التناقض الإيراني

تاريخ الإضافة الخميس 1 تشرين الأول 2009 - 6:54 ص    عدد الزيارات 939    التعليقات 0

        

اسرائيل لا ترغب بحصول ايران على السلاح النووي. اسرائيل ايضا لا ترغب بحرب مع ايران، قد تكون طويلة ومدمرة. ما الذي يمكنها ان تفعله؟ امامها استراتيجيتان: استراتيجية هجومية واخرى احباطية.
الاستراتيجية الهجومية تدعو لتسليح طائرات سلاح الجو وقصف المنشآت النووية الايرانية من اجل تأخير وعرقلة تطوير القنبلة الايرانية لبضع سنوات على أمل أن تستطيل هذه الفترة الزمنية ويتوقف المشروع المهدد هذا. الاستراتيجية الهجومية تفترض ان "العالم" قد سلم بوجود السلاح النووي الايراني ولن يفعل ضده شيئا يتجاوز الكلمات الفارغة. انصار القصف ينظرون للرئيس اوباما تشمبرلين الذي يحاول مصالحة هتلر الايراني ويعتقدون ان على اسرائيل ان تعتمد على نفسها فقط وان تتحرك لوحدها، كما فعلت في عام 1981 ضد المفاعل النووي العراقي، وفي 2007 ضد المفاعل السوري وفقا للتقارير الاجنبية. القصف الناجح قد يعزز قدرتها الردعية ويعيد بناء صورتها كدولة عظمى عسكريا في المنطقة.
ضعف الاستراتيجية الهجومية نابع من كونها متوقعة. هي متوقعة جدا حيث ان ايران بذلت جهودا كبيرة لاحباطها. المنشآت النووية بعثرت واحيطت بوسائل الحماية والمناعة وبسطت حول اسرائيل عشرات الاف الصواريخ الايرانية القادرة على ضرب التجمعات السكانية والاقتصاد الاسرائيلي وتهديد قواعد سلاح الجو. كشف النقاب عن منشأة تخصيب الاورانيوم في قم في آخر الاسبوع الماضي جسّد الاشكالية التي ينطوي عليها الهجوم على ايران: ربما كانت هناك مواقع نووية اخرى لم تكتشف بعد وستستخدم كدعم للمنشآت التي سيتم قصفها. ومن الذي سيتجرأ على مهاجمة المدينة المقدسة بالنسبة للشيعة والمخاطرة بانفجار ثورة غضب دينية في المنطقة برمتها؟
الاستراتيجية الاحباطية تسعى لتجنب المجابهة المباشرة ذات النتائج المشكوك فيها والاضرار الملموسة. هذه الاستراتيجية تعمل لكسب الوقت مع عرقلة المشروع الايراني الى ان تتحرك اميركا او ان يضعف النظام في طهران. ميزة هذا النهج تكمن في رخص ثمنه بالنسبة للحرب وقدرته على مكافحة ايران من دون تشويش الحياة الطبيعية في اسرائيل باستثناء زيادة الموازنة العسكرية. ولكن الاحباط وحده لا يستطيع منع ايران من الوصول الى القنبلة ونجاحه يعتمد على الاطراف الخارجية والاصرار الاميركي والمعارضة الايرانية للاستراتيجية الاحباطية ايضا ثمن داخلي. هي ترهق الاعصاب. العمليات سرية وتثير الانطباع بان الحكومة لا تفعل شيئا لانقاذ اسرائيل من الخطر الفظيع الذي يتربص بها.
اسرائيل اختارت حتى الآن خيار الاستراتيجية الاحباطية السياسية. انصار هذا النهج يدعون انه قد نجح في تأخير الوصول الى القنبلة الايرانية لبضع سنوات، بثمن سياسي وأمني متدن بالنسبة لاسرائيل. الا ان جدوى هذا النهج آخذة في التلاشي كلما اقتربت ايران من القنبلة. في ظل وضع كهذا تحاول اسرائيل اظهار ان صبرها ينفد واقناع الآخرين بأنه ان لم يتحرك العالم فستخرج للحرب ضد ايران. من اجل تعزيز صدقية رسالة "أمسكوني" بنيت قوة هجومية، والتحضيرات العسكرية تنقل بصورة غير مسبوقة للصحافة الاجنبية. بناء القوة مهم ايضا للردع ان حصلت ايران على السلاح النووي وكذلك في حالة الهجوم الاميركي على المنشآت النووية الامر الذي يعرّض اسرائيل لرد فعل ايراني.
ولكن كلما بنيت القوة ازداد اغراء استخدامها. كلما تعززت الثقة بالنفس تصاعد الخطاب وازداد الضغط الداخلي "للبرهنة لهم" او كما يحب رئيس الوزراء القول، "عدم الظهور بمظهر المغفلين" في مواجهة خطابات رئيس ايران السامة التي تجعل الدم يغلي في العروق. هذا هو التناقض الايراني: بلورة الخيار الهجومي لا تزيد من حرية تحرك الحكومة وانما تحولها نحو المضيق وتدفع اسرائيل للتخلي عن استراتيجية الاحباط وشل الهجوم.
في الاشهر الاخيرة سنرى ان كانت الاستراتيجية الاحباطية الاسرائيلية ناجحة ام لا. النظام الايراني فقد من قوته بعد تزييف الانتخابات الرئاسية وقمع المعارضة واوباما شدد من خطه العلني في مواجهة ايران. لاسرائيل مصلحة في تعزيز الاتجاهين - الضعف الايراني والاصرار الاميركي. التحدي الماثل امام بنيامين نتنياهو في الاشهر القريبة سيكون صد الضغوط التي ستزداد لمهاجمة ايران، وعدم الخوف من الخطابات التي تتحدث عن "محرقة ثانية" – والتمسك باستراتيجية الاحباط. هذا هو الطريق الاكثر فاعلية الذي يدفع الغرب لكبح الايرانيين من دون ان تتضرر اسرائيل.



( "هآرتس" ترجمة "المصدر" - رام الله )  

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,263,655

عدد الزوار: 6,942,712

المتواجدون الآن: 143