أخبار وتقارير..طبول الحرب تُقرع.. المنطقة على "فوهة بركان"!..دعاية إيران الإلكترونية أكبر من التقديرات السابقة ..أردوغان يَعِد الأتراك بـ «انتصارات جديدة»..واشنطن تعزّز المحور الروسي - الصيني؟..النظام العربي الجديد... أوجه القوة والعنف في الشرق الأوسط..جدران الخوف تنتصب مجدداً... والمجتمع السوري يتشظى والإنهاك يتفشى...روسيا لن تضعِف إيران في سورية...

تاريخ الإضافة الخميس 30 آب 2018 - 5:33 ص    عدد الزيارات 2787    القسم دولية

        


طبول الحرب تُقرع.. المنطقة على "فوهة بركان"!..

الجمهورية... تصاعدت نسبة التحديات بين إيران والولايات المتحدة الاميركية. وبعدما كانت نقطة السخونة في هذا النزاع هي سوريا، انتقلت هذه النقطة الى مضيق هرمز، حيث للمرة الاولى ترافقت التصريحات الاعلامية العسكرية مع تحركات عسكرية ميدانية بحراً وجواً ورسَت أساطيل روسية ومدمرات أميركية، عدا عن المناورات التي تجريها إيران. إضافة الى انّ الخبراء لاحظوا نوعاً من استنفار معيّن للقوات الأميركية الموجودة في منطقة الخليج. في هذا الوقت، حذرت إيران «الدول الأجنبية المعادية» من أيّ محاولات لمخالفة القانون الدولي في مضيق هرمز، مؤكّدة جهوزيّة قواتها لمواجهة أيّ خرق والسيطرة على المضيق. تزامناً، ظلّ الإعلان عن اتفاق للتعاون العسكري بين سوريا وإيران يتفاعل، وتستمر تردّداته في الخارج، وخصوصاً في إسرائيل التي كرّرت تهديداتها بمهاجمة أهداف عسكرية إيرانية في سوريا ومواقع للجيش السوري. وأكد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أن الجيش الإسرائيلي سيواصل نشاطه «بحزم وقوة» ضدّ محاولات إيران نشر قواتها المدجّجة بالسلاح على الأراضي السورية»، وقال انّ «أيّ اتفاقات بين سوريا وإيران عاجزة عن منعنا من ذلك». بدوره، قال وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتز انّ «الاتفاق الذي أُبرم بين بشار الأسد وإيران يشكل اختباراً لإسرائيل، سيكون ردنا واضحاً وجليّاً». وأضاف: «لن نسمح لإيران بالتمركز عسكرياً في سوريا. سنردّ بكلّ قوتنا ضدّ أيّ هدف إيراني يمكن أن يهدد إسرائيل، وإذا تدخل الدفاع الجوي للجيش السوري ضدّنا فسيدفع ثمن ذلك». وعلى المقلب السوري، وعلى وقع تزايد الحديث عن اقتراب معركة إدلب، تسارعت التحركات الديبلوماسية وعُقدت محادثات في موسكو بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره السعودي عادل الجبير. كذلك حضر الملف السوري في محادثات أجراها في أنقرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الذي توجه الى أنقرة عصر أمس في زيارة لم تكن متوقّعة.

دعاية إيران الإلكترونية أكبر من التقديرات السابقة وفق تقرير لوكالة {رويترز}

لندن: «الشرق الأوسط».. بعد أيام من إغلاق حسابات إيرانية من قبل «تويتر» و«فيسبوك» و«غوغل» قالت وكالة «رويترز» في تقرير أمس إنها توصلت إلى عملية دعاية إيرانية تستهدف مستخدمي الإنترنت في أنحاء العالم أكبر مما كان متوقعا، إذ تضم شبكة متشعبة من المواقع الإلكترونية مجهولة المصدر وحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي بإحدى عشرة لغة. وقالت الوكالة إنها أجرت تحليلا على عشرة مواقع وعشرات الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«إنستغرام» و«تويتر» و«يوتيوب» حول حملة الدعاية الإيرانية. وجاء التقرير عقب أيام من إعلان «فيسبوك» أن العديد من حسابات التواصل الاجتماعي والمواقع كانت جزءا من مشروع إيراني للتأثير سرا على الرأي العام في دول أخرى. وبحسب رويترز راجعت شركة الأمن الإلكتروني فاير آي ومقرها الولايات المتحدة وشركة كلير سكاي الإسرائيلية ما توصلت إليه، وقالتا إن مؤشرات فنية توضح أن شبكة المواقع وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة التي يطلق عليها اسم الاتحاد العالمي لوسائل الإعلام الإلكترونية هي جزء من نفس الحملة التي حذفت فيسبوك وتويتر وغوغل أجزاء منها الأسبوع الماضي. ويبث الاتحاد العالمي لوسائل الإعلام الإلكتروني محتوى من وسائل إعلام إيرانية رسمية ومنابر أخرى متحالفة مع حكومة طهران عبر الإنترنت، وكثيرا ما يخفي المصدر الرئيسي للمعلومات، مثل قناة برس تي وي ووكالة فارس المنبر الإعلامي لـ«الحرس الثوري» وقناة المنار التلفزيونية التابعة لجماعة «حزب الله» اللبنانية. ورفضت قناة برس تي وي ووكالة «فارس» وقناة المنار وممثلون عن الحكومة الإيرانية طلبات للتعليق. ورفضت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة الأسبوع الماضي الاتهامات بوجود مثل هذه الحملة الإيرانية، واصفة إياها «بالسخيفة». وتسلط شبكة المعلومات المضللة واسعة النطاق تلك الضوء على كيفية استغلال مجموعات متعددة مرتبطة بالدولة الإيرانية وسائل التواصل الاجتماعي للتلاعب بالمستخدمين والترويج لتوجهاتها الجيوسياسية وكيف يصعب على شركات التكنولوجيا حماية المستخدمين من التدخل السياسي على منصاتها. وفي يوليو (تموز) اتهمت هيئة محلفين أميركية 12 روسيا قال الادعاء إنهم ضباط مخابرات بتهم التسلل إلى مواقع مجموعات سياسية في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، وتنفي روسيا المزاعم. وقال مسؤولون أميركيون إن روسيا قد تحاول أيضا تعطيل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني). بدوره، قال بن نيمو من معمل الأبحاث الجنائية الرقمية بمجلس الأطلسي، الذي سبق أن استعانت به «فيسبوك» لتحليل حملات تضليل، إن شبكة الاتحاد العالمي لوسائل الإعلام الإلكتروني توضح مدى وحجم العملية الإيرانية. وقال «إنها مضخم كبير لرسائل الدولة الإيرانية... يوضح هذا مدى سهولة إدارة عملية دعاية عبر الشبكة العنكبوتية حتى عندما يكون مستوى المهارات ضعيفا. العملية الإيرانية اعتمدت على الحجم وليس الجودة، لكنها ظلت غير مرصودة لسنوات». وقال جاي نانكارو المتحدث باسم «فيسبوك» إن الشركة ما زالت تحقق فيما يتعلق بحسابات وصفحات ذات صلة بإيران وإنها حذفت المزيد أول من أمس. وتابع نانكارو: «هذا تحقيق جارٍ وسنستمر لمعرفة المزيد... يسعدنا أن نعلم أن المعلومات التي تقاسمناها نحن وآخرون الأسبوع الماضي أدت إلى مزيد من الاهتمام بمثل هذه الحسابات الوهمية». وأحالت «تويتر» إلى بيان بثته في تغريدة يوم الاثنين بعد وقت قصير من طلب من «رويترز» للتعليق. وقال البيان إن الشركة حذفت منذ الأسبوع الماضي 486 حسابا آخر لانتهاكها شروط الاستخدام، ما يرفع إجمالي عدد الحسابات الموقوفة إلى 770 حسابا. وقالت «تويتر»: «زعم أقل من مائة من إجمالي الحسابات الموقوفة البالغة 770 حسابا أن مقرها الولايات المتحدة، وكثير من هذه الحسابات كان يتقاسم تعليقات مثيرة للانقسام المجتمعي».
ورفضت «غوغل» التعليق لكنها حذفت حساب الاتحاد العالمي لوسائل الإعلام الإلكتروني على «يوتيوب» بعد أن اتصلت رويترز بالشركة لسؤالها عن الأمر. وقالت رسالة ظهرت على الصفحة يوم الثلاثاء إن الحساب تقرر «حذفه لانتهاكه شروط الخدمة الخاصة بيوتيوب». ولا يخفي الاتحاد أهدافه. فالوثائق على موقعه الرئيسي تقول إن مقره طهران وإن أهدافه تتضمن «مواجهة ما تقوم به جبهات الاستكبار العالمية الصهيونية». ويستخدم الاتحاد شبكة مواقعه - بما في ذلك قناة على يوتيوب وخدمة للأخبار العاجلة وتطبيق على الهواتف الجوالة وحساب للرسوم الكاريكاتيرية لتوزيع المحتوى المأخوذ من وسائل إعلام إيرانية رسمية ومنابر أخرى تدعم موقف إيران فيما يتعلق بالقضايا الجيوسياسية. وقالت رويترز إنها رصدت شبكة الاتحاد تعمل بلغات عدة، إذ لها صفحات بالإنجليزية والفرنسية والعربية والفارسية والروسية والتركية والإسبانية وبلغات الأردو والبشتو والهندية والأذربيجانية. وبعد ذلك يقوم عدد من المواقع الإعلامية البديلة باستنساخ هذا المحتوى، بما في ذلك بعض المواقع التي قالت شركة فاير آي الأسبوع الماضي إنها تدار من إيران، مع الزعم أنها منابر محلية أميركية أو بريطانية. وعلى سبيل المثال، مقال نشره في يناير (كانون الثاني) موقع ليبرتي فرونت برس عن تحقيق الجيش السوري حليف إيران مكاسب في ساحة المعركة. هذا المقال كان مصدره الاتحاد العالمي لوسائل الإعلام الإلكتروني، رغم أنه نُقل أساسا من خبرين لوكالة فارس للأنباء. وليبرتي فرونت برس أحد المواقع الأميركية الوهمية التي كشفت عنها فاير آي.
وقال لي فوستر المحلل لدلا فاير آي إن موقع (آي يو في إم برس)، وهو أحد أكبر مواقع الاتحاد العالمي لوسائل الإعلام الإلكتروني، جرى تسجيله في يناير 2015 بنفس عنوان البريد الإلكتروني المستخدم لتسجيل موقعين تأكد بالفعل أن إيران تديرهما. وقالت شركة كلير سكاي إن عددا من مواقع الاتحاد كانت مستضافة على نفس الخادم الذي يستخدمه موقع آخر في العملية الإيرانية.

