع هو عبد المهدي، أستاذ الاقتصاد عراقي الأب سوري الأم. أما معصوم، فاستغل كلمته الأخيرة في الرئاسة ليشدد على الحاجة إلى تعديل الدستور. وقال أثناء مراسم تسليمه مقاليد المنصب لخلفه، أمس، إن «ممارسة صلاحياتنا خلال السنوات الأربع الماضية، وبعيداً عن أي تدخل خارجي، كشفت جملة من الثغرات الدستورية كانت سبباً في عرقلة وإعاقة عمل الدولة ومؤسساتها بشكل سليم». ورأى أن «الدستور باعتباره القانون الأساسي والأعلى في حاجة ماسة إلى المراجعة والتعديل بهدف التطوير ومعالجة الثغرات والنواقص ومواكبة التطورات القانونية العالمية». وشدد على أن «كل أزماتنا السياسية الحالية هي أساساً ذات جذر دستوري أو قانوني، وفاقمها غياب لجنة التعديلات الدستورية عن الوجود من دون أن تنجز مهامها، ووجود تفسيرات متباينة حول هذه المادة الدستورية أو تلك ما سمح بالتدخل في إساءة توظيفها أحياناً». رغم هذا التحذير، فإن المشهد في بغداد، أمس، بدا ساحراً وأخاذاً إلى حد لفت أنظار العالم، وأصبحت عملية انتخاب ثالث رئيس كردي للعراق الذي تبلغ نسبة سكانه العرب نحو 80 في المائة خبراً رئيسياً في وكالات الأنباء. لكن ما وراء هذا المشهد الرومانسي في جزء منه، التنافسي على المستوى السياسي في جزئه الآخر؛ ما هو أعقد وأخطر في ظل ولادات بدت قيصرية للرئاسات الثلاث تعكس أزمات المكونات الرئيسية الثلاثة. فالعرب السنة الذين كانت حصتهم من المناصب السيادية رئاسة البرلمان وجدوا أنفسهم بعد فوز الشاب محمد الحلبوسي (37 سنة) بالمنصب، متفرقين ومتخاصمين بسبب ما يعدونه صفقات ومساومات أدت إلى فوز هذا وخسارة ذاك. أما الأكراد الذين نجحوا في الاحتفاظ بمنصب رئاسة الجمهورية رغم رمزيته، فإن فوز برهم صالح (58 سنة) بالمنصب بأغلبية ساحقة ضد منافسه الكردي الآخر فؤاد حسين (69 سنة) كانت نتيجته غضباً غير مسبوق من قبل «الحزب الديمقراطي الكردستاني» الذي يتزعمه مسعود بارزاني، بحيث بدا أن الشراكة الاستراتيجية مع حزب برهم «الاتحاد الوطني الكردستاني» انتهت أول من أمس تحت قبة البرلمان الاتحادي؛ ما يعني أن جولة قادمة من المشكلات ستعصف بالبيت الكردي، في حين يتعين على صالح ترميم البيت العراقي. شيعياً، لا تبدو الصورة أفضل منها لدى الأكراد والسنة. فعلى رغم التوافق السريع على مرشح التسوية عبد المهدي رئيساً للوزراء، فإن ذلك جاء بناءً على مخاض في غاية الصعوبة عبر التنافس بين كتلتين برلمانيتين ادعت كل منهما أنها الأكثر عدداً التي يجب أن يخرج رئيس الوزراء منها. غير أن المقادير كانت بالمرصاد لهما حين أتى رئيس الوزراء المكلف من خارج كلتيهما في سابقة لا يزال يدور حولها جدل دستوري، خصوصاً أن النص الدستوري يقول بتكليف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الأكثر عدداً بتشكيل الحكومة. كتلتا «الإصلاح والإعمار» بزعامة مقتدى الصدر وحيدر العبادي وعمار الحكيم، و«البناء» بزعامة نوري المالكي وهادي العامري، وجدتا نفسيهما حيال أمر واقع بعدما اتفق من الأولى زعيم «سائرون» مقتدى الصدر ومن الثانية زعيم «الفتح» هادي العامري على رئيس وزراء من خارج الكتلتين. هذا الحل التوافقي بدا مرضياً مؤقتاً لكبار المتخاصمين الداخليين، ولم يشكل صدمة للمتخاصمين الدوليين، ولا سيما الولايات المتحدة وإيران. ولفت النائب السابق في البرلمان العراقي حسن العلوي إلى أن «عادل عبد المهدي من بيئة سياسية محاطة بخصوم كثيرين، لكنه رغم توجهاته الإسلامية، فإن جذوره عربية التوجه بدءاً من والده الوزير في العهد الملكي الذي كان من رواد الحركة العربية ضد الأتراك». وفيما يخص رئيس الجمهورية، اعتبر العلوي الذي يصف صالح بأنه «صديق قديم»، أن انتخاب الأخير «يشكل نصراً للسليمانية على أربيل. ولا أعرف إن كان العراق هو المنتصر، أم أن الوقت ما زال مبكراً للحكم؟». وأضاف في اتصال مع «الشرق الأوسط» من مقر إقامته في قبرص، أن «صالح شخصية حيوية ويمتاز ببعد دولي من حيث العلاقات، إضافة إلى أنه ليست لديه عنصرية قومية أو ميول مذهبية، ولديه القدرة على التكيف مع أي محيط جديد عليه، فضلاً عن أن شخصيته ذات كاريزما تجبر الناس على التعاون معه». لكنه رأى أن «عيبه هو أن محيطه في الغالب من كبار الرأسماليين ورجال الأعمال، وهو ما يفرض عليه أخذ الحذر من هذه الأجواء وهو في مهمته الجديدة والصعبة معاً؛ إذ يتعين عليه إحاطة نفسه بمستشارين من ذوي الاختصاص». وأشار إلى أن «شخصية برهم صالح كان لها تأثير في أرجحيته بالقياس إلى شخصية منافسه، وأتوقع أنه سيعيد للرئاسة حيويتها التي كانت عليها على عهد جلال طالباني». وأوضح، أن «صالح محاط بمجموعة من الخصوم الكبار، سواء في بغداد أو في أربيل، وحتى السليمانية معقله الحزبي الرئيس، لكنه قادر على تخطي معظم هذه الصعاب بما يمتلكه من قدرة على الاحتواء. كما أنه لن يقبل أن يكون رئيساً بروتوكولياً وسيستخدم صلاحياته الدستورية إلى أقصى مدى».

