الانتخابات الصهيونية.. مزاد على التطرف

تاريخ الإضافة الإثنين 9 شباط 2009 - 1:38 م    عدد الزيارات 5378    القسم دولية

        


 يشهد الكيان الصهيوني في العاشر من فبراير الحاليِّ انتخاباتٍ عامةً مبكرةً جرت الدعوة إليها في خريف العام الماضي؛ بعد فشل وزيرة الخارجية وزعيمة حزب كاديما في تشكيل حكومةٍ جديدةٍ خلفًا لحكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته إيهود أولمرت؛ الذي قدَّم استقالته على إثر فضيحة فساد مالي تورَّط فيها.

 وفشلت ليفني في تشكيل الحكومة على إثر خلافاتها مع قادة حزب شاس وبعض الأحزاب القومية والدينية المتطرفة الأخرى في الكيان الصهيوني؛ حيث كانت هذه الأحزاب- وخصوصًا شاس- تسعى إلى الحصول على تمويلاتٍ إضافيةٍ للمدارس والأنشطة الدينية تصل إلى مستوى مليار شيكل (حوالي 260 مليون دولار)، مع الحصول على امتيازاتٍ خاصةٍ لأبناء التيار الحريدي، وخصوصًا في الجيش الصهيوني.

  السبب الرئيسي الذي تم طرحه وقتها لرفض هذه الأحزاب الانضمامَ إلى ليفني في حكومتها الجديدة؛ هو رغبة هذه الأحزاب- ومن بينها شاس- في الوصول إلى مرحلة الانتخابات المبكرة، وإجراء صفقات انتخابية وسياسية مع قطب اليمين الصهيوني الأكبر، وهو حزب الليكود.

 وهناك العديد من الملفات والقضايا المفتوحة على مصراعيها أمام الأحزاب الصهيونية الرئيسية التي تخوض هذه الانتخابات، وعلى رأسها الكيفية التي سوف يتم التعامل بها مع ملفات ما بعد الحرب الصهيونية الأخيرة على قطاع غزة، لا سيما فيما يتعلَّق بجزئية مواجهة الحملات الراهنة على المستوى الإقليمي والدولي لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة.

 أجواءٌ عاصفةٌ

وتأتي الانتخابات العامة الصهيونية القادمة في ظل ظروف غاية في التعقيد بالنسبة للكيان الصهيوني، في أعقاب تداعيات العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة؛ فالكيان يدخل أجواء الانتخابات وهو مهزومٌ سياسيًّا وعسكريًّا وإعلاميًّا بعد فشله في تحقيق أهدافه من وراء العدوان.

 ويمكن رصد مجموعةٍ من العلامات السيئة داخل الكيان في مرحلة ما بعد العدوان على النحو التالي:

1- الفشل في تحقيق الأهداف السياسية والعسكرية التي دخل الحربَ في غزة لأجلها، وخصوصًا فيما يتعلق بوقف خطر الصواريخ الفلسطينية التي تنطلق على المدن والبلدات الصهيونية المحاذية لقطاع غزة، وتقويض حكم حركة حماس في القطاع.

 2- نَقْم الرأي العام الصهيوني على قياداته السياسية والعسكرية التي قادت البلاد إلى حربٍ خاسرةٍ جديدةٍ، وهو ما يؤثر في الموقف الانتخابي لهذه القيادات، وخصوصًا رئيسة حزب كاديما تسيبي ليفني ورئيس حزب العمل ووزير الحرب إيهود باراك، وكان واضحًا في استطلاعات الرأي الأخيرة أنَّ الأحزاب اليمينية التي كانت في المعارضة وقت الحرب باتت في القمة، وخصوصًا حزبي "الليكود" بزعامة بنيامين نيتانياهو، و"إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيجدور ليبرمان.

 3- مَقْدِم إدارةٍ أمريكيةٍ ديمقراطيةٍ جديدةٍ تختلف في أطروحاتها كليةً عن إدارة اليمين الأمريكي المحافظ السابقة التي قادها الجمهوريون الجدد؛ فإدارة الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما على التزامها بأمن الكيان الصهيوني وبثوابت السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، إلا أنَّها قد تعارض سياسات الكيان الصهيوني إزاء الوضع في الشرق الأوسط دون المساس بمسألة ضمان أمن الكيان.

 وليس أدلَّ على ذلك من تعيين أوباما السيناتور "المتوازن" جورج ميتشيل مبعوثًا خاصًّا له، لا لوزارة الخارجية الأمريكية، في الشرق الأوسط، وعلى مواقف ميتشيل التي ظهرت في تقريره الشهير الذي حمل اسمه، في العام 2002م بشأن انتفاضة الأقصى، والتي أدانت الكيان الصهيوني في استخدامه المفرط للقوة ضد المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما تم في جنين وبيت حانون.