«الجيش» الإلكتروني الإيراني يروّج لقولبة الرأي العام العالمي

الحياة... لندن - رويترز .. أفادت وكالة «رويترز» بأن حملة دعاية إيرانية تستهدف مستخدمي الإنترنت في العالم، هي أضخم ممّا كان متوقعاً، إذ تضمّ شبكة متشعبة من المواقع الإلكترونية مجهولة المصدر، وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بإحدى عشرة لغة. وكان «فايسبوك» ومواقع إلكترونية أخرى أعلنت الأسبوع الماضي أن حسابات كثيرة كانت جزءاً من مشروع إيراني للتأثير سراً في الرأي العام في دول أخرى. وحدّد تحليل أعدّته «رويترز» 10 مواقع أخرى وعشرات الحسابات على «فايسبوك» وإنستغرام» و «تويتر» و «يوتيوب». وراجعت شركة الأمن الإلكتروني الأميركية «فاير آي» وشركة «كلير سكاي» الإسرائيلية ما توصّلت إليه «رويترز»، وأعلنتا أن مؤشرات فنية توضح أن «الاتحاد العالمي لوسائل الإعلام الإلكترونية»، وهي شبكة جديدة لمواقع وحسابات للتواصل الاجتماعي، هو جزء من الحملة ذاتها، والتي حذفت «فايسبوك» و «تويتر» و «غوغل» أجزاء منها الأسبوع الماضي. ويبثّ الاتحاد محتوى من وسائل إعلام رسمية إيرانية ومنابر أخرى متحالفة مع طهران، وكثيراً ما يخفي المصدر الرئيس للمعلومات، مثل قناة «برس تي في» ووكالة «فارس» للأنباء وقناة «المنار» التابعة لـ «حزب الله» اللبناني. ولا يخفي الاتحاد أهدافه، إذ تفيد وثائق على موقعه الإلكتروني بأن مقرّه طهران وأهدافه تتضمّن «مواجهة ما تفعله جبهات الاستكبار العالمية الصهيونية». وقال بن نيمو من «مختبر البحوث الجنائية الرقمية» في «مجلس الأطلسي»، الذي استعان به «فايسبوك» لتحليل حملات تضليل، إن شبكة «الاتحاد العالمي لوسائل الإعلام الإلكترونية» هي «مضخّم كبير لرسائل الدولة الإيرانية، ويوضح ذلك مدى سهولة إدارة عملية دعاية عبر الشبكة العنكبوتية، حتى عندما يكون مستوى المهارات ضعيف»، وتابع: «العملية الإيرانية اعتمدت على الحجم، لا الجودة، لكنها بقيت غير مرصودة لسنوات». وأشار ناطق باسم «فايسبوك» إلى أن الموقع ما زال يحقّق في ما يتعلّق بحسابات وصفحات مرتبطة بإيران، لافتاً إلى أنه حذف مزيداً منها الثلثاء. وزاد: «هذا تحقيق جار وسنستمر لمعرفة المزيد. يسعدنا أن نعلم أن المعلومات التي تقاسمناها، نحن وآخرون، الأسبوع الماضي أدت إلى مزيد من الاهتمام بهذه الحسابات الوهمية». وذكّر موقع «تويتر» بأنه حذف منذ الأسبوع الماضي 486 حساباً آخر، لانتهاكها شروط الاستخدام، ما يرفع عدد الحسابات المعطلة إلى 770. وأضاف: «زعم أقلّ من مئة من إجمالي الحسابات الموقوفة (770) أن مقرّه الولايات المتحدة، وكثير منها كان يتقاسم تعليقات مثيرة لانقسام مجتمعي». ورفض موقع «غوغل» التعليق، لكنه حذفت حساب «الاتحاد العالمي لوسائل الإعلام الإلكترونية» على «يوتيوب»، لـ «انتهاكه شروط الخدمة الخاصة» بالموقع. ويستخدم الاتحاد شبكة مواقعه، بما فيها قناة على «يوتيوب» وخدمة للأخبار العاجلة وتطبيق على الهواتف الخليوية وحساب للرسوم الكاريكاتورية، لتوزيع المحتوى المأخوذ من وسائل إعلام رسمية إيرانية، ومنابر أخرى تدعم موقف طهران في الملفات الجيوسياسية، علماً أن لدى شبكة «الاتحاد» صفحات بالإنكليزية والفرنسية والعربية والفارسية والروسية والتركية والإسبانية والأردو والبشتو والهندية والأذرية. ثم تستنسخ مواقع إعلامية بديلة هذا المحتوى، بما في ذلك مواقع أفادت شركة «فاير آي» الأسبوع الماضي بأنها تُدار من إيران، وتزعم أنها أميركية أو بريطانية. وفي كانون الثاني (يناير) الماضي، نشر موقع «ليبرتي فرونت برس» مقالاً عن تحقيق الجيش السوري مكاسب عسكرية في الحرب الدائرة في بلاده. مصدر المقال كان «الاتحاد العالمي لوسائل الإعلام الإلكترونية»، على رغم أنه نُقل أساساً من خبرين لوكالة «فارس» و «ليبرتي فرونت برس». وقال لي فوستر، وهو محلل في «فاير آي»، إن موقع «آي يو في أم برس»، وهو أحد أبرز مواقع «الاتحاد»، سُجِل في كانون الثاني 2015 بعنوان البريد الإلكتروني ذاته المُستخدم لتسجيل موقعين، تأكد أن إيران تديرهما.