انطلاق مشاورات تشكيل الحكومة والصراع الأميركي ـ الإيراني أبرز تحدياتها

بغداد: «الشرق الأوسط»... بدأ رئيس الوزراء العراقي المكلف عادل عبد المهدي، أمس، مشاورات تشكيل الحكومة بلقاء رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، فيما اعتبر محللون أن أبرز تحدٍ سيواجه حكومته هو التعامل مع الصراع الأميركي - الإيراني المتزايد في المنطقة. وقالت الحكومة في بيان أمس، إن العبادي وعبد المهدي ناقشا «تشكيل الحكومة المقبلة وتحدياتها، وأهمية توحيد الجهود لإكمال ما تحقق من إنجازات في جميع المجالات والتأكيد على البرنامج الحكومي المقبل، ودعم الحكومة المقبلة لتقديم كل ما يخدم تطلعات المواطنين». وأضافت أن الاجتماع «شهد تطابق الآراء فيما يخص أولويات المرحلة المقبلة في البناء والإعمار وتوفير فرص العمل، وتعزيز الاستقرار الأمني الذي تشهده مناطق العراق والاستمرار بملاحقة الخلايا الإرهابية، وتعزيز العلاقات مع المجتمع الدولي بما يساهم في مصلحة بلدنا وشعبنا». وتبدو التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي ستواجه عبد المهدي، مختلفة نوعاً ما عن تلك التي واجهت العبادي، فالأخير ورث عام 2014 عن سلفه نوري المالكي تركة أمنية ثقيلة فرضتها خسارة البلاد ثلث أراضيها على يد تنظيم داعش الإرهابي، فضلاً عن الانفجارات شبه اليومية التي كانت تطال المدنيين والأسواق والأماكن العامة، إلى جانب أزمة اقتصادية خانقة فرضها سوء الإدارة المالية والفساد والتراجع الحاد في أسعار النفط الذي يشكل الدخل الرئيسي للعراق. ومع بقاء البلاد واقعة في منطقة الانقسامات السياسية والاجتماعية والإقليمية الحادة، يتوقع عدد غير قليل من المراقبين أن التحديات التي ستواجه عبد المهدي لن تكون أقل من التحديات التي واجهها العبادي، بينما يرجح آخرون أن يستفيد عبد المهدي من التحسن الأمني النسبي في البلاد وتعافي أسعار النفط وحالة الإجماع والدعم السياسي التي حصل عليها من غالبية الكتل. ولعل أفضل من يعرف التحديات التي ستواجه الحكومة المقبلة هو المكلف بتشكيلها، إذ أشار في مقال طويل موجه إلى الكتل السياسية في مايو (أيار) الماضي إلى أهم التحديات التي تنتظر الحكومة الجديدة واعتذر في حينها عن القبول بالمنصب. واستعرض عبد المهدي في تلك الرسالة 8 نقاط يعتقد أنها لن تؤهله للنجاح في حال قبوله بموقع رئاسة الوزراء، منها «القوى التي تحمل عقلية الدولة الريعية» التي ستعارض «عند تطبيق إجراءات جدية للخروج من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الحقيقي، خصوصاً الزراعي والصناعي والخدمي، فهناك شرائح قد تتضرر أو لن تنتفع، بينما مصلحة الشعب والبلاد تتطلب الإصلاح لمحاربة الفساد والبطالة وتقليل الاعتماد على النفط». ومنها أن «قوى الدولة المركزية المتفردة» ستعارض هي الأخرى «العمل على تعزيز النظام البرلماني