اضطرابات في القدس: لإنهاء النزاع

تاريخ الإضافة السبت 5 أيلول 2009 - 8:24 ص    عدد الزيارات 816    التعليقات 0

        

يعقوب أحيمئير

حتى متى ستستمر المظاهرات العنيفة لقسم من الجمهور الحريدي في القدس احتجاجا على فتح موقف السيارات البلدي "كارتا" في أيام السبت؟ لا شك في ان روح الجمهور الحريدي المحتج، بالعنف أيضا، لم تنكسر في ضوء استمرار تشغيل موقف السيارات.
من وجهة النظر العلمانية الأولية، يُعتبر فتح موقف السيارات قرارا مبررا، ولكن ثمة شك كبير في ان يكون تم التوقع المسبق لاحداث الواقع العنيف التي لا نرى لها نهاية. ثمة من يقول ان المظاهرات العنيفة لمتطرفي الجمهور الحريدي تتم لاغراض خارجية، كي يشاهد مؤيدو هذا الجمهور في نيويورك الصور التي توثق الصدامات العنيفة بين رجال شرطة القدس وبين الجمهور الحريدي، فسيستيقظون للقيام بحملة تبرعات من اجل سكان المدينة الحريديم. ولكن ثمة حريديم ايضا من جنس آخر: حريديم علمانيون، قلقون من وضع العنف السائد في العاصمة.
في أيام الانتفاضتين الفلسطينيتين، توقف كثيرون من سكان القدس عن زيارة الأحياء الواقعة في شرقي المدينة. وهم فعلوا ذلك خشية منهم على سلامتهم الجسدية. ولكن في هذه الايام بالذات يتوقف سكان القدس العلمانيون، وليس فقط، عن زيارة الاحياء التي يسكنها الحريديم، والتي تلامس شرقي المدينة. والان ينبغي وصف الواقع في القدس كما هو، من دون تغيير: كما تعلمنا في دورات الجيش الاسرائيلي، فان كل منظومة تنقسم الى ثلاثة اجزاء. ومثل كل منظومة من انتاج اسرائيل، هكذا ايضا عاصمة اسرائيل: تنقسم الى ثلاثة.
القسم المسمى دولياً، وهو مسمى كذلك باللغة السياسية بشكل أساسي، "غربي القدس": مكان تواجد المؤسسات الرسمية العليا. هنا، في"الغرب" يسكن بصورة اساسية، سكان يهود، علمانيون ومحافظون، من الذين لا يصنعون "عناوين رئيسة". وفي "الشرق" يسكن، اساسا السكان المسلمين والمسيحيين في المدينة، وبالطبع مواطنيها اليهود، من سكان الاحياء التي بُنيت بعد 1967. بين "الغرب" و "الشرق" تسود هدنة مباركة وملعونة في آن معا: الفجوة بين هذين القسمين من المدينة يجد تعبيره، ضمن أمور أخرى وفي جانبه الظاهر في تدني مستوى البنى التحتية في "الشرق" مقارنة بـ"الغرب" المتطور.
والان يتحدد أكثر فأكثر المجال الجغرافي للثلث الاخير (حتى الآن) في القدس: الحي الحريدي الذي يتميز بكونه ساحة معارك شوارع بين الشرطة ومتطرفي الجمهور الحريدي. هل في ضوء هذا الواقع لا يزال ممكنا الحديث عن "مدينة موحدة"!؟ من يتجرأ، هذه الايام على التباهي بالشعار الوهمي عن "المدينة الموحدة"؟ يجب الاعتراف بهذا الواقع. يجب عدم اخفاء، طمس او تمويه هذه الحقيقة بمغسلة الكلمات او المفاهيم.
وبأسف ينبغي القول ايضا: تبدو الحكومة وكأنها تغض الطرف في ضوء ما يجري في المدينة العاصمة. فنحن لا نسمع ولا نعرف عن اي مسعى وطني، على المستوى السلطوي الاعلى، وهو جهد مطلوب فعلا وبصورة ملحة كما في حالة الطوارئ، في ضوء ما يجري في القدس. هذه الايام، ايام ظروف صعبة ومعقدة للغاية، ايام عنف مخيفة ولا نرى عملا قيادياً في ضوء الحرب الاهلية المدينية التي تجري في العاصمة. رجال شرطة القدس ليسوا وحدهم من سيضع حدا لهذا الوضع.
شعوب العالم تنظر فقط في هذه الايام الى أعمدة الدخان المتصاعدة في القدس، الى الصدامات بين فرسان الشرطة والمتظاهرين العنيفين، ولعل هناك سياسيون اجانب يقولون في قرارة أنفسهم: أليست اسرائيل هذه هي التي تسعى الى اقناعنا بأنها هي الحارس الناجع على سلامة القدس ووحدتها. فهل هذا صحيح؟ ذلك أنها اذا كانت لا تستطيع جسر الفجوة بين اليهود واليهود، فكيف يمكنها ان توحد وان تلهم التعايش، من اي نوع كان، ديني وغيره، بين السكان اليهود في المدينة واولئك غير اليهود. وعليه محظور على الحكومة ورئيسها إظهار اللامبالاة في ضوء معارك القدس 2009.

("إسرائيل اليوم" 2/9/2009)
ترجمة: عباس اسماعيل

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 153,658,179

عدد الزوار: 6,907,140

المتواجدون الآن: 99