ترامب يهرب إلى الأمام بهجومه على عمالقة الإنترنت

الرئيس الأميركي المُحاصَر بالأزمات يُثير عواصف سياسية لرفع شعبيته

الراي....واشنطن - من حسين عبدالحسين .. مانافورت يتجه لإبرام تسوية مع المحققين ... ماكونل يُحبِط مخطط إطاحة وزير العدل

في الأسبوع الذي لا يغرق فيه دونالد ترامب في رهاب الملاحقات القضائية التي طالت، وما تزال تلاحق، أقرب المقربين إليه، يسقط الرئيس الاميركي في هفوات وأخطاء سياسية تزيد من ضعضعة صورته، في وقت يعاني حزبه الجمهوري من انخفاض التأييد الشعبي له، قبل تسعة أسابيع من الانتخابات النصفية المقررة في الرابع من نوفمبر المقبل. آخر أخطاء ترامب ارتبطت بتمسكه بعداوته ضد السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين، حتى بعد وفاة الأخير في عطلة نهاية الأسبوع، فنكّس البيت الأبيض العلم الأميركي الذي يعلوه في بادئ الأمر، لكن ترامب اكتفى بإصدار تغريدة تعاطف فيها مع عائلته، من دون إصدار أي بيان رسمي يرثي الراحل ويمدح مآثره. وبعد يوم، أي قبل انتهاء الحداد الرسمي، تمسك ترامب بصمته، وأعاد البيت الأبيض رفع العلم، في خطوة أثارت حنق كثيرين، ما أجبر ترامب على التراجع وإصدار بيان رسمي نعى فيه ماكين، وإعادة تنكيس العلم الاميركي. ورداً على رعونة ترامب في التعاطي مع رحيل ماكين، أحد أبطال حرب فيتنام وأحد أبرز وجوه وأركان الجمهوريين في واشنطن على مدى عقود، لم تدعُ عائلة ماكين الرئيس الأميركي إلى أي من مراسم التأبين للسيناتور الراحل، وهو ما أضعف صورة ترامب كرئيس لكل الأميركيين، خصوصاً أن ماكين هو من حزب ترامب الجمهوري نفسه. وذكرت وسائل الإعلام أن رئيس حملة ترامب السابق بول مانافورت، المحكوم بجرائم ضريبية تصل عقوبتها إلى 10 سنوات، ينخرط مع المحققين في إمكانية التوصل إلى تسوية تقضي باعترافه بجرائمه، بما في ذلك تعاونه مع حكومات أجنبية، منها الروسية والأوكرانية الموالية لموسكو، من دون التصريح عن تقاضيه أموالاً من هذه الحكومات للعمل لمصلحتها داخل واشنطن، مقابل تخفيف الأحكام عنه. وكانت تقارير سابقة أشارت الى أن ترامب كان ينوي إصدار عفو رئاسي عن مانافورت لمكافأته على عدم اعترافه بالذنب مقابل أحاكم تخفيفية، لكن في حال التوصل لاتفاقية بين مانافورت والادعاء العام، يصبح عفو ترامب بلا فائدة، ويصبح الرئيس الأميركي في مهب رياح اعترافات رئيس حملته السابق. وما ساهم في تعقيد المشكلة في وجه ترامب تصريح صادر عن زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونل، الذي تعمل زوجته الين تشاو وزيرة عمل في حكومة ترامب، قال فيه إنه يعتقد أن وزير العدل جيف سيشنز «باق في مكانه»، ورد بذلك على حملة كان شنها ترامب ضد وزير العدل الأسبوع الماضي لقيام الأخير بالاعتذار عن الإشراف على التحقيق في إمكانية تورط ترامب أو أفراد حملته في التواطؤ مع روسيا في الانتخابات الأميركية قبل عامين. وكانت أوساط مجلس الشيوخ المؤيدة لترامب سربت أنها لا تمانع استبدال وزير العدل بواحد يمكن ان يقوم بطرد المحقق الخاص روبرت مولر، لكن موقف ماكونل يعني أنه يستحيل تعيين وزير جديد، في حالة إقالة الحالي، إذ لن يسمح زعيم الغالبية بإجراء جلسات الاستماع المطلوبة ولا بالتصويت على المصادقة على الوزير الجديد. وما بين مشاكل ترامب مع عائلة ماكين وخوفه من مجريات التحقيق الذي صار يلاحق مؤسسته المالية وأفراد عائلته من العاملين في قيادتها، وجد الرئيس الأميركي الوقت الكافي لإثارة المزيد من العواصف السياسية بإصداره سلسلة من التغريدات (أول من أمس) هاجم فيها كبرى شركات أميركا التكنولوجية، مثل «غوغل» و«فيسبوك» و«تويتر»، متهماً إياها بالانحياز لمصلحة اليسار الليبرالي والديموقراطيين، على حساب اليمين المحافظ والجمهوريين. وقال ترامب إن نتائج البحث عن اسمه على محرك بحث «غوغل» يقدم سلسلة من المواقع التابعة لوسائل الاعلام التقليدية، وهذه بغالبيتها أقرب الى الديموقراطيين منها الى ترامب، وهي تنتقد الرئيس الأميركي بشكل متواصل. واعتبر ترامب ان البحث في «غوغل» عن اسمه لا يظهر المواقع الإخبارية اليمينية، وهذه بمعظمها يديرها هواة وناشطون، وتنشر دعاية موالية لترامب أكثر منها أخباراً، ما يعني أنه من الصعب لها ان تنافس المؤسسات الاعلامية العريقة المعروفة، التي تتصدر أخبارها نتائج كل محركات البحث. وأجمع الخبراء على أن شكوى ترامب ضد شركات الانترنت نفسها هدفها حشد التأييد الشعبي له، في وقت يعاني من الملاحقات القضائية ومشكلة التعاطي مع وفاة ماكين، وهو ما يعني أن الرئيس الاميركي يثير مشكلة لمعالجة مشكلة سابقة، وهو أسلوب صار واضحاً ومفهوماً لدى غالبية متابعيه، باستثناء مؤيديه.

أردوغان يَعِد الأتراك بـ «انتصارات جديدة»