 وكذلك حديث أوباما المتكرر عن الوضع الإنساني الصعب في قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، وهي أمورٌ تُقلق تل أبيب التي اعتادت على الطاعة الأمريكية العمياء لكلِّ ما تطلب.

 4- على المستوى الإقليمي أدَّت الحرب على غزة إلى وقف كل مسارات التسوية التي كانت حكومة كاديما قد بدأتها مع كلٍّ من الفلسطينيين والسوريين، بالإضافة إلى تراجع الموقف السياسي الصهيوني إقليميًّا مع الكثير من حلفائها، وعلى رأسهم تركيا؛ بعد المواقف التي أبداها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إزاء الجرائم الصهيونية في غزة.

 5- تواجه السلطات الصهيونية مشكلةً سياسيةً وقانونيةً حقيقيةً مع العديد من الجهات الحقوقية والسياسية الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومنظمات العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش والصليب الأحمر والمحكمة الجنائية الدولية؛ بعد توثيق جرائم الحرب التي جرت في غزة بالصوت والصورة، ويواجه قادتها السياسيون والعسكريون ملاحقات في هذا الإطار من جانب منظماتٍ فلسطينية ودولية؛ بما في ذلك الأمم المتحدة التي قصفت مقارها ومدارسها.

 6- يواجه الكيان الصهيوني مشكلة كبرى أخرى تتعلَّق بمصير العرب في الداخل بعد أية تسويةٍ، مع توتر العلاقات بين اليهود والعرب في داخل مناطق فلسطين التاريخية المحتلة في العام 1948م، ولعل ما جرى في الخليل وعكا في الأشهر الأخيرة ما يدعم ذلك القول، وخصوصًا في ظل تصريحات وزيرة الخارجية القبيحة تسيبي ليفني وبعض المسئولين الصهاينة الآخرين الذين دعوا إلى تهجير عرب 48.

 "أينا أكثر تطرفًا"؟!

ولعل المشهد الأكثر وضوحًا في الانتخابات الصهيونية هذا العام يلخِّصه شعار "أيُّنا أكثر تطرفًا"؟!، وفي حقيقة الأمر فإنَّ هذا الشعار هو السمت العام للوضع في الكيان الصهيوني، إلا أنه حتى في أسوأ أيام الصراع العربي- الصهيوني في عقود الخمسينيات وحتى الثمانينيات الماضية، فإنَّه كان هناك بعض التباينات فيما بين الأحزاب الصهيونية المختلفة فيما يخص البرامج والمستهدفات السياسية لكلِّ حزبٍ وتكتلٍ منها.

 كما كانت المفاجآت واردة؛ فحرب يونيو من العام 1967م اندلعت في ظل حكومة يسارية كان يتزعَّمها حزب ماباي أو العمل حاليًّا، على كل ما كانت تطرحه شعارات الماباي الأولى من دعواتٍ ذات صبغةٍ شيوعيةٍ، تدعو إلى الأخوَّة الإنسانية وما إلى ذلك، وعلى العكس، وقَّع الرئيس المصري الراحل أنور السادات على اتفاقية السلام الأولى بين دولةٍ عربيةٍ والكيان الصهيوني مع حكومةٍ كان يقودها الإرهابي مناحيم بيجين زعيم تكتل حيروت أو الليكود حاليًّا.

 إلا أن الانتخابات الصهيونية الحاليَّة لا تشهد تباينًا كبيرًا في المواقف بين مختلف الأطراف الفاعلة في الساحة السياسية الصهيونية، وهو ما يمكن استشفافه من بعض المؤشرات الأولية؛ من بينها أو من أهمها طبيعة المتنافسين الرئيسيين في هذه الانتخابات.

 فأول طرف هو حزب كاديما بزعامة وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، ويضم في الأساس مجموعةً من عناصر حزب الليكود اليميني المتطرف الذي يتزعمه حاليًّا بنيامين نيتانياهو، والذي هو الطرف الثاني الفاعل في هذه الانتخابات؛ أي أنَّ كاديما الذي أسَّسه الإرهابي الهالك آرييل شارون، بعد تركه حزب الليكود، والذي هو وريث تكتل حيروت الذي أسسه بيجين بدوره.

