"المسألة الطائفية، تعدّد الهويات في الدولة الواحدة" للعراقي كاظم شبيب

تاريخ الإضافة الإثنين 27 آب 2012 - 7:40 ص    عدد الزيارات 894    التعليقات 0

        

 
خالد غزال

"المسألة الطائفية، تعدّد الهويات في الدولة الواحدة" للعراقي كاظم شبيب

مَن يُخرِج الطوائف والمذاهب من عنق الزجاجة؟

 

كانت حدة الازمة الطائفية في العراق وراء انكباب الكاتب العراقي كاظم شبيب على ولوج هذه القضية الحارة، التي يعيش يوميا نتائجها المأسوية في بلاده، من خلال كتابه "المسألة الطائفية، تعدد الهويات في الدولة الواحدة" الصادر عن "دار التنوير" في بيروت.

يسعى الكاتب في اربعة فصول الى البحث في مفهوم الطائفية لمعرفة اسبابها وجذورها وعوامل استمرارها، متطرقاً الى المجتمعات المتعددة الهوية وكيفية خروجها من الازمات الطائفية والخيارات الواجب اتخاذها في الميادين السياسية والاجتماعية والثقافية والاخلاقية والقانونية، وخصوصاً اعتماد الديموقراطية والمواطنة الدستورية كعناصر في معالجة المعضلة.
يشير الى ان الطائفية لا تزال من القضايا المسكوت عنها، بما هي ظاهرة متغيرة في الزمان والمكان. يندلع النقاش حولها عند تأزم المسارات السياسية واستفحال التناقضات الناجمة عنها وتحولها عنصر تفجير للبنى الاجتماعية، على غرار ما هو حاصل اليوم في اكثر من بلد عربي. فالحالة الطائفية "تساهم في انحباس الازمات السياسية في عنق الزجاجة. ومن اصعب الاوضاع في السياسة بقاء الامور عالقة، فلا هي متحركة نحو الامام، ولا هي متغيرة لفتح آفاق للرؤية. وتزداد الاوضاع تعقيدا عندما تختلط الاوراق بين الداخل الوطني المتعدد والخارج الاقليمي المؤثر، والضغط الدولي المتعدد، ولاسيما اذا جاهد كل طرف من الداخل لتحقيق اجندته الخاصة التي تصطدم في الرؤية والاستراتيجيا مع الاطراف الاخرين. وأقرب المشاهد في واقعنا العربي المعاصر ما يجري اليوم في فلسطين، ويحدث في لبنان، ويقع في دارفور والعراق ايضا".
من المفارقات المأسوية في عالمنا العربي تحول الطائفة معياراً للولاء السياسي والقيمي، والانتماء الوطني انتماء فئوياً، وهو ارتداد خطير عما تحقق من وجود الدولة الممثلة للفئات والطوائف والمذاهب. الاغرب ان الطوائف تمارس لغة مزدوجة، فهي ترفع من جهة، لواء وحدة الامة وتماسكها، فيما تحمل السكين وتمعن تمزيقا في جسد هذه الامة ومكوّناتها. ترفع كل طائفة الصوت عاليا محمّلةً الطائفة الاخرى مسؤولية الانهيار الناجم. الأسوأ ان كل طرف تاريخي يرى في انتصار طائفته على سائر الطوائف قدراً تاريخياً، وسبيلاً لإنقاذ الامة وعنصر التوحيد فيها، وهذا ما يذكّر بانقسام الطوائف في الاديان التوحيدية، 73 فرقة، كل واحدة تعتبر نفسها تمثل الدين الحق، وهي الفرقة الناجية فيما سائر الفرق الى جهنم وبئس المصير.
من اغرب الامور التي يتطرق اليها الكاتب، الاستحضار المتكرر للصراع السني – الشيعي الذي اندلع منذ خمسة عشر قرنا في صراع على السلطة بين القبائل الاسلامية، وجرى اكسابه طابعا ايديولوجيا على امتداد التاريخ العربي والاسلامي، فإذا بممثلي الطوائف والمذاهب الاسلامية يصرون على جعله حيا وحارا، من خلال استحضاره في كل مناسبة، وابراز رموزه التي تشحن النفوس بالحقد والكراهية، مما يسهّل توظيف الشحن المذهبي في الصراعات السياسية على السلطة، وهذا ما يشهده العراق بقوة، كما يشهده لبنان منذ عقود. الأشد غرابة لدى الكاتب هو انجرار المثقفين الى أتون هذا الصراع وتقديم انفسهم منظّرين له وصانعي ايديولوجيات تبرر هذه الانقسامات وتزيد تعمّقها وتجذرها في العقول والنفوس.
على رغم ان تعصب الطوائف كان في الاصل تعبيرا عن انغلاقها على سائر الطوائف، الا ان العولمة بما تتيحه من انفتاح المجتمعات على بعضها، كان لا بد ان تخفف من حدة هذه العصبية: "لم تعد الطوائف تعيش بمعزل عن العالم. هذه الحقيقة بحاجة الى المزيد من التمعن والتفهم. فمن افرازات العولمة انها اعطت جميع سكان المعمورة، كأفراد ومجاميع، الفرصة ذاتها من القدرة على التواصل والتكتل وتبادل التأثير وبلورة المواقف. فلم تعد الطوائف، اكثرية أكانت أم اقلية، تعيش بالطريقة ذاتها او في محيط منعزل عن العالم كما كانت عليه اغلب الطوائف والمجاميع البشرية سابقا".
لكن الطوائف في مجتمعاتنا العربية تبدو عصية على الدخول في العولمة، إذ تصر على الانغلاق والتحجر، والامتناع عن الخروج من تقوقعها نحو الاخر واحترامه والتعامل معه وفق ما يقدّم نفسه. انها معضلة لا تدعو الى التفاؤل في امكان تجاوزها في الامد المنظور.

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,306,729

عدد الزوار: 6,986,627

المتواجدون الآن: 63