اللامركزي الفيدرالي... وستعارضه القوى التي ترى أن الفساد هو الأشخاص، وليس المنظومة أساساً، التي تهدر الأموال العامة، وتعرقل تقدم البلاد». وعند النقطة الثانية كتب عبد المهدي أن كثيراً من القوى ستعارض «عند السعي لأن تكون المؤسساتية وقوانين الوزارات والأنظمة الداخلية وقانون الخدمة العامة وسياقات عمل القيادة العليا للقوات المسلحة حاكمة، بعيداً عن أي حزبية أو شخصنة». كما ستعارض «السعي لإنهاء نظام المناصب بالوكالة المتحايل على القانون والمتهرب من التزامات وأصول التعيينات الدائمة... وهناك كلام طويل حول القضاء والهيئات». وذكر في رسالته أن الكتل البرلمانية أو أعضاءها ستعارض «التطبيق العملي لمبدأ الفصل بين السلطات ومنع التدخل في شؤون السلطة التشريعية، أو منع تدخل البرلمانيين غير المشروع مستغلين عناوينهم في أعمال السلطة التنفيذية والقضائية... فهناك أعداد كبيرة اعتادت اعتبار التدخل حقاً وقوة وليس تجاوزاً». كما أعرب عن خشيته من أنه في حال تسلمه للمسؤولية سيواجه «بمعارضة البعض دعم الحشد والبيشمركة وقوى الشرعية وسيعارض آخرون عند منع الحشد والبيشمركة وغيرهما من ممارسات خارج القانون والصلاحيات». ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة إياد العنبر أن أهم التحديات التي ستواجه عبد المهدي تتمثل بـ«التحدي الداخلي وسعيه لإعادة ثقة المواطن بالنظام السياسي وقدرته على معالجة الأزمات، وأن أزمة البصرة الأخيرة من أهم تجليات انعدام الثقة بين المواطن والحكومة». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن التحدي الآخر يتمثل في «قدرة الحكومة على الحد من تغول الجماعات الموازية للدولة». أما التحديات الخارجية، فأهمها «تقاطع الإرادات الأميركية والإيرانية، من خلال تعويل الإدارة الأميركية على الحكومة المقبلة للحد من النفوذ الإيراني في العراق، والوقوف بوجه الجماعات المسلحة التي تعد الأذرع الإيرانية في العراق. ومن ثم فالتحدي الخارجي هو قدرة عبد المهدي على إبعاد العراق عن دائرة التقاطعات الأميركية - الإيرانية». ويتفق مدير «مركز الدراسات الاستراتيجية» واثق الهاشمي مع العنبر على أن التحدي الخارجي الأكبر الذي سيواجه عبد المهدي مصدره «الصراع الإيراني - الأميركي، وإن لم يتخذ تدابير حاسمة لمواجهة هذا الصراع فسيكون العراق ساحته الرئيسية». ورأى الهاشمي أن التحدي الداخلي الأبرز «يتمثل في محاربة الفساد ومنع عودة الإرهاب وإصلاح البنى التحتية وإدارة الصراع مع أربيل بعد تصريحات مسعود البارزاني الرافضة لعملية اختيار رئيسي الجمهورية والوزراء». ويعتقد أن تجربة عبد المهدي «لن تختلف كثيراً عن تجربة العبادي لأن كليهما دخل من نافذة التسوية السياسية، وذلك يضعف من موقفه، وسيكون مضطراً إلى مجاملة الكتل السياسية من خلال إعطائها مزيداً من المناصب والمغريات والتجاوز عن أخطائها».