 أما الطرف الثالث الفاعل في هذه الانتخابات هو حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يضم أسوأ مجموعةٍ من شذاذ الآفاق من المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفيتي السابق، ويرأسهم واحدٌ من ألعن الشخصيات السياسية التي جاءت في العقود الأخيرة على الساحة الصهيونية، وهو أفيجدور ليبرمان.

 الطرف الرابع الفاعل في هذه الانتخابات هو حزب العمل، ويتزعمه وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك، وهو أحد أبرز نجوم آلة الحرب الصهيونية عبر تاريخها الأسود الدموي، وهو من نفَّذ مجازرَ كثيرةً في حق العرب في لبنان وفلسطين، وكان آخرها محرقة غزة الأخيرة.

 صراع على متطرف

  
الشاهد الثاني هو الصراع الراهن بين كلٍّ من حزبَيْ كاديما والليكود على ضم أفيجدور ليبرمان إلى الحكومة إذا ما شكَّلها أيٌّ منهم.

 فبعد أنْ أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة في الكيان الصهيوني أنَّه في سبيله إلى أنْ يصبح صاحب ثالث أكبر كتلة برلمانية في الكيان الصهيوني بعد الانتخابات القادمة؛ أصبح ليبرمان هدفًا لسباقٍ انتخابيٍّ فرعيٍّ بين كلٍّ من تسيبي ليفني وبنيامين نيتانياهو.

 وأوضح استطلاع للرأي أجراه معهد "مأجار موحوت" المتخصص في البحوث واستطلاعات الرأي لحساب برنامج "نيسيم مشعال" في القناة الثانية للتليفزيون الصهيوني الأسبوع الماضي أنَّ حزب "إسرائيل بيتنا" في شعبيةٍ متزايدةٍ، ومن المُنتظَر أنْ يحصل على 18 مقعدًا في الكنيست القادم، ارتفاعًا من 11 مقعدًا يحوزها في الكنيست الحاليِّ؛ الأمر الذي يصعد معه الحزب إلى المرتبة الثالثة بين الأحزاب الصهيونية، بعد كلٍّ من حزبَيْ الليكود وكاديما.

 ومع تقلص الفجوة بين حزبَيْ كاديما والليكود- وفقًا للاستطلاعات- بدأ كلٌّ من ليفني ونيتانياهو في السعي إلى الفوز بموافقة ليبرمان ليكون شريكًا مع أيٍّ منهما في أيِّ ائتلافٍ حاكمٍ سوف يشكِّله أيٌّ منهما عقب الانتخابات المقبلة.

 وتزداد إلحاحية هذا الإجراء بالنسبة لليفني عن نيتانياهو؛ لسببَيْن:

- الأول: يتعلَّق بأنَّ كاديما يرغب في الحكم عن طريق ائتلافٍ، وغالبًا سيحدث ذلك إذا ما فاز في الانتخابات؛ لأنَّه من المرجَّح ألا يحصل على غالبيةٍ تُمكِّنه من تشكيل الحكومة منفردًا، بينما الليكود لا يرغب في الحكم عن طريق ائتلافٍ؛ لتفادي أية مماحكاتٍ سياسيةٍ مستقبلاً من جانب حلفائه المُحتمَلين.

- الثاني: أنَّ الوسط الانتخابي الذي يمثِّله ليبرمان (الليكود) ليس بحاجةٍ إلى ليبرمان للفوز به؛ فكلاهما مصنَّفٌ على أنه يمين متطرف، وهناك صراعٌ بينهما على هذه الشريحة الانتخابية المتزايدة العدد داخل الكيان الصهيوني؛ حيث أظهرت آخر استطلاعاتٍ للرأي أنَّ أحزاب اليمين الصهيوني سوف تحصل على 68 مقعدًا من إجمالي مقاعد الكنيست البالغة 120 مقعدًا.

 كما أن الليكود يتقدم على كاديما في استطلاعات الرأي التي أجراها التليفزيون الصهيوني، وصحفٍ صهيونيةٍ مثل (هآرتس) و(يديعوت أحرونوت)؛ فعلى مستوى منصب رئيس الوزراء فإنَّ نيتانياهو هو المرشَّح الأوفر حظًّا لرئاسة الحكومة؛ تليه ليفني، ثم في ذيل القائمة إيهود باراك، أما على مستوى المقاعد في الكنيست فإنَّه من المنتظر أنْ يحصل الليكود على 28 مقعدًا، مقابل 12 مقعدًا يمتلكها الحزب في الوقت الراهن.