الحياة...أنقرة، برلين – أ ب، أ ف ب، رويترز .. أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن ثقته بأن بلاده «على أعتاب تحقيق انتصارات جديدة»، معتبراً أن مواطنيه أظهروا للعالم تصميهم على مواجهة «الطموحات الإمبريالية». جاء ذلك في رسالة نشرها موقع الرئاسة التركية، في ذكرى «عيد النصر» المصادف اليوم، ويحيي انتصارات الجيش التركي، بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، على قوات الحلفاء والجيش اليوناني، في 30 آب (أغسطس) 1922. وقال أردوغان: «استذكر بكثير من الرحمة والتعظيم والشكر، قائد حرب الاستقلال مصطفى كمال أتاتورك، وجميع عناصر الجيش الذين أهدونا هذا النصر، وأدعو بالرحمة لشهدائنا وللذين شاركوا في تلك الحرب». وشدد على أن «تركيا تناضل من أجل جميع المضطهدين والمظلومين الذين يعقدون الأمل عليها، كما عقدوه في حقب مختلفة من تاريخها»، وتابع: «هذا التطوّع العظيم (للنضال من أجل المضطهدين) ليس نقطة ضعف لتركيا، بل بات أكبر مصدر قوة لها». وزاد أن «الشعب التركي أظهر للعالم مجدداً، عزمه على حماية استقلاله ومستقبله ضد الطموحات الإمبريالية»، مضيفاً أن «30 آب أظهر أن هناك طريقاً مفتوحاً دوماً من أجل تحقيق النجاح، مهما كانت الظروف صعبة». اما وزير الدفاع التركي خلوصي أكار فشدد على أن «القوات المسلحة ستواصل كفاحها، داخل البلاد وخارجها، حتى القضاء على آخر إرهابي». ووَرَدَ في رسالة نشرها موقع الوزارة في ذكرى «عيد النصر»، أن «الكفاح سيتواصل ضد كل التهديدات والأخطار»، معدّداً جماعة الداعية المعارض فتح الله غولن و «حزب العمال الكردستاني» وتنظيم «داعش». ولفت إلى أن «30 آب هو يوم توّج النضال الملحمي لشعب، تحت شعار الاستقلال أو الموت»، وتابع أن «الشعب التركي أظهر بهذا النصر للعالم بأسره، أنه سيضحّي بروحه من أجل حماية وطنه وعلمه وقيمه». ونشرت وكالة «الأناضول» الرسمية التركية للأنباء للمرة الأولى، صوراً لأتاتورك والاستعدادات للحملة التي قادها خلال حرب الاستقلال (1919- 1923). إلى ذلك، أزالت مدينة فيسبادن الألمانية تمثالاً ذهبياً لأردوغان وضعه فنانون في «ساحة الوحدة الألمانية»، بعدما أثار صدامات بين مؤيّدين للرئيس التركي ومعارضين له. ونُصب التمثال، وطوله أربعة أمتار، في مهرجان فنّي شعاره «الأخبار السيئة»، علماً أنه يصوّر أردوغان رافعاً ذراعه اليمنى، ما يذكّر بتمثال للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، أسقطته القوات الأميركية بعد غزوها العراق عام 2003. وبعد نصب التمثال، لُطِخ بعبارات مثل «هتلر تركيا»، فيما احتج مئات من السكان على وجوده. وقال ناطق بإسم الشرطة إن «جواً عدوانياً بعض الشيء» تطوّر، فيما ذكر رئيس مجلس المدينة أوليفر فرانتس أن مواجهات لفظية تصاعدت وتحوّلت عراكاً «وشوهدت أسلحة بيضاء». ووَرَدَ في تغريدة لسلطات المدينة: «بالاتفاق مع شرطة المقاطعة، قرر رئيس البلدية زفين غيريخ إزالة التمثال، لعدم التمكّن من ضمان الأمن». ووصل عناصر الإطفاء بعد منتصف ليل الثلثاء– الأربعاء، واستخدموا رافعة ضخمة لرفع التمثال. وعلّق مدير مسرح فيسبادن إريك لاوفنبرغ: «وضعنا التمثال لمناقشة أردوغان. في بلد ديموقراطي يجب سماع كل الآراء». لكن إميل سينتسه، ممثل حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف والمعادي للهجرة، حمّل المنظمين «الأغبياء» مسؤولية «تقديم منصة لمستبد يمضي وقته في إهانة الألمان».

«كلاشنيكوف» من الرشاشات إلى الروبوتات

الحياة.. موسكو - أ ف ب .. توقَف زوار معرض الصناعات الدفاعية قرب موسكو الأسبوع الماضي، أمام جناح مصنع «كلاشنيكوف»، مستغربين مشاهدة نموذج لسيارة كهربائية مصممة على غرار نموذج يعود إلى الحقبة السوفياتية في سبيعنات القرن الماضي، عُرضت جنباً إلى جنب مع مجموعة من الرشاشات. وحتى وقت قريب، ارتبط مصنع «كلاشنيكوف» بالرشاش الأشهر في العالم، والذي وصفته الشركة المنتجة بأنه «أعظم أسلحة القرن العشرين»، علماً أنه في جيله الخامس الآن، ويوفر 95 في المئة من الأسلحة الروسية الخفيفة، ويُصدر إلى 27 دولة. وكان صممه ميخائيل كلاشنيكوف، وحمل اسمه. هذا التحوّل الملحوظ للمصنّع الأسطوري الشهير، لا سابقة له في تاريخه. وكان مصنع «أيغماش» تأسس في مدينة إيغيفسك (1300 كيلومتراً شرق موسكو) عام 1807، وشهد سلسلة من التغيرات منذ عام 2013 عندما قررت مؤسسة «روستيك» الحكومية الروسية، المؤسسة القابضة، دمجه مع مصنع «أيغميخ» للمسدسات المجاور، وسمّت الشركة الجديدة «كلاشنيكوف كونسيرن». قبل الدمج، بدا المصنع كأنه سيلقى مصير العديد من عمالقة الصناعة في الحقبة السوفيتية، ففي عام 2012، أسف ميخائيل كلاشنيكوف وموظفين قدامى سابقين، لتراجع أرقام الإنتاج وسوء الإدارة والأجور المنخفضة. وبعد وصول جهات خاصة مساهمة عام 2014، أطلقت الشركة نماذج جديدة من البنادق الهجومية وبنادق الصيد والمسدسات وأنواع أخرى من الأسلحة الخفيفة، بالتوازي مع حملة تسويق شرسة تضمنت ملابس وأكسسوارات، بينها قبعات ومظلات. وبعد سنوات قليلة، أثمرت تلك الجهود على ما يبدو، إذ قامت الشركة في كانون الثاني (يناير) 2017، بحملة توظيفات، وزادت يدها العاملة بنسبة 30 في المئة لتلبية الطلب المتزايد على التصدير. وبعد فرض عقوبات غربية عليها، غيّرت «كلاشنيكوف كونسيرن»، شركة متفرعة جديدة كان الهدف منها العمل مع السوق الأميركي، إلى شركة منفصلة أسمتها «كلاشنيكوف يو أس أيه» (كلاشنيكوف الولايات المتحدة). وفي شباط (فبراير) 2017، أصبحت الدولة الروسية مالكة لأقلية من الأسهم بعد أن باعت «روستيك» حصة كبيرة لمدير كلاشنيكوف اليكسي كريفوروشكو. التحوّل الذي تشهده صناعة الدفاع الروسية، ورغبة «روستيك» في زيادة السلع المدنية إلى 50 في المئة من الإنتاج الكلي بحلول عام 2012، كانا واضحيْن في المعرض الدفاعي في موسكو حيث عرض السيارة الكهربائية. وقال فلاديمير ديمترييف الذي تولى منصب مدير الشركة بعد انتقال كريفوروشكو للعمل في وزارة الدفاع: «العام المقبل، سنبدأ مبيعات أول دراجة نارية كهربائية»، فيما قالت أولغا بويتسوفا، المديرة التجارية للمنتجات المدنية في الشركة: «نتحدث عن تنقل كهربائي لأننا ندرك أنه عاجلاً أم آجلاً سيختفي المحرك». لا ننسى أن شركة «كلاشنيكوف» زودت الشرطة الروسية، خلال كأس العالم الصيف الحالي، بـ30 دراجة نارية كهربائية وعربات بثلاث عجلات. وعلى رغم أن نموذج السيارة الكهربائية الذي عرض في معرض موسكو «سي.في-1»، قد لا يصل مرحلة الإنتاج، إلا أن ذلك يُعد خطوة في قطاع متنام لا يزال في مهده في روسيا. ولم تسلم السيارة الجديدة من سخرية الروس على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال الطالب ديمتري روديونوف (27 عاماً) وهو يقف قرب سيارة «سي.في-1» المصنعة وفق الطراز القديم، إنها تبدو «مضحكة»، فيما عبّرت الستينية يلينا راجينا المسرورة، عن الأمل في أن تكون السيارة «فاعلة مثل رشاش الكلاشنيكوف وتهزم العالم». كما عبر البعض عن استغراب وشكوك، وتساءل موقع «موتورنيتشور» المخصص لوسائل النقل المراعية للبيئة: «هل هذه نكتة؟». واستهدفت النكات منتجات أخرى لـ «كلاشنيكوف»، مثل نموذج لروبوت أُطلق عليه اسم «إيغوريك» أو «إيغور الصغير» الذي صُمم لمساعدة الجنود في بيئة عدائية وكان موجوداً في المعرض، وقارنته بتصاميم من أفلام الخيال العلمي في الثمانينات.

