انفصال إسرائيلي

قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تقليص نفقاته المبالغ بها، والتي تشعل بين الحين والآخر فضائح عامة. خسارة أن خطوات التقليص الأولى التي اختارها، أدت في نهاية الأمر إلى أنه في جنازة نلسون مانديلا – الحدث الدولي الذي جمع قيادة الأسرة الديبلوماسية في العالم، من رؤساء الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وحتى زعماء دول موضع خلاف كإيران – لم تشارك ممثلية اسرائيلية رفيعة المستوى.

في ضوء حساب النفقات والسفريات السخي الذي يميز نتنياهو في كل ولاياته ليس بعيداً الاشتباه بأن بند النفقات استخدمه نتنياهو فتحة هروب من المكانة المحرجة التي لم يرغب في المشاركة فيها.

لقد كان مانديلا في حياته وفي موته رمزاً لفكرة المساواة بين الانسان والانسان، ومقاومة نظام الأبرتهايد، الذي يفرض قانوناً مختلفاً على الناس على أساس عرقي أو إثني. إسرائيل بقيادة نتنياهو حيث التشريع العنصري والتمييز على أساس القومية يزدهر بلا عراقيل تقريباً - لا يمكنها أن تتباهى باحترام إرث مانديلا، والاصطفاف في عائلة الشعوب التي تخط على علمها السعي نحو المساواة ومكافحة العنصرية.

لقد تحدث مانديلا في الماضي في مصلحة الكفاح الفلسطيني – الامر الذي لم يكسبه نقاطاً لدى نتنياهو، الذي يرى الفلسطينيين اعداء شريرين لا أمل في الحوار معهم. يمكن التخمين ايضاً بأن لبّ كفاح مانديلا – مكافحة العنصرية ضد السود – لا يشتعل كالنار في عظام رئيس وزراء اسرائيل، وذلك لأنه في هذه الأيام بالذات ينشغل واعضاء ائتلافه بتشريع قانون التسلل الذي يسمح بحبس الانسان لفترة سنة دون محاكمة وهو موجه اساساً ضد المهاجرين الأفارقة.

ان غياب القيادة الاسرائيلية العليا عن جنازة مانديلا ليس صدفة، ويمكن ان نرى فيه رمزاً لعزلة ديبلوماسية متعاظمة. ان اسرائيل آخذة في الانفصال عن الأسرة الدولية بسب عنادها في استمرار الاحتلال وترسيخه بواسطة مزيد فمزيد من المستوطنات، وادارة الظهر للمبادرات السياسية.

هذا الوضع الذي يمكننا ان نتبين آثاره الأولى في قضية الاتفاق للتعاون العلمي "هورايزن 2020"، يعرض اسرائيل للخطر بقدر لا يقلل بل ربما يزيد من جملة التهديدات الاقليمية التي تقلق نتنياهو، والتي يحذر منها.