التفكك الباكستاني يصيب النظام الإيراني... بقلم جهاد الزين

تاريخ الإضافة الأربعاء 21 تشرين الأول 2009 - 6:29 ص    عدد الزيارات 3617    القسم دولية

        


بعد الغزو الاميركي لأفغانستان في تشرين الاول 2001 وما تلاه من اعتراف ايراني شبه فوري بالوضع الجديد في كابول، إذ كانت ايران اول دولة تفتح سفارتها في العاصمة الافغانية بعد سقوط نظام "طالبان"... بعد كل هذه التطورات سجلت مصادر ديبلوماسية اميركية استنادا الى معلومات وزارة الخارجية الاميركية ان عدد اللقاءات التي تمت بين السفيرين الايراني والاميركي في كابول في السنوات اللاحقة بلغت حتى ربيع العام 2009، حوالي ثلاثين لقاء ثنائيا مباشرا.
هذه المعلومة التي سُردت مؤخراً في ندوة حول العلاقات الاميركية – الايرانية في احد مراكز الابحاث في واشنطن توضح جانباً آخر من كثافة "التنسيق" بين الاميركيين والايرانيين في افغانستان بسبب وضوح "المصالح المشتركة" للطرفين في "الدائرة" الافغانية رغم حدة التناقضات في ملفات استراتيجية اخرى كبيرة.
لكن السؤال الذي تفرض طرحه الاتهامات الايرانية لـ"الامن الباكستاني" ناهيك عن اتهام الاميركيين والبريطانيين بعد عملية التفجير الانتحاري التي ادت الى سقوط مجموعة مهمة من جنرالات "الحرس الثوري" الايراني في محافظة سيستان. هو هل بدأ يحدث خلل ما في هذا التنسيق الايراني – الاميركي حول افغانستان اذا كانت العملية الانتحارية تعني استخدام افغانستان كقاعدة لاضعاف الامن الداخلي الايراني؟
ان تكون المخابرات الباكستانية او احد اجهزتها الفاعلة متهمة بالصلة بمنظمات اصولية سنية متطرفة، فهذا امر تقليدي ولا تنفرد به ايران وحدها، بل كل يوم تقريبا في الصحافة الغربية، وتحديدا الاميركية هناك حديث عن استمرار هذه الصلة التي بدأت في التسعينات من القرن المنصرم وادت الى دعم باكستان لصعود "طالبان" حتى سيطرتها على كل افغانستان، لكن بين تلك الفترة المعروفة وبين اليوم جرت مياه كثيرة ادت الى تغيير المشهد في افغانستان كما في باكستان واهم تغيير ان حكومة آصف زرداري ومعها الجيش يخوضان معركة متواصلة مع "طالبان" الباكستانية نفسها. لكن هذه المواجهة الاكيدة والمكلفة في منطقة "وزيرستان" بين الطرفين لم تمنع على ما يبدو استمرار علاقة بعض اجهزة المخابرات الباكستانية بـ"طالبان" الافغانية، ناهيك عن ان المواجهة في "وزيرستان" تحتمل عناصر "تسويات" ميدانية غير معلنة بين الجيش والتنظيم الاصولي الباكستاني. الرئيس الاسبق برويز مشرف كان متهما بمحاولة التفاوض السري مع هذا التنظيم، والآن ثمة اجهزة متهمة بابقاء الصلة على جهتي الحدود حتى في زمن الرئيس الباكستاني علي آصف زرداري الذي لا يشك احد اليوم في طهران او واشنطن انه يريد خوض الحرب مع "طالبان" التي اغتالت زوجته الزعيمة السياسية بنازير بوتو في "لحظة" استعدادها لامساك السلطة.
هل "تلعب" اجهزة باكستانية بالوضع الداخلي الايراني وبهذا الشكل الخطر الذي يجعل رد الفعل الايراني عارم الغضب؟
نعم... يمكن... اذا كانت هذه الاجهزة "تلعب" بالوضع الداخلي في باكستان نفسها، كونها جزءا من الصراع على وداخل دولة يدور السؤال حول مدى تماسكها كدولة.
السؤال الآخر:
هل "تلعب" المخابرات الاميركية في مرحلة بدء تفاوض جدي جدا مع ايران بالوضع الداخلي الايراني فتستهدف المؤسسة الامنية الاولى في الجمهورية الاسلامية ان لم تكن المؤسسة الحاكمة الاولى، وفي مسألة شديدة الحساسية تتعلق بالصراع السني – الشيعي؟
من الصعب الاجابة السريعة بـ"نعم" في هذا التوقيت الذي تحتاج فيه ادارة الرئيس اوباما الى كل العناصر التي تدفع ايران نحو المزيد من المفاوضات الجدية... وعملية كهذه، اذا كان للمخابرات الاميركية دور فيها، من شأنها ان تؤدي ليس فقط الى المزيد من التصلب الايراني التفاوضي بسبب الشعور الذاتي بالاستهداف وانما ايضا الى عودة اجواء توتر لا ترغب بها ادارة اوباما حاليا على الاقل فكيف اذا كانت هذه المرحلة التفاوضية تعني من ناحية الاميركيين بالصيغة التي عبر عنها هنري كيسنجر مؤخرا لصحيفة "اللوموند" حين قال: بالنتيجة كل التفاوض مع ايران الاسلامية وعلى رأسه الملف النووي يدور ويجب ان يدور حول "طمأنة ايران الى امنها على المدى البعيد" بسلاح نووي او بدونه. من هنا يميل المراقب سياسيا الى ربط هذه العملية ضد ايران بعوامل التفكك الباكستاني وتوظيفاته المتصارعة، لاسيما اذا كانت الاجهزة الامنية الايرانية نفسها منخرطة في خطط مشتركة مع الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري في مواجهة "طالبان" الباكستانية. وهذا يعيدنا الى "الارث" الايراني الذي ظهر بعد الغزو الاميركي لافغانستان، ولاحقا للعراق من حيث فصل الاستراتيجيات الايرانية بين الصراع العام مع واشنطن وبين "التحالفات" الموضعية مع الاميركيين ضد اعداء مشتركين.
طبعا ليست المرة الاولى التي تشهد فيها هذه المنطقة الطرفية من ايران وذات الكثافة السنية عمليات توتير. لهذا يبدو العامل المذهبي في العملية الاخيرة اقل اهمية في حساب النتائج من العامل "المؤسساتي" اذا جاز التعبير، اي استهداف "الحرس الثوري" نفسه. فالضربة هنا تصيب "النظام" بقدر مؤذٍ كما لم يحدث منذ فترة طويلة.
الاتهام السريع لأميركا وبريطانيا ليس مفاجئا من الناحية التعبوية الايرانية، لكن نوع الاصبع التشكيكي الذي وجه باتجاه باكستان هو على الارجح ذو الاهمية السياسية في رد الفعل الايراني.
انه ليس فقط مؤشرا على وضع باكستاني يزداد تعقيدا. بل ايضا مؤشر كلبنان على امكان استخدام التفكيك الامني في اكثر من اتجاه... متداخل.


المصدر: جريدة النهار

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,162,192

عدد الزوار: 6,758,118

المتواجدون الآن: 126