الأضحى في غزة .. عيد بنكهة الفقر

تاريخ الإضافة الإثنين 23 تشرين الثاني 2009 - 8:55 ص    عدد الزيارات 4426    القسم عربية

        


مع بدء العد التنازلي لاستقبال عيد الأضحى المبارك، يتهافت الناس بشكل يومي في قطاع غزة، على محلات باتت تنتشر بكثرة، مخصصة لبيع الملابس القديمة والمستعملة، للحصول على شيء يظهر الكثير من الأطفال بملابس «جديدة من الناحية الرمزية»، وعلى الأقل لم يعتد أصدقاؤهم مشاهدتها عليهم من قبل، محاولة لإدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة.
ولا يبدو التواجد في أسواق الملابس المستعملة والمعروفة باسم «البالة» مخجلا بالنسبة للكثير من العائلات في قطاع غزة، فالمعظم يتواجد هناك في منطقة معروفة باسم «سوق فراس»، بعد أن فقد الأمل بشراء ملابس جديدة لأطفاله، ليس في عيد الأضحى فحسب، وإنما في مختلف المناسبات التي يتهافت الأطفال، وحتى الكبار في مختلف دول العالم لشراء «آخر صرعات» الملابس، ومواكبة كل جديد في عالم الموضة، لكن حلم الكثير من العائلات في غزة لم يعد أكثر من «ستر» أبنائها بأي شيء يتوفر، والمهم بالنسبة لتلك العائلات هو إدخال «جزء من الفرحة» إلى أطفال انتظروا العيد ليس لشيء سوى الحصول على ملابس جديدة، وألعاب يلهون بها لبضع ساعات، وأضحية يتناولون لحومها، قبل أن يحل صباح السبت، معلنا انتهاء العيد بالنسة لهؤلاء الأطفال، فهم لا يهمهم سوى أول أيام العيد، ولا شيء أكثر.
ولا يرى المواطن غازي قمحاوي من مدينة غزة (43 عاما) أي مبرر للخجل من ارتياد أسواق «البالة»، وشراء ملابس العيد لأطفاله من هناك، فبالنسبة له لا يوجد خيار آخر، وإذا لم يشتر ملابس مستعملة فإنه لن يتمكن أبدا من شراء أي شيء جديد بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
ويقول قمحاوي لـ«أوان»: إن الراتب الذي يحصل عليه من وظيفته في محل لمواد البناء، لا يكاد يكفي لشراء المواد الغذائية والحاجيات الأساسية للبيت، كما أن أسعار الملابس الجديدة مرتفعة جديدة، بسبب الحصار وصعوبة إيصال الملابس المستوردة، سواء من الصين أو غيرها إلى الأسواق، كما أن كل ما يصل عادة يمر عبر الأنفاق الواصلة مع الأراضي المصرية، ما يعني ارتفاع سعرها إلى الضعف، بسبب الرسوم الكبيرة التي يجبيها أصحاب الأنفاق لقاء مرور البضائع من عندهم.
ويؤكد قمحاوي، أنه عند النزول إلى أسواق «البالة» فإن المرء يشاهد قطاع غزة كله وقد انتقل إلى تلك الأسواق، ويضيف: «من كثرة الزحمة ما بتقدر تمشي ولا بتلاقي مكان تحط رجلك فيه، الوضع كثير صعب والكل بده يشتري من البالة، وما في خيار ثاني إلا للأغنياء وعددهم قليل في غزة».
ويقول: «شخص عنده 7 أطفال مثلي وبده يشتري لهم جميعا في العيد، استحالة يقدر يشتري ملابس جديدة، لأني راح احتاج راتب شهرين بس للملابس، وهذا الشي بنطبق على كثير من الناس هون».
ويشير قمحاوي إلى أن أسعار ملابس البالة باتت أيضا مرتفعة بعض الشيء، بسبب الإقبال الكبير عليها، إلا أنها تبقى معقولة مقارنة مع أسعار الملابس الجديدة.
من جهته يؤيد صخر الأشقر صاحب بسطة لبيع الملابس المستعملة، أن الإقبال على محلات البالة، بات أكثر بكثير من تلك التي تبيع الملابس الجديدة، وهو ما شجعه على فتح محل صغير، يعرف اسم «بسطة للبالة»، رغم وجود محل آخر له يبيع الملابس المستوردة، إلا أن زبائن ذلك المحل لا يراهم إلا في المناسبات حسب قوله.
ويؤكد الأشقر أن قدرة المواطنين الشرائية تحد من إقبالهم على محلات الملابس الجديدة، وباتوا يندفعون بشكل كبير إلى محلات «البالة»، خاصة في الأعياد وموسم المدارس وغيرها من المناسبات «الهامة».
وأشار الأشقر إلى أن المواطن بإمكانه شراء «ملابس كاملة، بنطلون وقميص أو غيره بسعر لا يتجاوز 5 دولارات، بينما هو بحاجة إلى أكثر من 50 دولارا، إذا ما أراد شراء ملابس جديدة». موضحا أن الأمر لم يعد مقتصرا على شراء ملابس الأطفال، وإنما شمل الجميع بمن فيهم الشبان والشابات.
وتفرض إسرائيل حصارا شاملا على قطاع غزة منذ فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية قبل نحو 4 سنوات، ولا تسمح إلا بدخول السلع الأساسية بين الحين والآخر، بينما تبقى المعابر التجارية مغلقة في معظم الأحيان.
ويؤكد الخبراء الاقتصاديون أن الإقبال على أسواق «البالة» في غزة، يعتبر مؤشرا على تنامي معدلات الفقر في غزة بشكل سريع للغاية.
ولا تعتبر الملابس الهم الوحيد بالنسبة لأهالي غزة في موسم العيد، فالكثير من المواطنين يبحثون عن أضحية ليشتروها ولكنهم لا يتمكنون من ذلك، بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الأضاحي، وضعف قدرة المواطنين الشرائية، ولا تسمح إسرائيل إلا بدخول أعداد محددة من المواشي في موسم عيد الأضحى فقط، ما يساهم في رفع سعرها بشكل كبير، ويبقى شراء «الأضحية» أمنية للكثير من العائلات، وحكرا على الأغنياء، ويؤكد شهود عيان لـ«أوان» أن أكثر من خمسة مواطنين يشتركون جميعا في شراء أضحية واحدة للعيد، ولا يأبهون إذا ما كان ذلك جائزا شرعا أم لا، فالمهم بالنسبة لهم زرع الفرحة على وجوه أطفال انتظروا العيد لتتزين أجسادهم بملابسهم الجديدة وتناول لحوم الأضاحي.

المصدر: جريدة أوان الكويتية

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,063,204

عدد الزوار: 6,750,845

المتواجدون الآن: 106