خطة "المئة يوم" بقيت على الورق

تاريخ الإضافة الإثنين 6 تموز 2009 - 6:08 ص    عدد الزيارات 844    التعليقات 0

        

إنه لأمر جيد أن يكون لدى رئيس المعارضة خطة اقتصادية مُبلورة عشية الانتخابات، بحيث يمكن اللجوء إليها في حال انتخابه رئيسا للحكومة. لكن للأسف الشديد، عندما نجح بنيامين نتنياهو في الانتخابات الأخيرة رئيسا للحكومة، لم تكن لديه أجنده مسبوكة في المجال الاقتصادي. فالواقع، كما هو الحال في المجال السياسي، هو الذي يُملي خطواته.
لذلك، عشية استلامه منصبه رئيسا للحكومة، في شهر شباط، وبعد أن أدرك أنه تنقصه خطة عمل وسلم أولويات، طلب نتنياهو من عضو الكنيست يوبال شتاينتس، تشكيل "طاقم المئة يوم". وقد تم تشكيل هذا الطاقم حيث ضم أعضاء من الليكود، وكان هدفه أن يصوغ للحكومة التي هي في طور التأليف، خطة عمل وسلم أولويات للأشهر الأولى من ولاية الحكومة.
توصيات "طاقم المئة يوم" وُضعت على طاولة نتنياهو في شهر آذار. وقد تركزت هذه التوصيات على سبعة مواضيع: موازنة الدولة للعام 2009، ضائقة الإئتمان في الاقتصاد، إصلاح وتثبيت النظام في إسرائيل، إصلاح في مجال الأمن الشخصي وفي التعليم، إصلاح في دائرة أراضي إسرائيل وفي لجنة التخطيط، إضافة إلى توصيات في مجال العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، وتوصيات في المجال الذي يُسميه نتنياهو "السلام الاقتصادي". إلى جانب ذلك، وضع الطاقم توصيات في مواضيع مثل الحوار الاقتصادي ـ الاجتماعي (العلاقات مع الهستدروت والصناعيين)، تحسين السلامة والآمان في المطار، حماية البيئة، اقتصاد الطاقة والقدس.
هذا الاسبوع، بعد مرور 100 يوم على إداء حكومة نتنياهو اليمين الدستورية، تُظهر قراءة الصفحات الأولى من التقرير الكبير أن الطاقم برئاسة شتاينتس تجاهل مجموعة كبيرة من المواضيع الرئيسية التي أثّرت، تؤثر وستؤثر على نشاط الحكومة وعملها.
هكذا، على سبيل المثال، لم تتطرق التوصيات إلى التعيين المستقبلي لرئيس الحكومة نتنياهو في منصب وزير الاستراتيجية الاقتصادية، الخطوة التي حوّلت رئيس الحكومة، وليس وزير المالية، إلى الشخص الذي يرسم ويضع السياسة الاقتصادية لإسرائيل. فالتقرير لم يأخذ في الحسبان أنه للمرة الأولى في تاريخ حكومات إسرائيل، يجلس رئيس الحكومة، وليس وزير المالية، على رأس المجلس الوزاري المصغر للشؤون الاقتصادية ـ الاجتماعية، وأنه هو من سيأخذ القرارات الحاسمة في المواضيع الاقتصادية والاجتماعية الهامة، ومن ضمنها موازنة الدولة. كما أنه لم يرد أبدا في توصيات "طاقم المئة يوم" أنه سيكون لرئيس الحكومة مستشار اقتصادي أعلى، يُملي سياسته على وزارة المالية، وهذا المستشار هو أوري يوغاف.
في انتظار التطبيق