بدء ماراثون تشكيل حكومة المهدي

بغداد – «الحياة» .. سادت أجواء تفاؤل في الأوساط السياسية العراقية، بعد مفاجأة ليل الثلثاء، عندما انتخب رئيس الجمهورية برهم صالح، ومن ثم اختير عادل عبد المهدي رئيساً للوزراء، فيما يمثل احتجاج رئيس الحزب الديموقراطي الكردستاني مسعود بارزاني على آليات اختيار رئيس الجمهورية خارج نظام التوافق، وطريقة تشكيل الحكومة المقبلة تحديين يواجهان الحكومة العراقية الجديدة. وبدا أن ماراثون التفاوض على تشكيل حكومة المهدي انطلق. في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال مؤتمر صحافي في واشنطن أمس، أن «إيران وراء التهديدات الموجهة إلى بعثتنا الديبلوماسية الأميركية في البصرة وبغداد»، مشيراً إلى أن «طهران استخدمت أموالها لتمويل الإرهاب والميليشيات في العراق والشرق الأوسط، ومستمرة في نشاطها الخبيث في المنطقة». وتابع بومبيو: «سنقف إلى جانب الشعب العراقي دائماً». وأمل بأن «يفي رئيس الحكومة العراقية الجديدة بالتزاماته تجاه الشعب، وألا تخضع حكومته للإملاءات الإيرانية». وكان البرلمان العراقي انتخب بغالبية كبيرة برهم صالح رئيساً للجمهورية على حساب منافسه فؤاد حسين الذي أعلن حزبه رفضه طريقة الانتخاب، ونيته اتخاذ مواقف بسبب ضرب نظام التوافق بين الكتل السياسية. وقالت مصادر إن اتصالات جرت طوال أمس لترطيب الأجواء بين برهم صالح وبارزاني، قد تسفر عن اجتماع جديد بين الحزبين الكرديين الرئيسيين لتوزيع المناصب التي سيحصلان عليها، إذ يتوقع أن ينال حزب بارزاني النسبة الأكبر من المناصب، ومنها نائب رئيس الوزراء ووزارة سيادية بالإضافة إلى نائب رئيس البرلمان. وكان قياديون في الحزب كشفوا تلقيهم تأكيدات من «كتلة البناء» التي تضم تحالفات «الفتح» و «دولة القانون» و «المحور» لتصويت حوالى 140 عضواً لمصلحة فؤاد حسين، فيما كشفت نتائج التصويت الأولي حصول الأخير على 87 صوتاً، في مقابل 165 صوتاً لبرهم صالح، ما دفع بارزاني إلى القول إن القوى التي اتفِق معها نقضت عهودها. وترى الأوساط السياسية أن بارزاني تلقى تأكيدات حول التصويت لحسين من عدد من زعماء الكتل، لكنهم لم يتمكنوا من ضبط التصويت السري لأعضاء كتلهم، وهو الموقف الذي كان دفع عدداً منهم إلى أن يطلبوا من بارزاني تقديم تنازلات لعدم دخول الحزبين الكرديين بمرشحين متنافسين، لصعوبة السيطرة على نمط تصويت النواب. في المقابل، كانت الضغوط الأميركية والإيرانية حاضرة خلال التصويت، وكشفت المصادر أن زعيم «فيلق القدس» الإيراني حاول إقناع الحزبين بالدخول بمرشح واحد لكنه فشل، في مقابل محاولات المبعوث الأميركي برت ماكغورك حض برهم صالح على الانسحاب في اللحظات الأخيرة، ووصل الأمر إلى تلقي صالح اتصالاً من بومبيو للسبب ذاته. وكان صالح اجتمع في وقت متقدم ليل الثلثاء– الأربعاء بماكغورك والسفير الأميركي في بغداد دوغلاس سيليمان لتلقي التهنئة بتسلمه منصبه. إلى ذلك، يواجه رئيس الحكومة المكلف عادل عبد المهدي تحديات صعبة في اختيار أعضاء حكومته، وعقد أمس لقاءات مع زعماء كتل وقيادات سياسية وشخصيات مرشحة لنيل مناصب حكومية. والمشكلة الأساس التي تواجه عبد المهدي، أن اختياره لم يأتِ من خلال إحدى الكتلتين اللتين أعلنتا أنهما «الأكثر عدداً»، بل حصل توافق بين الكتلتين على اسمه، ما يجعله ملزماً باختيار الوزراء منهما.