 بينما سوف تتراجع مقاعد كاديما إلى 23 مقعدًا مقابل 29 حاليًّا، أمَّا حزب العمل فقد تراجع إلى المركز الرابع؛ حيث من المنتظر أن يحصل على 17 مقعدًا تراجعًا من 19 مقعدًا في الوقت الراهن.

 ليبرمان كان عضوًا في حركة "كاخ" اليمينية المتطرفة، والتي لا تتمتَّع بوضعٍ قانونيٍّ داخل الكيان الصهيوني، والحركة محرومة من حق الترشح للكنيست الصهيوني في العام 1988م؛ لإثارتها مشاعر عنصرية، حسب السلطات الصهيونية في ذلك الحين.

 

برامج متطرفة!!

تطغى الجوانب السياسية والأمنية على برامج الأحزاب الصهيونية الثلاث أو الأربع الكبرى: الليكود وكاديما والعمل و"إسرائيل بيتنا"، وتشترك برامج هذه الأحزاب في مجموعةٍ من الثوابت فيما يخص قضايا التسوية مع العرب، وخصوصًا الفلسطينيين، ومن بين ما تشترك فيه برامج الأحزاب الصهيونية في هذا الإطار:

- عدم الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين:

  
ولكن لدى الاطلاع على برامج هذه الأحزاب، فإنَّ حزبي الليكود وكاديما يعارضان بالمطلق عودة أي لاجئٍّ فلسطينيٍّ، بينما كانت صياغة هذا البند في برنامج حزب العمل غير محددةٍ بدقةٍ؛ حيث يقول باحتمال عودة عددٍ محدودٍ من اللاجئين، لكن موقف حزب العمل هو رفض حق العودة بشكلٍ كاملٍ.

 - عدم الانسحاب من القدس الشرقية، وخصوصًا منطقة البلدة القديمة، ضمن مبدأ عدم الانسحاب إلى حدود الرابع من يونيو من العام 1967م؛ لأسباب دينية وأمنية:

وتتباين أيضًا البرامج في التفاصيل في هذا الأمر؛ ففيما يتعلَّق بقضية القدس فإنَّ الليكود يرفض بالمطلق الانسحاب من أي جزءٍ من القدس الشرقية، فيما يلمِّح حزب كديما إلى أنَّ هذه القضية "قابلةٌ للتفاوض"، باعتبار تأثيرات الفترة التي قضتها ليفني في رئاسة وفد الكيان الذي كان يتفاوض مع السلطة الفلسطينية، ولكن كاديما يرفض الانسحاب من البلدة القديمة.

 أما حزب العمل فإن موقفه هو إبقاء "الأحياء اليهودية"- والمقصود بها الأحياء الاستيطانية- تحت السيادة الصهيونية، وإقامة نظامٍ خاصٍّ لإدارة منطقة البلدة القديمة، باستثناء ما يسميه بـ"الأماكن اليهودية المقدسة"، مثل حائط البراق التي يعتبر أنها ستبقى تحت سيادة الكيان.

- الرغبة في الوصول إلى تسويةٍ مع الفلسطينيين والسوريين، ولكن على أسسٍ تضمن أمن الكيان الصهيوني، كما جرى مع مصر:

وهو أمرٌ كان برنامجا الليكود وكاديما شديدي الوضوح فيه، وهو ما يعني أنَّ التسوية سوف تكون مرتبطةً بترتيباتٍ أمنيةٍ كما جرى في سيناء، وهو ما يعني التوصل إلى شكل من أشكال العزل العسكري الكامل للجولان السورية، والاستيلاء على بعض أراضي الضفة الغربية، وهو أمرٌ شديد الوضوح من خلال مسارات بناء الجدار العنصري العازل، مع إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ومتواصلة جغرافيًّا بإشرافٍ صهيونيٍّ، كما قال باراك قبل أيامٍ.

 ولكن لا يبدو أنَّ الأحزاب الصهيونية تسعى إلى التوصل إلى اتفاق سلامٍ بالمعنى الحرفي للكلمة، مع تحدث برامجها عن ذلك بشكلٍ عامٍ؛ لا مع الفلسطينيين ولا مع سوريا؛ فبرنامج حزب ليفني أشار إلى أنَّ التسوية المنتظرة بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني قد تستغرق فترةً تتراوح بين 18 و20 عامًا.

 كما تغيب الخطط السياسية بصورة واضحة عن برامج هذه الأحزاب فيما يتعلَّق بتصوُّر التسوية؛ فحزب الليكود المرشح للفوز بالانتخابات العامة وتشكيل الحكومة المقبلة، يعتبر أنَّ الظروف الحاليَّة لا تسمح بالتوصل إلى تسوية بين الصراع الفلسطيني- الفلسطيني.