واشنطن تعزّز المحور الروسي - الصيني؟

رينو جيرار

الحياة...* محلل، عن «لوفيغارو» الفرنسية، 27/8/2018، إعداد منال نحاس

حين كان هنري كيسنجر يوجّه دفة السياسة الخارجية الأميركية في النصف الأول من عقد 1970 - 1979، صاغ مفهوم «المثلث الاستراتيجي». ويقضي مثل هذا المثلث بتقارب بين واشنطن والصين من جهة، وروسيا من جهة أخرى. وهذا التقارب الأميركي من القوتين الشرقيتين كان وثيقاً، وفاقت آصرته آصرة التقارب بين القوتين هاتين. وفي 1972، حمل كيسنجر ريتشارد نيكسون على زيارة بكين في شباط (فبراير) ومد جسور الديبلوماسية بينهما، وموسكو في أيار (مايو) ليوقع أول معاهدة للحد من الأسلحة النووية الاستراتيجية. لكن أميركا دونالد ترامب تسير على خلاف النهج هذا. ويتساءل المراقبون يومياً عما ستبادر إليه واشنطن لتقويض علاقتها بموسكو وبكين. ففي 27 آب (أغسطس) 2018، بدأ العمل بعقوبات أميركية جديدة على روسيا جزاء انتهاكها حظر الأسلحة النووية في آذار (مارس) 2018، حين تسميم العميل الروسي السابق سكريبال بغاز سام. وترمي العقوبات هذه الى حظر تصدير منتجات أميركية وثيقة الارتباط بالأمن القومي الأميركي الى روسيا. ورفض الناطق باسم الكرملين تهمة ضلوع بلاده في عملية التسميم، واتهم واشنطن بعقوبات «غير مشروعة... وسلك طريق المواجهة». وفي سوتشي، أعلن فلاديمير بوتين أن هذه العقوبات من دون مغذى وغير مجدية. وفي وقت تفرض واشنطن عقوبات على روسيا، تواصل المواجهة التجارية مع الصين. ففي 23 آب 2018، رفعت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من الصين 25 في المئة. ويرى ترامب أن الصينيين يتباطأون في وضع حد لسرقتهم التكنولوجيا الأميركية، ويتلكأون في تقليص العجز التجاري بين البلدين (500 بليون دولار قيمة الصادرات الصينية الى أميركا مقابل 125 بليون دولار من الصادرات الأميركية الى الصين). وقدمت بكين شكوى الى منظمة التجارة العالمية، وستُقدم على الرد. وقد تنزلق هذه المواجهة التجارية الى أزمة استراتيجية من طريق استغلال الملف الكوري الشمالي. فواشنطن على سبيل المثل، تتهم بكين بالتراخي في التزام العقوبات الأممية على كوريا الشمالية النووية. ولا شك في أن الأميركيين لا يجافون الصواب حين يتهمون روسيا بالسعي الى «دائرة نفوذ» في أراضي الاتحاد السوفياتي السابق، أو حين يأخذون على الصين عدم احترام روحية اتفاقات منظمة التجارة العالمية. لكنهم يغامرون في التزام سياسات عقابية قد يترتب عليها خلاف المرتجى منها. فتساهم في رص صفوف محور صيني - روسي في مواجهتها. وفي مطلع أيلول (سبتمبر) المقبل، ستجري روسيا أكبر مناورات عسكرية منذ 1981 في سيبيريا. ورحبت بكين بدعوة موسكو لها، وسترسل 900 مدرعة و3500 جندي الى المناورات. ويبدو أن القوتين الروسية والصينية تتجهان الى التحالف مجدداً على نحو ما كانت حالهما في خمسينات القرن الماضي. وتتصدى بكين وموسكو لبسط الأميركيين نفوذهم في أصقاع المعمورة كلها، وتسعيان الى تقويض مكانة الدولار الريادية العالمية في دائرتي احتياط العملات والتبادل المالي. لذا، تدعمان إيران، وهذه تقاطعها واشنطن مقاطعة صارمة. وقبل ثلاثة عقود، كان الخبراء الاستراتيجيون الأميركيون يتمسكون بالانفتاح على الصين. لكنهم اليوم يدعون الى احتوائها نتيجة القلق من توسع البحرية الصينية وتعاظم قوة جيش التحرير الشعبي الصيني. وغالب الظن أن الروس لن يمدوا يد العون الى أميركا. وفي حربه التجارية على الصين، ارتكب الرئيس الأميركي خطأين: لفظ الاتفاق التجاري العابر للهادئ، وهذا كان ليرص صفوف كتلة آسيوية في وجه الصين، والفشل في استمالة الاتحاد الأوروبي. والتنافس الصيني - الأميركي هو مدار المسألة الاستراتيجية الكبرى في القرن الحادي والعشرين. لكن واشنطن الى اليوم لم تدرك أن رمي الروس في أحضان الصين، يخالف مصالحها.

