الإيرانيات يستوردن القماش لأثوابهن ويبحثن عن «لون آخر للعشق» غير الأسود

تاريخ الإضافة الثلاثاء 24 شباط 2009 - 10:53 ص    عدد الزيارات 5166    القسم دولية

        


طهران - فاطمة الصمادي

في بعض المدن الايرانية وعلى رأسها قم يظهر «التشادور» منفرداً في لباس النساء الايرانيات ويفرض شروطه بقوة حتى على الزائرين، لكن الحال تختلف في مدن أخرى اذ يبدو ان «التشادور» يتعرض لمنافسة غير عادية في مدينة مثل قزوين ومدن الشمال الايراني عموماً.

ويمكن وصف الحكاية في العاصمة طهران بمعركة حامية الوطيس يقف فيها «المانطو» متحدياً التشادور متسلحاً بالجديد من خطوط الموضة سواء من حيث القصات او الالوان. و «المانطو» لباس على شكل جاكيت متفاوت الطول بحسب رغبة الفتاة التي ترتديه، فيلبس مع بنطال يمكن ان يكون ضيقاً ومن «الجينز» واحياناً، تصرخ الوانه الزاهية في وجه «التشادور» المنحاز للون الاسود.

ولسنوات مضت كان «الجينز» من المحرمات في ايران، لكنك اليوم تجد الكثير من الفتيات يلبسنه وبقصات متعددة. ويبدو طبيعياً ان تلمح فتاة تلبس بنطالاً قصيراً فيما يتلألأ خلخال في كاحلها.

في الاسواق الايرانية تجد الكثير من النساء المرتديات «التشادور» - لباس اسود فضفاض يغطي جسد المرأة من رأسها حتى اخمص قدميها- يقبلن على شراء الملابس الحديثة وبالوان زاهية، وکما ان «مانطو» الإيراني ليس زياً واحدا ، فالتشادور كذلك ، وتستطيع ان ترصد علاقة المرأة بالتشادور وربما توجهاتها السياسية من خلال سلوكها، فمن امرأة تمسكه بيديها وحتى باسنانها حتى لا يكشف شيئاً من جسدها رغم انها لم تدخر وسعاً في ان تلبس تحته ملابس لا تكشف شيئاً، إلى فتاة ترتديه بينما رسمت وجهها بمساحيق التجميل وضهر شعرها من الأمام، ولا يضيرها ان ينكشف تشادورها ويكشف عن ملابسها الضيقة تحته.

بين جنوب طهران وشمالها يبدو التقسيم حاداً وواضحاً بين التشادور و «المانطو»، ومقابل امرأة تلتزم بـ»التشادور» بشكل صارم تجد اخرى تسير بملابس شديدة الضيق والقصر مع منديل صغير لا يكاد يغطي شيئاً من شعرها وفي ما المنديل الصغير ينحسر بين الفينة والأخرى تعيده صاحبته بكل أناة وتمهل .

في الحدائق والمقاهي تجد عاشقين جلسا متقاربين ولم تدخر الفتاة جهداً في رسم ملامحها بمكياج واضح. ولكن جلسات العشاق هذه تتساوى فيها صاحبات التشادور ومرتديات «المانطو»، ويشيع في إيران أن جلسة كهذه كانت تقود إلى السجن قبل رئاسة الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي ولم يكن من الممكن في ايران ان تجد فتاة ترافق شاباً غريباً، اذ كانا يتعرضان للمساءلة والعقوبة في احيان كثيرة.

تسمع في إيران مقولة «الأسود لون العشق»، لكن استاذ الإعلام في جامعة العلامة طباطبائي يروي أن النساء الإيرانيات في السابق لم يعرفن الأسود الا في حدود ضيقة وكان تشادور النساء ملونً بورود زاهية.

وتعد ايران اكبر مستهلك للقماش الاسود في العالم اذ تستهلك سنوياً اكثر من 30 مليون متر مربع من القماش اللازم لـ»التشادور»، وان كانت احصائية اخرى تتحدث عن رقم اكبر من هذا بكثير، ويصل الى 400 مليون متر من القماش تحتاجه ايران سنوياً لخياطة التشادور.

وفي السنوات العشر الاخيرة صرفت ايران اكثر من 300 مليون دولار لاستيراد قماش التشادور، وفي العام 2005 صرفت اكثر من 40 مليون دولار لهذا الغرض ، وترد هذه الصادرات الى ايران عن طريق دبي وعواصم خليجية اخرى .

وقماش التشادور الإيراني يصنع في اليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند واندونيسيا ويراوح سعر التشادور بين 40 و80 دولاراً في حين ان قيمة التشادور الواحد في بلد الانتاج لا تتعدى ثلاثة دولارات .

وبحسب مصادر من مكتب صناعة النسيج في وزارت الصناعة والمعادن الايرانية فإن ايران بدأت انتاج قماش التشادور ولكنه لا يحمل جودة القماش الخارجي. وهو ما تؤيده رابطة النساجين التي ترى ان فن انتاج هذا القماش منحصر بدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية.

إبان الثورة الايرانية لبس الكثير من النساء الايرانيات «التشادور «الأسود احتجاجاً على نظام الشاه، الذي فرض منع ارتداء الحجاب منذ بدايات ثلاثينات القرن العشرين، ومع قرب انتصارها شكل «التشادور الاسود»رمزاً لها ووصفه الخميني نفسه بأنه راية الثورة.

واليوم تتراجع شعبيته بشكل هائل بين جيل الشابات، وتلبسه كثيرات بفعل الواقع الاجتماعي والسياسي، اذ ان بعض النساء يرتدينه فقط للعمل او للجامعة فبعض الجامعات او بعض الكليات تفرضه على النساء مثل كلية « الفلسفة «في جامعة طهران .

وترى حفيدة الخميني زهرا اشراقي ان «التشادور» كان اللباس الشعبي للمرأة الايرانية ومع الثورة تحول الى رمز سياسي ، ولكنه الآن فقد تلك الحرمة التي احاطت به في سنوات الثورة الاولى. وفي الوقت ذاته فإن الناشطة السياسة أعظم طالقاني تعلن معارضتها بشكل صريح لفرض الحجاب.

و كان موضوع فرض الحجاب محوراً في الحملات الانتخابية الرئاسية، ولمح رفسنجاني في إحدى اعلاناته الانتخابية انه قد يجرى استفتاء بين الناس في ما يتعلق بفرض الحجاب. ونشط في حملته الانتخابية عام 2005 فتيات يرتدين «المانطو» القصير وشباب بقصات شعر توافق احدث خطوط الموضة الغربية .

تقول زهرأحمدي وهي شابة تدرس الادب في جامعة طهران ان «التشادور الأسود» بدأ ينحسر كشكل وحيد من أشكال اللباس المحتشم.

وبدأت مصممة الازياء الايرانية فتانة جنابي بطرح تصاميم جديدة للتشادور الايراني مستوحاة من «العباءة العربية» بحيث تعطي المرأة حرية الحركة لليدين وهو ما لا يتيحه الشادور الايراني، وتتحدث جنابي عن تصميمات للتشادور توافق الموضة وتليق بحضور الافراح والمناسبات وتتناسب بألوانها مع الفئات العمرية.


المصدر: جريدة الحياة

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,715,143

عدد الزوار: 6,909,989

المتواجدون الآن: 96