أبعد من حقوق المرأة والكوتا

تاريخ الإضافة الأحد 26 أيار 2013 - 6:49 ص    عدد الزيارات 641    التعليقات 0

        

 أبعد من حقوق المرأة والكوتا
بقلم نجلاء حمادة

 

في لبناننا الراهن، يبدو أنه كما الشأن والهم العامان في واد وسياسيونا في واد، كذلك فقياداتنا النسوية غالباً ما تصبو إلى غير ما تنشده وتطمح اليه المواطنات عموماً وغير ما يحقّق خير المواطنين عامة.
فكما أن المواطن العادي يحلم بأن يسدّد النفط الموعود الديون العامة التي راكمها هدر السياسيين وفسادهم على كل لبناني بينما يتقاتل السياسيون على وزارة النفط كنوع جديد من الجبنة التي يسيل لها لعابهم والتي تشحذ شهيتهم التي لا قرار لها لمزيد من الاستيلاء على مقدّرات البلد، كذلك فكوتا الوزارات والنيابات النسائية التي تنشط القيادات النسائية في طلبها هي غير الأولويات الحياتية للمواطنات اللبنانيات، وهي ليست بالضرورة ما يحقّق للبلد تطوّراً أو إصلاحاً.
فماذا تستفيد المواطنة الواقعة تحت خطر العنف الأسري والمحرومة من إضفاء جنسيتها على فلذاتها والملزمة بقوانين أحوال شخصية صاغها رجال الدين غير المعنيين بمتطلّبات العدالة والإنسانية لأمهات وزوجات تقوم الأسر على أكتافهنّ، بالدرجة الأولى، إن غدت فلانة نائبة وعلاّنة وزيرة؟  وماذا ينفع البلد إن كان عائثو الفساد فيه أو أتباعهم من الإناث أو الذكور؟
فلو كانت حقوق النساء وليس الوصول الذكوري الهوى هو مطلب هؤلاء القائدات لركّزن جلّ الجهد في حملتهنّ قبل الانتخاب في توعية النساء للإحجام عن منح أصواتهنّ لرجال ونساء يعارضون صراحة حقوق النساء في العدالة وفي المواطنية الكاملة، بل لتجرأن على شن حملات ضد إعادة انتخاب من اجترحوا المآزق للوطن أو ساروا في ركاب من ضرب بالمصالح العامة عرض الحائط.
فإن كنّا لم نحصل بعد على الكوتا فقد حصلنا منذ عقود على حق الانتخاب، واستخدام حق لنا هو أسهل وأجدى من إهمال هذا الحق والتركيز على المطالبة بحق آخر، قد نسيء استخدامه كما أسأنا استخدام حقنا السابق.  فكما أننا لم نستخدم حق الانتخاب للضغط للحصول على تشريعات تنصفنا، من الأرجح أن وصول قليلات منّا إلى مناصب الدولة لن يكون له كبير الأثر في تحسين أوضاعنا أو أوضاع البلد عامة.  ومن البديهي أن تحسين أوضاع النساء يكون من طريق تبوؤ الرجال والنساء المهتمين بتحقيق هذا التحسين المناصب الفاعلة وليس بكون أصحاب هذه المناصب من الذكور أو من الإناث.  والتجربة في تبوؤ بعض نسائنا مناصب نيابية أم وزارية لم تبرهن أبداً أن وصول بعض السيدات إلى هذه المناصب يعني دعمهنّ مطالب اللبنانيات والتجاوب مع تطلّعاتهنّ.
كذلك، فمن الواضح أنه لدينا في لبنان فئتان من "المسؤولين"، فقليل منهم هم من قادة الرأي المؤثرين في مجريات الأمور وكثيرون هم فعلياً في مواقع كومبارس يأتمرون بأمر قياداتهم، فإن وصلت إلى المراكز المرموقة في الدولة نساء من النوع الثاني لا نكون قد غيّرنا من أوضاع النساء شيئاً يذكر، بل نكون قد أُغرقنا في تكريس تابعية النساء، المشابهة لدور التابعين من الرجال.
لعلّ من أكثر توصيات غاندي السياسية حكمة توصيته المطالب بحق أو حريّة أن يصرف الجهد في العمل على استحقاقه لهذا الحق أو لتلك الحريّة.  فلو اقتدت اللبنانيات بهذه التوصية لعملن على اكتساب وعي ووضع استراتيجية في تفعيل دورهن كمنتخِبات، فإن فعلن يغدون بغنى عن المطالبة بتبوؤ المناصب لبداهة استحقاقهنّ لها.  وإن فعلن لوجد المجتمع اللبناني أنهنّ الأحق في مواقع القيادة من أجل المصلحة العامة.
إن التفكير الجدي في أفضل استراتيجية لاكتساب النساء اللبنانيات حقوقهنّ المشروعة، التي استحققنها بفضل مواطنيتهنّ وإنسانيتهن وبذلهنّ في سبيل المجتمع، يوصل إلى وضع هدفين في أولويات ما على اللبنانيات العمل عليه، أولهما يمكن وضعه حالياً موضع التنفيذ وثانيهما قد يتطلّب مزيداً من التحضير والتهيئة.  الأول هو استخدام حق الانتخاب في إيصال رجال ونساء ملتزمين بحقوق النساء إلى الندوة النيابية وحجبها عن المتعالين والمتحجّرين المجاهرين برغبتهم ورغبتهنّ في حرمان نساء بلادهم من حقوقهنّ المشروعة، والثاني هو العمل على بناء قيادات نسائية فعلية أو مساندة هذه القيادات، إن وجدت وإن كان همّها إحقاق الحقوق وتصويب المسار الوطني لا مجرّد الوصول.  أما الكوتا فإنها تجدي بعد تحقيق هذين الهدفين ومن غيرهما تبقى أمراً شكلياً محدود الفائدة، التي تتضاءل كلما كرّست نساء الكوتا دور التابع وتعظم كلّما كانت بينهن قائدات ذوات رؤيا هادفة وعمل دائب من أجل تغيير المجتمع وتطويره وتصويب مساراته.
 مطلوب من القيادات النسائية أن يجمعن بين العمل المطلبي وبين الرؤيا الثورية التي لا يتجدّد المجتمع ولا ينفض عنه ما تراكم عليه من عفن التخلّف والتقليد والسلبطة الا من خلالها. والمطلوب منهنّ، إلى جانب التخطيط وبعد النظر، التحلّي بالأمانة والعدالة والغيريّة حتى لا يعيدوا إنتاج النموذج الذي نتوق جميعاً للخلاص من نماذجه، ذكوراً كانوا أم إناثاً.  ولا بأس إن ابتدأت النساء بمساندة وصول رجال هذه صفاتهم، إلى جانب مثيلاتهم من النساء، فالقضيّة ليست جندريّة بقدر ما هي قضيّة وطنية أخلاقية حياتية يتوقّف عليها مصير جميع المواطنين، بما في ذلك مصير الأجيال المقبلة من كلا الجنسين.  يجب أن يكون مطلبنا وغايتنا ليس مجرّد وجود نساء في السلطات التشريعية والتنفيذيّة بل نريد نساء سياسة يكنّ قدوة لما نطمح اليه في المستقبل من نساء السياسة ورجالها. 

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 157,490,931

عدد الزوار: 7,070,026

المتواجدون الآن: 72