النظام العربي الجديد... أوجه القوة والعنف في الشرق الأوسط

مارك لينش

* عن «فورين أفيرز» الأميركية، 9-10/2018، إعداد منال نحاس

في 2011، نزل ملايين المواطنين في العالم العربي إلى الشارع. وكانت الانتفاضات الشعبية من تونس إلى القاهرة واعدة بإطاحة الأنظمة المستبدة وبإرساء إصلاحات ديموقراطية. وبدا أن نظام الشرق الأوسط القديم يُطوى، وأن نظاماً جديداً و «أفضل» يتربع محله. ولكن، سرعان ما تداعت الأمور. فانهارت بعض الدول على وقع الضغوط وانزلقت إلى حرب أهلية؛ وأفلحت دول أخرى في استعادة السيطرة على مجتمعاتها. وبعد 7 سنوات، يبدو أن الأمل بانعطاف إيجابي جوهري لم يكن في محله، على رغم أن الانتفاضات أفضت فعلياً إلى نظام عربي جديد - لكنه ليس ما انتظره شطر كبير من الناس. فلم تتمخض عن الانتفاضات أنظمة ديموقراطية ناجعة. غير أن الانتفاضات هذه غيّرت وجه العلاقات الإقليمية. فالقوى الكبرى التقليدية - مصر والعراق وسورية - هي اليوم دول شبه مشلولة، في وقت تزدهر دول الخليج. وساهم تكاثر عدد الدول الفاشلة والأضعف حالاً، في تشريع الأبواب أمام المنافسة والتدخل. فرجحت كفة لاعبين جدد. ولم يعد مدار الديناميات الإقليمية على تحالفات رسمية ونزاعات تقليدية بين دول كبيرة، بل صار الجسر إلى القوة هو بسط النفوذ وحروب الوكلاء. وصار مدار السياسة الخارجية في الدولة العربية على خليط من التهديدات وانتهاز الفرص السانحة. فالخوف من انبعاث الانتفاضات المحلية، ومن تدخل القوة الإيرانية، والتخلي الأميركي يتزامن مع طموحات تستغل ضعف الدول والفوضى الدولية - وهذه الدينامية تجرّ القوى الإقليمية إلى نزاعات الوكلاء المدمرة - وهي نزاعات تزرع الفوضى في أصقاع المنطقة. والنظام الجديد في الشرق الأوسط ليس مرآة توازن قوى جديد بل هو نظام جوهره الفوضى. فالحرب السورية الأهلية صارت من أبرز الكوارث في التاريخ، وهي أودت بحياة نصف مليون مدني، في أقل تقدير، وحملت أكثر من 10 ملايين على النزوح والهجرة. ولا شك في أن العراق خطا خطوات بارزة على طريق هزيمة «داعش». ولكن هذا النجاح دفع ثمنه الباهظ سكان المناطق المحررة. وفي اليمن (المهتز سياسياً)، 8.4 مليون نسمة على شفير المجاعة. وليبيا دولة فاشلة. والدول التي تفادت الانهيار تنازع من أجل البقاء. وتعاني مصر إلى اليوم من نتائج انقلاب 2013 العسكري. فإحكام قبضة القمع يحول دون التقدم السياسي، ويخنق السياحة، وينفخ في التمرد، ويبث الاستياء الشعبي. وبعض الدول الناجحة إلى حد ما، مثل الأردن والمغرب وتونس، تجبه مشكلات اقتصادية ضخمة، واستياء الشباب، واضطراب دول الجوار. والمشكلات الاقتصادية والسياسية التي كانت وراء الانتفاضات الشعبية في 2011، صارت أفدح اليوم عما كانت عليه قبل 7 سنوات. واحتمالات الاضطرابات كثيرة في المنطقة. فانسحاب أميركا من الاتفاق النووي مع إيران شرّع الاحتمالات أمام ضربة أميركية أو إسرائيلية قد تفضي إلى حرب. وسياسة المقاطعة أضعفت بعض المنظمات الناجحة. وفي سورية، تساهم الضربات الإسرائيلية المتعاظمة وعمليات تركيا في الأراضي السورية، ورسوخ النفوذ الإيراني، في تغيير وجهة الحرب الأهلية هناك إلى وجهات جديدة، على رغم أن المعارضة المسلحة تنحسر، وتنتشر القواعد الإماراتية في القرن الأفريقي. وقد تستحوذ الأراضي الفلسطينية على الانتباه الدولي إذا انبعث العنف في غزة ولم تقيض الحياة لحل الدولتين. وفي هذا السياق المضطرب، تحالفت واشنطن مع دول عربية. ولكن السعي إلى نظام يشبه نظيره السائد قبل 2011، متعثر ومترنح. ففي الشرق الأوسط اليوم، يقوض انتشار الدول الفاشلة، وأزمات الحوكمة الموقوفة من غير حل، ونقاط تقاطع التنافس، أشكال القوة والحكم. وكلما سعت الدول إلى إحكام القبضة في الداخل أو النفوذ في الخارج، أججت الهشاشة الكامنة وضعف الاستقرار فيها. ولن تنجم عن قرار إدارة ترامب تعزيز دعم بعض الأنظمة المستبدة في المنطقة وتجاهل التغيرات البنيوية العميقة التي تحول دون انبعاث النظام السابق على 2011، النتيجة المرجوة: إرساء الاستقرار، وخدمة المصالح الأميركية. وليست السياسات العابرة للحدود طارئة على الشرق الأوسط، ولكن بنية الديناميات في المنطقة هذه تغيرت عن سابق عهدها. وغلبت على الخمسينات والستينات ما سماه الباحث مالكولوم كير، «الحرب الباردة العربية» (التنافس بين مصر جمال عبدالناصر والأنظمة التي كان الغرب يدعمها، والتدخل العسكري المصري في اليمن إلى نزاعات بالوكالة في الأردن ولبنان وسورية). ويرى التأريخ التقليدي أن السبعينات هي مرحلة انتهاء الحروب الأيديولوجية العابرة للحدود في المنطقة. فمع وفاة عبدالناصر وبروز الثروات النفطية الضخمة، صار شاغل الدول نجاة أنظمتها عوض القضايا الأيديولوجية الكبيرة. وفي هذه المرحلة، طورت الأنظمة أجهزة أمنية وطنية أقوى قمعت الانتفاضات الداخلية. ومع إرساء الأمن الداخلي في هذه الدول، انحسرت فرص التدخل بالوكالة، فيما خلا في لبنان لحظه التعس، وامتدت الحرب الأهلية فيه من 1975 إلى 1990، وصار مسرح أبرز النزاعات بالوكالة. وإثر الثورة الإيرانية، رصت الأنظمة العربية الصفوف في مواجهة العدو المشترك، وفاقمت قمع القوى الإسلامية التي تتحداها في الداخل. وعلى خلاف السردية السائدة، بدأت مرحلة الدول القوية تذوي قبل 2011. ففي التسعينات، برزت تحديات أساسية للنظام الشرق الأوسطي التقليدي مع العولمة. فالسياسات الاقتصادية الدولية حملت الدول على تقليص الإنفاق الاجتماعي والتوظيف في القطاع العام. وبدأ الفقر يتفشى في الدول العربية، وبدأت البنى التحتية تتآكل. وحتى الدول النفطية وجدت نفسها تحت رحمة القوى الاقتصادية المعولمة، على غرار الأزمة المالية في 2008 وتقلب أسعار النفط. وفي المرحلة ذاتها، قوضت الفضائيات التلفزيونية والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من التكنولوجيات الجديدة، الأنظمة هذه، وهي كانت تعول على ضبط سيل المعلومات والآراء. وبعد 2001، قوضت الحرب على الإرهاب، والشياطين التي أعتقها الاحتلال الأميركي العراق من أصفادها، وانهيار عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية، أسس التعاون الإقليمي. وفي 2010، لم يعد من سند أو جامع يشد أواصر النظام العربي غير احتواء إيران وخنق التغيرات الديموقراطية. والانتفاضات العربية في 2011، لم تولد من فراغ، بل من رحم تراكم تغيرات بنيوية بدأت منذ وقت طويل. فالفضاء السياسي في المنطقة صار موحداً من طريق الفضائيات العربية والإنترنت وغيرهما من القنوات العابرة للحدود. وهذه التغيرات عبّدت الطريق أمام انتقال عدوى الاحتجاجات من تونس إلى مصر والمنطقة كلها. والانتفاضات المتزامنة عرّت قوة الدول العربية الداخلية: وبعضها كان تكيفه يسيراً، وبعض آخر كاد ألا ينجو، وغيرها كان مآله إلى الانهيار. وفي هذا النظام الجديد، أنهكت النزاعات الداخلية القوى التقليدية مثل مصر وسورية، فصارت عاجزة عن بسط النفوذ في الخارج، على خلاف دول الخليج الثرية. فهذه الدول تملك المال وإمبراطوريات إعلامية وموقعها مركزي في الشبكات العابرة للحدود أو في قطاع الأعمال الدولي، فوسعها اللجوء إلى القوة الناعمة. وهذه الدول صغيرة الحجم، ولكن جيوشها مدربة على أمثل وجه وعتادها ممتاز، وفي متناولها قوات (عند الطلب). فوسعها بث النفوذ في ليبيا وغيرها من الدول أكثر مما وسع يوماً الدول العربية التقليدية. وفي هذا النظام الإقليمي الجديد، آلية دوران القوة مختلفة. فالانتفاضات نفخت في الأنظمة مخاوف من الانهيار. وأحوال الدول الفاشلة والحروب الأهلية ولدت فرصاً جديدة لمد النفوذ. وتوحيد الحيز العربي السياسي من طريق الانتفاضات، حمل الدول على اعتبار أي حادثة في المنطقة مؤشراً إلى قوة ما ومصدر خطر محتمل، في آن: وهذا يسري على الدول كلها. ووجدت أنظمة المنطقة نفسها، سواء نزولاً على رغبتها في نشر نفوذها أو نتيجة دفاعها عن مصالحها والحؤول دون استغلال الخصوم الفرص السانحة، تنزلق إلى حروب أهلية و «ألعاب القوة». وحين بلغت الانتفاضات العربية ليبيا، أصدرت جامعة الدول العربية قراراً يجيز التدخل الإنساني هناك، ومدت دول عربية ميليشيات محلية معارضة لنظام القذافي بالمال والعتاد. وكل من هذه الدولة دعم جهات مختلفة من المعارضة الليبية. وإثر سقوط النظام، احتفظت هذه الميليشيات بأسلحتها وولائها للرعاة الخارجيين، وحالت دون تعزيز الدولة الليبية، ومهدت الطريق أمام الحرب الأهلية. ولكن الآثار المدمرة للتدخل الخارجي لم تكن جلية على الفور. ففي 2012، اعتبرت دول عربية وتركيا (والولايات المتحدة) أن تدخلها في ليبيا هو قصة نجاح. وبدأت تبحث عن فرص جديدة، ووجدت في الانتفاضة السورية على بشار الأسد فرصةً للنأي بسورية عن إيران وترجيح كفتها في ميزان القوى. ولكن في مطلع 2012، بدا أنها عاجزة عن تكرار ما جرى في ليبيا واستمالة دعم مجلس الأمن لإصدار قرار ضد الأسد. فبدأت تركيا ودول عربية بتسليح الانتفاضة السورية. وعلى رغم أنها أخفقت في إسقاط الأسد، وجدت الدول هذه الحرب في سورية فرصة لاستنزاف حليف إيران. وأدى دعم الثوار السوريين إلى نتائج كارثية، ونفخ في وتيرة العنف من دون حل يلوح في الأفق. وعلى رغم أن المسؤولية عن شطر كبير من الفظاعات المنظمة والعنف تقع على الأسد، ساهم داعمو المعارضة الخارجيون في تأجيج الحرب، على رغم أثمانها البائنة والباهظة. فبنى سياسة المنطقة الجديدة حتمت الإخفاق لا محالة. ففي كل مرة أفلح الثوار في التقدم، تدخلت قوى خارجية - إيران، «حزب الله» وروسيا - لترجيح كفة الأسد. ولكن القوى المتنافسة في سورية لم تكن على القدر ذاته من المهارة في الحروب بالوكالة. فالقوى التي تدعم الأسد تتصدر أولوياتها دعم نظامه. فالإيرانيون برعوا في فن دعم الميليشيات المحلية، وغالباً ما كانت تحت إشراف الحرس الثوري. وعلى خلاف إيران، كانت دول عربية وتركيا مبعثرة الصفوف. فهي حليفة ومتنافسة في وقت واحد. ولم تكن تنسق مساعيها، فحصدت خلاف ما تشتهيه (نتائج عكسية). وسعت أميركا في حمل الفصائل السورية المتباينة على التعاون، غير أنها أخفقت في تجاوز النزاع الداخلي بين الرعاة وفي إرساء استراتيجية متماسكة. وفاقمت المشكلات هذه «خصخصة» تدفق السلاح والمال على المجموعات المتمردة في أيام مصيرية من نهاية 2012 ومطلع 2013. ومع دوران آلة الحرب، نقلت دول عربية وتركيا دعمها إلى تحالفات إسلامية راديكالية في مسعى إلى العثور على مقاتلين أشداء وفعالين. وبرز «داعش» في هذا الجو، ولكنه لم يكن قوة وكيلة عن دولة من الدول بل قوة تمرد متكيفة مع ما آلت إليه الأمور في سورية.

