لا يوجد يسار في إسرائيل

تاريخ الإضافة الإثنين 27 نيسان 2009 - 11:59 ص    عدد الزيارات 886    التعليقات 0

        

بقلم عوفر شيلح


هذا ما يحصل حين نغفو نحن ببطن يملأه الفطير: تحالف دولي شبه موحد من ادارة اميركية جديدة ونشيطة عبر اوروبا وحتى الدول العربية المعتدلة، تحث اسرائيل على الخروج من القوقعة التي تعيش فيها فتحطم الحدود في الشرق الاوسط، وتخلق جبهة جديدة حيال التهديدات الحقيقية التي تعرضها للخطر. اما الحكومة الاسرائيلية المنتخبة فترد على هذا الضغط بهز الكتفين بلا مبالاة. هذا حقها الكامل بالطبع اذ لديها تفويض حديث العهد من الجمهور. ولكن لا يكاد احد، في السياسة او الاعلام او الميادين، يحتج أو يصرخ ليحذر مما سيلحقه بنا عدم الاكتراث هذا.
هذا الوضع يذكرنا ببداية السبعينات، حين رفضت حكومة غولدا مئير المحاولات السلمية التي قام بها السادات ومبعوثو الامم المتحدة "المعادون" في حينه كانت اسرائيل تعيش نشوة قوتها وعظمتها بعد حرب الايام الستة، وكانت الادارة في واشنطن تحاكم كل شيء بتعابير الحرب البادرة، ولم تحث مرعيّتها في الشرق الاوسط. هذا ليس ذريعة للقصور السياسي الذي جلب في اعقابه حرب يوم الغفران، ولكن في ذلك على الاقل ما يشرح العمى الجماعي. في الثمانينات والتسعينات كانت هناك معارضة صاخبة، في الشارع وفي صناديق الاقتراع، لما اعتبر في اليسار الاسرائيلي سياسة جمود ورفض لحكومتي بيغن وشامير.
اما الآن فلا شيء. وزراء الخارجية العرب يجتمعون كي يقروا من جديد مبادرة السلام العربية، التي قد لا تكون كل تفاصيلها مقبولة من اسرائيل ولكن جوهرها هو السلام والتطبيع اللذين تسعى اليهما كما ندعي، اسرائيل منذ قيامها، ادارة اوباما توضح بانها ترى في حل المشكلة الاسرائيلية – الفلسطينية مفتاحا لاستقرار النظام العالمي. اما عندنا فلا تظاهرة ولا خطاب سياسي ولا حتى مقالات في الصحف.
رائج القاء المسؤولية في ذلك على حزب "العمل" واساسا على ايهود باراك. ولكن بعد ثماني سنوات من "كمب ديفيد"، وبعد ان جعل باراك وشركاؤه "العمل" حزب "المفدال" الذي كان ذات مرة – شريكا دائما وعديم الأهمة في كل ائتلاف – حان الوقت للاعتراف بأن ليسوا هم وحدهم المذنبين. فعدم الاكتراث هو مزاج يأتي من الاسفل. وهو ينبع مما يسمى في اسرائيل "اليسار". لم يكن ابدا يسارا حقيقيا. فهو وليد تاريخي مختلف: جذوره في حركة العمل، التي كانت ذات مرة اشرتاكية، ولكنه لم يكن ابداً محباً للسلام والانخراط في المحيط. فقد آمن بنزعة القوة ورأى في الجيش وفي العسكرية جوهر الأتون الاسرائيلي، ونظر الى العرب عبر فوهة البندقية.
وعندما تفكك الغلاف الاشتراكي، اندلعت من داخل تلك الشريحة الاجتماعية المظاهر الاكثر تطرفا لنزعة الخصخصة: الطمع والتحقير للدولة كأداة لرفاهية المواطن "العمل" وباراك لم يكونا بهذا المفهوم غير اداة، عبرها انكشف الوجه الحقيقي – ليس للعدو، بل للافلاس الايديولوجي لمن رأوا انفسهم نخبة والآن لم يتبق منهم غير جملة من الاشخاص، اليائسين من اسرائيل كما هي، ومنطوين على انفسهم. لم يعد لديهم مبرر يدفعهم للخروج الى الميدان او التوجه الى صندوق الاقتراع، وهم ينحصرون بأمل عديم الاحتمال وبكاء في ان يفرض احد ما، ربما اوباما، على اسرائيل ان تعمل ما لا تريد ان تعمله بنفسها.
لا يوجد يسار في اسرائيل، وربما لم يكن يوجد على الاطلاق. هذا واقع صعب، لأنه من الناحية السياسية يمكن للحظة المناسبة الحالية ان تفلت بسرعة. فالمبادرة العربية ستذوي في غياب رد اسرائيلي مناسب، وفي ظل تعاظم الضغوط المتطرفة في العالم العربي. الجمود في المسألة الفلسطينية من شأنه ان يكون عاملا معرقلا لقدرة الولايات المتحدة على تفعيل ضغط ناجح على ايران في المسألة النووية. وعندها، مثلما يعتقد معظم الاسرائيبليين (بمن فيهم اولئك الذين يسمون انفسهم "يسارا")، سنجد انفسنا في الزاوية حيث يكون الحل الممكن الوحيد هو عملية عسكرية – نتائجها ستكون سيئة في كل الاحوال.

"

 


( هآرتس" ترجمة "المصدر" رام الله)

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,147,654

عدد الزوار: 6,757,084

المتواجدون الآن: 129