الإسلام حارس المال والاقتصاد

تاريخ الإضافة الثلاثاء 24 تموز 2012 - 4:49 ص    عدد الزيارات 946    التعليقات 0

        

 

 
الإسلام حارس المال والاقتصاد
بقلم د. ماجد منيمنة
 
أهنئكم بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم أعاده الله عليكم وعلينا وعلى الأمة الاسلامية خاصة والعربية عامة بالخير والبركات وتقبل الله منكم ومنا صيامه وقيامه سائلين المولى عز وجل أن يعيده عليكم وعلينا أعواماً عديدة ومديدة.
كما تعودنا خلال شهر رمضان الكريم, سوف أخصص هذه المحطة لكتاباتي حول الاقتصاد الاسلامي وميزاته الفريدة التي أضفت على المجتمع الاسلامي الريادة والتقدم. وسوف أبدأ بمفهوم المال وكيف أن الاسلام عظّم المفاهيم المالية والاقتصادية حتى كان الحارس الأمين للمال وللخزينة.
المال زينة الحياة الدنيا، والاقتصاد قوام المجتمعات البشرية من الناحية المادية إذ به يتحقق للناس ما يسعون إليه من الغذاء والمسكن والكساء، وسائر ما يحتاجون إليه من ضرورات العيش والبقاء، وبدونه تشقى الأمم وتعصف بها رياح الفقر والتخلف والضعف، وتصبح عرضة للاستغلال.
هذه الحقيقة تنبّه إليها بعض علماء الاقتصاد العالمي، حتى وصلوا إلى ان الناس لا يوجدون الثروات وإنما يخلقها الله تعالى، وما عمل الإنسان فيها إلا عمل ظاهري شكلي يتناول معالجة الأمور حتى تصبح صالحة لنفع الناس والنفوس.
إن ملكية الله للمال هي الملكية الأصلية، إذ قال الله تعالى «وآتوهم من مال الله الذي آتاكم» النور/33, وملكية البشر للمال هي الملكية التبعية, قال عز وجل «ما أريد من رزق وما أريد أن يطعمون * ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين» الذاريات57/58. وما دام المال مال الله والخلق كلهم لله، فهم جميعا سواء كأسنان المشط في فرص الحصول على هذا المال, والانتفاع به واستثماره.
ولذا، دعا الإسلام الناس لحيازة المال وتملكه عن طريق العمل المشروع والكسب الحلال، وقال الله تعالى «هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور» الملك/ 15. وقال عز وجل «هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها» هود/61, أي أمركم بعمارتها بالزراعة والبناء ودراسة التربة واستخراج المعادن والنفط والغاز وكل ما يهيئ للناس أحسن السبل لعمارة الأرض والاستثمار فيها.
إن المال في الإسلام لا يلد مالاً، وإنما يحصل الإنسان على المال عن طريق الجهد البشري وهو العمل الدؤوب، أو عن طريق توظيف المال في أي مشروع انتاجي, على أن يتقاسم المال الربحي صاحب المال ومن عمل فيه، ربحا أو خسارة وفق الشروط والقواعد الفقهية المقررة في ذلك شرعا للمتعاملين.
إن الترف والإشباع المفرط للحاجات والشهوات والإفراط في استهلاك المال لن يكون إلا على حساب الآخرين، فعلى قدر ما ينعم به المترفون يتضور سواهم جوعاً. إن الترف يفسد الأخلاق ويضيع الأموال ويمزق الروابط الاجتماعية, اذ قال الله تعالى «وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا» الاسراء/16. لذا فإن النهي الشديد عن الإسراف والتبذير والهدف الرئيسي منه هو حماية الأخلاق من الفساد، وحماية الثروة من الضياع وحماية النشاط الاقتصادي من الركود، وحماية الإنتاج المادي من الضعف او التخلف وخلق مشاريع استثمارية تفيد المجتمع وتخلق فرص عمل ليتوفر منها قوت للمحتاجين والعاملين منهم.
إن التبذير والاسراف يبدد الثروة، وإن كنز الأموال وما شابهه، يعطّل المال عن التداول والحركة، وفي هذا وذاك ضرر بمصلحة المجتمع، وفي كلتا الحالتين تتعرض الحياة الاقتصادية لما يعوق نموها وتقدمها فتتعرض الأمة لمختلف الأضرار والأخطار. ولذلك كان تحريم الإسراف والكنز وما إليهما حماية للمال ممن تملّكه، ودعامة للاقتصاد بحيث لا يضطرب فيحيد عن الاعتدال.
وهكذا يقف الإسلام بمبادئه وتعاليمه حارساً للمال، لأنه عصب الحياة، يدفع عنه المستهترين والغاصبين والذين لا يقدرونه، ويضعونه في غير مواضعه، وكذلك الذين يستعبدهم المال فيطغيهم ويحملهم على انتهاك المحرمات وإتيان المنكرات ليظل المال وسيلة للحياة ووسيلة لخير الإنسان وسعادته في الدارين.
وبعد، فتلك أهم دعائم المال والاقتصاد في الإسلام، ويبدو منها أن النظام الاقتصادي في الإسلام نظام فريد في نوعه، عريق في تاريخه، أصيل في ذاته، مستقل في تعاليمه وعميق في نسيج مفاهيمه.
وختاماً نؤكد أن الإسلام لا يحرم الحياة الرغيدة وطيباتها ولا يبغض ما خلق الله من متاع ولكنه يحذر من تجاوز القصد والاعتدال، إذ ينهى عن التبذير والإسراف كما ينهى عن البخل والحجب والإمساك عن الأموال, لتكون الوسطية هي المنهج المتبع في حياة كل مسلم.
رمضان مبارك وكل عام وأنتم بخير.
* خبير مالي واقتصادي
* دكتوراه في المالية الدولية

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 155,327,491

عدد الزوار: 6,987,259

المتواجدون الآن: 67