عرب إسرائيل طاقة اقتصادية بقلم الوف بن

تاريخ الإضافة الجمعة 24 تموز 2009 - 8:56 ص    عدد الزيارات 995    التعليقات 0

        

اسرائيل فقيرة من جهة الموارد الطبيعية، ويعتمد نموها الاقتصادي على اذهان سكانها. منذ اقامتها استوعبت الدولة ملايين المهاجرين اليهود، الذين جلبوا اليها ثروة بشرية عظيمة القيمة، واحدثوا طلبا دفع بالاقتصاد قدما. لكن خزانات المرشحين الجاهزين للهجرة نفدت فلا يمكن اغراء مهندس يهودي من شيكاغو او تورينتو او باريس ان يأتي الى اسرائيل ويتلقى شقة سكن عام في كريات غات او كريات يام، مثل المهندسين والاطباء الذين اتوا من الاتحاد السوفياتي السابق. بلغت الهجرة حضيضا تاريخيا، ولا علامات على ان الاتجاه سينقلب.
من اين سيأتي اذن النمو الاقتصادي في العقد المقبل؟ الجواب موجود في الجليل والمثلث. فهنالك يكمن كنز اقتصادي، ومنجم ذهب لم تكن تستغل طاقته الكامنة الا وهو المواطنون العرب. ان خمس مواطني الدولة، وهم سكان شبان فقراء نسبيا، يريدون ويستطيعون ان يشقوا طريقهم قدما. مئات آلاف من الاذهان اذا اكتسبت الثقافة المناسبة واندمجت في اعمال نوعية، سيجعلون الاقتصاد الاسرائيلي يعلو منزلة.
ان معطيات امتحانات الشهادة الثانوية العامة الاخيرة التي نشرتها وزارة التربية اشارت الى فرق اخذ يكبر بين انجازات الطلاب اليهود والعرب. انحصر النقاش العام في دعاوى الظلم وتمييز الاولاد العرب، لكن يمكن ان نرى المعطيات فرصة كبيرة ايضا. ان انفاق "الشيقل الحدي" على مدرسة ثانوية في شمال تل ابيب ربما يستطيع ان يرفع معدل الشهادة الثانوية العامة هنالك ببضعة كسور الدرجة المئوية. لكن انفاق الشيقل نفسه في ام الفحم او راهط سيحدث طبقة جديدة من عشرات آلاف خريجي الثانوية وطلاب الجامعات. وربما يكمن بينهم حائز على جائزة نوبل في الغد؟
ان الدراسات العليا اهم عامل في تحسين الدخل ومستوى الحياة. ان آلاف الاكاديميين العرب اذا اندمجوا في شركات "الهاي تيك" وصناعة المعلومات سيحدثون قوة شراء تطور البلدات العربية وتدفع الاقتصاد كله قدما.
لا حاجة الى لجنة تحقيق رسمية أخرى، أو تعيين افرقاء من الموظفين. حسبنا عدد من المبادرين ذوي التصميم لاحداث تغيير في التربية. ومن لا يصدق، فليصغ الى اليشع يناي، المدير العام لـ"ماتورلا اسرائيل"، الذي يحكي كيف أقنع هو ورفاقه أرباب الصناعة الحكومة ان تقيم شبكة معاهد تكنولوجية، وان ترفع عدد خريجي الهندسة والحواسيب من ألف في العام الى ثمانية آلاف. هذا ما مكّن من انفجار صناعة "الهاي تيك". التحدي المقبل هو ان يضاف اليهم ألف أو ألفان آخران من المهندسين والمبرمجين العرب. تخيلوا زيادة قيمة كل مهندس كهذا على الانتاج الوطني وجمهوره.
تلحظ تباشير التغيير في السنين الاخيرة بدخول اخذ يزداد للعرب في اماكن عمل "يهودية": الصيدلاني في الصيدلية، والموظفة في فرع المصرف، والصوت الذي يجيب في مركز الخدمة "سلام، يتكلم محمد، كيف يمكن ان اساعدك". هذا غير كاف، ويحتاج الى تغيير في التفكير والسلوك لكي تكون اماكن العمل مختلطة مفتوحة حقاً. يقتضي هذا اليهود ان يتجاوزوا شبكتهم الاجتماعية، وان يمتنعوا عن العنصريات الصغيرة مثل تقليد طريقة النطق العربية. سيكون ذلك صعبا على الطرفين في ايام العمليات التفجيرية وعمليات الجيش الاسرائيلي. لكنهم برهنوا في السابق على انهم يستطيعون التغلب على ذلك.
مستقبل اسرائيل الاقتصادي كامن في ادماج مواطنيها العرب، ولهذا يصعب ان نفهم لماذا ينحصر الخطاب بين الدولة والمجموعة العربية في الماضي فقط. في قوانين النكبة السخيفة من جهة، ومزاعم الظلم وانتقاد رموز الدولة من جهة اخرى. الارغام والتباكي، والانشغال الذي لا بقاء له بما كان، ستخلّد الفروق وتجر الاقتصاد الاسرائيلي الى الوراء. لن ينسى النمو الاقتصادي المشاعر القومية عند الجماعتين، ولن يخفي النزاع. لكنه سيمكّن من مستوى عيش أعلى للجميع اليهود والعرب.
ان قانون النكبة، حتى في صيغته الملينة هو قانون غبي. ففي حساب تاريخي، انتصر وعي النكبة: فقبل عقد او عقدين فقط لم يكن المصطلح معروفاً حتى لليهود في اسرائيل، واصبح الآن جزءاً لا ينفصل من المعجم. لن يعيده اي قانون الى القمقم. بدل الانشغال في ترويض الاحتجاج العربي، يحسن ان تفكر الحكومة كيف تطوّر الطاقة الكامنة الضخمة للمواطنين العرب. لانه من هناك فقط، لا من قمع حرية التعبير سيأتي النجاح المقبل للاقتصاد الاسرائيلي.

"هآرتس"
ترجمة المصدر – رام الله

ملف الصراع بين ايران..واسرائيل..

 الخميس 18 نيسان 2024 - 5:05 ص

مجموعة السبع تتعهد بالتعاون في مواجهة إيران وروسيا .. الحرة / وكالات – واشنطن.. الاجتماع يأتي بعد… تتمة »

عدد الزيارات: 154,040,832

عدد الزوار: 6,931,971

المتواجدون الآن: 84