قلق وترقب في كردستان العراق لمصير تحالف الحزبين الرئيسيين

الشرق الاوسط..أربيل: إحسان عزيز.. خيّمت أجواء من القلق والترقب الحذر على الأوساط الشعبية والسياسية في إقليم كردستان العراق، غداة حسم سباق الرئاسة العراقية لمرشح «الاتحاد الوطني الكردستاني» برهم صالح، إثر انسحاب مرشح «الحزب الديمقراطي الكردستاني» فؤاد حسين، بإيعاز من قيادة حزبه، احتجاجاً على سير التصويت. وعزز من أجواء التشاؤم في الإقليم البيان المقتضب والعاجل الذي أصدره زعيم «الديمقراطي الكردستاني» مسعود البارزاني، مساء أول من أمس، مبدياً امتعاضه من الآلية التي اتبعت في البرلمان العراقي لانتخاب رئيس الجمهورية، ووصفها بأنها «منافية للتقاليد والأعراف التي اتبعت في الدورات السابقة». واعتبر البارزاني في بيانه أن حزبه الذي حصد 45 مقعداً في برلمان الإقليم من أصل 100 مقعد في الانتخابات الأخيرة ستكون له «كلمة أخرى» حيال الموضوع لاحقاً، ما وتّر الأجواء السياسية المشحونة أصلاً في الإقليم، وعزز الانطباع بأن المرحلة المقبلة قد تشهد انهيار التحالف التاريخي بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم. وزاد من أجواء الترقب إعلان مفوضية الانتخابات في الإقليم، أمس، إرجاء الإعلان رسمياً عن النتائج الأولية لانتخابات برلمان كردستان «إلى أجل غير مسمى»، بعدما كان من المفترض إعلانها ظهر أمس قبل نهاية المهلة القانونية المحددة لذلك، وفقاً لقانون الانتخابات. وأكد رئيس مفوضية الانتخابات هندرين محمد في مؤتمر صحافي مقتضب ومفاجئ، أمس، قائلاً إن «المفوضية تلقت 425 شكوى قضائية والمئات من الطعون من مختلف الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات، وينبغي للمفوضية أن تبت في تلك الشكاوى والطعون بدقة شديدة، والرد عليها بشكل قانوني شافٍ، وهو أمر يتطلب مزيداً من الوقت والجهد». وأضاف أن «التريث في إعلان النتائج النهائية المقرون بدقة شديدة في مطابقة أوراق الاقتراع مع عدد الناخبين الحقيقي، وحسم الشكاوى والطعون، أفضل بكثير من الاستعجال في إعلان النتائج من دون تحقيق تلك الضوابط». بيد أن قياديين من كلا الحزبين الحاكمين قللا من المخاوف المرتبطة بمصير علاقتهما. وشدد القيادي في «الاتحاد الوطني» شادمان دركليي على «استحالة حدوث تداعيات لمسألة انتخاب مرشح الحزب لرئاسة العراق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مرشحنا يتمتع بشعبية ساحقة على مستوى العراق، وهو ذو كفاءة إدارية عالية ومشهود له بذلك، لذلك كسب التصويت في البرلمان العراقي، وكان ينبغي للحزب الديمقراطي أن يقدم مرشحاً أكثر كفاءة من برهم صالح إذا كان يريد أن يكسب الجولة». لكنه أضاف: «رغم كل ما حصل، فإنني واثق تماماً من أن الحزب الديمقراطي سيعيد النظر في حساباته ومواقفه، لا سيما في الحكومة الجديدة المنتخبة، لأنه يدرك بعمق أن الإقليم لا يمكن أن يدار من قبل طرف بمفرده، وأنه لا مناص