جدران الخوف تنتصب مجدداً... والمجتمع السوري يتشظى والإنهاك يتفشى

سينابس

* فريق مراسلين، عن «سينابس نتوورك»، 6/8/2018، إعداد منال نحاس

يقول بعض السوريين إن دمشق نجحت في رفع جدران الخوف من جديد، وهو الشيء الوحيد الذي شيدته وسط الدمار المستشري. فهذا الجدار كان سمة النظام قبل 2011، وانكسر مع اندلاع الانتفاضة، ولكنه عاد الى البروز مع انبعاث الدولة الامنية في اصقاع البلاد حيث انحسرت قبل سنوات. وعادت «المخابرات» الى سابق عهدها، فهي تراقب كل من ينبس ببنت شفة. ولم يعد السوريون يقولون ما يجول في بالهم على سجيتهم خارج بيوتهم. ولكن ليست المراقبة، والتخويف، والقمع فحسب ما بعث ستار الخوف، بل الانهاك وتبدد الآمال والأوهام، وانشغال الناس بالبقاء وتأمين لقمة العيش. فمن سبق له أن ثار في الأمس القريب، شاغله اليوم تأمين لقمة العيش أو إخراج الأقارب من السجن. «الناس ضائعون، ومحبطون، لا يبالون بالحوادث اليومية. والانهاك طاول السوريين كلهم. فالموالون يقولون من غير مواربة: «لا نعرف إلى أين نتجه ونسير. «لا مستقبل يلوح في الأفق»، يقول محلل شمال أفريقي أقام طوال عقود في دمشق نقلاً عن أصدقاء في العاصمة السورية. وكسرت شوكة المجتمع السوري وتذرر. فالجماعات نأت بنفسها عن الدوائر المشتركة على وقع الحرب أو المنفى. ولم تعد الجماعة من الجماعات تعرف أحوال الجماعات الأخرى. فالحرب فاقمت الشقاق الاجتماعي والاقتصادي وصدوعه السابقة للنزاع. ولعل مدينة حمص هي خير مثل على ذلك. فهي مدينة فيها أقليتان مسيحية وعلوية وازنتان، وكانت أول المراكز المدينية المنتفضة، وأول من انزلق إلى أتون سفك الدماء المذهبي. وبعد نحو أربع سنوات على استرجاع القوات الموالية حمص، لم تندمل الانقسامات المذهبية ولا تزال ناتئة وتشمل أوجه الحياة كلها من التفاعل الاجتماعي إلى العمل المدني. والانقسام في حمص، شأن سورية كلها، هو بين جماعات مع النظام وأخرى ضده- وهي ثنائية تقسم عائلات وأحياء وبلدات ومدن- ويتوقع أن يدوم عقوداً. ففي وقت أيدت الاغلبية السنّية في حمص الثورة، سارع علويو المدينة الى معارضتها واعتبارها خطراً وجودياً عليهم. واليوم، الحدود بين الطائفتين تنتصب بين الفائزين في النزاع والمهزومين. ويتذمر علوي من حمص من مساعي الحكومة لإعمار المناطق السنية: «لا أعرف لماذا تجيز الحكومة مثل هذه المشاريع هناك بينما يجب أن تنفذ (هذه المشاريع) في مناطقنا عربون شكر لنا على تضحيات أبنائنا والتضحية بهم». وفي وقت يشعر شطر كبير من السنّة بأن أصواتهم قمعت وأنهم ضحايا عنف مسترسل، لسان حال العلويين هو الشعور بأنهم ضحايا ويريدون الانتقام من السنّة الذين خانوا البلاد. ويقول رجال من السنّة إن أحياء العلويين ازدهرت في الحرب واستفادت منها، وصارت مثل دولة في قلب الدولة يشرف عليها الشبيحة. فقوات الامن لا تجرؤ على سبيل المثل، على دخول منطقة المهاجرين. وإلى الشقاق المذهبي، تعاظم الشقاق بين أثرياء سورية وفقرائها- وهو شقاق ساهم في الانتفاضة وبلغ اليوم مبلغاً غير مسبوق. فثمة شلة صغيرة جنت مكاسب ضخمة من اقتصاد الحرب، في وقت تنزلق الأكثرية إلى الفقر. ويلخص تاجر سنّي الوضع قائلاً: «الحرب دمرت الحركة التجارية. كثر من التجار المحترمين هاجروا أو قتلوا. وشطر آخر منهم لم يبارح مكانه ولكنه يخشى العودة إلى العمل. فمن ينجح اليوم هم المقربون من أجهزة الأمن الذين يشون بالشباب المعارض أو يتقاضون مبالغ كبيرة من عائلات تريد الإفراج عن أولادها». ومثل رجال الأعمال هؤلاء هم من تزدهر أعمالهم. وثمة شقاق أكبر في سورية ولكنه أقل بروزاً على رغم أن أضراره جسيمة. فالشقاق المذهبي أو الطبقي لا يختزل حال السوريين. وبعض خطوط الشقاق أقل دراماتيكية وأقل نتوءاً: شقاق بين الجيران والزملاء والأصدقاء والأقارب الذين انقسموا على جبهات متباينة في النزاع السوري، على رغم أنهم أبناء طائفة واحدة. فالنزاع يغذي سيلاً لا ينضب من النقمة المضمرة الى اليوم، ولكنها غير منسية. وعلى سبيل المثل، يروي أستاذ من الرقة أن «داعش» خلف شقاقاً في نسيج المدينة حين سعى إلى إحكام قبضته عليها: «وكثر من مقاتلي داعش نزعوا ملابسهم (الداعشية) والتحقوا بقوات سورية الديموقراطية سعياً إلى حماية أنفسهم وعائلاتهم. ولكن المقاتلين هؤلاء لم يتغيروا. والانتقام قادم ومرجأ إلى بعد حين. فالناس مشغولون بشد أواصر حيواتهم. ولكن كل من عانى في عهد داعش، أو من قُتل شقيقه على يد التنظيم، سينتقم لا محالة». وإرث العنف يفاقمه التنافس الحاد على موارد قليلة وبائسة. ففي دمشق، على سبيل المثل، سلم (اجتماعي) جديد بين السكان الاصليين وفسيفساء الجماعات النازحة التي تبحث عن عمل أو مساعدة. وتشرح سيدة من ديرالزور أنها تشعر بالذنب لأنها أخذت فرصة عمل من «النازحين»- وهم سوريون نزحوا إثر حرب 1973 واحتلال إسرائيل الجولان، وهم احتلوا طوال عقود مرتبة دنيا في السلم الاجتماعي السوري. وتروي قائلة: «أعمل في منزل سيدة درجت على الاستعانة بسيدة من مخيم الوافدين لمساعدتها في أعمال التنظيف، ولكن العاملة هذه صارت مسنة وتحطم الأشياء. لذا، وظفتني أنا، وتقول لي إنني أصغر سناً ومناسبة أكثر للعمل. ولم تعد هذه السيدة ترى أن العاملات من الوافدين نازحات، وترى أن النازحين الجدد هم أكثر أهلاً بالمساعدة». ومثل هذه القصص شائعة بين من يسعى إلى لقمة العيش في العاصمة وجوارها. وتروي سيدة من ريف حلب تجربة تنقلها بين مراتب الحرمان والعوز في دمشق:» قدمنا الى دمشق قبل حوالى عام، وسجلنا أسماءنا في لوائح الهلال العربي الأحمر للحصول على إغاثة. فمنحونا ثلاث بطانيات وفراشاً، وثلاث سلات غذائية. ولكن المنظمة هذه قطعت عنا المساعدات اليوم، وتقول أنها لا تستطيع مساعدتنا بعد اليوم- فالدور في المساعدة يؤول إلى القادمين من الغوطة». أما سيدة من درعا فتلقي باللائمة على جماعة أخرى: «القادمون من دير الزور يستحوذون على السلال الغذائية كلها. فهم بارعون في إقناع المنظمات الإغاثية بمساعدتهم». ويشعر أبناء ضواحي دمشق من غير الميسوريين أنهم مهملون، ويقول أحدهم :»الجمعيات الخيرية تساعد من نزح من مكان آخر. وحين تأتي إحدى الجمعيات، أزعم أنني نازح». وعلى رغم أن مثل هذا الشقاق أقل حدة من نظيره الذي يفصل بين مؤيدي النظام ومعارضيه في الحرب، غير أن هذه الانقسامات هي مرآة تهشيم العنف الجماعات السورية وتشظيها. ولائحة الانقسامات تطول: الانقسام بين المحافظين السنّة والسنّة الأكثر علمانية. فعلى الحواجز، لا توقف الحاسرات، في حين أن أجهزة الامن ترى أن المحجبات من المعارضة. والى هذا الانقسام، ثمة انقسام بين سوريي الداخل وسوريي الخارج، وتعمق الانقسام بين أهل الحواضر وأهل الريف، وبين أبناء العاصمة وجوارها. فأهل العاصمة يلقون بلائمة الثورة والدمار الذي ترتب عليها، على أهل الريف. وهذا التشظي هو وراء بروز مساعي حوار يمولها الغرب- بين جماعة وأخرى وبين المجتمعات المضيفة والنازحين، وبين مؤسسات الحكومة ومعارضين. ولكن كثيرين يحذرون من الانزلاق إلى الحوار من أجل الحوار وطمس المشكلات. ويقول تاجر من دمشق أن تجربته مع الحوار بين عناصر القطاع الخاص لم تفض الى شيء. «ثمة قطاع كامل مداره على الوساطة بين من لا يجمع بينهم جامع، في وقت المشكلات التي أدت إلى الثورة لم تذلل بل تفاقمت». وخطر طمس شوائب سورية كبير، في وقت تفرض دمشق أكثر فأكثر روايتها عن الحوادث، وترجح كفة أكثر الموالين عدائية وتكم أفواه المعارضين أو المحايدين.

