هنا ليست إيرلندا الشمالية

تاريخ الإضافة الثلاثاء 21 نيسان 2009 - 6:15 ص    عدد الزيارات 969    التعليقات 0

        

السيناتور السابق جورج ميتشيل، ليس بحاجة لنصائح كثيرة: هو سياسي مجرب كان انجازه المركزي تحقيق الاتفاق بين الغالبية البروتستانتية والاقلية الكاثوليكية في ايرلندا الشمالية. مع ذلك يجدر به وهو المبعوث الخاص لرئيس الولايات المتحدة للشرق الاوسط ان يلتفت الى جوانب عدة مميزة للصراع هنا.
الصراع في ايرلندا ديني في اساسه بين طوائف تتحدث اللغة نفسها وتتشاطر التاريخ نفسه. اما هنا فالصراع يدور بين حركتين قوميتين وله مظاهر دينية ايضا. بينما لم يشكك احد في ايرلندا الشمالية بحق بريطانيا في الوجود، يشكك الكثيرون في الجانب الفلسطيني بشرعية الدولة اليهودية ويشكك قسم من الاسرائيليين بحق وجود القومية الفلسطينية.
رغم ذلك يجب اخذ ما يمكن تعلمه من ايرلندا الشمالية: نزع سلاح الميليشيات كان هناك شرطاً مسبقاً لاجراء الانتخابات. فشل الانتخابات في السلطة الفلسطينية ينبع من ان الحركات التي شاركت في الانتخابات كانت في الاساس ميليشيات مسلحة. وضع حد للحرب الاهلية الداخلية الفلسطينية، وضمان التطور الديمقراطي يستوجب عدم التنازل في هذه القضية: الانتخابات يجب ان تكون مشروطة بنزع سلاح كل الميليشيات.
احد المخاطر التي ستواجه ميتشل هي الحاجة لمعالجة القضايا الجارية ايضا - مثل التوصل للتهدئة الفعالة بين اسرائيل و"حماس" في غزة، واعادة اعمار القطاع وفتح المعابر، بهذه الطريقة قد تنشطر مهمته الى التفاصيل: بدلا من التركيز على عملية السلام سيجتذب الى تفاصيل التفاصيل في الازمات الجزئية. من المهم هنا استخدام تفكير خلاق وابداعي.
حتى من أيّد عملية اوسلو لا يمكنه ان يتجاهل ان اسبابا جوهرية وقفت وراء الفشل الى جانب العقبات التي طرحها كل جانب: عملية اوسلو كانت محاولة لبناء مؤسسات دولة وطنية فلسطينية من الاعلى للاسفل، وهي فشلت لان المجتمع المدني الفلسطيني لم يلد من رحمه الادوات الضرورية لاقامة البنية التحتية للدولة.
خلال العامين الاخيرين جرت محاولات ناجحة على يد مبعوث الرباعية للشرق الاوسط طوني بلير والمنسق الامني الاميركي في السلطة الفلسطينية الجنرال كيت دايتون، لبناء المؤسسات الفلسطينية من الاسفل للاعلى، بواسطة بناء مؤسسات بلدية ولوائية، وتعزيز البنى التحتية الاقتصادية وبناء اجهزة امن قادرة على اداء مهمتها. في جنين وبيت لحم وحتى في الخليل تمخضت هذه المحاولات عن نجاحات مثيرة للانطباع.
هذه الخطوات لا تشبه "السلام الاقتصادي" الذي يطرحه بنيامين نتنياهو والهادف الى تشكيل بديل من الدولة الفلسطينية. بل بالعكس، هذه المحاولة الوحيدة التي نجحت حتى الآن في اقامة بنى تحتية حقيقية للدولة. صحيح انها عملية تدريجية تستغرق وقتا، ولكن العملية الاخرى - من الاعلى الى الاسفل - قد فشلت وهذه مسألة يتوجب الاعتراف بها.
وهناك ملاحضة اخيرة، في المسألة السورية: احدى العقبات هنا هي الفجوة بين الموقف الاسرائيلي الذي يركز على الحدود الدولية بين ارض اسرائيل الامتدادية وسوريا، وبين الموقف السوري الذي يركز على خطوط الرابع من حزيران 1967. من الاجدر بميتشل ان يوضح نقطة حساسة للسوريين: هل ينبع موقفهم فقط من محاولة الحفاظ على انجازات احتلالهم في عام 1948، ام انه اعمق من ذلك: عدم الاعتراف المبدئي بشرعية الحدود الدولية في الشرق الاوسط لان الامبريالية الغربية هي التي فرضتها بعد الحرب العالمية الاولى؟ هذه ليست مسألة نظرية وقد توضح موقف سوريا من لبنان وقضايا اخرى في المنطقة.
 

"هآرتس"
ترجمة "المصدر" - رام الله
 


 

ملف خاص..200 يوم على حرب غزة..

 الأربعاء 24 نيسان 2024 - 4:15 ص

200 يوم على حرب غزة.. الشرق الاوسط...مائتا يوم انقضت منذ اشتعال شرارة الحرب بين إسرائيل و«حماس» ع… تتمة »

عدد الزيارات: 154,152,863

عدد الزوار: 6,937,105

المتواجدون الآن: 97