من التعاون مع الاتحاد الوطني، لا سيما وأن كلا الحزبين لهما ثقلهما السياسي وقواعدها الشعبية وعلاقاتهما الواسعة مع العالم الخارجي». وأشار إلى أن «الديمقراطي أعاد النظر في مواقفه السياسية السابقة، بعد عملية الاستفتاء على استقلال الإقليم العام الماضي، وما تبعها من تحديات ومشكلات، والدليل على ذلك تنافسه الشديد على منصب رئاسة الجمهورية، وهو يعي تماماً أن رئيس الجمهورية مهمته الحفاظ على الدستور ووحدة العراق أرضاً وشعباً». في المقابل، يرى عبد السلام البرواري القيادي في «الديمقراطي الكردستاني» أن موضوع رئاسة الجمهورية «مختلف كل الاختلاف عن موضوع إدارة الإقليم، ومخطئ من يتصور أنهما مرتبطان». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما هو قائم بين الحزبين مجرد اختلافات في الرؤى والمواقف، وليست خلافات كما تروج وسائل الإعلام، وهي ظاهرة طبيعية توجد في كل الدول التي فيها تعددية سياسية». وأضاف: «نحن مقبلون على تشكيل حكومة إقليم كردستان المنتخبة مع شركائنا، لا سيما أن لنا برنامجاً مشتركاً للحكومة المقبلة اتفقنا بشأنه قبل مسألة الرئاسة، ولا شك أن الذي حصل في البرلمان العراقي الثلاثاء ستكون له آثاره السلبية، لكن مصلحة الإقليم تتطلب أن يكون الحزبان الرئيسيان على وفاق بشأن إدارة الإقليم». ويرى المحلل السياسي جرجيس كولي زاده أن «المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي خلقتها الأحزاب الكردية خلال السنوات الماضية أثقلت كثيراً من كاهل المواطن في الإقليم ودفعته بعيداً عن الاهتمامات السياسية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هم المواطن بات منحصراً في توفير واستحصال قوته اليومي، ولم يعد يهتم بعلاقات الأحزاب فيما بينها أو بالتوترات الحاصلة بينها، لا سيما أن الناس صارت واعية وتدرك تماماً أن الخلافات تنتهي عند تلاقي مصالح هذه الأحزاب».

 

 



السابق

اليمن ودول الخليج العربي..معارك عنيفة في محيط باقم صعدة... والحوثيون يكثفون انتشارهم بالحديدة...الميليشيات تطلق نجلي صالح وتتشبث بأبناء شقيقه في المعتقل...مقتل ثلاثة قياديين حوثيين بمعارك ضارية في صعدة..البرلمان العربي يدين التدخل الإيراني في اليمن..اتفاقيات تبرمها السعودية والكويت والإمارات اليوم لدعم الأردن..مسؤول سعودي: خاشقجي زار القنصلية في إسطنبول وخرج..السعودية زادت إنتاجها النفطي لتلبية الطلب...

التالي

مصر وإفريقيا.. الموالاة تسيطر على لجان البرلمان..الأمم المتحدة: من حق المصريين القاطنين في مناطق مشاريع التنمية عدم إخلائها...تونس: 4 استقالات تعزِّز موقع الشاهد و«النهضة» ينفي اتهامات ..تأييد دولي لمؤتمر صقلية حول ليبيا..تحطم طائرتين عسكريتين سودانيتين..."إيلاف المغرب" تجول في الصحف اليومية الصادرة الخميس

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,033,882

عدد الزوار: 6,931,572

المتواجدون الآن: 91