"التسامح "... الفضيلة المهددة ..

تاريخ الإضافة الثلاثاء 14 تشرين الثاني 2017 - 6:52 ص    عدد الزيارات 1298    التعليقات 0

        

"التسامح "... الفضيلة المهددة ..

بقلم ....سهى احمد خيزران..

يُعتبر التسامح أحد أهم المبادىء الانسانية والاخلاقية والدينية، كما أنّ التّسامح في الدين الإسلامي، يعني نسيان الماضي المؤلم بكامل إرادتنا، كذلك فإن معنى التَّسامح في اللُّغة العربيّة وكما هو في عُرف النَّاس معناه الصَّفح والعفو والغفران، والتسامح يكون عادةً ممّن يمتلك القُدرة على الانتقام أو انتزاع الحقّ باليدّ، من الذي تسبب له بالأذى أو بالضرر..

من صفات المتسامح الطيبة والهدؤ وصفاء النفس ومحبة الآخرين دون مقابل والشعور بالرحمة والتعاطف والحنان نحوهم . كما يتمتع الانسان المتسامح بقدرته على النظر الى مزايا وحسنات الآخرين، بدل انشغاله بالبحث عن عيوبهم واخطائهم، كما يعني ايضا التخلي عن رغبتنا في ايذاء الآخرين، الى جانب التغاضي عن اخطائهم.

تطوَّر مفهوم التَّسامح في العصر الحديث، إذ إن ما جرى في القرن السَّادس عشر الميلاديّ من الصِّراعات العنيفة بين الكنيستين الكاثوليكيّة والبروتستانتيّة، دفع المفكرين المتنورين وبهدف تخفيف حدّة النِّزاع إلى تطوير وتعزيز مفهوم التَّسامح بين الطَّرفين. ومع نهاية القرن التاسع عشر الميلاديّ أخذ مفهوم التَّسامح أبعادًا كثيرةً في شتّى المجالات العقائديّة والدِّينيّة والعِرقيّة حتّى أصبح منهجًا فلسفيًّا.

وقد ظهر العديد من المفكرين الذين تبنَّوا مفهوم التَّسامح للتَّعايش بين النَّاس وعلى رأسهم الكاتب والفيلسوف الفرنسي "فولتير" الذي لُقِّب فيلسوف التَّسامح، لأنّه أغنى الفِكر العالميّ بمجموعةٍ كبيرةٍ من المؤلفات القيمة التي تضمنت مفهومه وتعريفه بالتسامح واسس وقواعد حقوق الإنسان.

ايضا يعتبر الدين الإسلاميّ من أكثر الأديان السَّماويّة تسامحًا واهتمامًا بهذا المبدأ كقيمةٍ إنسانيّة واجتماعيّة واخلاقية، فقد اشتملت النصوص الدِّينيّة في القرآن الكريم والسّنة النبوية على ذِكر التّسامح والصفح والعفو الذي لا يتبعه منٌّ ولا أذى، وإنَّما التسامح هو من باب إرضاء الله تعالى ونشر الخير، وتثبيت التَّعايش السِّلميّ بين الأجناس البشريّة على اختلاف الوانها ومشاربها وثقافاتها. وقد وجّه الله تعالى النّبي صلى الله عليه وسلم نحو قيمة التَّسامح في أكثر من موضعٍ في القرآن ، فالنبي هو قدوة المسلمين وإتّباع اوامره أمرٌ واجبٌ يُثاب المسلم عليه، وقد قال تعالى: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾؛ ففي هذه الآية الكريمة خِطاب للنَّبي صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده بوجوب الصفح وترك المؤاخذة والانتقام، وقد قرنت الآية الكريمة ما بين الصَفح والتسامح والسلام.

التسامح يعزز فهم وتطبيق مباديء حقوق الإنسان العالمية واحترام الحريات الأساسية للآخرين. وبما أن الناس متنوعون بطبيعتهم، فإن التسامح وحده قادر على ضمان بقاء المجتمعات استقرار وتعايش البيئات المتنوعة والمختلطة في كل منطقة من هذا العالم.

لذلك، يجب أن تهدف التربية الى تعزيز ثقافة التسامح بهدف درء التأثيرات التي تولد الشعور بالخوف من الآخرين والابتعاد عنهم. كما ينبغي أن تساعد هذه التربية جيل الشباب على تطوير قدراتهم والعمل عليها، وتحفيز مفهوم احترام الاخر، والالتزام بالنقد البناء، والتفكير الأخلاقي والابتعاد عن لغة الصراع لتغليب وجهة نظر او ثقافة على اخرى.. ولا يجدر بتنوع الديانات واللغات والثقافات في عالمنا أن يشكّل سبباً لنشوب الصراعات بل هو بالأحرى كنز يغني البشرية جمعاء.

لطالما اعتبر التسامح فضيلة معنوية لانه يجسد القدرة على المحافظة على التنوع وتعزيز العيش المشترك مع الآخرين، والقدرة على التمسك بالقناعات الشخصية مع قبول واحترام تمسك الآخرين بقناعاتهم، والتمتع بالحقوق والحريات الشخصية من دون التعدي على حقوق الاخرين وحرياتهم، لذلك فان التسامح يشكل الدعامة الاساسية للديمقراطية واحترام حقوق الانسان في اي بلد .

هناك سعي عالمي لتثبيت مفهوم التسامح، إذ في سنة 1995 قررت الأمم المتحدة، بمبادرة من منظمة اليونسكو، خلال احتفالهما بمرور نصف قرنٍ على تاسيسهما، إعلان سنة 1995، السنة الدولية للتسامح.

ان أكون متسامحاً ليس معناه التنازل او التساهل مع الآخرين، بل هو اعتراف بالآخر واحترامه التغاضي عن زلاته إن أخطأ، وأن اعتذر عن اي خطا بدر مني كما اوصانا الرسول الكريم .

ترويض النفس على سلوك معين ليس بالامر السهل واكتساب صفات وعادات جديدة لشخصيتنا يتطلب منا الكثير من الارادة والاصرار على هذا السلوك وتحفيز عقولنا ونمط تفكيرنا للوصول الى مرحلة يصبح معها هذا السلوك عادة في حياتنا .

مع هذا الكم من الخصال الحميدة التي يتمتع بها المتسامح، يطمح اي انسان فينا ان يتمتع بصفة التسامح..

وهنا سؤال يطرح نفسه..؟؟ هل بمقدور اي انسان ان يكون متسامحاً..؟؟

هل صفة التسامح طبع ام تطبع..؟؟

من هنا نرى ان من الضروري ان نعمل على تنشئة جيل يؤمن بثقافة التسامح و يدرك أهميتها.. وهذا يتطلب الاعتماد على اربع خطوات رئيسية ليصبح التسامح طبع وقناعة في حياة اجيالنا .

الاولى: حدد من هو الشخص الذى تريد مسامحته ولماذا..!!

الثانية : الإعتراف بمشاعرك الحقيقيه الصادقة، اتي على اساسها قررت ان تسامح وتعفو..

الثالثة: حدد الفوائد التي ستحصل عليها من التسامح والضرر من عدمه

الرابعة: إلزم نفسك بالتسامح

النفوس الكبيرة الراقية المتميزة عن غيرها، وحدها التي تستطيع ان تصفح وتعفو عن الاخرين وتعتذر اذا إذا لزم الامر ان تعتذر.. اما اصحاب النفوس الضعيفة فهي لا تستطيع أن تسامح ولا ان تغفر .

 

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,143,716

عدد الزوار: 6,756,841

المتواجدون الآن: 128