روسيا لن تضعِف إيران في سورية

قسطنطين ستروغونوف

الحياة...* باحث عن «كوريير» الروسية، 9/8/2018، إعداد منال نحاس
دارت الحوادث البارزة الأخيرة في المفاوضات بين موسكو وواشنطن وتل أبيب، على الحؤول دون اقتراب طهران من الحدود الإسرائيلية في سورية. ولا شك في أن روسيا مستعدة إلى حد ما للوصول إلى اتفاق مع أميركا وإسرائيل حول هذه المسألة. أما إيران، فلا تريد طبعاً الابتعاد من الحدود مع إسرائيل. والمسألة هذه قد تؤدي إلى مشاكل خطيرة في أوساط القوى الموالية لروسيا في التحالف الأسدي بسبب خطر تعرضها لضربات أميركية - إسرائيلية. وتسعى واشنطن في هذه المرحلة من الحرب السورية إلى منع إنشاء حزام شيعي يمتد، من جهة، من طهران إلى الحدود الإسرائيلية مع لبنان وسورية حيث ترمي إيران إلى إنشاء قواعد عسكرية، ومن جهة أخرى إلى المتوسط. وتقتضي مصلحة روسيا تجنب سيناريو يقود إلى هزيمة إيران. فإذا تمكنت الولايات المتحدة وإسرائيل وعدد من الدول العربية، من إخراج القوات الموالية لإيران من سورية، حلت كارثة بمصالح الدولة الفارسية لم تكن ممكنة قبل ثلاث أو أربع سنوات. واليوم، تستثمر موارد بشرية ومادية ضخمة في الحرب السورية. وعليه، يخلف فشل استراتيجية الحزام الشيعي أثراً مدمراً في المجتمع الإيراني. وهذا الإخفاق قد يؤدي إلى انفجار معارض لسلطة الملالي. ومثل هذه المعارضة الإيرانية لن تكون في منأى من استغلال اللاعبين الخارجيين. وهؤلاء لن يتوانوا عن إرسال المرتزقة والإرهابيين، وتحريض الانفصاليين الأكراد، والأذريين والبلوش. والحق يقال هزيمة إيران في سورية تتهدد مصالح روسيا الحيوية. ويقتضي فهم ضخامة الخطر هذا، إلقاء نظرة على الخريطة، وتحديداً النظر إلى القوس الهائل المساحة الممتد من البحر المتوسط إلى آسيا الوسطى. ففي هذا القوس كله، لا يفوت الناظر ملاحظة الاضطرابات وغياب الاستقرار. وعلى خلاف دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، إيران هي الدولة الوحيدة، من سورية إلى أفغانستان التي لا يجوز وصفها بالدولة الفاشلة. فالسلطة الإيرانية تمسك بمقاليد الأمور، على رغم المشاكل التي تجبهها. وإذا لقيت إيران مصير سورية، انهارات التوازنات على نطاق إقليمي واسع، وتزعزع الاستقرار من القوقاز إلى آسيا الوسطى. وتفشي عدوى الاضطرابات في آسيا الوسطى والقوقاز يهدد روسيا، وينذر بسيول ضخمة من اللاجئين إليها. ومشكلة قطع الحزام الإيراني إلى المتوسط والحدود الإسرائيلية هي من أبرز المسائل المطروحة على القيادة الروسية. وتمس الحاجة إلى استراتيجية تعزز قوة إيران على المدى الطويل. وشد عود القوة الإيرانية يصب موضوعياً في مصلحة روسيا.

 

 

 



السابق

لبنان..تقدُّم في محاصرة «العُقَد».. والتشكيلة إلى بعبدا قريباً...الفرزلي: ترتيب لقاء بين الأسد وبري وارد في أية لحظة.. وجعجع يُبدي مرونة في بيت الوسط...تشكيلة خلال 24 ساعة.. عون متفائل.. وبري يُلوِّح بالتشريع لإستيلاد الحكومة...هل تُطفِئ ولاية عون عامَها الثاني من دون حكومة؟..الحريري يُريد حفْظ التسوية السياسية ومرتكزاتها..روسيا تبحث عن موطئ قدم لها في لبنان...

التالي

سوريا....واشنطن لا تهمّها إدلب ولكن تريد استدراج طهران للتفاوض...إسرائيل تحذر الأوروبيين: إعمار سوريا ستستغله إيران عسكرياً..موسكو تحشد قبالة سوريا وتحذر الغرب من «اللعب بالنار»..المعلم: سورية في مراحلها الأخيرة لتحرير كامل أراضيها من الإرهاب...دي ميستورا مستعد للتوجه إلى إدلب لتأمين ممر إنساني..معركة إدلب بانتظار حسم موعدها...

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,199,134

عدد الزوار: 6,940,131

المتواجدون الآن: 122