خلافا للسنوات السابقة، تكاد الانتخابات في اسرائيل لا تهم العالم العربي. فهو منشغل بمآسيه وأزماته. واذا كان تم التشديد في الماضي على هذا الموضوع بشكل مهووس لمنع الانشغال بالمشكلات الحقيقية للعالم العربي، فان هذه المشكلات طغت على السطح  ولهذا فلا حاجة للانشغال باسرائيل.
قناة وموقع "الجزيرة" فقط لا يزالان يشددان على موضوع الانتخابات في اسرائيل، وان لم يكن على الاطلاق مثلما كان الأمر في الماضي، وهما يفعلان ذلك بحكم كونهما وسيلتي اعلام تعبران عن النفور العميق من اسرائيل، وانطلاقا من الرغبة باتهامها بكل المشكلات. غير أن هذا لا ينجحون فيه؛ فالعالم العربي يعيش في حداده الخاص. وما تصطنعه شبكة "الجزيرة" سخيف: بعد التقرير عن الذبح في سوريا، والقتلى في مصر وفي اليمن، والاضطرابات في المغرب، والمخطوفين، والرهائن والفوضى – يأتي النبأ المصطنع العادي عن اسرائيل: "السجناء الفلسطينيون لا يتخلون عن مطالبتهم بالتعليم العالي في سجون الاحتلال". وبالفعل، كل واحد ومشكلاته.
ولما كنا نعيش في واقع الانظمة الاسلامية التي ليست دوما ديبلوماسية، فان دعوة الجامعة العربية من القاهرة لعرب اسرائيل للتصويت "بجموعهم" في الانتخابات للكنيست، أثارت اهتماما معينا. مفهوم أن كلمات "اسرائيل" و"عرب اسرائيل" لم تظهر في بيان الجامعة بل ببساطة "عرب 48". الاصطلاح المنكر الذي ولد في العالم العربي تجاه عرب اسرائيل، والذين يُزعم انهم استسلموا ولم يقاتلوا في حرب الاستقلال، وهذا الاصطلاح بالذات تبناه عرب في اسرائيل لتعريفهم الذاتي.
وقد أثارت هذه الدعوة حوارا غريبا: العرب في اسرائيل انتقدوها في الشبكات الاجتماعية: فكيف للجامعة العربية ان تدعو لاعطاء شرعية للانتخابات في اسرائيل بدلا من أن تدعو الى مقاطعتها؟ "من الافضل احراج اسرائيل"، دافع عن الفكرة "موظف كبير" في الجامعة العربية، التي وزنها وزن الذبابة في الشارع العربي، ويشهد على ذلك عدم صلة هذه المؤسسة المصرية، التي تتخفى في زي عربي، بالموضوع السوري مثلا. ولم يغضب الناس على الجامعة لانها تتدخل في الانتخابات في اسرائيل، بل لانها تمنحها شرعية مزعومة.
الاهتمام الذي يبديه الشرق الاوسط في عصر الربيع العربي بانتخاباتنا قليل. وهو مطعّم بالاحابيل والاوهام وبالهذر المناهض لاسرائيل الذي يذكر بعصر ما قبل السلام مع اسرائيل، وأساسه الرغبة في المس بها قدر الامكان، تحريض الفلسطينيين أو العرب في اسرائيل ضدها واضعاف صورتها الديموقراطية في العالم؛ تلك الصورة التي لا يمكن أي دولة في العالم العربي ان تدعي بانها تصل اليها.