 في المقابل لا يطرح حزب كاديما أفقًا سياسيًّا موحدًا للتعامل مع الفلسطينيين، وإنَّما يتحدث عن إجراء مفاوضات مع جهةٍ فلسطينيةٍ (سلطة رام الله) ومحاربة الجهة الأخرى- وهي حماس وفصائل المقاومة- وهو ذات موقف حزب العمل، بينما  تتحدَّث الأحزاب الثلاثة الكبرى في الكيان الصهيوني عن محاربة ما تصفه بـ"الإرهاب"، كشرطٍ أساسيٍّ للسلام مع الفلسطينيين.

 أما فيما يتعلَّق بسوريا، فإنَّ كاديما والعمل يعبِّران عن استعدادهما لمفاوضتها، لكنهما لا يوضحان مدى استعدادهما للانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، ويقولان إن هذا الموضوع سيتحدَّد من خلال المفاوضات، لكنهما من الجهة الأخرى يشترطان أن تقطع سوريا علاقاتها مع إيران وتتوقف عن تسليح حزب الله اللبناني، وأنْ تطرد قيادة حماس وفصائل الممانعة الفلسطينية الأخرى من دمشق، أما حزب الليكود فإنَّه لا يتطرق في برنامجه إلى سوريا، ويتحدث عن السلام بشكلٍ معمَّمٍ.

 - في قضية الحدود: فإنَّ حزبي كاديما والعمل يتحدثان في برنامجيهما عن ضم الكتل الاستيطانية الكبرى إلى الكيان الصهيوني، ويقول برنامج حزب كاديما إنَّ الدولة الفلسطينية لن تشمل "مناطق ذات أهميةٍ أمنيةٍ" من دون أنْ يوضح موقعها، لكن المرجَّح أنَّ المقصود هو غور الأردن في شرق الضفة الغربية على الحدود مع الأردن.

 - بالنسبة للمغتصبات: فإنَّ العمل وكاديما يتحدَّثان عن إخلاء وتفكيك البؤر الاستيطانية العشوائية وإخلاء المغتصبات الواقعة خارج الكتل الاستيطانية الرئيسية، مثل معالية أدوميم وغيرها من مغتصبات القدس المحتلة التي يتمسَّك بها الكيان الصهيوني، أما حزب الليكود فلا يتطرَّق مطلقًا إلى قضية الحدود أو البؤر الاستيطانية؛ كونه يحاول- كحزبٍ يمينيٍّ- جذْب مُصوِّتين من أوساط سكان المغتصبات، وكأمرٍ مبدئيٍّ لديه.

 ويتم عرض برنامج كلٍّ من حزبَيْ الليكود وكاديما على أنَّه برنامج رئيس الحزب: بنيامين نيتانياهو في حالة الأول، وتسيبي ليفني في حالة الثاني، أما حزب العمل فيعلن أنَّ ما يعرضه هو برنامج الحزب لا برنامج رئيسه وزير الحرب إيهود باراك.

 

مشكلات نظام!!

وبالإضافة إلى هذه البرامج ظهر في الكيان الصهيوني حزب جديد باسم "هيسراليم"، ويقتصر برنامجه على أمرٍ واحدٍ، وهو إجراء تعديلاتٍ على النظام الانتخابي الصهيوني؛ حيث يتهم الحزبُ النظام الانتخابي هناك بأنه المسئول عن حالة عدم الاستقرار السياسي في الكيان، والتي تؤدي في كثيرٍ من الأحيان إلى عدم إكمال الحكومات الصهيونية مددها الدستورية.

ويسمح النظام الانتخابي الحاليُّ في الكيان الصهيوني لأعدادٍ كبيرةٍ من الأحزاب الصغيرة والمتوسطة التي تمثِّل جماعاتٍ أصحاب مصالح بالحصول على مقعدٍ في الكنيست في حال حصول أيٍّ منها على 2% من الأصوات، وهو ما يفسِّر عدم حصول حزب واحد على الأغلبية في الكنيست، ويؤدي إلى تشكيل حكوماتٍ ائتلافيةٍ هشةٍ من خلال صفقاتٍ سياسيةٍ تتبدَّل اتجاهاتها باستمرار، وهو ما يجعل الأحزاب الصغيرة تتحكَّم في الأحزاب الكبيرة، كما جرى في حالة ليفني مع شاس، وأدَّى إلى الدعوة إلى الانتخابات المبكرة الحاليَّة.


المصدر: موقع إخوان أون لاين

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,180,703

عدد الزوار: 6,759,327

المتواجدون الآن: 131