أوباما الواقعي في مصر

تاريخ الإضافة الجمعة 29 أيار 2009 - 6:12 ص    عدد الزيارات 948    التعليقات 0

        

ستعبر "خطبة القاهرة" لرئيس الولايات المتحدة باراك اوباما عن تحول في السياسة الخارجية الاميركية. لا بسبب كلامه المتوقع على المسيرة السلمية، والذي يثير اهتماما في اسرائيل، بل بسبب تغيير الاتجاه، من السعي الى تأديب العالم ونشر بشرى الحرية والديموقراطية الى الحفاظ على النظام والاستقرار. ان اختيار المنبر لم يأت بالصدفة: سيقوم اوباما بالتعبير عن تأييد نظام حكم حسني مبارك، ويبشر بدفن مبدأ جورج بوش الذي اراد تحويل الدول العربية الى دول ديموقراطية.
من المحقق ان اوباما سيتملق حقوق الانسان، لارضاء مؤيديه الليبراليين في الداخل لكن لا سبب للتأثر. فهو يفضل "حكما قويا" مواليا لأميركا مثل حكم مبارك، على الاخلال بالاستقرار وخطر جعل مصر ديموقراطية اسلامية. هذه بشرى خير لنظم الحكم في السعودية والاردن والخليج بل في سوريا.
ليس اوباما صليبيا او واعظا للقيم الكونية. سياسته الخارجية موجهة الى هدف واحد الا وهو اميركا قوية كقائدة لنظام عالمي مستقر. الكلمة المفتاح في معجمه هي "المصالح". في خطبته في براغ مطلع نيسان التي صالح فيها الاوروبيين، عرض سلم أولوياته: اولا "المصالح المشتركة" وبعد ذلك فقط "القيم المشتركة". في القسم المعلن من لقائه مع بنيامين نتنياهو في البيت الابيض الاثنين الماضي، كرر اوباما كلمة "مصالح" 13 مرة. ولم تذكر كلمتا "قيم" او "حقوق".
اهلا وسهلا الى دولة الواقع: من اراد ان يفهم اوباما فاننا نوصيه بقراءة كتاب هنري كيسينجر "الديبلوماسية". ان كيسينجر كمقدر لمترنيخ وبيسمارك وستالين هو نبي الواقعية في السياسة الخارجية الاميركية. والمنتقد الشديد لمدرسة "نشر القيم" وهي من ابتداع وودرو ويلسون، وجيمي كارتر وبوش الشاب. يسعى اوباما مثل كيسينجر الى تقديم "المصلحة القومية" الاميركية والى اقرار ميزان قوى دولي تكون فيه اميركا الاولى بين متساوين. في نظر الواقعيين هذه هي السبيل المبرهن عليها لاحراز فترات طويلة من السلام والاستقرار.
ان التوجه الواقعي هو مفتاح لقاء اوباما ونتنياهو. عرّف الرئيس سلم الأولويات في محادثاته مع رئيس الحكومة تعريفا صحيحا: ايران اولا والفلسطينيون في النهاية لكن مع صلة واضحة بينهما. اولا منع حرب اسرائيلية - ايرانية قد تورط أميركا او تأجيلها؛ وبعد ذلك مسيرة سياسية تصوغ الائتلاف الاقليمي بقيادة اميركا ازاء ايران. هذه حقا كلاسيكية  ديبلوماسية القوة.
ان طلب اوباما الى نتنياهو ان يجمد المستوطنات لا ينبع من اهتمام بالفلسطينيين الذين تستلب اراضيهم. ان دافعه براغماتي: فالديبلوماسية قائمة على الاخذ والعطاء، ومن اجل ابقاء سلام فياض ومحمود عباس في مكانيهما يجب اعطاؤهما شيئا ما. يبدو التنازل الاسرائيلي في المستوطنات هو الاكثر حضورا وجدوى، وهو يمتحن نتنياهو امتحان اخلاص سياسي لأوباما.
سارع نتنياهو الى تكييف نفسه والعالم الجديد، وبيّن في جلسة حزب "الليكود" اول من امس ان علاج ايران اهم من الحفاظ على المواقع الاستيطانية كما بيّن له اوباما. فالموقع الاستيطاني بازاء نتانز. رد رفاقه بغضب وسخط، كما استقبلوا قبل ست سنين ارييل شارون الذي قال لهم: "ان التفكير في انه يمكن جعل 3.5 ملايين فلسطيني تحت الاحتلال امر سيء لاسرائيل". وبالروح نفسها ازال نتنياهو معارضة تعيين فاروق حسني المصري المدير العام لمنظمة اليونسكو، برغم تصريحاته المعادية لاسرائيل في الماضي. فقد فضل نتنياهو مصلحة اسرائيل بتعزيز مبارك على الحفاظ على "الكرامة القومية".
اذا استمر على هذا التوجه فانه سيُطلب من نتنياهو القوة الداخلية والدهاء السياسي لشارون، في المواجهة مع "شركائه الطبيعيين" من اليمين. لم تأت بعد. لكن بعد رحلته الى شرم الشيخ والى واشنطن بدأ نتنياهو يلهج بالنغمة الواقعية ايضا. ومن المثير للاهتمام ان اوباما استضاف غداة زيارة نتنياهو كيسينجر في البيت الابيض.


 


("هآرتس" ترجمة "المصدر" - رام الله)

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,047,455

عدد الزوار: 6,749,681

المتواجدون الآن: 109