خطة "طاقم المئة يوم" امتدت على متن 52 صفحة. ثمة فيها مجموعة من المواضيع التي يفرضها الواقع، مثل القرار الرئيسي في التقرير: توحيد عملية إعداد وإقرار موازنة الدولة للعام 2009 مع موازنة العام 2010، وتأجيل موعد مناقشة هذه الموازنة وموعد المصادقة عليها في الحكومة والكنيست. وبحسب القانون، كان يُفترض بالحكومة الجديدة المصادقة على موازنة 2009 في غضون 45 يوما من تأليفها. وبما أنه مر نحو ستة أشهر من العام 2009 على تاريخ تشكيل الحكومة الجديدة، وبما أنه في السنوات العادية تبدأ المناقشات حول موازنة العام القادم، 2010، في شهر حزيران، فقد كان قرار توحيد النقاش حول الموازنتين منطقيا. وكان من الواضح أنه لا يمكن إجراء نقاش جدي للموازنتين في غضون 45 يوما. ولهذا السبب، أوصى "طاقم المئة يوم"، ووافقت الكنيست، على إرجاء التاريخ المحدد في القانون للمصادقة على الموازنة من 45 يوما تُحسب منذ تشكيل الحكومة الجديدة، إلى 106 أيام، إلى في تاريخ 15/7/2009.
إضافة إلى هذه التوصية، وردت في التقرير عدة أفكار منطقية إضافية لكن من المشكوك فيه أن تكون قد سلكت طريقها نحو التطبيق، مثل التوصية بتنفيذ "خطة شاملة لترميم ضريبة الدخل من الناحية الإدارية، من الناحية المعنوية، من ناحية القوى البشرية غير المتوفرة، وتعميق الجباية كوسيلة لكبح التراجع في مداخيل الدولة، وتقليل العجز في السنوات القادمة".
من جهة ثانية، ضم التقرير مجموعة من التوصيات التي لم تُنفذ بعد، والتي يصعب فهم مصدر مجيئها، مثل: "مقترح للنظر في تشريع سريع يمنع الإفراج عن مرتكبي الاعتداءات الجنسية بحق الأطفال مع انتهاء فترة العلاج التي يمضونها، إلا إذا قبلوا بتلقي إشراف متواصل وعلاجات واقية لفترات زمنية طويلة"؛ إضافة إلى اقتراحات غير واقعية آُخرى.
وكانت هناك أيضا توصيات تتجول منذ زمن بعيد في دوائر اليمين المتطرف وتسعى للإنقضاض على النهج الديمقراطي، وهي لم تُطبق بعد، مثل اقتراح "منع حل الكنيست خلال ولايته باستثناء حالات نادرة تنبع من أسباب ضاغطة لا سابق لها"، أو الاقتراح بالسماح للإسرائيليين الذين يغادون إسرائيل للعيش في الخارج بالمشاركة في انتخابات الكنيست.
من هو وزير المالية؟
لقد أراد بنيامين نتنياهو أن يكون رئيس الحكومة ووزير المالية. لكن يوبال شتاينتس رفض اقتراح نتنياهو بأن يكون وزيرا في وزارة المالية، وطالب بوظيفة كاملة. في الواقع، يُسمى شاينتس اليوم بوزير المالية، لكن أصغر عضو كنيست يعرف أن نتنياهو هو عمليا وزير الاستراتيجية الاقتصادية.
نتنياهو هو من قاد عملية المصادقة على الموازنة في الحكومة والتوقيع على الاتفاقات مع المؤسسة الأمنية، وهو فعل ذلك من فوق رأس وزير المالية ومسؤولي وزارته. نتنياهو هو أيضا من قاد الأمور لإيجاد حل وإنهاء قضية قانون بنك إسرائيل حيث فعل ذلك بعد أن مسّ بمكانة المسؤول عن الأجور في وزارة المالية. كما أن رئيس الحكومة هو من يقود الخطوة الهادفة إلى تخفيض ضريبة الدخل على الرغم من معارضة الموظفين المهنيين في وزارة المالية.
لكل هذه الأسباب، يجد شتاينتس صعوبة في هذه الأثناء كي يقوم بعمله كواحد من الوزراء الكبار في حكومة إسرائيل. وستمر أشهر قبل أن يتعلم، هذا إذا تعلم، الوقوف لوحده على قدميه. حتى ذلك الحين، سيواصل نتنياهو أداء دور السيد الأعلى للاقتصاد الإسرائيلي، ولن يُغير من واقع الأمر شيئا حتى لو وُضعت خطة عمل مفصلة من 100 أو 200 يوما.

موطي بسوك
("هآرتس"5/7/2009)
ترجمة: عباس اسماعيل

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,095,670

عدد الزوار: 6,934,610

المتواجدون الآن: 105