الشرع والعقل والعاطفة الدينية....

تاريخ الإضافة الأحد 12 نيسان 2020 - 7:13 ص    عدد الزيارات 1075    التعليقات 0

        

الشرع والعقل والعاطفة الدينية....

بقلم الشيخ علاء صالح.....

بسم الله الرحمن الرحيم...

أما بعد...

كل يوم يمر على المؤمنين وهم بعيدون عن بيوت الله تعالى يزيد قلوبهم تفطرًا وتألمًا خاصة أولئك الذين عشقوا المساجد وتربوا فيها وتعلموا في رحابها وقضوا جزءًا من عمرهم ليس بالقليل فيها... ولكني أقول لنفسي وإخواني صبرا فاللقاء بإذن الله قريب والعود سيكون أحمد... ولكنا من الشرع والحياة تعلمنا أن لا نسير وراء عواطفنا الجياشة، بل ننطلق من أصول ديننا ومقاصده وأهدافه متمسكين بفهم الأولين لروح الدين وحقيقته في إدارته للحياة الإنسانية بأسرها...

من هنا أرى يا إخواني في مثل هذه النازلة، أن نراعي خوف أغلبية الناس الفطري المنطقي المبرر، - نعم أغلبية - أرى أن لا يبنى الحكم على عاطفة قلة من الناس ممن يصلون على أبواب المساجد - نعم قلة -...

أرى أن لا نخالف الإجراءات المحلية والعالمية والتدابير الوقائية المتخذة، ونزيد مع ذلك عليها إيماننا وتوكلنا وصلاتنا ودعاؤنا وصدقاتنا وووو... فلا نضحي بمصالح ضرورية لملايين محليا ومليارات عالميا من أجل مشاعر وعواطف مئات محليا وعشرات الآلاف عالميا... وكما نحفظ المصلحة العامة الضرورية مقدمة على المصلحة الخاصة الحاجية...

أرى ضرورة مراعاة والنظر إلى إمكانيات دول العالم الثالث - كما نُسمَّى- المالية والعلمية والطبية التي نعيش فيها، ومدى عناية كل دولة بمواطنيها في الوضع الطبيعي والاستثنائي، وحجم الفساد داخل كل دولة... كل ذلك يلعب دورا مهما في الحكم في المسألة...(يعني نحن من دون كورونا مش خالصين كيف مع الإهمال في التعاطي مع الكورونا)..

أرى أن ندقق النظر إلى كيفية تعامل الدول الراقية الغنية المنكوبة، من إجراءات احترازية ووقائية على مستوى الأماكن والمؤسسات العامة والخاصة ، والحجر المنزلي وتخصيص مليارات الدولارات للحد منه، ومع ذلك لم تستطع اغلب الدول الحد من انتشار المرض، على سبيل المثال تخصيص الولايات المتحدة أكثر من ٨ مليارات دولار حتى الآن وتنبؤ بعدم القدرة على السيطرة على هذا المرض قبل شهر أغسطس... ومن هنا يتبين وجوب الأخذ بالحيطة والحذر وإن كانت بعض متعلقات الكورونا تحت الدراسة ولم يُقطَع بنتائجها بعد، لانتشاره في عدة دول مع اتخاذهم لكل وسائل الوقاية، ولثبوت إهمال ولا مبالاة بعض الناس ومنهم بعض المصلين، وعدم القدرة على إلزامهم بالإجراءات الوقائية...

أرى أن نحكّم العقل لا العاطفة في مثل هذه الظروف... كل ذلك حتى لا نشق على الناس ولا نلقي بأيديهم وأيدينا إلى التهلكة على المدى البعيد، بسبب اتباعنا لعواطفهم الدينية البعيدة عن العقلانية والمعرفة الحقيقية لطبيعة المرض وخطره الفعلي الواقعي الملموس في أكبر الدول وأغناها كأمريكا وايطاليا وفرنسا والصين وروسيا ووو فضلا عن الفقيرة منها...

فاتباع عواطف الناس سيكلفنا على المدى البعيد كثيرا على المستوى الإنساني والعمل الإسلامي..

على سبيل المثال لا الحصر- زيادة ثقة الناس بالعلمانية والحضارة الغربية، وسائر الأفكار المناقضة للإسلام، نفور الناس من الدين، كيل الاتهامات المتنوعة للإسلام لا حصر لها بالرجعية والتخلف والسير بخلاف مصلحة البشر، بل سنجد غدا لا قدر الله كثيرا من الناس ممن يتعاطفون اليوم مع المساجد وصلوات الجماعة - مشكورين على ذلك - ، سينقلب جزء كبير منهم علينا بعد أن يقع الفاس بالراس... ويتهمون المشايخ والعلماء والدين حتى بالتقصير ويقولون قولتهم المشهورة (ما جايبنا لورا إلا الدين والاسلام)

لان الخسائر المتوقعة في بلدنا، والواقعة في كثير من البلدان، لن تقتصر على الخسائر في الأرواح، بل سيتعدى ذلك - إن تفاقم الوضع لا سمح الله - لخسائر في الأموال، وظهور المجاعات، وإهانة لكرامات الناس على أبواب المستشفيات وغيرها، وارتكاب للجرائم المختلفة في سبيل تحصيل مقومات الحياة، وحتى صدود لباب الدعوة إلى الله... فلن يحفظ حينها لا الدين ولا النفس ولا العقل ولا المال ولا العرض...الموضوع ليس بالأمر الهين كما نظن...

مرحلة وتمر بإذن الله ونعود بهمة الى بيوت الله والمساجد والقرب من الناس والدعوة والتوجيه والارشاد... وإلا فلنا أن نعتبر ونتعظ بذاك الفهم العميق للدكتور الريسوني (رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين) الذي ذكر أمرا لم ينتبه له كثر ألا وهو أن بلدا إسلاميا عظيما مدار التاريخ كالمغرب، كان أحد أهم أسباب احتلاله في حقبة من التاريخ هو ظهور الأوبئة وعدم التعامل معها بطريقة صحيحة مبنية على العلم والشرع، أدى ذلك إلى ظهور المجاعات ثم الإفلاس على صعيد الدولة ثم مجيء المحتلين بعدتهم وعتادهم وأموالهم، فاستغلوا حاجة الناس للمال فتم بذلك الاحتلال لعقود من الزمن... وكان من نتائج ذلك احتلال عقول كثير من المسلمين وغيرهم بعقائد وأفكار وعادات المحتل ونهب خيرات البلاد واستيراد العقول المسلمة الى بلاد المحتل بغية غسل الادمغة، وإضعاف القرآن والسنة في حياة الناس، وإنشاء المدارس والجامعات التي تبث السموم ووو... وما زلنا الى اليوم ندفع فاتورة الجهل بسنن الله الشرعية والكونية... فاتورة التواكل وعدم الأخذ بالأسباب التي يريدنا الله الأخذ بها..

اللهم خذ بنواصينا إلى البر والتقوى وإلى ما فيه خير للبلاد والعباد والأمة جمعاء... والله الموفق...

جهود الأردن لإغاثة قطاع غزة في مرمى «القصف» والتشكيك..

 الأحد 17 آذار 2024 - 5:24 ص

جهود الأردن لإغاثة قطاع غزة في مرمى «القصف» والتشكيك.. حملات خارجية «موجّهة» بتهمة إطالة أمد الحص… تتمة »

عدد الزيارات: 150,155,841

عدد الزوار: 6,679,132

المتواجدون الآن: 99